بقلم: محمد النجم
أمام موجة جديدة من الحصار والعقوبات، كنوع من الترهيب الاقتصادي للدولة السورية بكل مكوناتها، نحن أحوج ما نكون إلى التفكير بطريقة «متفائلة» بإيجاد حلول وبدائل، يكون من شأنها إسقاط أهداف تلك الموجة وتقصير عمرها الزمني ومفعولها الاقتصادي.
أولاً- لنتذكر أنه منذ سنوات قليلة لم يكن ثمة منفذ حدودي بري مفتوح إلى دول الجوار سوى منفذ المصنع، واليوم بدأت الصورة تتغير وإنْ بشكل نسبي، لكن علينا أن نبني على ذلك، ولاسيما بعد افتتاح معبر نصيب الحدودي، وقرب افتتاح معبر البوكمال، فضلاً عن مشروع الربط السككي بين سورية والعراق وإيران، وسيكون لذلك أثر مهم وقيمة مضافة في المستقبل القريب، وثمة جهود بذلت وتبذل في هذا الإطار.
ثانياً- لنعلم أن منطقة الجزيرة السورية تزخر بأغزر وأكبر حقول النفط وآبار الغاز في سورية (العمر- التنك- كونيكو) وغيرها، التي سيطرت عليها ميليشيات موالية للولايات المتحدة، وأصبحت – منذ سنوات عدة- خارج الحسابات النفطية، وسيكون من شأن إعادة هذه المنطقة إلى سيطرة الدولة السورية أثر بالغ الأهمية في تجاوز أزمة المحروقات، وهذا يتوقف على تطورات المشهد خلال الفترة القادمة، ونحن متفائلون.
ثالثاً- على هامش اجتماعات الدورة (11) للجنة السورية – الروسية المشتركة، نقلت صحيفة تشرين عن مدير الشركة عامة للنفط قوله: إن «الأمل بالبحر كبير جداً، فهناك احتمال وجود احتياطي للغاز في (البلوك2) يقارب /250/ مليار متر مكعب.. إذا نجحنا في اكتشاف واحد فقط فسوف يكون كافياً لتغطية حاجة سورية لسنوات قادمة»، وقد أفضت هذه الاجتماعات إلى توقيع مجموعة كبيرة من مذكرات التفاهم بين الجانبين السوري والروسي، ويمكن أن نعلق آمالاً كبيرة على البحر، لكن الأمر يتطلب مزيداً من الوقت، لكنه واعد جداً، فضلاً عما تزخر به سورية من ثروات باطنية هائلة، لا تقل أهمية عن النفط والغاز وفقاً لمناقشات المؤتمر السوري الجيولوجي الثالث الشهر الماضي.
رابعاً- مع تحرير مساحات شاسعة من التنظيمات الإرهابية، بدأت عجلة الإنتاج الزراعي بالدوران من جديد بعد تراجع وانحسار لسنوات عدة، وسيكون لهذا أثر واضح في قطاع الصناعة، وفي دورة الاقتصاد السوري عموماً، ومن المتوقع أن نكتفي ذاتياً من القمح بعد أن كنا نستورده بالقطع الأجنبي، ويوماً.. كنا نصدّر الفائض منه وبالعملة الصعبة أيضاً، ونطمح لأن نفعلها ثانية بعد موسم خيّر هذا العام ومضاعفة في المساحات المزروعة، فضلاً عن عودة انتعاش الثروة الحيوانية والسمكية وبدء تعافي هذا القطاع الغذائي المهم والمبشر بالخير.
الآن.. لو اكتفينا بهذه النقاط الأربع كرافعات للاقتصاد السوري، فعلينا أن نتفق على أن الخروج من الأزمات مرهون بأداء الجميع وليس أداء الحكومة فقط، لأن تحصين الدولة اقتصادياً هو مسؤولية الجميع، في الداخل والخارج، وعليه هل يمكن تشكيل خلية أزمة من القطاعين العام والخاص، تضم كفاءات وخبرات مشهوداً لها بالكفاءة والصدقية، تكون مهمتها دراسة واقع حال الاقتصاد السوري، ووضع الخيارات المناسبة والعاجلة على طاولة الحكومة لاتخاذ الإجراءات المناسبة، كي نتجاوز هذه الأزمة ونقطع الطريق على من يسعى لإطالة أمدها بالحصار والعقوبات المتلاحقة؟.
مهم جداً أن يكون لهذه الخلية بُعد إعلامي وتثقيفي لنشر الوعي، حول سلوكيات حياتية كثيرة، تسهم بشكل مباشر أو غير مباشر في التخفيف من حدة الأزمة الاقتصادية التي تعصف بنا جميعاً، ولاسيما ما يتعلق بمكافحة الفساد والهدر، وترشيد الاستهلاك، وشد الحزام، كإجراءات مواجهة لا تقل أهمية عن حمل البندقية والدفاع عن البلد، ولنعزز شعار: «لكسر الحصار.. افعل شيئاً»، ولنجعله شعار كل مواطن سوري، فمادام الحصار يستهدفنا جميعاً، فعلينا أن نواجهه جميعاً، وكلٌ من موقعه ودوره.
Discussion about this post