العالم الاقتصادي- عمار الصبح
ارتفعت أسعار النفط 2%، أواخر شهر أيلول الماضي، مع تقييد الحظر الأمريكي لصادرات الخام الإيرانية ما يتسبب في شح في الإمدادات العالمية، بينما يتوقع بعض المتعاملين طفرة في سعر الخام قد تصل به إلى 100 دولار للبرميل منذ عام 2014، وذلك بعد رفض منظمة “أوبك” دعوة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب زيادة الإمدادات للسوق لخفض الأسعار.
يأتي ذلك في وقت اقتربت فيه مخزونات النفط الخام التجارية الأمريكية إلى أدنى مستوياتها منذ أوائل 2015 وسط سوق شحيحة وفي حين يظل الإنتاج قرب مستوى قياسي يبلغ 11 مليون برميل يومياً فإن خفوت نشاط الحفر بالولايات المتحدة في الفترة الأخيرة يشير إلى تباطؤ.
وقالت شركتا تجارة النفط ترافيجورا ومركوريا، إن برنت قد يرتفع إلى 90 دولاراً للبرميل بحلول عيد الميلاد وقد يتجاوز 100 دولار في أوائل 2019 حيث ستتسم الأسواق بشح المعروض فور تطبيق الحظر الأمريكي على إيران في تشرين الثاني المقبل حيث من المتوقع أن يفضي الحظر إلى فقد 1.5 مليون برميل يومياً.
اجتماع الجزائر
وكانت منظمة البلدان المصدرة للبترول (أوبك) وحلفاؤها من المنتجين المستقلين ومن بينهم روسيا اختتموا اجتماعهم أواخر أيلول الماضي في الجزائر دون توصية رسمية بأي زيادة إضافية في الإمدادات.
واستبعدت السعودية وروسيا أي زيادة إضافية فورية في إنتاج الخام، في رفض فعلي لدعوات الرئيس الأمريكي دونالد ترامب إلى التحرك لتهدئة السوق.
وكرد فعل على قرار اجتماع الجزائر عدم زيادة الإنتاج ارتفعت أسعار النفط إلى 80 دولاراً للبرميل وهناك توقُّعات تُفيد بأنّها قد تَصِل إلى 100 دولار للبِرميل في حال تحقيق أي نجاح لقرار أمريكا بفرض الحظر على الصادرات النفطيّة الإيرانيّة، الأمر الذي سينعكس بصُورة سلبيّة على الاقتصاد الأمريكي واستقراره قُبَيل الانتخابات النِّصفيّة التَّشريعيّة الأمريكيّة.
وربما لهذا السَّبب كان مِن بين قرارات اجتماع الجزائر لوزراء نفط “الأوبك” والدول المُنتِجة المُستَقلَّة الأُخرى، عقد اجتماع مُماثِل في أبوظبي يوم 11 تشرين الثاني أي بعد أُسبوع بالضَّبط من سَريان الحَظر على النِّفط الإيراني.
ترامب يهدد
ونشر الرئيس الأمريكي دونالد ترامب تغريدة على حِسابِه في “تويتر” أعاد فيها تهديد الدول النفطيّة الخليجيّة بقوله “إنّنا نَحمِي دُوَل الشرق الأوسط ولن يكونوا آمِنيين بِدونِنا”، مُضيفًا بأنّ زمَن الحِماية “المَجّانيّة” الذي استمر لعُقود قد انتَهى.
ويرى محللون أن السعوديّة، وبَعض الدول الخليجيّة الأخرى المُنتِجة للنِّفط، لم تَعُد تَمْلُك سُلطَة القَرار وحدها في التَّحَكُّم بالإنتاج والأسعار، وبالتَّالي اضطرّت إلى التَّوصُّل إلى تَفاهُمات مع الدول المُنتِجَة خارِج “الأوبك” مِثل روسيا، لوَقفِ انهيار الأسعار، والحِفاظ على استقرار الأسواق ولا يعتقد المحللون أن روسيا أكبر دولة مُنتِجَةٍ للنِّفط خارج منظمة “أوبك” ستَسمح بالرضوخ لإملاءات الرئيس الأمريكي في ظِل التَّوتُّر بين موسكو وواشنطن، وفَرض الأخيرة عُقوبات اقتصاديّة على الأُولى.
في هذا السياق قال موقع “بلومبيرغ” في تقرير له، إن مطلب الرئيس الأمريكي من السعوديين رفع مستوى إنتاجهم النفطي هو صورة عن قلة الخيارات المتوفرة لديه من أجل تخفيض أسعار النفط في محطات البنزين، قبل الانتخابات النصفية المهمة له لمواصلة أجندته.
وحسب الموقع، يعتقد ترامب أن أسعاراً مرتفعة للنفط هي سلاح في الحملة الانتخابية يستخدم ضد الحزب الحاكم، حيث يتم بيع الجالون الخالي من الرصاص، بالإضافة إلى الضريبة، بـ55 سنتاً، أي أعلى من سعره العام الماضي، بحسب إدارة معلومات الطاقة.
مطالب ابتزازية
وكان الرئيس الأمريكي دونالد ترامب اتهم منظمة أوبك بأنها “تنهب” باقي دول العالم، ودعاها إلى الكف عن رفع أسعار النفط.
وقال ترامب في كلمته أمام الدورة الـ 73 للجمعية العامة للأمم المتحدة أن “دول أوبك، كالعادة تنهب باقي دول العالم، وهذا لا يعجبني”.
وأضاف الرئيس الأمريكي: “نحن نحمي الكثير من تلك الدول مقابل لا شيء، وهي تستفيد منا وتحدد لنا أسعارا مرتفعة للنفط، وهذا ليس جيدا”.
وتابع ترامب قائلاً: “نريد منهم أن يكفوا عن زيادة الأسعار ونريد أن يبدؤوا بتخفيض الأسعار، وعليهم أن يساهموا بقسط ملموس في الحماية العسكرية من الآن”، مؤكدا: “نحن لن نتسامح مع الأسعار المرتفعة”.
وأشار ترامب إلى أن الولايات المتحدة أصبحت أكبر منتج للطاقة عالمياً ومستعدة لتصدير النفط والفحم والغاز الطبيعي.
حلم أمريكا لن يتحقق
من جانبه صرح وزير النفط الإيراني، بيجن زنغنه، أن “حلم الولايات المتحدة بوقف صادرات النفط الإيرانية تماماً لن يتحقق”.
وأضاف الوزير أن اجتماع أوبك لم يعط رداً إيجابياً على طلبات الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، قائلا: “تسعى الولايات المتحدة إلى وقف صادرات النفط الإيرانية تماما ولو لشهر واحد، لكن ذلك الحلم لن يصبح حقيقة”.
وفي وقت سابق، قدّمت إذاعة الصين الدولية تحليلاً عن توفير إيران لمتطلبات السوق العالمية للنفط مؤكدة أن حرمان العالم من هذا النفط سيؤدى إلى ارتفاع سعره.
وشبّهت الإذاعة الصينية مواقف وسياسات ترامب بأنها حفرة فضائية قاتمة تمنع رؤية مستقبل الاقتصاد العالمي مستذكره بذلك بحظر النفط الإيراني وإفرازاته الدولية.
ورأت بأنّ الحرب التي شنتها واشنطن اقتصادياً ستترك أثراً سلبياً على نمو الاقتصادي الدولي وعلى الولايات المتحدة نفسها رغم مزاعم البعض بأنه سيعود بالنفع على اقتصادها.
Discussion about this post