العالم الاقتصادي- وكالات
يواجه اليورو تحدياً هائلاً للبقاء كعملة موحدة في ظل أزمات الديون السيادية المتلاحقة لدول منطقة الاتحاد الأوروبي إضافة إلى قضية خروج بريطانيا الذي يلوح في الأفق من الاتحاد الأوروبي ناهيك عن وجود علاقة هشة بين إيطاليا والاتحاد ما يتسبب في توتر ويهدد استقرار منطقة اليورو.
ووفقاً لما ذكرته وكالة “سانا” للأنباء فقد تراجعت العملة الأوروبية اليوم وسط دلائل متزايدة على تباطؤ اقتصاد منطقة اليورو بينما صعد الدولار رغم توقعات متزايدة بأن البنك المركزي الأمريكي سيوقف دورة زيادة أسعار الفائدة حيث هبط اليورو 3ر0% إلى 1285ر1 دولار ويجري تداول العملة الأوروبية في نطاق ضيق بين 12ر1 و 15ر1 دولار منذ منتصف تشرين الثاني الماضي، وقد تراجعت معنويات المستثمرين فى منطقة اليورو إلى مستوى جديد هو الأدنى فى أربع سنوات خلال كانون الثاني متأثرة بمخاوف بشأن احتمال انفصال بريطانيا عن الاتحاد الأوروبي دون التوصل إلى اتفاق وأثر احتجاجات حركة “السترات الصفراء” في فرنسا وتراجع الاقتصاد العالمي، وساهم انخفاض غير متوقع للإنتاج الصناعي في ألمانيا للشهر الثالث على التوالي في ضعف اليورو ورغم أن الهبوط كان طفيفاً إلا أنه أبرز المخاوف بشأن حدوث تباطؤء وحذر البنك المركزي في مساعيه لإنهاء اعتماد المنطقة على برامج التحفيز.
وأظهرت مشاكل عديدة عصفت باليورو هشاشة العملة التي واجهت مشاعر متطرفة من الولاء الأعمى إلى الكراهية العمياء مع تزايد الفوارق الاقتصادية داخل الكتلة الأوروبية فيما تصاعدت التحفظات تجاه العملة الأوروبية إلى حد ما نتيجة أزمات مالية في إيطاليا وقبرص وإيرلندا والبرتغال حيث تشكل مزيج متفجر من ارتفاع تكاليف الاقتراض ونمو محتضر قاد إلى ميزانيات تقشف صارمة ولا يقل ذلك عن أزمة اليونان التي اثقلت بالديون ناهيك عن أن إيطاليا وهي ثالث أكبر اقتصاد في منطقة اليورو لديها عجز كبير للغاية ودخلت في معركة طويلة الأمد مع بروكسل حول أحدث ميزانية لها.
وفي محاولة للتصدي لهيمنة الدولار الأمريكي كعملة احتياط عالمية وضعت أوروبا خطة لزيادة استخدام اليورو في قطاعات استراتيجية مثل الطاقة والسلع وصناعة الطيران وقدمت المفوضية الأوروبية خطتها لدعم دور العملة الموحدة على المستوى الدولي حيث تدعو الخطة إلى مزيد من الضغوط السياسية لاستخدام اليورو فى عقود الطاقة والعمل على تسهيل إجراء المعاملات المالية باليورو وكذلك تشجيع إطلاق نظام مدفوعات أوروبي.
وقد واجه اليورو تحديات بارزة على مدار العشرين عاماً كان أكبرها تداعيات الأزمة المالية العالمية عام 2008 والتي أدت إلى أزمة ديون ضخمة في منطقة اليورو بلغت ذروتها بتقديم صفقات إنقاذ لعدة دول ما دفع التكتل النقدي إلى نقطة الانهيار وشكل اختبارا قاسيا لوحدة صفوفه، لكن خبراء قالوا: إن ذلك الوقت المضطرب كشف الثغرات الحقيقية لمشروع اليورو ومن بينها افتقاره للتضامن النقدي ووجود مقرضين كملاذ أخير إلا أن المصرف المركزي الأوروبي تدخل لإنقاذ الاتحاد الأوروبي واتخذ إجراءات غير مسبوقة خلال السنوات الأخيرة لضمان تدفق الأموال في منطقة اليورو ودرء مخاطر الانكماش.
وفي الوقت الذي يرى فيه مراقبون أن دول منطقة اليورو الـ 19 لم يفعلوا ما هو كاف لتنفيذ الإصلاحات السياسية الضرورية لتهيئة المنطقة بشكل مناسب لأي انكماش في المستقبل وتحقيق تقارب اقتصادي لا تبدو العملة الموحدة اليوم محصنة بالقدر الذي يجعل منها عملة عالمية ناضجة ودائمة خاصة في ظل إعادة تشكل التحالفات الدولية اقتصادياً وسياسياً- بحسب وكالة “سانا” للأنباء.
Discussion about this post