بقلم: أ.د. مصطفى العبد الله الكفري
تشهد سورية منذ سنة 2011 حرباً كونية ظالمة ومدمرة تستهدف الحجر والشجر والبشر، أسفرت عن دمار إنساني واجتماعي واقتصادي كبير، وما زالت الحرب تعطل بشكل كبير إنتاج السلع والخدمات وتوزيعها وتعوق النشاط الاقتصادي، ويتواصل الضرر المادي، وتراجع تأمين الغذاء والخدمات الصحية، وتنامي البطالة، والفقر، وتراجع تقديم الخدمات العامة ذات التأثير الكبير على مجمل السكان.
خسائر كبيرة مُني بها الاقتصاد السوري خلال سنوات الحرب منها:
- خسارة أكثر من 40 % من أصول رأس المال نتيجة الدمار وتهريب المصانع السورية إلى تركيا وغيرها من دول الجوار.
- انكماش الاقتصاد السوري بنسبة تزيد عن 30- 45 % .
- خسارة حوالي مليون فرصة عمل.
- ارتفاع معدل التضخم إلى مستوى ما بين 70 – 80 % .
- تراجع سعر صرف الليرة من 50 ليرة سورية لكل دولار إلى حوالي 500 ليرة سورية لكل دولار.
- هجرة رؤوس الأموال، وشملت هذه الهجرة نقل الحسابات المصرفية للمواطنين السوريين إلى لبنان ومصر والأردن وتركيا والإمارات.
هذه الحقائق لا يمكن تجاهلها.
يبقى السؤال في مصلحة من دمار الاقتصاد السوري…؟ بكل تأكيد ما حصل من دمار يخدم مصلحة أعداء سورية.
ما يجري في سورية مؤامرة كبرى وحرب ظالمة تستهدف التقدم والتطور الذي حققته سورية خلال العقد الأول من الألفية الثالثة، وذلك من خلال الانفتاح الاقتصادي والتطوير والتحديث وتعزيز قدرات الاقتصاد، وزيادة معدلات النمو وإفساح المجال أمام القطاع الخاص لممارسة دوره الوطني وتوفير بيئة مناسبة للاستثمار.
أولاً – خسائر الحرب على سورية:
تزايدت مشكلات الاقتصاد الكلي في سورية تعقيداً يوماً بعد يوم جراء استمرار الحرب وشدتها. وتشير التقديرات إلى مواصلة تراجع إجمالي الناتج المحلي الحقيقي خلال الفترة 2011 – 2018 ففي عام 2016 وحده تراجع الناتج المحلي الحقيقي بنسبة 4 % بسبب الدمار الذي لحق مراكز أساسية للنشاط الاقتصادي في سورية في حلب والجزيرة السورية وإدلب، وفي ظل استمرار تراجع إنتاج النفط والغاز والنشاط غير النفطي، ومن المرجح أن يظل التضخم شديد الارتفاع عند حوالي 25 % في عام 2016 بسبب استمرار تذبذب أسعار الصرف لليرة السورية وعرقلة حركة التجارة، يُتوقع أيضاً أن يظل عجز الحساب الجاري والعجز في الموازنة العامة كبيرين، عند مستويات عام 2015 إن لم تكن أعلى.
في عام 2010 وصل الناتج المحلي السوري إلى حوالي 60 مليار دولار بحسب البيانات الرسمية، مقابل /80/ مليار دولار من الخسائر في نهاية العام 2012 بحسب خبراء الاقتصاد، إلا أن المركز السوري لبحوث السياسات، التابع للجمعية السورية للثقافة والمعرفة، كان أقل تشاؤماً، وقدر حجم الخسائر في السنتين 2011 و2012 بنحو /50/ مليار دولار فقط.
وتوزعت هذه الخسائر بين 50 % من الناتج المحلي الإجمالي ونحو 43 % خسائر في مخزون رأس المال و7 % خسائر أخرى، ووصفت الدراسة هذه الخسائر بأنها كبيرة جداً مقارنة بالخسائر التي نجمت عن النزاعات الداخلية في دول أخرى، ليرتفع العجز التراكمي لميزان المدفوعات إلى 16 مليار دولار، حيث كان يُمول هذا العجز من صافي الاحتياطي من العملات الأجنبية، الذي سجل انخفاضاً كبيراً من 18 مليار دولار في عام 2010 إلى حوالي ملياري دولار فقط مع نهاية العام 2012 بحسب الخبراء المتابعين، بينما اعترفت البيانات الرسمية بانخفاضه إلى /4/ مليارات دولار.
وفي كلا الحالتين تعتبر هذه الأرقام مؤشرات خطيرة قد تؤدي إلى تدهور الاقتصاد، ما اضطر مصرف سورية المركزي أخيراً إلى صرف قيمة التحويلات بالليرة السورية وبالسعر الرسمي مقابل الدولار، كما أعلن في وسائل الإعلام الرسمية، على توفير مبالغ للخزينة، ليشهد عام 2013 خطوة رفع الدعم عن المحروقات برفع سعر ليتر البنزين بنسبة 23 %، وكانت هذه المرة الثانية لرفعه خلال ثلاثة أشهر، غير أن هذه الخطوة فتحت الباب حينها لأزمة محروقات كنتيجة لفقدان المادة، وبالتالي التلاعب بسعرها خصوصاً في السوق السوداء.
خسارة عائدات الاستيراد والتصدير، وانخفاض ضخ الموارد نتيجة تراجع إنتاج وتصدير النفط، وانتشار ثقافة التهرب الضريبي، ككفة ميزان أولى، تضعها في مقابل كفة ثانية، هي زخم التحويلات المالية إلى الداخل السوري، والتي تتم ترجمتها سرياً من قبل المواطنين بشراء عملات صعبة لضمان مدخراتهم من السوق السوداء، يشرح ارتباط الليرة حتى الآن بهيكلية الاقتصاد السوري الفعلي، ويوضح أيضاً أن سعر الصرف الآن ليس إلا عملية مضاربة وتأرجحا بين العرض والطلب.
لعل الأذى الأكبر الذي تعرضت له سورية خلال سنوات الحرب كان بسبب الحصار الاقتصادي الذي فرض عليها، وخصوصاً مقاطعة المصارف للعمليات التجارية مع سورية، الذي كان يعتبر حتى عام 2011 من البلدان المكتفية ذاتياً في معظم ما يحتاجه السكان، بالرغم من أن مقومات وركائز هذا الاقتصاد لم تكن قائمة على حوامل خارجية، باستثناء بعض عمليات التصدير.
وتحولت سورية بعد خمس سنوات من الحرب من بلد مصدّر إلى بلد مستورد، من الضروري جداً في هذا السياق تذكر كيف شكلت المدن الصناعية، في كل من حلب وحمص وريف دمشق، أهدافاً إستراتيجية لعمليات التخريب المباشرة أو غير المباشرة من قبل الإرهابيين وتعرضت إمّا للسرقة والنهب والحرق بشكل كامل كما حصل في حلب، أو أنها عانت من الحصار وانقطاع الطرقات ومخاطر العمل فتوقفت، أو أنها كانت متاخمة لمواقع اشتباك مع المسلحين، مما اضطرها أيضاً للتوقف، فاتجهت الصناعة بعدها إلى إستراتيجية المشاغل والورشات الصغيرة، لكن هذه المشاغل بطاقتها الإنتاجية الصغيرة لا تستطيع خفض التكاليف بتوزيع أجور عمالها على حجم العمل ما يؤدي لارتفاع الأسعار تلقائياً، كما أنها لا تغطي حاجة السوق من المنتجات كافة التي تحتاج إلى مصانع حقيقية لتوفيرها.
أضف إلى ذلك تأثر الصناعة بشكل مباشر بتقطع الأوصال بين المحافظات والمدن، ما يعني أيضاً خسارة المواد الأولية التي يؤمنها قطاع الزراعة لتلك الصناعات، كانت سورية تمتلك مخزوناً استراتيجياً من القمح (نوعية جيدة جداً) يكفيها لسنتين حتى لو توقف الإنتاج الزراعي بالكامل، إلا أن حرق المحاصيل والسيطرة على صوامع الحبوب التابعة للدولة في ادلب ودير الزور، من قبل الميليشيات المسلحة، حول سورية الآن إلى مستورد للقمح من روسيا ورومانيا ومصر (نوعية متوسطة).
ولم يكن محصول القطن السوري أفضل حظاً، بالرغم من الاكتفاء المحلي من المحصول، إلّا أن خسارة معامل حلب وصعوبة نقله من القرى المنتجة إلى معامل التصنيع، كلّف الدولة والفلاحين خسارة مضاعفة، حيث ارتفعت تكلفة النقل حوالي 200 % حتى على الطرقات الآمنة نسبياً. لقد تسبب الخراب في القطاع الصناعي بخنق الحركة التجارية، وشل الاقتصاد نتيجة العقوبات على التحويلات المالية ونقل الحسابات المصرفية لتسديد ثمن البضائع، لتنحصر العملية التجارية بعدة دول متعاونة ، كالعراق وإيران والصين وروسيا.
ثانياً – حجم الخسائر في سورية تزايد منذ اليوم الأول للحرب:
تزايد حجم خسائر الحرب الظالمة على سورية بدأ منذ اليوم الأول للحرب، حيث كانت الخسائر لا تزال في بدايتها ولكن لا يستهان بها، حيث تعطلت وسائل الإنتاج والمواصلات والخدمات في مناطق الاضطرابات الأولى والمناطق المرتبطة معها ولو جاز لنا اعتبار أن بدء التدمير حصل في بداية الشهر الحادي عشر في عام 2011 لاستطعنا القول: إن سورية تعيش الحرب والدمار والتخريب منذ أكثر من سبع سنوات .
قدر البنك الدولي في تقرير جديد له (10 تموز/ يوليو 2017) بعنوان: (خسائر الحرب: التبعات الاقتصادية والاجتماعية للصراع في سورية)، بأن الحرب تسببت بخسائر في إجمالي الناتج المحلي قيمته /226/ مليار دولار، أي أربعة أضعاف إجمالي الناتج عام 2010″.
بينما أكد الدكتور عمار اليوسف المستشار الاقتصادي، أن الدراسات الأخيرة التي أعدت في سورية أكدت أن الخسائر نتيجة الحرب والعقوبات الاقتصادية والاعتداءات الإرهابية على جميع القطاعات الاقتصادية تقدر بـحوالي /1170/ مليار دولار، واختلاف التقدير يعود لسببين.
الأول – قيمة الخسائر في القطاعات كافة.
الثاني – ما يتطلبه إعادة الإعمار من جهد ومبالغ إضافية.
اجتماع هذان الأمران يعطي الصورة الحقيقية لحجم وتكاليف خسائر الحرب على سورية.
1 – خسائر القطاع السكني والعمراني:
دمرت الحرب المساكن و البنى التحتية للمدن لأنها كانت أرض المعركة الأساسية ضد الأرهاب والتي استغلتها الجماعات الإرهابية للتحصن فيها وأخذ المدنيين فيها كدروع بشرية الأمر الذي أضطر الجيش والقوى الأمنية لإخراجهم بالقوة مما أدى لأضرار غير مسبوقة بهذه المدن والبنى التحتية فيها، إضافة إلى خروجها من الخدمة العقارية، الأمر الذي رفع خسائر سورية إلى ما يقارب 200 مليار دولار دمار فقط، ولو أردنا أن نعيد الحالة العقارية إلى ما كانت عليه بإعادة بناء المدمر وإصلاح المدمر بشكل جزئي وإعادة البنى التحتية لاحتجنا إلى ما يزيد عن 300 مليار دولار كحد أدنى لبناء المدن البديلة عن المدمرة.
إضافة لذلك هنالك مجموعة من الخسائر الفرعية على سبيل المثال لا الحصر:
• ما تكبدته الدولة من نفقات وأعباء لتأمين مراكز إيواء للمهجرين من تلك المناطق والذي وصل في حده الأدنى إلى ما يزيد عن 3 مليارات دولار.
2 – خسائر القطاع الصناعي:
يحتل القطاع الصناعي المرتبة الثانية من حيث الدمار الذي أفرزته الحرب بعد خسائر القطاع السكني والعمراني، الحقيقة الصعبة هي أن 67 % من قدرة سورية الصناعية قد تم تدميرها بشكل كامل سواء من خلال استهداف المسلحين للمعامل أو من خلال حالات السرقة للمعامل ومستلزمات الإنتاج إضافة إلى فوات المنفعة الذي عانى منه قطاع الصناعة السوري فيما لو استمر بالإنتاج ولم يتوقف خلال هذه الحرب.
3 – خسائر القطاع الزراعي:
أدّى قطّاع الزراعة خلال الحرب على سورية دوراً مهماً للغاية في المحافظة على الحدّ الأدنى من معيشة مئات آلاف الأسر التي تعتمد اقتصادياً على القطّاع الزراعيّ، ورغم التقلبات الموسمية الكبيرة التي تتصف بها الزراعة في سورية، واعتمادها على الظروف المناخية؛ إلا أنها ضمنت، نوعاً من استدامة تأمين الغذاء للسكان.
خلال الحرب شهد الإنتاج الزراعيّ تدهوراً بشقّيه النباتيّ والحيوانيّ، وتراجع الناتج المحليّ للزراعة بنسبة 15 % في العام 2014، مقارنةً بعام 2013، ويعزى 80 % من هذا الانكماش إلى التراجع في الإنتاج النباتيّ الذي يعكس التدهور الملحوظ في غلة عددٍ من المحاصيل كالقمح والقطن.
أدى تراجع الإنتاج الزراعيّ إلى زيادة مستوردات سورية من الغذاء لسدّ الفجوة في الأمن الغذائيّ، وخصوصاً القمح والسكر والدقيق، وزاد التدهور في الإنتاج الزراعيّ من تضخّم الأسعار، مما تسبّب في تراجع تأمين الغذاء للسكان في المناطق التي شهدت تنامياً كبيراً في أعداد الأسر الفقيرة.
4 – خسائر القطاع السياحي :
نتيجة للحرب الكونية الظالمة على سورية تم تدمير عدد كبير من الفنادق والمعالم والمنشآت السياحية والأوابد الأثرية المهمة في سورية، وهي على قلة ما كانت تدره على الدولة من ناتج فقد تم استهدافها بطريقة عملية قائمة على التدمير حولت سورية إلى بلد فاشل سياحياً تجعل مجرد التفكير بالقدوم إليه مخاطرة لا تحمد عقباها، وهذا المنعكس سيستمر لسنوات طويلة حتى بعد انتهاء الحرب.
5 – خسائر القطاعات الخدمية:
تشمل القطاعات الخدمية قطاع النقل والطرق والجسور ومحطات الكهرباء والماء والصرف الصحي. والخدمات العامة، وتقدر الخسائر في هذه القطاعات حوالي /9/ مليارات دولار وتندمج الخسائر هنا مع فوات المنفعة لعدم إمكانية فصل الأمرين عن بعضهما خصوصاً أن أغلبية هذه الخدمات كانت شبه مجانية بالنسبة للمواطن، ويحتاج إعادة تأهيل هذه الخدمات للعودة إلى ما كانت عليه إلى ما يزيد عن 15 مليار دولار تتضمن إعادة البنى التحتية الطرقية والجسور والكهرباء والماء والهاتف إضافة إلى النظرة المستقبلية لهذه الخدمات.
6 – خسائر قطّاع النقل:
أشارت وزارة النقل إلى انخفاضٍ كبيرٍ في مؤشر كمية البضائع المنقولة عبر السكك الحديدية السورية، إذ لم تحدث أية عمليات نقل بضائع إلى خارج القطر، وتوقف العمل بالخط الحديديّ الحجازيّ. كما بيّنت الوزارة أن هناك تراجعاً في النقل الجوي، لكن حركة الطيران الداخليّ على متن طائرات مؤسّسة الطيران العربية السورية نشطت، وخصوصا في العام 2012، لتحقق نسبةً تجاوزت /4/ أضعافٍ مقارنةً بعام 2010.
7 – خسائر قطاع الكهرباء:
تعد الخسائر في قطاع الكهرباء الأكبر لما له من تأثير في القطاع الصناعي والزراعي والقطاعات الأخرى كافة، وإعادة تأهليها هو التحدي الأخطر والذي يجب أن يكون في المرحلة الأولى، ويذكر أن ما دفعه السوريون من تكاليف لتأمين الكهرباء البديلة ( بطاريات ليدات مولدات …) وصل إلى رقم مقداره 4 مليارات دولار لتصل الخسائر إلى 28 مليار دولار .
كانت الاعتداءات على خطوط نقل الغاز لمحطات توليد الكهرباء هي السبب الرئيس وراء انقطاع التيار الكهربائي في سورية، وتقدر الأضرار التي لحقت بالاقتصاد السوري نتيجة انقطاع التيار الكهربائيّ بنحو/ 2,2/ مليار دولارٍ أميركيّ.
8 – خسائر قطاع النفط:
منذ بداية الحرب، غادرت /14/ شركة نفطية الأراضي السورية، كانت تنتج نحو /100/ ألف برميل يومياً، إلى جانب /7/ ملايين متر مكعب من الغاز الطبيعي، مما أدى إلى رفع الخسائر المالية المباشرة إلى /27/ مليار دولار في عام 2015، وبدت الحكومة السورية مضطرة للاستجابة إلى شروط شركات نفط بديلة رفعت سقف الإبتزاز والمساومة، وبكفاءة أقل بكثير من سابقاتها، ومن اللافت أن أثر العقوبات الأميركية المباشر في قطاع النفط ومشتقاته محدود، بفضل الاعتماد على الشركات الأوروبية، غير أن أثرها اتضح عندما لجأت الولايات المتحدة إلى معاقبة الشركات الأوروبية وغيرها، التي تعتمد على تقانة أو تكنولوجيا أميركية متطورة، في حال ارتباطها بعلاقات تجارية مع الحكومة السورية.
فأتت العقوبات الأوروبية لتوقف تصدير /150/ ألف برميل يومياً كانت تتجه إلى أسواق دول الاتحاد الأوروبي، ما يعادل قرابة /5/ مليارات دولار سنوياً، ونحو 35 % من إجمالي الصادرات.
9 – خسائر القطاع المصرفي:
يعد القطاع المصرفي من أشد القطاعات تأثراً بالحرب على سورية لأسباب عديدة أهمها:
• خروج عدد كبير من فروع المصارف العامة والخاصة عن الخدمة وتوقفت عن أداء خدماتها للمتعاملين في مناطق التوتر.
• توقف المصارف عن الغاية الأساسية التي أنشئت من أجلها وهي إقراض المتعاملين منذ بداية الحرب لاعتبارات كثيرة أهمها عدم وجود الضمانات في ظل المتغيرات الأمنية وتغير سعر الصرف.
هذه الظروف أدت إلى خسائر غير مسبوقة في القطاع المصرفي وصلت وحسب الإحصاءات إلى ما يزيد عن /9/ مليارات دولار، تشمل الديون المتعثرة والخسائر المصرفية الداخلية والخارجية نتيجة العقوبات الاقتصادية.
10 – خسائر الليرة السورية:
في متابعة لمراحل انخفاض الليرة السورية خلال الحرب تسجل السنة الأولى انخفاضاً من /48/ ليرة إلى /60/ ليرة، وفي السنة الثانية من /60/ إلى /85/ ليرة، لتتابع في السنة الثالثة من /85/ إلى /150/ ليرة، وفي الرابعة انخفضت من /150/ إلى /190/ ليرة، كما انخفضت في الخامسة من /190/ ليرة إلى /300/ ليرة ومع بداية السنة السادسة انخفضت من /300/ ليرة إلى /440/ ليرة، ونلاحظ أن نسبة التدهور كانت أقل من 100 % نسبة لسعر الصرف في السوق السوداء مع كل انخفاض.
11 – خسائر قطاع التجارة:
واجه قطّاع التجارة عقبات كبيرة منذ بداية الحرب ولازال، انعكست آثارها السلبية بارتفاع الأسعارٍ بمعدّلٍ تجاوز خمس مرّاتٍ في المحافظات الآمنة أو شبة الآمنة، وبمعدّل /50/ ضعفاً في المناطق التي يسيطر عليها المسلحون، وأوّل ما تأثر به قطّاع التجارة هو العقوبات التي فُرضت على عددٍ من رجال الأعمال ممن كانوا يرفدون السوق بكمياتٍ كبيرة من البضائع، إضافة إلى العقوبات المفروضة على الحركة التجاري الخاصّة بالمؤسّسات الحكومية.
الخاتمة:
الحرب ظرف غير عادي يتطلب إجراءات غير عادية وقرارات شجاعة وحكيمة وقدرة على ابتكار الحلول والآليات التنفيذية والبحث عن أسواق جديدة لدى الدول الصديقة وتشجيع المبادلات التجارية لها وخصوصاً مع الأصدقاء ودول البريكس وغيرها، وبالتالي فإننا نجد الحصار الاقتصادي يشكل حافزاً على الإبداع وتنمية الموارد الخاصة.
ويبقى السؤال: هل بالإمكان إنقاذ الاقتصاد في سورية..؟ نعم ممكن وهذا ليس مستحيلاً بل مهمة صعبة تستدعي وضع خريطة طريق تتضافر فيها جهود جميع السوريين والأصدقاء واتخاذ خطوات جادة نحو نصرة سورية في كل الميادين.
وتتوقف آفاق الاقتصاد السوري في الأمد المتوسط على احتواء نتائج الحرب وإيجاد حد للحرب الظالمة على سورية، وإعادة بناء البنية التحتية وقطاعات النشاط الاقتصادي كافة ورأس المال الاجتماعي المتضرر.
Discussion about this post