ندى عجيب – العالم الاقتصادي
تعرضت مدينة داريا كغيرها من المناطق التي دخلها الإرهاب إلى التخريب والتدمير الممنهج للعديد من البنى التحتية والخدمية، ونتيجة الضرر الكبير الذي حل بأبنيتها كان لابد من وضع مخطط تنظيمي لإعادة تأهيل هذه المناطق بطريقة جديدة، كون نسبة الضرر في بعضها وصلت إلى 100% فيما تراوحت في مناطق أخرى بين 60 إلى 90%.
وتم تشكيل فريق تخصصي لهذا الأمر من كوادر مديرية التخطيط العمراني في وزارة الأشغال العامة والإسكان حيث قام الفريق – كما علمت “العالم الاقتصادي” – بزيارات ميدانية للمدينة على مدى أربعة أشهر لتقييم الأضرار فيها ودراسة وضعها، وتابع في أربعة أشهر لاحقة وضع الدراسة المناسبة لتنظيم المناطق المتضررة والتي سنتناولها في مقالنا التالي.
ثمانية أشهر تمخضت عنها دراسة تفصيلية متطورة لإعادة تأهيل المدينة واللافت أن المخطط الجديد راعى بشكل كبير المخطط التنظيمي الذي وضع للمدينة في عام 2010، ليكون التخطيط ضمن حدوده، وسيصار إلى تقديم المخطط للمعنيين لإصدار التشريعات المناسبة لإقراره والبدء بتنفيذه.
أربع مناطق في داريا للتدخل وإعادة التخطيط
قسم المخطط الجديد الذي وضعته مديرية التخطيط العمراني في وزارة الأشغال المناطق المتضررة في داريا إلى أربع مناطق: “المنطقة الجنوبية والجنوبية الغربية والشمالية (الخليج) ومنطقة مركز المدينة”، وتم وضع حل تخطيطي وعمراني لكل منها، بحيث يراعي التنوع العمراني الصفات السكنية والمساحات الطابقية اللازمة لاستيعاب الكثافات السكنية من أهالي كل منطقة، أي اعتماد الحلول الشاقولية.
وفي التفاصيل التي حصلت عليها “العالم الاقتصادي” تبين أن المنطقة الجنوبية تمتد بمساحة مقترحة 61 هكتاراً، والمنطقة الجنوبية الغربية 47,4 هكتاراً والمنطقة الشمالية 65 هكتاراً، حيث تتضمن تلك المساحات أنواعاً مختلفة من السكن ومدارس وخدمات صحية وادارية واستثمارية وحدائق عامة.
وبالنسبة لمنطقة مركز المدينة والتي تبلغ مساحتها 33 هكتاراً فستتم معالجتها بتأمين أبراج سكنية وسكنية مختلطة الاستعمال وفعاليات تجارية واستثمارية وإدارية وخدمية، مع الحفاظ على الإرث الثقافي والديني للمنطقة، لاسيما حول مقام السيدة سكينة الموجود في المركز.
مجاورة داريا للمنطقة التنظيمية 102 وحتمية تطويرها
نظراً لامتداد مدينة داريا بجوار المنطقة التنظيمية الجديدة 102 من مشروع المرسوم 66 خلف الرازي فرض ذلك على المعنيين بإعادة تأهيلها إلى الأخذ بعين الاعتبار ضرورة وضع أبنية حديثة ومتطورة في مخطط عمران المدينة، بحيث تواكب جارتها ويكتمل المشهد العمراني الحديث في المنطقة وفق تصريح وزير الأشغال العامة والإسكان المهندس حسين عرنوس لـ”العالم الاقتصادي” والذي أوضح أن إعادة النظر بأي مخطط تنظيمي هو إعطاء هذه المخططات “بعداً تنموياً” وإضافة ميزات عمرانية تواكب تطورات التخطيط الحديث حتى تكون إعادة الإعمار بأسرع وقت ممكن.
وللتوضيح فإن مدينة داريا تقع ضمن الحدود المباشرة لغوطة دمشق الغربية ويحدها من الشمال الحدود الإدارية لمدينة دمشق والمنطقة التنظيمية الجديدة 102 ومن الشمال الغربي مطار المزة ومن الغرب مدينة معضمية الشام، ومن الشرق مناطق خضراء تنتهي بالمدخل الجنوبي لمدينة دمشق، ومن الجنوب المخططات التنظيمية لصحنايا وأشرفية صحنايا.
من جهة أخرى أوضحت المهندسة راما ظاهر معاونة وزير الأشغال العامة والإسكان أن الحلول التي قدمها فريق العمل تأتي في إطار معالجة مناطق السكن العشوائي بالمدينة، والتي تعرضت للتخريب وتأمين الفراغات التعايشية ومواقف للسيارات، واعتماد التوسع الشاقولي ما أمكن، بالإضافة إلى لحظ مناطق استثمارية تجارية لتأمين فرص عمل.
منطقة استثمارية على مدخل داريا الجنوبي
خلال اجتماع اللجنة الفنية المكلفة بدراسة الحلول التخطيطية لتنظيم المناطق المتضررة في داريا والتي ضمت عدداً من الوزراء ومعاونيهم ومدراء التخطيط والدراسات ومجلس مدينة داريا وكادر العمل الميداني أشار وزير السياحة المهندس بشر يازجي إلى ضرورة احتواء المخطط الجديد أماكن مخصصة للمشاريع السياحية والأنشطة الترفيهية وأماكن للأسواق التجارية برؤية جديدة كي لا تختلط بالأبنية السكنية ولحظ سكن سياحي بقرب الأماكن الدينية.
الأمر الذي أوضحته المهندسة ليلى عدرا من كادر العمل في تصريح لـ “العالم الاقتصادي” بأن المخطط أخذ بعين الاعتبار ضرورة تنشيط الاقتصاد المحلي للمدينة لاسيما أن سكانها يشتهرون بصناعة الموبيليا والمفروشات، حيث تم اقتراح منطقة استثمارية للعرض والتسويق في المنطقة الثانية //المنطقة الجنوبية// مكونة من مولات ومعارض تتبع إلى المناطق الحرفية المجاورة، ومطلة على الطريق الواصل لأوتوستراد درعا الدولي، لتكون مدخل مدينة داريا الجنوبي الشرقي ونقطة علام مميزة بالمهن التي يشتهر بها سكان المدينة.
مساحات خضراء ومسارات للدرجات الهوائية
واقترح عدد من أعضاء اللجنة دراسة إمكانية التوسع قليلاً خارج المخطط القديم بما يخدم التأهيل الجديد للمنطقة مع زيادة المسافة ضمن الأبنية السكنية وزيادة المساحات الخضراء، والربط بين السكن الجديد والقديم ووضع رؤية متكاملة لكل مناطق داريا.
وحول ذلك أشارت المهندسة روعة برنبو لـ “العالم الاقتصادي” إلى أنه تم تعزيز البعد البيئي في مخطط التأهيل من خلال خلق فراغات تعايشية في أنماط السكن، وخلق محور مشاة يتماشى مع المساحة الخضراء الملحوظة، ولحظ مسار للدراجات الهوائية بالإضافة إلى إمكانية الاستفادة من أسطحة الأبنية بوضع لواقط توليد الطاقة الكهربائية.
تفاصيل كثيرة سيشملها مخطط التأهيل الجديد للمدينة، والذي سيرى النور قريباً للبدء بتنفيذه بالتوازي مع المناطق التنظيمية الجديدة حوله.. ويبقى زمن التنفيذ العامل الأسرع في إعلان داريا “منطقة جديدة بنكهة عمرانية واقتصادية متميزة”.
Discussion about this post