العالم الاقتصادي- رصد
تراقب الدول الأوروبية وخاصة فرنسا وإسبانيا والبرتغال باهتمام كبير مشروع أنبوب الغاز بين نيجيريا نحو المغرب والذي سيصل إلى أوروبا بحكم أن هذه الدول هي ضمن الأكثر استهلاكاً لغاز هذا البلد الإفريقي.
وكان المغرب قد اقترح منذ 4 سنوات على نيجيريا إنشاء أنبوب غاز يمر عبر إفريقيا الغربية ليصل إلى المغرب ثم جنوب أوروبا، وذلك نتيجة الصعوبات التي تجدها نيجيريا لنقل هذه الطاقة إلى سوقها الكلاسيكي. كما أن أوروبا بدأت تحصل على نسبة هامة من الغاز انطلاقا من أنبوبين وليس الاستيراد عبر السفن، الغاز الروسي عبر أنبوب والغاز الجزائري عبر الأنبوب الممتد من وهران نحو ألمرية على حساب الأنبوب الذي كان ينطلق من الأراضي الجزائرية نحو المغرب ثم جنوب أوروبا.
وتعتبر دول الاتحاد الأوروبي ضمن التكتلات الكبرى عالميا التي تستهلك نسبة هامة من الغاز المطروح في السوق الدولية، إذ تستورد أكثر من 80% من احتياجاتها. وتعتبر روسيا الممون الرئيسي للغاز بنسبة 40%، في حين هناك مصادر أخرى للغاز مثل الجزائر ونيجيريا وقطر والولايات المتحدة.
ورغم صعوبة التخلي عن الغاز الروسي وإيجاد بديل آخر، يعمل الاتحاد الأوروبي على تطوير مصادر الاستيراد الأخرى والتي لا تتأثر بالنزاعات السياسية الدولية ولا تستعمل الاختلاف للتلاعب بحصص الغاز في السوق الدولية. ومن هذه المصادر، الغاز النيجيري الذي يعتبر شبه هام للاتحاد الأوروبي وخاصة لبعض دوله مثل إسبانيا وفرنسا، حيث يستوردان منه ما بين 7% إلى 9% سنويا من الاحتياجات من هذه الطاقة.
وفي هذا الصدد، يدخل الاهتمام الأوروبي بأنبوب الغاز النيجيري-المغربي الذي سيمتد إلى أوروبا، إذ يتكون من مرحلتين، الأولى وتهم إفريقيا الغربية إلى المغرب، وهي دول ضعيفة الاستهلاك، ولكن هذا الأنبوب سيوفر لها سهولة الحصول على الطاقة الغازية وبالتالي سيساهم في تطوير المنطقة اقتصاديا.
وتتجلى المرحلة الثانية وهي التي تراهن عليها نيجيريا من المغرب نحو إسبانيا لربطه بالشبكة الأوروبية لتوزيع الغاز في مجموع أوروبا وخاصة البرتغال وفرنسا. ويواجه هذا الأنبوب 3 تحديات تختلف في مستوى التأثير وهي:
يتجلى الأول في مصادقة نهائية لدولة نيجيريا على أنبوب الغاز نحو المغرب وتخليها في المقابل عن أنبوب الغاز المعروف باسم “الأنبوب العابر للصحراء” الذي يمتد من نيجيريا إلى الجزائر. وتميل نيجيريا الى أنبوب الغاز عبر المغرب لاعتقادها في دعم أوروبي حقيقي للمشروع. وفي آلية الاتفاق، ستكون الجزائر خاسرة، فنيجيريا قد تستحوذ على جزء من حصتها في السوق الإسبانية والفرنسية والبرتغالية. وكانت أصوات في إسبانيا تنادي ومنذ أكثر من عقد بضرورة التقليل من الاعتماد على الجزائر كمصدر رئيسي. وتستورد إسبانيا أكثر من 50% من احتياجاتها من الجزائر.
ووقعت اختلافات في عدد من المناسبات بين مدريد والجزائر بشأن الغاز على خلفية الأسعار والكميات المستوردة ونزاع الصحراء الغربية خاصة في حقبة رئيس الحكومة الإسبانية خوسي لويس رودريغيث سبتيرو ما بين سنتي 2004-2011.
ويتجلى التحدي الثاني في اتفاق بين دول إفريقيا الغربية وتسهيل مرور الأنبوب وخاصة كيفية التعامل مع الشطر الذي سيمر من الصحراء الغربية حتى لا تعارض بعض الدول الأوروبية تمويل المشروع.
وأخيراً هناك تحدي رفع الاستثمارات الأوروبية في حقول نيجيريا لإنتاج أكبر وضخ كميات أكبر من الغاز نحو أوروبا. وتهتم شركات أوروبية وعلى رأسها فرنسا وإسبانيا بتطوير الحقول في هذا البلد لتصبح نيجيربا ضمن المنتجين السبعة الأوائل في العالم بل المرتبة 10 الى 11 التي تحتلها الآن.
وتكشف مصادر أوروبية لجريدة “القدس العربي” الترحيب الأوروبي الأولي بالمشروع بل والمساهمة في تمويله بحكم أنه سيساعد أوروبا على تنويع مصادر طاقة الغاز، لكنها ستتريث في دعم المشروع حتى ينتقل إلى مرحلته الأولى أي اتفاق نيجيريا والمغرب مع باقي دول إفريقيا الغربية التي سيمر منها ووقتها سيتم دعمه بشكل كبير.
وتفيد التقديرات في حالة تجاوز كل هذه التحديات البدء بهذا الأنبوب في نهاية العقد الجاري في مرحلتيه، الأولى إفريقيا ثم الثانية من إفريقيا نحو أوروبا.
– القدس العربي-
Discussion about this post