العالم الاقتصادي- سبوتنيك
يطغى شبح سيناريو حرب عملات على العالم منذ وصول دونالد ترامب إلى البيت الأبيض في كانون الثاني عام 2017.
تحدث حرب العملات عادة عندما تشتري دولة عملات أخرى على نطاق واسع كالدولار على سبيل المثال من أجل الحفاظ على نقدها بمعدل منخفض للغاية وبالتالي تعزيز القدرة التنافسية لصادراتها وفي هذه العملية تتفاعل الدول الأخرى من خلال تقليدها فينجر العالم إلى دوامة من التخفيضات التنافسية التي لا يكون فيها فائز.
وحذر الخبير المالي أسامة آل رحمة نائب رئيس مجلس إدارة مجموعة مؤسسات صيرفة وتحويل مالي في دبي في حديث مع “إندبندنت عربية” من أن “حرباً كهذه ستكون مدمرة ومن شأنها أن تخل بمنظومة التجارة الدولية بأكملها”.
وقال: “إن آخر ما نريد رؤيته هو الدخول في حرب عملات مباشرة خصوصاً أن العالم مر بها في الماضي وعانى تداعياتها السلبية على الاقتصاد بأسره ولهذا السبب يجتمع قادة العالم تحت منظومة (مجموعة العشرين) التي تشكل إطاراً لتنظيم هذا النوع من القضايا بهدف تجنب حروب بين الدول”.
وفي تصريح قالت الدكتورة ماجي كريس أستاذة التجارة الدولية في جامعة أكسفورد”: إن “حرب العملات إذا اندلعت فإنها ستتضمن مظهرين جديدين تلك المرة فهي أولا لن تشمل حرب عملات المتنافسين الاقتصاديين فحسب بل ستندلع بين الحلفاء أيضاً فاتهام الرئيس ترمب للاتحاد الأوروبي أكبر شريك للولايات المتحدة بأنه يتلاعب عمداً في سعر صرف اليورو يعني عملياً أن هذا النوع من الحروب سيكون شديد الشراسة وسيصعب تصور أي تحالفات فيه إذا ما انحدر إليه الاقتصاد العالمي ومن ثم ستكون التكلفة الكلية شديدة الارتفاع”.
وأضافت أن “التصورات السابقة بأن الاقتصادات الناشئة قد تخرج من تلك الحرب وقد حققت مكاسب ملموسة من تطاحن الكبار هذا الأمر محض أوهام إذ ربما تكون الاقتصادات الناشئة الخاسر الأكبر وربما تتشكل بعض التحالفات بين الاقتصادات المتطورة بهدف توجيه ضربات قاسية للاقتصادات الناشئة.
وبالفعل فإن إضافة الولايات المتحدة سنغافورة وماليزيا وفيتنام إلى قائمة المتلاعبين المحتملين بالعملات أثار مخاوف أغلب المسؤولين الاقتصاديين في تلك البلدان بل وقلق الكثير من الشركات الدولية.
وتشير كريس إلى أن “أغلب قادة تلك البلدان ظنوا أنهم سيخرجون رابحين من النزاع التجاري بين الولايات المتحدة والصين وأن الشركات الدولية التي تستثمر المليارات في الصين ستحول استثماراتها إلى تلك البلدان بعد تدهور العلاقات التجارية مع واشنطن ورفع الرسوم الجمركية بين البلدين لكن وضعهم على القائمة الأمريكية كشف لقادة تلك البلدان وللشركات الدولية أن الإدارة الأمريكية ستمارس ضغوطا على تلك الدول، ما يجعل الاستثمار فيها محفوفا بالمخاطر”.
ومع هذا يمكننا: القول إن وضع تلك الدول على قائمة المراقبة الأمريكية لا يعني أنه سيتم معاقبتها إلا أنه يوجد ضغوطاً إضافية عليها.
من أهم الآثار الجانبية لتخفيض عملة ما الزيادة في سعر المنتجات المستوردة ما يضرّ بالقوة الشرائية فالبلدان التي يعتمد نموها على الاستهلاك المحلي مثل الولايات المتحدة والصين لا مشكلة كبيرة لديها.
لكن الأمر لا ينطبق على دول العالم الأخرى وفيما يتعلق باليورو في العام 2015، وعلى غرار اليابان بدأ “البنك المركزي الأوروبي” شراء أوراق الدين العام على عجل من أجل خفض معدلات الاقتراض ومعالجة التضخم وبما أن تلك المشتريات تم تمويلها من خلال طبع عملات فقد أسهم ذلك في زيادة كمية اليورو المتداولة وبالتالي خفض سعره ومع ذلك يعد هذا التأثير غير مباشر ولا يمكن الكلام هنا على تلاعب بالعملة الأوروبية.
وفي حال ارتفع سعر الدولار فهذا سيكون خبراً سيئاً للغاية بالنسبة للرئيس الأميركي إذ أنه يستتبع تراجع القدرة التنافسية للمصدرين الأميركيين مع خوض ترامب للتو حملته الانتخابية للفوز بولاية ثانية في 2020 كما نقل موقع “مونت كارلو”.
ويتباهى الرئيس في سياق عرض حصيلة رئاسته بترميم القوة التجارية الأميركية بمواجهة الصين وكذلك الأوروبيين الذين يهددهم بفرض رسوم جمركية مشددة ستشكل ضربة قاسية لقطاع صناعة السيارات.
وفي وقت تشهد الولايات المتحدة إحدى أطول دورات النمو الاقتصادي في تاريخها الحديث فإن ترامب مصمم على الحصول على مساعدة الاحتياطي الفدرالي لتمديد هذه الفترة لأطول ما أمكن.
Discussion about this post