العالم الاقتصادي- متابعات
كشف تقرير «تلوث الهواء وصحة الأطفال» الصادر عن منظمة الصحة العالمية سنة 2018 أن 93 % من الأطفال حول العالم، الذين تقلّ أعمارهم عن 15 سنة، يتنفسون هواءً ملوثاً يعرّض صحتهم ونموّهم للخطر الشديد، وتقدّر المنظمة أن نحو /600/ ألف طفل لقوا حتفهم سنة 2016 بسبب التهابات الجهاز التنفسي الحادة الناجمة عن الهواء الملوث.
ورغم أن تلوث الهواء مشكلة عالمية، فإن عبء المرض الناتج عن الجسيمات الدقيقة في الجو هو أكثر ثقلاً في البلدان المنخفضة والمتوسطة الدخل، لا سيما في إفريقيا وجنوب شرقي آسيا وشرق المتوسط وغرب المحيط الهادئ، وترتفع إلى حد كبير نسبة تعرض الأطفال في العالم العربي لتلوث الهواء الخارجي بالجسيمات الدقيقة لتصل إلى 100%، وفق تقديرات منظمة الصحة العالمية.
ويرتبط تلوث الهواء بالجسيمات الدقيقة بالأنشطة البشرية، كانبعاثات السيارات والمصانع، وكذلك بالظروف الطبيعية، كالعواصف الغبارية والرملية. ويمكن التخفيف منه بمعالجة أسباب التلوث واتباع تدابير للحد من الغبار، كزراعة الأشجار وتثبيت التربة.
وبينما يمكن تبرير ارتفاع تلوث الهواء بالجسيمات الدقيقة في العالم العربي بأن الظروف الطبيعية تساعد في انتشار الجفاف واتساع التصحر، فإن مؤشرات تلوث الهواء بثاني أوكسيد النيتروجين في المنطقة مرتفعة إلى حد كبير، وهذا النوع من التلوث يُعزى بشكل خاص إلى الانبعاثات الناتجة عن وسائل النقل.
فقد وجدت دراسة نُشرت في دورية «لانسيت بلانيتري هيلث» خلال شهر أبريل (نيسان) 2019 أن معدلات الإصابة بالربو بين الأطفال العرب بسبب انبعاث ثاني أوكسيد النيتروجين هي الأعلى عالمياً، ومن بين /194/ دولة شملتها الدراسة، احتلت الكويت المرتبة الأولى بمعدل /550/ إصابة جديدة بالربو لكل /100/ ألف طفل سنوياً.
وتشير الدراسة في دورية «لانسيت» إلى أن نحو 4 ملايين طفل يصابون بالربو كل سنة نتيجة تلوث الهواء من السيارات والشاحنات، أي ما يعادل /11/ ألف إصابة جديدة كل يوم.
ويعدّ الربو المرض المزمن الأكثر شيوعاً بين الأطفال، وقد أثبت العديد من الدراسات التي أُنجزت حوله في أميركا الشمالية واللاتينية وأوروبا والشرق الأوسط صلته الوثيقة بالتلوث المروري، وخصوصاً لدى فئة الأطفال، حيث ترتفع معدلات الإصابة بين من يعيشون قرب الطرق السريعة أو في أماكن مكتظة ضمن الأحياء الداخلية.
ومن أجل تقليل مخاطر الإصابة بالربو يجب إغلاق النوافذ عندما يكون الهواء الخارجي ملوثاً، كما يجب الامتناع تماماً عن التدخين في الأماكن المغلقة، لأن التدخين مصدر خطير للمواد الكيميائية السامة التي يمكن أن تسبب الربو للأطفال، ويفضّل العيش في أماكن ذات تهوية أفضل كلما كان ذلك متاحاً.
ولا تقتصر مؤشرات تلوث الهواء المرتفعة في العالم العربي على الجسيمات الدقيقة وثاني أوكسيد النيتروجين، بل تمتد لتشمل أيضاً التلوث بالأوزون الأرضي الناتج عن تفاعل الغازات المنبعثة عن العمليات الصناعية والنقل، بوجود أشعة الشمس، وفيما يلعب الأوزون دوراً وقائياً من مخاطر الإشعاع الشمسي بوجوده ضمن طبقات الجو العليا، فإنه يصنّف ضمن غازات الدفيئة عند وجوده بالقرب من سطح الأرض، ويشكّل مخاطر صحية على الإنسان، ويمكن أن يتسبب بأمراض تنفسية تؤدي إلى الوفاة.
إن الحد من تلوث الهواء داخل المنازل وخارجها، إلى جانب اتخاذ التدابير الصحية الأخرى كتحسين المياه الصالحة للشرب والصرف الصحي، من أهم العوامل للحدّ من وفيات الأطفال والإصابة بالأمراض. وتقدّر منظمة الصحة العالمية أن هذه الإجراءات قد تكفل الحفاظ على حياة نحو /1.5/ مليون طفل دون الخامسة يلقون حتفهم سنوياً بسبب المخاطر البيئية.
Discussion about this post