العالم الاقتصادي- سانا
انطلقت في قرية المراح بمنطقة النبك في ريف دمشق رحلة قطاف الوردة الشامية بطقوسها المتوارثة من مئات السنين؛ فانضم الأطفال والنساء والرجال لجمع المحصول السنوي على أمل أن يكون وفيراً بعد الأمطار التي شهدتها المنطقة للاستفادة من قيمتها الطبية والتجميلية والاقتصادية الكبيرة.
وبمجرد الوصول إلى حقول الوردة الشامية المنتشرة في أراضي القرية يسيطر على الزائر شعور بالألفة أمام لوحة طبيعية أبطالها سكان المراح المتحلقون حول الشجيرات لقطف ورودها في مشهد يعيده البعض إلى /800/ عام، فتتخطى هذه الوردة مجرد منتج زراعي اقتصادي مهم لتتحول إلى جزء من تراثهم وتاريخهم ثم حاضرهم ومستقبلهم عبر التوسع في زراعتها وتطويرها وإنتاج أصناف عديدة منها غذائي وتجميلي لتصبح مطلوبة على مستوى العالم.
وفي تصريح صحفي قالت فاطمة عبد المولى بيطار سيدة سبعينية من عائلة تهتم بزراعة الوردة الشامية منذ سنين: “كبرت على محبة هذه الوردة فأنا أرعاها وأتابعها وأجني محصولها منذ أن كان عمري لا يتجاوز العاشرة”.
وتزرع الوردة الشامية في قرية المراح بعلاً لكنها تحتاج إلى ريات تكميلية للحفاظ على استمراريتها وهي الشجيرة الوحيدة التي ما زالت تعطي إيراداً للفلاحين حسب المزارع عماد باكير الذي يشير إلى أنه يزرعها في أرض تمتد على مساحة /14/ دونماً، بينما يتوقع المزارع عبد الحميد باكير الذي يمتلك حقلا ممتداً على مساحة /8/ دونمات أن يكون إنتاجه هذا الموسم أفضل.
ويتوجه الأهالي حسب حنان حافظ منذ ساعات الفجر الأولى للقطاف الذي يستمر عشرين يوما ويبدأ عادة في أول شهر أيار لكنه تأخر هذا الموسم نتيجة الظروف الجوية، وينتظر أطفال القرية هذا الموسم بفرح للمشاركة في القطاف بعد المدرسة وفي أيام العطل؛ حيث عبرت فاطمة البيطار عن سعادتها لدى توجهها للحقول لتسهم بأي عمل يخص الوردة الشامية، ومع طقوس قطافها الراسخة في تراث اهالي القرية تعد منتجات الوردة الشامية مصدر دخل لفلاحي قرية المراح.
وكانت الأمانة السورية للتنمية توجهت لحمايتها وتطويرها منذ عام 2007 لزيادة جدواها الاقتصادية عبر تقديم الدعم للفلاحين وتأمين مستلزماتهم للتوسع في زراعتها وإشهارها من خلال تأسيس جمعية أهلية تعنى بها على مستوى القرية وسورية.
ويتوقع رئيس جمعية المراح لإحياء وتطوير الوردة الشامية مدين بيطار أن يكون هذا الموسم مميزاً نظراً للهطلات المطرية وأن يشهد إقبالاً من قبل التجار ليس فقط على مستوى سورية منوهاً بدور الأمانة السورية في تطوير زراعة الوردة الشامية والمساعدة في استخراج ماء الورد عبر تقديم جهازين للتقطير سيوضعان قريباً في الخدمة.
وأعرب بيطار عن أسفه لخروج مساحات كبيرة عن الإنتاج جراء توالي الجفاف خلال السنوات الماضية وانخفاض المساحة من /6/ آلاف دونم عام 2011 إلى /3/ آلاف دونم حالياً، لكن منذ عام 2015 تم تكثيف الجهود عبر استصلاح مساحات جديدة وزراعتها وخلال العام الماضي تم تخصيص المراح ببئر لتكون داعمة للفلاحين في الريات التكميلية، كما سيتم تركيب خزان في الجهة الشرقية من الحقول لهذه الغاية ما جعل المزارعين يقبلون على زراعة مساحات جديدة بلغت /700/ دونم، ويبين أن الجمعية تشجع الفلاحين على الزراعة بالري الحديث والأمانة السورية للتنمية قدمت منحاً لنحو /58/ فلاحاً لهذه الغاية شرط إنشاء خزان للمياه في حقولهم مؤكداً أن نتائج المشروع مشجعة وسيتم التوسع به مستقبلاً.
وأحدثت الجمعية مشتلين لإنتاج فسائل وخلفات جديدة من الوردة الشامية ينتجان سنويا نحو /8/ آلاف شتلة توزع للجمعيات المعنية بالوردة الشامية وتباع للمهتمين بزراعتها حسب بيطار الذي يشير إلى بيع /5/ آلاف شتلة سنوياً للساحل والمناطق المرتفعة وكميات بسيطة لأصحاب المشاريع الصغيرة في القلمون.
وتوقع بيطار أن يتراوح إنتاج هذا العام بين /30/ و/35/ طناً علماً أن سعر الكيلوغرام من الوردة بين /6/ و/8/ آلاف ليرة وبين /2000/ و/2500/ ليرة للأخضر معتبراً أن السعر يتناسب مع جهد الفلاح بينما يتراوح سعر الغرام الواحد من زيت الوردة بين /40/ و/45/ ألف ليرة، ويوضح أن استخراج الزيت العطري يأتي من الورد الأخضر وأن الكمية المستخرجة تتراوح سنوياً بين /200/ و/300/ غرام آملاً أن تزيد في العام الحالي إلى /500/ غرام.
وعن المنتجات التجميلية للوردة يوضح فؤاد البيطار المعني بها أنه بدأ بإنتاج الكريمات عام 2010 وسيتم قريباً افتتاح معمل لمنتجات الوردة الشامية في عدرا الصناعية ينتج /20/ صنفاً تتوزع بين التصدير والسوق المحلية بأصنافها.
وكانت جمعية المراح لإحياء تطوير الوردة الشامية تأسست عام 2010 بدعم من الأمانة السورية للتنمية.
Discussion about this post