إعداد مدير التحرير وليد ابو السل .
قدرت تقارير مالية دولية حجم الدين العالم الكلي العالمي بنحو ٣٠٣ تريليون دولار حتى نهاية عام ٢٠٢١ موزعة على ٥٤ دولة حول العالم .
وكشف التقرير الصادر عن معهد التمويل الدولي IIF عن تزايد عدد الدول العاجزة عن تسديد ديونها لصالح صندوق النقد الدولي الى نحو ٤٦ دولة في مقدمتها خمس دول عربي
هي ( مصر وتونس والمغرب والاردن والسودان )
وقال التقرير : إن نحو ٧٨٢ مليار دولار هي حجم المبالغ المترتبة على تلك الدول مع حلول عام ٢٠٢٠ من اصل ٥٤ دولة ( حسب ماجاء في تقرير برنامج الامم المتحدة الانمائي ) .
وكشف التقرير الذي نشره موقع
” اندبندنت عربية ” ان نحو ٤٦ دولة حول العالم عجزت عن الوفاء بديونها بسبب تدهور الوضع الاقتصادي العالمي وارتفاع معدلات التضخم وتوقعات تراجع معدلات النمو في عديد من البلدان خلال السنوات التالية لجائحة كورونا، تجددت التحذيرات من تعثر كثير من الدول النامية عن سداد المديونيات المستحقة عليها لصندوق النقد والبنك الدوليين .
وكانت رئيس إدارة أفريقيا في صندوق النقد الدولي أبي سيلاسي قد حذرت في وقت سابق من تفاقم هذه الظاهرة وطالبت بزيادة الدعم الدولي لمساعدة البلدان في التغلب على أزمة التمويل، لافته إلى أن عدداً من البلدان الأفريقية الأخرى مثل مصر وتونس معرضة لخطر التخلف عن السداد، فيما تحتل خمس دول عربية قائمة الأكثر عرضة للتعثر.
ووفقاً للبنك الدولي، فإن 46 في المئة من مدفوعات الديون عالمياً هي لمقرضين من القطاع الخاص، باستثناء الصين، ونحو 30 في المئة للمؤسسات
متعددة الأطراف، و12 في المائة للحكومات الأخرى و12 في المئة للمؤسسات الصينية العامة والخاصة.
ونقل الموقع عن المحلل الاقتصادي محمد رضا قوله : إن الدول التي تسقط في دائرة الاستدانة هي من ترتكب الخطأ الجوهري الأول الذي يكون سبباً في دخولها دوامة الاقتراض ثم العجز عن السداد، موضحاً أن القروض التي يمنحها صندوق النقد الدولي لأي دولة يكون الهدف منها إجراء إصلاحات هيكلية في الاقتصاد ليكون قادراً على الإنتاج وسداد القروض، وأن ما يحدث في الواقع الفعلي هو قيام الدول المقترضة باستخدام تلك الأموال في سداد ديون أخرى، أو ضخها في مشروعات غير إنتاجية لن تسفر عن جلب عوائد دولاريه لتبدأ رحلة السقوط في فخ الديون التي تحول كل إيرادات الدولة لسداد
ديونها .
ونقل الموقع عن رضا قوله أن توجيه أموال القروض لخلق مصادر إيرادات جديدة بالدولار مثل التصنيع أو السياحة أو التعدين هو أول الحلول، بجانب إمكان استخدام أدوات الدين مثل السندات في تحويل الديون قصيرة الأجل لديون طويلة الأجل بشكل يخفف العبء عن ميزان المدفوعات في السنوات القريبة، وبهدف توزيع الديون على فترات أطول بالتزامن مع البحث عن زيادة مصادر الدخل بالعملات الأجنبية، أو زيادة الاستثمارات الأجنبية المباشرة لتوفير العملة الأجنبية، مع ترشيد الإنفاق، سواء في الاستيراد واستبداله بمنتجات محلية أو الوقف الفوري للمشروعات غير الضرورية.
ويكشف تقرير صادر عن منظمة “Debt Justice” نشر مؤخرا ، أن 91 دولة على مستوى العالم ستنفق في المتوسط 16.3 في المئة من إيراداتها على الديون الخارجية هذا العام، بزيادة تقارب 150 في المئة عن 2011 وهو أعلى معدل يسجل في 25 سنة.
وتعد سريلانكا التي تخلفت عن سداد ديونها في مايو (أيار) 2022 لأول مرة في تاريخها بعد أزمات اقتصادية وسياسية واحتجاجات على نقص الكهرباء والوقود والأدوية، صاحبة أعلى مدفوعات للديون الخارجية خلال العام الحالي، إذ بلغت 75 في المئة من الإيرادات الحكومية، تليها جمهورية لاوس بـ65.6 في المئة، ودومينيكا بـ57.8 في المئة ، وباكستان بـ46.7 في المئة.
ديون الدول العربية: مصر في المقدمة
تضم قائمة الدول المدينة لصندوق النقد الدولي عديداً من الدول العربية التي تختلف من حيث حجم المديونية، إذ تتصدر القائمة خمس دول هي “مصر وتونس والمغرب والأردن والسودان” باعتبارها الأكبر مديونية والمعرضة لخطر التعثر، تليهم دول أخرى منها “الصومال وموريتانيا واليمن وجزر القمر، بقيمة قروض أقل من نصف مليار دولار لكل بلد”.
تحتل مصر المرتبة الأولى عربياً والثانية عالمياً في قائمة الدول الأكثر مديونية لصندوق النقد الدولي، بإجمالي ديون نحو 20 مليار دولار بإجمالي ديون خارجية تتجاوز 160 مليار دولار، تستحق السداد على مدى السنوات الخمس المقبلة، بما في ذلك سندات بقيمة 3.3 مليار دولار تستحق في 2024.
وتشهد مصر أزمة اقتصادية غير مسبوقة، في ظل تراجع المستويات المعيشية للمواطنين والارتفاع الجنوني بأسعار السلع والخدمات بسبب انخفاض قيمة العملة المحلية مع انتقال البنك المركزي المصري إلى نظام صرف أكثر مرونة تطبيقاً لتعليمات صندوق النقد الدولي، إذ فقد الجنيه نحو 300 في المئة من قيمته مقابل الدولار منذ 2016، في بلد يعيش ثلث سكانه البالغ عددهم 104 ملايين تحت خط الفقر، في حين أن ثلثاً آخر معرض للدخول في دائرة الفقر بحسب تقديرات البنك الدولي.
وخفضت وكالة التصنيف الائتماني “ستاندرد أند بورز” هذ الشهر، تقديراتها لدرجة قدرة مصر على سداد ديونها من “مستقر” إلى “سلبي” مبررة الخفض بحاجة الدولة الكبيرة للحصول على تمويلات خارجية جديدة، إذ تعاني مصر من مستويات دين عام مرتفعة تساوي 95 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي.
وتأتي في المرتبة الثانية عربياً من حيث أعلى الدول العربية مديونية لصندوق النقد الدولي، الجمهورية التونسية بنحو 2.1 مليار دولار، حيث تعاني نقصاً حاداً في السلع الغذائية وارتفاعاً كبيراً في الأسعار، وأزمة مالية عامة تثير مخاوف من تعثر محتمل عن سداد ديونها، إذ بلغت معدلات التضخم 10.1 في المئة وهي الأعلى منذ أربعة عقود مضت.
ويضع الارتفاع الكبير في نسب التضخم الذي سجل 6.6 في المئة، المغرب على حافة الخطر، وفي ظل احتلالها المرتبة الثالثة عربياً ضمن قائمة الدول الأكثر اقتراضاً من صندوق النقد الدولي بنحو ملياري دولار، وهو ما يمثل ثمانية في المئة من الديون العربية للصندوق. ولجأ المغرب إلى رفع الفائدة الرئيسة إلى 2.5 في المئة لمواجهة التضخم بعد ارتفاع تكلفة الغذاء والوقود.
وفي المملكة الأردنية تشكل أزمة ارتفاع البطالة بين الشباب إلى 50 في المئة مشكلة كبرى، إذ بلغ معدل البطالة 22.6 في المئة خلال العام الماضي وفقاً لتقديرات صندوق النقد الدولي، فيما احتل الأردن المرتبة الرابعة في قائمة الدول العربية الأكثر مديونية لصندوق النقد بقيمة 1.6 مليار دولار.
وعلى الصعيد السوداني تعيش البلاد أزمات ضخمة بسبب اندلاع الحرب بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع، وسط تدهور اقتصادي جراء استمرار ارتفاع أسعار السلع وتفاقم أزمة أسعار الصرف، إذ تحتل البلاد المرتبة الخامسة للدول العربية الأكثر اقتراضاً من صندوق النقد الدولي بإجمالي ديون بلغت 1.3 مليار دولار.
إسقاط الديون: هل ينقذ الدول المدينة؟
من جانبه، قال المتخصص الاقتصادي وأستاذ التمويل ومستشار وزير التموين المصري مدحت نافع إن تضخم الدين العام العالمي لما يزيد على ثلاثة أضعاف الناتج المحلي العالمي “أمر مقلق للغاية”، ويتطلب أن تتخذ الدول الدائنة بعض الإجراءات الاستثنائية على غرار ما حدث في اتفاقية لندن الشهيرة عام 1954، التي جرى بموجبها إسقاط ديون ألمانيا الغربية.
وأشار إلى أن هذا الإجراء ضروري في ظل تفاقم أوضاع ديون الدول وفي ظل استحالة استمرار واستدامة الدين في عدد كبير من الدول في وقت واحد، لافتاً إلى أنه من العجيب أن ألمانيا الاتحادية التي هي الوريث الشرعي لألمانيا الغربية والتي استفادت من قرار إسقاط الديون عام 1954 هي التي تعارض الآن بشدة أي محاولات لإسقاط الديون الخاصة بدول الاتحاد الأوروبي.
وأكد المحلل الاقتصادي أن الحديث عن إسقاط الديون أو تخفيضها هو الخطوة الأولى لإنقاذ الدول المدينة، خصوصاً أن تفاقم حجم الديون سببه الأساسي هو السياسات النقدية المتشددة التي فرضتها الدول الدائنة على المدينين، فضلاً عن وجود ممارسات في النظام المالي تسببت بارتفاع أسعار الفائدة فوق المعدلات الطبيعية والمعتادة منذ الحرب العالمية الثانية، وهي المشكلات التي تدفع الدولة المتعثرة والنامية ثمنها بشكل كبير.
Discussion about this post