العالم الاقتصادي- رصد
أصبحت السيارات الكهربائية على نحو متزايد خياراً أساسياً لمشتري السيارات، وارتفع عدد السيارات الكهربائية المستخدمة في عام 2020 بنسبة 43% على أساس سنوي عالميًا ليتجاوز 10 ملايين سيارة لأول مرة، وفقًا لوكالة الطاقة الدولية، وتأتي هذه الزيادة في ظل انكماش سوق سيارات محرك الاحتراق الداخلي التقليدية التي انخفضت بنسبة 16% خلال الفترة نفسها.
نمو سوق السيارات الكهربائية
وعلى الرغم من التحديات الأخيرة التي تواجه الإنتاج، مثل اضطرابات سلسلة التوريد ونقص الرقائق، تستمر السيارات الكهربائية في اكتساب حصة في السوق.
وفي الصين ارتفعت مبيعات السيارات التي تعمل بالوقود البديل في تموز بنسبة 164% على أساس سنوي، ما زاد حصة السيارات الكهربائية من إجمالي السيارات المباعة من كانون الثاني إلى تموز من هذا العام، إلى 10%، وفقًا للجمعية الصينية لمصنّعي السيارات CAAM.
وأصبحت السيارات الكهربائية على نحو متزايد خيارًا أساسيًا لمشتري السيارات، تشجعهم على ذلك العديد من العوامل مثل الإعفاءات الضريبية الحكومية، وشبكة أكثر اتساعًا من محطات الشحن القابلة للتشغيل المشترك، والأسعار التنافسية، والأداء المتفوق والوفورات في تكاليف الملكية ببساطة.
علاوة على ذلك، تعمل العديد من الحكومات على توجيه اقتصاداتها الوطنية بعيدًا عن الهيدروكربونات وسن تشريعات وفقًا لذلك. إذ تتعهد خطة إدارة بايدن لتغير المناخ باستثمار 2 تريليون دولار في الطاقة النظيفة لتوليد كهرباء خالية من الكربون بحلول عام 2035، وتهدف إلى أن تكون 50% من السيارات الأميركية المباعة بحلول عام 2030 سيارات كهربائية.
كما حددت العديد من صناديق الاستثمار مواعيد نهائية كي تصبح مؤسسات استثمارية لا تستخدم الكربون.
حدد صندوق المعاشات التقاعدية لولاية نيويورك، الذي يدير 226 مليار دولار من الأصول، ما يجعله ثالث أكبر صندوق معاشات تقاعدية في الولايات المتحدة، عام 2040 موعدًا مستهدفًا لتصبح أنشطته عديمة الانبعاثات الكربونية.
بل إن الشركات التي لا تعمل عادة في قطاع السيارات تعكف على تنويع استثماراتها في هذا المجال. في عام 2019، قادت أمازون استثمارًا بقيمة 700 مليون دولار في شركة Rivian، وهي شركة ناشئة للسيارات الكهربائية مقرها ميشيغان، وتهدف إلى امتلاك 10 ألف شاحنة تشغيل عام 2022 من أصل 100 ألف شاحنة تخطط لشرائها بحلول عام 2030.
أيضًا في عام 2018، اشترى مشروع Waymo للسيارات ذاتية القيادة التابع لشركة غوغل 62 ألف حافلة صغيرة Pacifica Hybrid من شركة Fiat Chrysler و20 ألف سيارة كهربائية I-Pace ذات دفع رباعي من جاكوار. في عام 2017، حجزت شركة UPS العملاقة للمشاريع والخدمات اللوجستية 125 شاحنة من إنتاج تيسلا كخطوة نحو تشغيل أسطول توصيل كهربائي بالكامل.
وكي لا تتخلف عن الركب، أعلنت شركة الخدمات اللوجستية المنافِسة DHL Express مؤخرًا عن خططها لإضافة طائرات شحن كهربائية إلى أسطولها.
البطاريات.. النفط الجديد
تسارِع البلدان والشركات متعددة الجنسيات لإيجاد موطئ قدم لها في منشآت إنتاج البطاريات والموارد المعدنية اللازمة لإنتاجها.
أعلنت شركة تيسلا، أبرز المتنافسين في هذا المجال دائمًا، في أيلول من عام 2020 أنها تخطط لبناء خلايا بطارياتها لأول مرة وستنتج 3 آلاف غيغاواط في الساعة سنويًا بحلول عام 2030.
كما تخطط فولكس فاغن لبناء ستة مصانع عملاقة للبطاريات، والتي ستوفر لعملاق السيارات ما يصل إلى 240 غيغاواط في الساعة من سعة البطاريات. وكي نستوعب الصورة جيدًا، ستستهلك المصانع الستة ما يعادل 60% من الليثيوم المنتج عالميًا في عام 2020، وقدرة كهربائية بنسبة 12% أكثر من استهلاك العالم بأكمله في عام 2020، وفقًا لوكالة تقارير الأسعار والمعلومات الخاصة ببطارية ليثيوم أيون Benchmark Mineral Intelligence.
وتخطط شركة Zhejiang Geely Holding Group لإنفاق 5 مليارات دولار لبناء مصنع بطاريات تبلغ طاقته 42 غيغاواط في الساعة في جنوب الصين. وفي كوريا الجنوبية، تستثمر جنرال موتورز وLG Chem 2.3 مليار دولار لبناء مصنع بقدرة 30 غيغاواط في الساعة في ولاية أوهايو.
تتطلب صناعة السيارات الكهربائية والطاقة المتجددة العديد من المعادن، غير أننا نركز على المعادن الأساسية المطلوبة للبطاريات والنحاس.
الليثيوم
يُستخرج الليثيوم، وهو مكون رئيسي في البطاريات، بشكل أساسي من ما يسمى “مثلث الليثيوم”، الذي يتكون من بوليفيا والأرجنتين وشيلي.
وفقًا لهيئة المسح الجيولوجي الأميركية USGS، تمتلك بوليفيا أكبر احتياطيات من الليثيوم تقدّر بنحو 21 مليون طن تمثل 25% من الاحتياطيات العالمية. وتأتي الأرجنتين في المرتبة الثانية بـ 17 مليون طن.
وعلى الرغم من احتلال شيلي المركز الثالث من حيث الاحتياطيات بـ 9 ملايين طن خلف بوليفيا والأرجنتين، إلا أنها تأتي في المرتبة الثانية بعد أستراليا من حيث الإنتاج، وتُعزى القدرة الإنتاجية المتقدمة إلى الظروف السياسية والتجارية الأكثر استقرارًا والمناخ الملائم لاستخراج الليثيوم. وقد ارتفع سعر الليثيوم بنسبة 138% في الأشهر التسعة الماضية.
النيكل
النيكل هو معدن المستقبل الذي لا غنى عنه. يتميز بكثافة أعلى في الطاقة، وسعة أكبر في التخزين، وهو غير مكلفة نسبيًا مقارنة بالمعادن الأخرى ذات الخصائص والوظائف المماثلة.
يستخدم النيكل في العديد من البطاريات القابلة لإعادة الشحن والتي تدوم طويلاً، وأستخدم في سيارات تويوتا بريوس لأول مرة في السيارات
وفي منتصف التسعينيات. بلغ الطلب على النيكل 60 ألف طن متري في عام 2018، ومن المتوقع أن يزيد أكثر من عشرة أضعاف بحلول عام 2025، وفقًا لشركة Statista.
أكبر 6 دول لديها أعلى احتياطيات هي إندونيسيا بـ21 مليون طن، أستراليا بـ 20 مليون طن، البرازيل بـ 16 مليون طن، روسيا بـ 6.9 مليون طن، كوبا بـ 5.5 مليون طن، والفلبين بـ 4.8 مليون طن، وفقًا لهيئة المسح الجيولوجي الأميركية.
الكوبالت
الكوبالت معدن أساسي آخر للسيارات الكهربائية وصناعة الطاقة المتجددة، وهو ضروري لزيادة سلامة البطاريات وكثافة طاقتها وطول عمرها. تنتج جمهورية الكونغو الديمقراطية حوالي 60% من إنتاج الكوبالت العالمي.
يجعل الاقتران بين ارتفاع تكاليف الكوبالت، حيث تبلغ الأسعار حوالي 42 ألف دولار للطن، ومخاطر تركيز الإنتاج المرتبطة بوجود أكثر من خمسين بالمائة من الإنتاج العالمي في بلد غير مستقر سياسيًا، الكوبالت معدنًا محفوفًا بالمخاطر لبناء البنية التحتية للسيارات الكهربائية عليه. لكن من المتوقع أن يزداد الطلب على الكوبالت بمقدار عشرين ضعفًا لتحقيق أهداف اتفاقية باريس للمناخ بنجاح بحلول عام 2040، وفقًا لوكالة الطاقة الدولية.
المنتجون الرئيسيون حول العالم هم جمهورية الكونغو الديمقراطية بـ 95 ألف طن متري في السنة، وروسيا بـ 6300 طن متري في السنة، وأستراليا بـ 5700 طن متري في السنة، والفلبين بـ 4700 طن متري في السنة، وكوبا بـ 3600 طن متري في السنة، وفقًا لهيئة المسح الجيولوجي الأميركية.
النحاس
يتتبع التجار والمستثمرون أسعار النحاس على مستوى العالم لقياس الأنشطة الاقتصادية العالمية، ولهذا السبب أطلِق عليه اسم دكتور كوبر لقدرته على “تشخيص” صحة الاقتصاد العالمي.
المعدن الأحمر لا منافس له عندما يتعلق الأمر بتوصيل الكهرباء، وينمو الطلب عليه بشكل كبير بسبب الطفرة في مشاريع الإسكان والبنية التحتية على مستوى العالم، والسيارات الكهربائية، التي تحتوي على خمسة أضعاف كمية النحاس في سيارات الاحتراق الداخلي العادية، وتوربينات الرياح التي يمكن أن يتطلب فيها برج واحد 5 أطنان من النحاس. ومع ارتفاع الطلب، يتوقع بنك غولدمان ساكس عجزًا سنويًا في الإمدادات يبلغ 8.2 مليون طن بحلول عام 2030، وهو ما يمثل حوالي 34% من إنتاج النحاس العالمي في عام 2020.
مستقبل التنقل
ثمة أسباب مقنعة للاعتقاد بأن أيام محرك الاحتراق الداخلي باتت معدودة. يستعد صانعو السيارات بالفعل لذلك عبر استثمار حوالي 200 مليار دولار في تكنولوجيا السيارات الكهربائية على مدى السنوات الخمس المقبلة، وفقًا لتقديرات شركة الخدمات الاستشارية AlixPartners. يمضي الحظر الكامل على محركات الاحتراق الداخلي في التوسع وقد يحدث قريبًا، حيث تخطط كاليفورنيا في الولايات المتحدة و17 دولة لحظر شامل بحلول عام 2035.
سيكون من الحكمة للمستثمرين والشركات وحتى البلدان تكييف مخصصات محافظهم الاستثمارية واستراتيجياتهم الاقتصادية الوطنية وفقًا لذلك.
– فوربس-
Discussion about this post