نزوح صيني إلى أوروبا للاستثمار في صناعة ألعاب الفيديو

العالم الاقتصادي- رصد

تسببت القيود التنظيمية المشددة داخل السوق الصينية رغم تخفيفها قبل أسابيع من قبل الحكومة، في موجة نزوح للعديد من شركات التكنولوجيا المحلية إلى أوروبا للاستئثار بحصة من استثمارات صناعة ألعاب الفيديو.

وتعزز شركات التكنولوجيا الصينية العملاقة مكانتها بالقطاع عبر استحواذ عدد منها مثل تنسنت ونت إيز على أسهم في أستوديوهات لتصميم هذه الألعاب، في ظل فرض سلطات بكين قيودا صارمة على هذه السوق في الدولة الآسيوية الكبرى.

وسُجّلت صفقتان مُتتاليتان في فرنسا أظهرتا شهية الشركات الصينية لشراء أستوديوهات لتصميم ألعاب الفيديو، فبعد إعلان نت إيز نهاية أغسطس الماضي استحواذها على أستوديو كوانتك دريم المستقل، وهي الشركة المُطوّرة للعبة المغامرات ستار وورز إكليبس، لحقتها تنتست بصفقة ممثالة.

لويز شورتهاوس: الحصول على ترخيص للعبة جديدة يزداد صعوبة في الصين

ومع بداية سبتمبر الماضي عقدت تنسنت اتفاقا مع شركة يوبيسوفت الفرنسية يقضي بضخ الشركة الصينية المساهمة أصلا في الشركة 300 مليون يورو في رأسمالها.

وتسيطر تنسنت، والتي تعد الشركة الأولى عالميا في هذا القطاع، على الدول الآسيوية، التي تشكل أهم سوق في مجال ألعاب الفيديو، فيما بدأت تعزز مكانتها بصورة تدريجية في أوروبا.

واستحوذت في عام 2016 مثلا على أستوديو سوبر سيل الفنلندي مطوّر ألعاب كلاش أوف كلانز وكلاش رويل وبرول ستارز مقابل 8.6 مليار دولار.

وبينما كان يُعتبر هذا السعر مبلغا قياسيا في تلك المرحلة، سُجّلت مذاك عمليات استحواذ بمبالغ أكبر بكثير.

ففي بداية هذا العام دفعت مايكروسوفت 68.7 مليار دولار لشراء أكتيفيجن بليزرد والتي تعد كول أوف ديوتي من أبرز ألعابها، في مؤشر على أنّ صفقات كبيرة هي في طور التسجيل.

ويقول الخبير في سوق ألعاب الفيديو سيدريك لاغاريغ لوكالة الصحافة الفرنسية “إنّ تنسنت تعقد استثمارات كثيرة، وتستحوذ على أسهم في عدد من الأستوديوهات”.

ويضيف المستشار لدى مصرف ألانترا الاستثماري أن الشركة “تعتمد هذه الخطة منذ مدة طويلة وقد زادت وتيرة اللجوء إليها خلال السنوات الأخيرة”.

وتتمثل أحدث عملية استثمار كبيرة لها في استحواذها على أستوديو سايبو غيم الدنماري مطوّر لعبة سابواي سافرز الناجحة في يونيو الماضي، بالإضافة إلى شرائها أستوديو سومو البريطاني في عام 2021 مقابل نحو مليار جنيه إسترليني.

وتظهر السلطات الصينية حزما كبيرا تجاه ألعاب الفيديو سعياً إلى مكافحة إدمان الفئة الشابة عليها، كفرضها قيوداً صارمة تحصر الحق في لعب الفيديو على الإنترنت في ثلاث ساعات أسبوعياً لمن هم دون سن 18 عاماً.

وفي تموز من العام الماضي، علّقت الصين على مدى تسعة أشهر منح الشركات أي تراخيص جديدة، مما أثر بشكل كبير على نسب الأرباح في القطاع، في إطار إعادة سيطرتها على قطاع التكنولوجيا.

وبينما عاودت بكين إصدار التراخيص بمنحها ترخيصاً جديداً لشركة نت إيز، امتنعت عن إعطاء ترخيص مماثل لشركة تنسنت المنافسة، والتي سجلت في مطلع أغسطس أول تراجع فصلي لرقم أعمالها منذ الاكتتاب في البورصة سنة 2004.

وتقول كبيرة المحللين لدى شركة أمبير أناليسس البريطانية المتخصصة في بحوث السوق لويز شورتهاوس إنّ الحصول على ترخيص للعبة جديدة يزداد صعوبة، بالإضافة إلى أنّ القيود التي تطال اللاعبين الشباب تجعل عملية النمو صعبة.

السلطات الصينية تظهر حزما كبيرا تجاه ألعاب الفيديو سعياً إلى مكافحة إدمان الفئة الشابة عليها، كفرضها قيوداً صارمة تحصر الحق في لعب الفيديو على الإنترنت في ثلاث ساعات أسبوعياً لمن هم دون سن 18 عاماً

وأوضحت أنه نتيجة ذلك، تتوجه الشركات الكبرى في المجال من أمثال تنسنت ونت إيز بصورة أكبر إلى بلدان أخرى لتحقيق أرباح.

وتلقى هذه الاستثمارات ترحيباً من الأستوديوهات الأوروبية لأنّ الشركات الصينية وعلى رأسها تنسنت تتمتع بسمعة جيّدة لناحية عدم تدخلها في عمليات الابتكار داخل الشركات بل تترك الحرية التامة لشركائها، بحسب شركة بارزة في هذا القطاع.

وذكرت تنسنت في بيان أرسلته إلى وكالة الصحافة الفرنسية “سواء أكنا مستثمراً بسيطاً أو نحوز على غالبية الأسهم في شركة ما، لا نفرض أي مراقبة على عملية الابتكار أو التدابير الإدارية أو الإجراءات اليومية لا على الشركة أو موظفيها”.

وأضافت: “كما أننا لا نعلق على عملية تطوير لعبة ما، لأننا نؤمن بنموذج شراكة يتيح للشركات العمل بطريقة مستقلة والحفاظ على الثقافة الخاصة بها”.

ومن بين الأمثلة على ذلك، إعلان يوبيسوفت بعد ضخ تنسنت مبلغاً لزيادة رأسمال الشركة، تطويرها أساسينز كريد كودنايم جايد، وهي أول نسخة محمولة من سلسلتها الناجحة.

وتشير شورتهاوس إلى أنّ يوبيسوف تحقق نجاحاً كبيراً في أوروبا والولايات المتحدة، حث تأمل تنسنت في تعزيز وجودها فيهما.

وقالت: إنّ “شركة تنسنت تتمتع بخبرة واسعة في مجال الألعاب الخاصة بالأجهزة المحمولة التي تشكل منصةً ترغب يوبيسوفت في أن تتطوّر فيها بصورة أكبر”.

–  العرب –