بقلم: د. مريم طلاس
البحث العلمي هو: عملية منظمة هادفة تتبع المنهج العلمي ووسائله وقواعده وأدواته ومبادئه وخطواته من أجل تقصي الحقائق والوصول إلى معرفة جديدة أو حل مشكلة قائمة أو تنفيذ أو تطبيق نظرية والبحث العلمي أهم وظيفة تتميز بها الجامعة عن باقي المؤسسات التعليمية والتكوينية، وهي الوظيفة الثانية الأساسية في الجامعة بعد وظيفة التدريس، ويعتبر البحث العلمي أحد أهم نشاطات الأستاذ الجامعي التي تعتمد في الترقية العلمية والإدارية، وهو هو عصب التنمية في عصرنا، وأساس التطور العلمي والتربوي والاجتماعي والاقتصادي والأمني، وتتمثل نشاطات البحث العلمي في كتابة المقالات ونشرها، وإنجاز المطبوعات وتأليف الكتب، والمشاركة في التظاهرات العلمية من أيام دراسية وملتقيات ومؤتمرات وطنية ودولية، وإنجاز مشاريع البحث المبرمجة من طرف الجهة الوصية، والابتكار والاختراع.
أولاً: تعريف البحث العلمي:
1- هو نظام سلوكي إجرائي واع يحدث بعمليات تخطيطية وتنفيذية متنوعة للحصول على النتائج المقصودة وهو كنظام سلوكي يتكون من العناصر التالية:
أ- المدخلات: أهمها الباحث ومعرفته المتخصصة بالبحث العلمي، المشكلة والشعور بها واختيارها للبحث ثم غرض أو هدف البحث، والدراسات والأبحاث السابقة،وفرضيات وافتراضات حل المشكلة.
ب- العمليات: تتكون من منهجية بحث المشكلة، وطرق وتقنيات اختيار الفرضيات المطروحة حول البحث.
ج- المخرجات: تتكون من نتائج البحث العلمي ونتائج القياسات والتجارب والاختبارات الموضحة والمبينة في جداول وأشكال وخطوط بيانية، والاستنتاجات والتوصيات المتوصل إليها.
د- الضوابط التقييمية: وتشمل تقييم موضوع البحث، وتتضمن نقاط التقييم العناصر الثلاث المدخلات و العمليات والمخرجات، قبل اعتماد نتائج البحث وتعميمها.
2 – نشاط منظم يقوم على ملاحظة مقصودة.
3- يهدف إلى حل مشكلة قائمة أو متوقعة، أو التعرف إلى حقيقة علمية.
4 – يقوم به باحث متخصص في الجانب المعرفي والمنهجي.
5- له خصائص ومواصفات محددة.
نستنتج من تعريف البحث العلمي، أنه عملية تقصّي للحقائق، تهدف إلى جمع البيانات والمعطيات والإثباتات حول الظاهرة المبحوثة باستخدام المنهج العلمي وشروطه وقواعده وأدواته وأساليبه، وتحليلها وإصدار الأحكام والتفسيرات بشأنها، ووضع الاقتراحات لحلها، ووضع التوصيات والإجراءات المناسبة لعلاج المشكلة.
والبحث العلمي ليس عمل روتيني ولا ترف فكري بل بحث عن الحقيقة، وطريقة علمية لتوفير المعلومات عن الفرد والمجتمع والاقتصاد والسياسة وعن مختلف الظواهر المحيطة بنا وعن البيئة التي نعيش فيها، والبحث وسيلة التنمية والتقدم والرقي في مختلف المجالات.
ثانياً: أنواع البحوث:
تقسم البحوث العلمية عدة تقسيمات، منها التقسيم حسب طبيعة البحوث، وحسب المناهج المستخدمة كما يلي:
1– التقسيم حسب طبيعة البحوث:
– بحوث أساسية أو نظرية: هي أنواع النشاط العلمي الذي يكون الغرض الأساسي المباشر منه هو التوصل إلى حقائق وقوانين علمية محققة، كما يؤسس للبحوث التطبيقية المستقبلية من ناحية ثانية، وأيضاً له بعد إنساني من جهة وبعد تخطيطي ينظر إلى المستقبل ويستعد له من جهة أخرى.
– بحوث تطبيقية: تشير إلى أنواع النشاط العلمي الذي يكون الغرض الأساسي والمباشر منه هو تطبيق المعرفة العلمية المتوفرة أو التوصل إلى معرفة لها قيمتها وفائدتها العلمية في حل بعض المشكلات الملحّة، ويتولى القيام به مؤسسات البحث والتطوير في القطاعين العام والخاص، ويمكن أن يوجد في الجامعات بعض من أوجه البحوث التطبيقية.
– بحوث التطوير: وتهدف إلى ابتكار أو تطوير أو نقل التكنولوجيا المعاصرة وتطويعها لصالح البلد وتطوير تقنيات محلية تناسبه.
2- التقسيم حسب المناهج والأساليب المستخدمة:
– بحوث وصفية: تهدف إلى وصف ظواهر أو أحداث أو أشياء معينة وجمع الحقائق والمعلومات عنها ووصف الظواهر الخاصة بها وتقرير حالتها كما توجد في الواقع. وتشمل البحوث الوصفية: الدراسات المسحية- دراسات الحالة– دراسات النمو (التطورية).
– بحوث تاريخية: يركز البحث عادة على التغير والنمو والتطور في الأفكار والاتجاهات والممارسات سواء لدى الأفراد أو الجماعات أو المؤسسات الاجتماعية المختلفة.
– بحوث تجريبية: تبحث المشكلات والظواهر على أساس من المنهج التجريبي القائم على الملاحظة وفرض الفروض والتجربة الدقيقة المضبوطة، وتعتبر التجربة العلمية مصدراً رئيساً للوصول إلى النتائج أو الحلول للمشكلات التي يدرسها البحث
العلمي، ويندرج ضمن هذا النوع من البحوث التجربة المعملية والتجربة الميدانية، كما يمكن تصنيف البحوث التي تتصل بالعلاقات الاجتماعية إلى:
– الدراسات الاستطلاعية (الكشفية أو الصياغية): يهدف إلى التعرف على المشكلة، وهذا النوع من الدراسة يقوم به الباحث عامة عندما يكون ميدان البحث جديداً، أو أن مستوى المعلومات عن البحث قليل.
– الدراسات الوصفية والتشخيصية: يقوم به الباحث لتحديد سمات وخصائص ظاهرة معينة تحديد كيفياً أو كمياً.
– الدراسات التجريبية: حيث يقوم الباحث باختبار صحة الفروض العلمية عن طريق التجربة.
وتجدر الإشارة هنا إلى أن معظم البحوث المنتشرة في الجامعات ومراكز البحث العربية هي البحوث الوصفية المسحية التي تكتفي بجمع المعطيات وتحليلها وتفسيرها ووضع بعض الاقتراحات والتوصيات، بينما الدراسات التجريبية قليلة ومنحصرة في حالات معينة، أما البحوث النظرية الأساسية والبحوث التطبيقية والتطويرية فهي قليلة، ولا تلقى التشجيع لانجازها واستغلال نتائجها.
ثالثاً: مشكلات البحث العلمي في الوطن العربي:
البحث العلمي في الوطن العربي عامة يواجه عدة صعوبات ومشاكل وعقبات تحول دون تحقيق الأهداف المرجوة، من أبرزها:
1- غياب ثقافة أهمية البحث العلمي والاكتشافات العلمية والرغبة في الإبداع والاختراع في الوعي داخل المجتمع ولدى الإدارات العربية، حيث يراه البعض ترفاً فكرياً وعلمياً، وليس هناك داعٍ لإضاعة المال والوقت على البحوث العلمية، إلى جانب السخرية من جهود المشتغلين في هذا المجال وعدم إعطائهم المكانة اللائقة
2- نقص التمويل: هناك نقص في تمويل البحث العلمي، وعدم تخصيص الميزانيات الكافية لإجراءالبحوث بالطرق المناسبة.
3- الفساد الإداري: تفشي ظاهرة الفساد الإداري في كثير من القطاعات الرسمية التي لديها ميزانيات للبحوث.
4 – صعوبة الحصول على المعلومات وسرية الأرقام وعدم تزويد الباحث بالأرقام والإحصائيات الرسمية وإحاطتها بالسرية.
5- الصعوبات الميدانية: وجود صعوبات ميدانية تواجه عملية جمع البيانات، وعدم تسهيل مهمة الباحث والريبة فيه وبأهدافه.
6- نقص المصادر العلمية: نقص المصادر العلمية الكتب والمراجع والمقلات العلمية، وعدم قدرة البعض على الإفادة من مصادر المعلومات المتاحة خاصة المصادر الإلكترونية.
7- عدم جدية البحوث ومعظم البحوث تتم بهدف الترقية العلمية وعدم ملامسة البحوث للقضايا الجدية.
8- بحوث الرفوف: معظم البحوث لا يتم الإفادة منها مما يعني الجهد الذي بذل في البحث والدراسة.
9- إحباطات الباحث نظراً لحالة الفقر العامة في أغلب المجتمعات العربية، فالفقر بطبيعته التي تجبر الإنسان على التفكير بلقمة العيش فقط، فهي تحصره في ضيق الأفق والتقليل من مساحات الإبداع والحد من استثمارالقدرات العقلية.
11- سيطرة النزعة الفردية على المجال البحثي، إضافة إلى عدم اهتمام الكثير من مؤسسات التعليم العالي بفكرة البحث الجماعي الذي يشارك فيه فريق متكامل من الباحثين وعدم وجود تعاون كاف بين الأكاديميين والممارسين، إضافة إلى غياب لغة التفاهم المشترك بين الجانبين، إذ نادراً ما تنفق إحدى الوزارات أو المؤسسات أو الشركات على بحوث تطبيقية، أو تستعين أو تسترشد بنتائجها وتوصياتها المطروحة.
12- ضعف البنية التحتية الوطنية السليمة لمنظومة البحث العلمي في الوطن العربي وغياب الإطار المؤسسي الذي يملك صلاحيات ومسؤوليات التخطيط والإشراف والتمويل والتنسيق بين مختلف مراكز البحث.
Discussion about this post