أعطى انتعاش قطاع العقارات في دبي الحكومة والمطورين جرعة تفاؤل لتنفيذ خطط طموحة ظلت حبيسة الأزمات لسنوات، ويجسدها مشروع طموح عملاق عبارة عن “مستعمرة قمرية” يتوقع خبراء أن يفتح الأبواب أمام آفاق أوسع لنمو اقتصاد الإمارة.
دبي – تتطلع شركات التطوير العقاري في دبي إلى إعادة إحياء مشاريع ضخمة متوقفة منذ سنوات مدفوعة بطفرة السوق، التي حفزتها العديد من العوامل، لعل أبرزها تأثيرات الحرب في شرق أوروبا.
وتسببت موجة الوافدين الجدد إلى الإمارة وخاصة الأثرياء في جعل القطاع يتلمس طريق النمو بوتيرة أسرع من المتوقع بعدما عانى من مشكلات وخاصة عقب الأزمة المالية العالمية قبل 14 عاما.
وتشمل تلك المشاريع جزيرة نخلة جبل علي التي صنعت في دبي، وأبراج لؤلؤة دبي، وهي مشروع تأخر طويلا عند مدخل جزيرة أخرى شهيرة مستصلحة، وهي نخلة جميرا.
لكن ثمة مشروع عقاري آخر مقترح بقيمة 5 مليارات دولار يهدف إلى الارتقاء بدبي المرصعة بناطحات السحاب إلى آفاق جديدة من خلال إحضار رمز للسماء إلى الأرض.
مايكل هندرسون: رؤية مثل هذا المشروع العملاق لن تكون بعيدة المنال
ويطمح رجل الأعمال الكندي مايكل هندرسون المؤسس المشارك لشركة منتجعات مون وورلد ريزورتس الكندية في بناء نموذج محاك للقمر بارتفاع 274 مترا، فوق مبنى بطول 30 مترا بدبي التي تعد موطنا لأطول مبنى في العالم وعجائب معمارية أخرى.
وقد يبدو مشروع هندرسون، الملقب بـ”القمر” من خارج هذا العالم ، ولكن يمكن أن يتناسب بسهولة مع المدينة المستقبلية، التي تسعى حكومة دبي إلى تأسيسها.
وتتمتع الإمارة بالفعل بسوق عقاري محموم يغذيه الأثرياء الذين فروا من القيود المفروضة في بلدانهم الأصلية أثناء الوباء، والروس الذين يتلمسون أسواقا بديلة هربا من تداعيات العقوبات الغربية على موسكو بسبب الحرب في أوكرانيا.
ورغم أن دورة الازدهار والكساد السابقة شهدت انهيار العديد من المشاريع الكبرى في السابق، فإن هندرسون وآخرين يقترحون أن رؤيته، التي تمولها موون وورلد ريزورتس، قد لا تكون بعيدة المنال.
وقال لوكالة أسوشيتد برس “لدينا أكبر علامة تجارية” في العالم، في إشارة إلى أن القمر نفسه هو شعار الشركة. وأضاف “ثمانية مليارات شخص يعرفون علامتنا التجارية، ولم نبدأ بعد”.
ويتضمن المشروع منتجعا داخل الهيكل الكروي مع فندق يضم 4 آلاف غرفة وساحة تستوعب 10 آلاف شخص و”مستعمرة قمرية” من شأنها أن تمنح الضيوف إحساسا بالسير على القمر.
ويفترض أن يتم تشييد القمر في المشروع الذي ناقشه هندرسون خلال سوق السفر العربي في وقت سابق من مايو الجاري بدبي على مبنى دائري يشبه قاعدة التمثال تحته ويتوهج في الليل.
وبالفعل، لعبت العروض الفنية التي تم إنشاؤها بتكليف من موون وورلد ريزورتس موقع القمر الخاص به بما في ذلك برج خليفة، أطول مبنى في العالم على ارتفاع 828 مترا.
واقترح آخرون إقامته في منطقة لؤلؤة دبي، وهو مشروع ناطحة سحاب معلق، منذ عام 2009، ويجري هدمه الآن، بالقرب من نخلة الجميرة، ومشروع نخلة جبل علي شقيقه غير المكتمل.
لويس ألسوب: دبي في عالم مختلف عن 2009 وكل عقار يباع فورا
وتمثل اللؤلؤة ونخلة جبل علي من المشاريع العملاقة التي لم تكتمل بسبب الأزمة المالية لعام 2009 التي هزت الإمارة وأجبرت حكومة أبوظبي على تزويد دبي ببرنامج إنقاذ بقيمة 20 مليار دولار.
والآن بعد ما يقرب من 15 عاما، تحولت دبي تحولا كبيرا، وارتفعت الإيجارات في المتوسط بنسبة 26.9 في المئة على أساس سنوي، حتى مع الحماية من التلاعب في الأسعار.
وشهدت سوق الإمارة أكثر من 86.8 ألف صفقة من المبيعات السكنية العام الماضي، متجاوزة الرقم القياسي السابق البالغ نحو 80.8 ألف صفقة في عام 2009.
ويقول لويس ألسوب الرئيس التنفيذي لوكالة العقارات البارزة في دبي ألسوب آند ألسوب إن الإمارة في عالم مختلف تماما مقارنة بعام 2009 والمنتجات التي تم إطلاقها “تباع على الفور”.
وأدى ارتفاع معدلات التضخم وارتفاع أسعار الفائدة في جميع أنحاء العالم إلى مخاوف من حدوث ركود عالمي، لكن الإمارات لديها سياسة نقدية تتبعها لمواجهة الصدمات.
ولأن الدرهم الإماراتي مرتبطة بالدولار، فإن ذلك يعني أن البلاد اتبعت خطوات ثابتة في الزيادات التي فرضها مجلس الاحتياطي الفيدرالي الأميركي (البنك المركزي).
وقال فيصل دوراني رئيس أبحاث الشرق الأوسط في وكالة نايت فرانك العقارية إن “السيولة لا تزال هي السائدة بالنسبة إلى المشترين في دبي، حيث تم دفع أربعة أخماس المعاملات بالعملة دون تمويل في عام 2022”.
وأضاف “يمكنك أن تجادل حول الزيادات في الفائدة التي تحدث، إلى حد ما، إلا أن السوق محمية قليلاً من ذلك بالنظر إلى حقيقة أن الكثير من نشاط المعاملات كان مدفوعًا بالنقود”.
وثمة مشاريع كبرى أخرى تمضي قدما، مثل شركة نخيل، المطور العقاري المملوك لحكومة دبي التي تقف وراء مشروع نخلة جبل علي.
فيصل دوراني: السيولة لا تزال هي السائدة بالنسبة إلى المشترين في دبي
كما كشفت الشركة المطورة النقاب عن خطة بمليارات الدولارات لبناء 80 منتجعا وفندقا في جزر دبي الاصطناعية رغم أنها لا تزال فارغة إلى حد كبير وتحت مسار رحلة مطار دبي الدولي القريب، وهو أكثر المطارات ازدحاما.
ويتضمن مشروع القمر أيضا مساحة لكازينو محتمل أيضا. ونشاط المقامرة ما زال غير قانوني في الإمارات، ومع ذلك، فإن شركات كبرى مثل كايزر بالاس متواجدة بالفعل أو تأمل في البناء في دبي.
كما تخطط شركة منتجعات وين ريزورتس لبناء منتجع بكلفة 3.9 مليون دولار في إمارة رأس الخيمة شمال دبي على أن يبدأ نشاط المقامرة، عام 2027، ما يعني احتمال إحداث تغيير في القوانين على الأرجح.
ويذهب تصور هندرسون إلى أبعد من المشاريع الأخرى على شكل الكرة الأرضية، مثل أم.أس.جي سفير، وهي قبة كروية مخصصة للترفيه والحفلات الموسيقية تبلغ تكلفة تشييدها 2.3 مليار دولار مغطاة بشاشات ليد، والتي من المقرر افتتاحها في لاس فيغاس خلال وقت لاحق من هذا العام.
وسيكون هيكل “قمر دبي” كما يتصوره هندرسون كرويا بالكامل، ويمكن إضاءته كقمر كامل أو نصف قمر أو هلال.
أما سطوعه فقد لا يتوافق بشكل جيد مع جيرانه المحتملين، إذ تم إيقاف خطط لبناء قبة أم.أس.جي سفير أخرى في لندن، بعدما احتج السكان على التلوث الضوئي الكبير والاضطراب الذي قد يسببه المبنى. وأقر هندرسون بذلك، وقال إنه “من الصعب إرضاء الجميع، قد يحتاج المرء إلى ستائر داكنة”.
نقلا عن صحيفة ” العرب “
Discussion about this post