الإصلاح الإداري والتنظير الحكومي المزمن.!

بقلم: يونس خلف

بلا مقدمات نسأل مباشرة.. ماذا أنجزت الجهات صاحبة الشأن؟ وما هي مؤشرات الإنجاز فيما يتعلق بالمشروع الوطني للإصلاح الإداري الذي أطلقه السيد الرئيس بشار الأسد في اجتماعه مع الحكومة عام 2017؟ ولاسيما التأكيد على وجود مركز خدمة الكوادر البشرية مهمته وضع خارطة للموارد البشرية الموجودة بشكل تفصيلي ودقيق وخارطة للشواغر وربط الخارطتين مع بعضهما، من خلال التوصيف الوظيفي، وبالتالي جعل سياسة التوظيف الحكومي واضحة وممنهجة ومعتمدة على الخارطتين معاً لملء الشواغر المتوافرة بالكفاءات والمهارات المناسبة.‏
والسؤال الآخر: ما هي المؤشرات التي تؤكد حقيقة أن المواطن هو البوصلة فعلاً للمسؤول.؟
نأخذ مثالاً يتعلق باللقاءات مع المواطنين وكيف يتم التواصل معهم من قبل المسؤولين؛ فرغم كل الملاحظات على اللقاءات اليومية أو الأسبوعية بين المسؤولين والمواطنين إلا أنها تبقى الأسلوب الوحيد الذي يجسد حالياً عملية التواصل والتفاعل بين المواطن والمسؤول.
وإذا كان التواصل الدائم والتفاعل البناء مع المواطنين والاستماع لطلباتهم أمراً مطلوباً ومن الضرورات الملحة؛ لكن أن يصبح الهدف من هذه اللقاءات والطلبات الحصول على وظيفة لمدة ثلاثة أشهر فإن ذلك لا يقدم أي مؤشر على أن آلية عمل المؤسسات الحكومية تسير في الاتجاه الصحيح.
فالأمر هنا يمس المصداقية ويتعلق بالإمكانات المتوافرة والقدرة على تلبية هذه الطلبات، وصولاً إلى غياب الشفافية في التعامل مع المواطن والتقليل من قيمة وفاعلية وهيبة التوقيع الرسمي للمسؤول، فثمة ظاهرة يتذمر منها المواطن عندما تكون موافقة المسؤول على طلب التوظيف، مشروطة بتوافر الاعتماد والشاغر أو لبيان الرأي والإعادة، وحتى إن تم توقيع الموافقة من الوزير أو المحافظ على التوظيف يتم الرفض من بعض الجهات أو المؤسسات؛ إما لأنه لا يوجد اعتماد أو لا يتوافر الشاغر.
لذلك نقول: إن فتح أبواب المسؤولين لمجرد أن يعيش المواطن على وهم الحصول على وظيفة، وفي النهاية تصطدم هذه الموافقات بعدم توافر الاعتماد أو الشاغر، فإن ذلك أسوأ بكثير حتى من عدم استقبال المواطن، لأن الأمر يتصل بهيبة التوقيع ومصداقية التعامل، ولأن التواصل والتفاعل الشكلي مع المواطن ليس الحل الأمثل، وإنما هو بآلية عمل صحيحة تستند إلى المصداقية وتعزيز الثقة بالمسؤول وتوقيعه كي لا يصاب المواطن باليأس، وتهتز ثقته بمصداقية المسؤول الذي هو في نهاية الأمر يمثل الدولة.‏
الحل الاستراتيجي هو أن تتحول الأقوال إلى أفعال، فمعظم الوزارات والمؤسسات بدأت بحملات إعلامية وندوات حول مشروع الإصلاح الإداري، إلا أن المواطن لم يلمس لمس اليد حتى الآن نتائج وآثار كل الكلام الذي سمعناه.
فهل الأفكار النظرية تكفي وحدها؟