بقلم: سامر طلاس
الإصلاح الإداري ، التنمية الإدارية، التخطيط الإداري كلها مصطلحات ومرادفات تستخدم في دراسات الإدارة العامة، من أجل حل المشكلات والرفع من الكفاءة وتحسين التدبير وتحقيق الأهداف بما يتلاءم مع السياسة العامة للدولة.
ويرتبط الإصلاح الإداري بتطوير الجهاز الإداري خاصة إذا كان الإصلاح مستمراً ومواكباً للتطورات والمستجدات، وكلمة إصلاح تعني أن هناك وضع خاطئ يستدعي إصلاحه، من خلال إحداث تغيير جذري يؤدي لإدخال تحسينات على مستوى التدبير والتسيير.
وبذلك فالإصلاح الإداري يشمل كافة الإدارات العمومية المركزية وغير المركزية، والجماعات المحلية والمؤسسات العمومية، وذلك من أجل رفع مستوى التدبير.
ولتحقيق هذه الغاية يجب أن يعمل الإصلاح على مواصلة الجهد التغييري لوضع مختل قائم وتعويضه بآخر محله، ينهض بالقدرة الفعلية للإدارة من أجل المساهمة في تحسين أداء الإدارة وبالتالي تدبير الشأن العمومي.
إن الإصلاح الإداري في الدول النامية يعبر عن ظاهرة حتمية لأن الجهاز الإداري بالأساس، عاجز عن القيام بدوره ووظيفته والأهداف التنموية المتوخاة منه، لذلك فالإصلاح الإداري في الدول النامية له دور سد الفجوة بين آمال السياسة العامة الوطنية وبين الإمكانيات العملية والعلمية المتوفرة.
ويعتبر الإصلاح الشرط الأساسي لبلوغ التنمية خاصة في الدول النامية، كون الجهاز الإداري القائم بهذه الدول يتسم بالضعف وانخفاض الكفاءة مقارنة مع طموح هذه الدول.
فعملية الإصلاح تعتبر بمثابة حتمية من حتميات إدارة التنمية، كون الجهاز الإداري القائم أبان عن عجزه عن تحقيق السياسة العامة بكفاءة وبالتالي استدعى الشروع في مشروع إصلاحي.
وعموماً فإن القيام بتطوير الإدارة وتنميتها بما يتلاءم والظروف الداخلية من جهة والمستجدات الدولية من جهة أخرى، يعتبر مؤشراً للتنمية، خاصة وأن التجارب أثبتت أن الإدارة هي محرك التنمية فيها، فلا يمكن التخطيط للتنمية الاقتصادية ورسم الخطط الإستراتيجية للتنمية بدون وجود جهاز إداري كفء يحسن التدبير والتخطيط، فمنذ بداية القرن 20 بدأ الإحساس بضرورة الإصلاح الإداري والرفع من فاعليتها ومردوديتها لما لها –الإدارة– من ارتباط وثيق بالاقتصاد الاجتماعي والتنموي، لذلك فإن فعالية الإدارة لا تتوقف عند نوعية وأعداد العاملين بها، بل هي ترتبط بالأساس بمدى ترشيد وعقلنة الهياكل الإدارية ووسيلة للتسيير والتدبير العمومي الذي تنهجه الحكومات، ليس فقط على المستوى الداخلي بل كذلك على المستوى الخارجي، أو في إطار الانخراط في النظام العالمي – العولمة – والتي بلا شك لها انعكاس واسع على الدولة وأجهزتها الإدارية .
ويمكن القول بأن دوافع الإصلاح تكون داخلية أو خارجية أي بفعل دوافع نابعة من الإدارة نفسها، أو لدوافع دولية مرتبطة أساساً بالعولمة أو بمؤسسات دولية .
إن أول داعٍ ومبرر للإصلاح الإداري يرتبط بظهور عوارض واختلالات تؤدي إلى خلق الإحساس بالحاجة إلى الإصلاح، وبذلك فهو إحساس اجتماعي قبل أن يكون إحساساً إدارياً، ففي مجتمع يتصف بالتبلد الفكري فإن أفراده لا يشعرون بالأعراض المرضية التي تستدعي التدخل لعلاجها، وفي هذه الحالة قد تظهر مؤثرات خارجية تتدخل لتحرك الإحساس بهذه العوارض بل والمبادرة في تقديم علاجات جاهزة.
إن الإصلاح هو إحداث تغيرات مستمرة في هيكل تنظيم الدولة، والإدارة بذلك جزء من الدولة، وإصلاح الإدارة جزء من عمليات التغيير التي تشمل كافة هياكل التنظيم إلى جانب مجالات أخرى يشملها التغيير كالاقتصادي، الاجتماعي ووالفكري، فالإصلاح الإداري يجب أن ينبني على مبدأ التجربة والخطأ وتغيير النظرة بين الصواب والخطأ نحو التنظيم الإداري من فترة لأخرى.
والإدارة بدورها، معرضة لنجاح بعض التجارب وفشل أخرى وتبني بعض الأساليب الحديثة مقابل تقادم أخرى، واعتماد ممارسة بعض الأساليب وتغييرها لعدم مسايرتها للطموحات والاستطلاعات .
وختاماً.. إن مبررات ودوافع الإصلاح الإداري ليست مجرد مسايرة للتحديث بل أصبحت ضرورة قصوى، قد تكون لها نتائج عكسية وسلبية إذا لم يتم اللجوء للإصلاح كلما أبانت الأساليب المتبعة عن قصورها.
Discussion about this post