بقلم: محمد النعسان
إن تناول أهمية وأثر مدارس الإدارة في أساليب التطوير الإداري له أهمية خاصة في مجال ذلك التطوير من خلال مجموعاته الفكرية وهي:
- مجموعة الأفكار العلمية التي تقول إن المبادئ تظهر في نتائجها العلمية، وإن تلك النتائج تتحقق فقط بواسطة اتخاذ قرارات عملية وصائبة، لذلك فإن الفعالية الأساسية للمدير هي التعامل مع الواقع العام باتخاذ القرارات، فالمبادئ تصبح لا قيمة لها إذا لم تثبت أمام الواقع العملي وتمتحن خلاله، إضافة إلى التقييم الجيد والصائب القائم على أساس الخبرة الجيدة بالنسبة لذلك الأمر، من خلال التدريس باستخدام أساليب ومنهجيات تدريبية بإمكانها نقل الواقع إلى المكاتب والورش بواسطة الحالات الدراسية وغيرها.
- مجموعة الأفكار السلوكية وهي التي تقول بأنه ما دامت الإدارة تعني عمليات الإنجاز بواسطة الآخرين ومع الآخرين، لذا فإنها في الحقيقة تعني (إدارة الناس) أي العاملين، ولأجل تحقيق الإدارة الفعلية والفعالة للعاملين من خلال زجهم في العملية الإنتاجية، فإنه يستدعي ذلك وجود عدد من المهارات الإنسانية لدى المدراء لتلك المهارات، والتي يمكن صقلها وتطويرها عن طريق الملاحظة والممارسة السلوك الإنساني مثل علم النفس وعلم الاجتماع والانثربولوجي لغرض تحديد دوافع العمل لدى الإنسان ضمن العمل في جماعات كبيرة كانت أم صغيرة.
- مجموعة الأفكار الرياضية وهي تمثل مجموعة من الاتجاهات الحديثة وهي في حقيقتها أحدث أفكار الإدارة، حيث تفترض أن الواجب الأساسي للمديرين هو اتخاذ القرارات الجريئة، ويجب أن تكون متقنة ومنطقية ويمكن ترجمتها إلى عمليات رياضية بسيطة أو معقدة، بحيث تصبح ضمن نماذج تعالج بمساعدة بعض الأجهزة الحسابية، فإما أن تكون عمليات صحيحة أو تكون بحاجة إلى تصويب!.
من هنا يتضح أن المهارة الإدارية المطلوب توافرها عند المدير هي القدرة على اختيار أسلوب جديد ومتميز لتطوير عمله الإداري، ضمن طرق وأفكار ورؤى تنفذ في مدرسة الإدارة على أرض الواقع، تساهم في آلية العمل في العمل وإيصاله لنتائج مميزة تساعد على التطوير والاستمرار والإبداع.
إن مفهوم الإصلاح الإداري في الدول النامية قد ارتبط إلى حد كبير بمشكلات التنمية، لأن الأجهزة الإدارية متخلفة وغير قادرة على تنفيذ خطط التنمية القومية، بوصفها إدارة تنمية، ونتيجة لهذا التخلف فلا مناص من إصلاحها، حتى تكون قادرة على تحقيق التنمية القومية بكفاءة وفاعلية.
وقد رأى البعض من الباحثين أن حتمية الإصلاح الإداري في الدول النامية أهم من حتمية قيام الإدارة العامة بدورها في التنمية، لأن الإصلاح في الدول النامية لا يعني مجرد إجراء تغييرات وتصحيح في النظام الإداري، بل يعني في الوقت نفسه إحداث تغييرات في الأنظمة الاجتماعية والاقتصادية تواكب التغييرات الإدارية، وقد ارتأى البعض الآخر من الإداريين على ان عملية الإصلاح تمثل تغيير أصيل في العمل وفي التنظيم، وفي الأشخاص وفي نظرة الناس إلى كل هذه الأمور، وهو في إطار هذا المفهوم ليس مجرد تعديل بسيط أو مواءمة سطحية، وإنما تحول كامل في الخطط وتغيير جوهري في الروح والفكر وأنماط السلوك، وفي التنظيم وعمل العنصر البشري.
لكن التطور تعثر في الكثير من الدول النامية، بسبب سيطرة الجهاز الإداري البيروقراطي على معظم المؤسسات حتى أصبح قوة من الصعب السيطرة عليها، مما أدى إلى عدم المرونة وتضارب الهياكل القانونية والتركيز على المركزية، مما قاد إلى عدم قدرة المرؤوسين على تحمل المسؤولية وتركيز المهام والقرارات في أيدي المديرين، مما ولد موجات مرتفعة من عدم الرضا بين متلقي الخدمة من المواطنين، وعملية التطوير تسمى بعملية الإصلاح الإداري، والتي أصبحت من إحدى حتميات التنمية في الدول النامية، فهي نشاط تلقائي مستمر للإدارة العامة.
Discussion about this post