بقلم: سامر طلاس
إن التنمية الإجتماعية – الإقتصادية عملية متعددة الأبعاد، تسهم فى تحسين ظروف المعيشة والقدرة على تلبية الإحتياجات الأساسية مثل الصحة والتعليم والغذاء والحد من الفقر والتفاوت، والهدف طويل الأجل لعملية إعادة الإعمار والتنمية فى فترة ما بعد النزاعات هو وضع الدولة المتضررة على درب التنمية الإجتماعية – الإقتصادية المستدامة وتحسين مؤشرات التنمية البشرية. أما عن الهدف المباشر، فهو التعجيل بالإنتعاش والتضامن الإجتماعى و الاقتصادى من خلال ” إستنهاض ” سبل العيش وتوفير الظروف التى تمكن من إعادة الإعمار والتنمية وتوزيع عائدات السلام، وإن المفتاح للمسعى إلى إعادة الإعمار والتنمية الإجتماعية – الإقتصادية هو التوازن بين النمو وتقديم السلع/الخدمات الإجتماعية، وتنمية قاعدة تكنولوجية ملائمة للإنتعاش المستدام وإعادةالإعمار فى الدولة الخارجة من النزاع.
ولتطوير هذا العنصر، فإنه يتعين على الدول الخارجة من الحروب والسعى لتحقيق الأهداف التالية:
1- معالجة تهديدات سبل العيش وتوليد الدخل بما في ذلك البطالة وعدم إتاحة الوصول إلى القروض، وإعادة الإنتاج الزراعي إلى وضعه السليم ومساندته لضمان الأمن الغذائي، وتناول القضايا المتصلة بالملكية، وإتاحة الوصول إلى مثل هذه الأصول الحيوية واستخدامها، وتعزيز إعادة إنشاء السوق والتجارة على الصعد المحلية والإقليمية والدولية.
2- صياغة سياسات تتفادى التفاوت الإجتماعي وتستهدف الجماعات المستضعفة خلال مراحل التحول وإعادة الإعمار والتنمية، وإعادة بناء رأس المال الإجتماعى، حيث تستهدف الشباب لإعادة تأهيلهم وتوفير فرص العمل والأنشطة المولدة للدخل بوسائل تعزز قدراتهم للإشتراك فى إعادة إعمار بلدهم، وتضع برامج إجتماعية وإقتصادية تستهدف السكان المعوقين ولا سيما ضحايا الحرب، وإعادة التأهيل وخلق فرص العمالة وأنشطة توليد الدخل، وتعزيز السياسات والبرامج اللازمة لحماية البيئة المستدامة، ومعالجة القضايا المتعلقة بالمستوى الكلي بما فى ذلك الإستثمار والتجارة والتضخم والقضايا المالية والنقدية، والقيام بعملية بناء المؤسسات لتعزيز الإدارة الإقتصادية السليمة.
3- بناء قدرة الموارد البشرية على الصعيدين المحلي والوطني، والاستفادة من كل الطاقات الداخلية والخارجية وتهيئة بيئة آمنة للمستثمرين العرب والأجانب .
4- بناء القدرة على جمع المعلومات وتحليلها لمساندة التخطيط، وتعزيز القدرة على المساهمة فى العمليات الدولية مثل مفاوضات منظمة التجارة العالمية، وتشجيع الشراكة مع المنظمات المحلية والدولية الضالعة فى أنشطة التنمية الاجتماعية – الاقتصادية، لتعزيز القدرة. الإسراع بالتدريب وتوليد قدرات محلية فى جميع جوانب التنمية.
5- إقامة قاعدة تكنولوجية لمساندة إعادة الإعمار والتنمية من خلال وضع استراتيجيات لمساندة التنمية ونقل التكنولوجيا بما في ذلك أبعادها البشرية والفنية والمؤسساتية والمعلوماتية، والقيام بتنمية نقل التكنولوجيا والمهارات التكنولوجية بطريقة ملائمة ومحفزة ومستدامة، وتطوير تكنولوجيات ملائمة لإعادة تأهيل وتنمية القطاعات الإجتماعية الرئيسية مثل الإسكان والطاقة والماء والأعمال الصحية الوقائية والبنية التحتية المادية، وتنمية البنية التحتية المادية بما فى ذلك النقل والمواصلات.
6- تحديد أولويات إعادة الإعمار وإعادة التأهيل للبنية التحتية المادية التى دمرت خلال النزاع، والإشتراك فى تخطيط وتنفيذ تنمية البنية التحتية تماشياً مع الاحتياجات طويلة الأجل للدولة.
7- تحديد مقاييس ومعايير أنشطة إعادة الإعمار والتنمية الاجتماعية والاقتصادية، وهي كمايلي:
أ – مقدار تحسن مؤشرات التنمية البشرية وتقدمها نحو تحقيق أهداف التنمية فى الألفية الثالثة وغيرها من المؤشرات الأخرى المتصلة بالتنمية الاجتماعية والاقتصادية.
ب- مقدار تحسن النمو الاقتصادي المتواصل، في بيئة اجتماعية اقتصادية مستقرة، بما فى ذلك الاستقرار الاقتصادي الكلي والنمو الاقتصادي الجزئي وتخفيض معدل البطالة ومعدل التضخم.
ج – مقدار تحسن وصول السكان إلى الخدمات الاجتماعية مثل الإسكان والصحة والمياه والتعليم والعمالة.
د – مقدار تحسن الانضباط المالي وانضباط الميزانية فى إدارة الموارد العامة.
في النهاية يبدو أن إعادة الإعمار هي المعركة القادمة التي ينتظرها السوريون بفارغ الصبر بعد أكثر من سبع سنوات من الحرب الظالمة، بكل مآسيها وأزماتها التي أثقلت كواهلهم، وبات لزاماً على الجميع المساهمة في إنجاح هذه العملية بكل أبعادها الاقتصادية والثقافية والاجتماعية.
Discussion about this post