العالم الاقتصادي- ضياء السعيد- هيثم العلي
ملامح الأمن والأمان والاستقرار باتت واضحة في محافظة درعا، ويبدو ذلك جلياً من خلال عودة الحياة الطبيعية إلى أحيائها وشوارعها بعد تطهيرها من رجس الإرهاب، فهناك اهتمام كبير لإعادة القطاعات الحيوية والخدمات ومؤسسات الدولة إلى سابق عهدها من العمل والنشاط في المدن والقرى والبلدات كافة، وهذا له انعكاس إيجابي في دوران العملية الاقتصادية والصناعية والحياتية.
نلمس في محافظة درعا في كل يوم حالة من الارتياح الشعبي المتزايد، بعد الإجراءات والجهود الرسمية التي شهدتها جميع المناطق لإعادة عجلة الحياة من جديد إليها، في كل القطاعات والمجالات، والبدء بإعادة البناء والإعمار وأعمال الترميم والتأهيل والصيانة، بعد عودة الأمان والاستقرار مجدداً، سيما وأن هذه المحافظة بما تمتلكه من مقومات تعد سلة الغذاء السورية التي لم يتوقف إنتاجها الزراعي طيلة سنوات الحرب الماضية، رغم كل الصعوبات والعوائق والتحديات.
حول ما تشهده هذه المحافظة من جهود رسمية وشعبية لعودة الحياة الاقتصادية مجدداً التقينا السيد اللواء محمد خالد الهنوس محافظ درعا الذي تحدث لنا بكل شفافية، والتفاصيل في هذا التقرير:
أوضح السيد المحافظ أن هناك جهوداً مبذولة من قبل محافظة درعا والمجتمع المحلي ممثلاً بالوجهاء والحكماء ورجال الدين ورجال الفكر، الذين كانوا يعملون بروح الفريق الواحد ووحدة التفكير من أجل عودة النسيج الاجتماعي الذي تشتهر به محافظة درعا، وقد سقطت المؤامرة الدنيئة التي استهدفت هذا النسيج.
وأضاف الهنوس: الإنتصارات التي تحققت لم تأتِ من فراغ، إنما بجهود مبذولة وبتوجيهات من القيادة السياسية على مراحل متعددة خلال السنوات السبع الماضية، وبجهود كبيرة مكثفة من قبل مؤسسات الدولة في المحافظة، حيث تم تشكيل ثلاث لجان لتقديم الإغاثة والخدمات لقوافل رسمية تذهب لمناطق القرى والبلدات المحررة، ولجنة عامة لمتابعة الخدمات للدوائر الرئيسية، ومنذ البداية الأولى وقبل بدء الأعمال القتالية تم تأمين مركز إقامة مؤقت في بلدة جباب يتسع لـ12 ألف مواطن، وتم تأمين المواطنين للوصول إلى هذه المراكز التي أمنت مكان الإقامة والنقاط الطبية والخدمات الأساسية كافة.
خدمات وبنى تحتية جيدة
وحول الجهود المبذولة في القرى التي تم تحريرها قال المحافظ: بعد إعلان تحرير هذه القرى تم تجهيز قوافل إغاثية تتضمن الطحين والغاز المنزلي والبنزين التي كانت تصل إلى القرى بعد ساعات قليلة من تحريرها، وانتقلنا من العمل الإسعافي إلى التأمين وتجهيز الأفران وتأهيل قطاع الكهرباء ومياه الشرب، ونستطيع القول إنه تم تأمين حاجة قرى حوران بالخدمات والمواد الأساسية، تمهيداً لبدء عجلة الحياة وأعمال الصيانة والتأهيل.
وأضاف المحافظ: كان هناك لجان متابعة ورغم الخسائر والتدمير الممنهج للبنى التحتية وخصوصاً محطات الكهرباء وشبكات المياه من قبل الإرهابيين، لا تزال محافظة درعا تمتلك بنية تحتية جيدة جداً، لاسيما في قطاعات الصحة والكهرباء والمياه.
تأهيل وترميم وصيانة
وحول الجهود المبذولة في إعادة التأهيل والصيانة والبناء والإعمار بعد عودة كامل المحافظة إلى كنف الدولة قال الهنوس: استمرت عملية تأمين القرى والبلدات، وبدأنا في المحافظة بإزالة الأنقاض بالتعاون مع الجهود الشعبية، ثم انتقلنا للمرحلة الثانية هي تأمين الخطة الزراعية فتم إصلاح /40/ بئر مياه بالمحافظة، لتأمين المياه من محطات الأشعري غرب المحافظة، إضافة إلى إرواء مدينة درعا بخط جر /17/ كم كلفتة مليار و/600/ مليون ليرة سورية، من خلال جهد كبير من قبل الدوائر الرسمية.
فتح الطرقات وإعادة عمل المؤسسات
وحول الإجراءات المتبعة من قبل دوائر ومؤسسات المحافظة في الجانب الخدمي قال الهنوس: بدأنا اليوم بتأمين الجانب الخدمي وكانت مديرية الخدمات جاهزة لإزالة السواتر الترابية وخصوصاً على أتستراد درعا- نصيب، وطريق إزرع- بصر الحرير- السويداء، وفتح الطرق المركزية ومنها طريق درعا- اليادودة- المزيريب، لتكون هذه الطرق جاهزة للاستعمال قبل أن يتم تأهيلها بشكل كامل، وتم إحصاء كامل للآبار كافة، والكشف عن السدود في ساحات المحافظة كافة من قبل مديرية الري، وتم إصلاح عدد كبير من الأفران والمراكز الصحية، وكلها تعمل في الوقت الحاضر.
خطط إعادة الإعمار القادمة
وحول الخطط الموضوعة لإعادة تخديم الأرياف المحررة من المحافظة بعد سنوات طويلة من الحرب التي أضرت كثيراً بالمرافق العامة والخاصة قال الهنوس: لا عمل ينجح دون خطة أو أن تخطط له، عقدنا في المحافظة العديد من الاجتماعات مع المديرين ورؤساء البلديات ورؤساء مجالس المدن لتزويدنا بالأماكن التي تحتاج إلى الترميم الإسعافي وإعادة التأهيل، فهناك أفضليات في العمل ووضع خطط لإعادة الوضع إلى ما كان عليه قبل عام 2011, يعني تقييم الأضرار لحالة اسعافية لنستطيع فتح المنشآت بسرعة وإعادة تفعيلها، وعملنا على خطة أخرى لتخفيف الأضرار بشكل عام وكيفية إعادتها للعمل كما كانت سابقاً، الأضرار كبيرة نتحدث اليوم عن حلول إسعافية، يوجد لجنة تعمل على أراضي المحافظة، وستكون هناك أرقام لحجم الأضرار وإيجاد حلول إسعافية سريعة ووضع خطط إعادة التأهيل بشكل كامل, كل مجلس مدينة وبلدة سيعرض خططه وأضراره وحجمها وقيمتها التقديرية، وكلفة حاجته التقديرية من كهرباء ومياه وصرف صحي وما شابه في البلدات، ويأخذ قيمتها التقديرية من الإدارة العامة الموجودة في المحافظة، وهكذا تتشكل صورة واضحة لحجم الأضرار في كل دائرة ومجلس مدينة وبلدة ونقف على حجم الأضرار في المحافظة, القيم عالية جداً، حرب لأكثر من سبع سنوات حرب وتدمير للبنى التحتية، وهي بنى بحاجة إلى إعادة إعمار وترميم يرافقها إعادة الحياة الاقتصادية والبدء بإعادة الإعمار ليس فقط بالبناء بل في الاقتصاد والفكر والإنسان وعلى الأصعدة كافة، وإعادة الحياة كما كانت من جديد.
عودة الأهالي إلى قراهم وبلداتهم
وحول عودة أهالي المحافظة المهجرين داخلياً وخارجياً كخطوة مهمة لتنشيط حركة الحياة وإعادتها إلى سابق عهدها قبل الحرب والجهود المبذولة في هذا الإطار قال السيد المحافظ: محافظة درعا تكتظ بالسكان استناداَ للمساحة, مساحة المحافظة /3730/ كم يعني تعادل 2% من مساحة الجمهورية العربية السورية, عدد سكانها /1/ مليون و/339/ ألف مواطن، تحتوي على /12/ مدينة و /35/ بلدة و /33/ بلدية, بالمجمل هذه القرى والبلدات أغلبها كان خارج السيطرة, وهي اليوم عادت إلى سيطرة الدولة السورية, هناك كم هائل من المهجرين فمنذ عام 2013 و 2014 شهدت المحافظة موجة هجرة من القرى والبلدات, سابقاً كان لدينا /117/ مركز إيواء مؤقت قبل التحرير و/30/ ألف أسرة مهجرة, قبل عام 2013 كان لدينا /85/ ألف أسرة مهجرة, أي نصف المحافظة، واليوم الرقم عاد إلى /30/ ألف يقطنون في أماكن متعددة أو يقطن المهجر ضيفاً عند أقربائه أو يستأجر مسكناً خاصاً.
وتابع الهنوس قائلاً: نحن اليوم نقوم بتوجيه الدولة في المرحلة الأخيرة من معالجة الأزمة، كل منطقة تتحرر نعمل على إعادة الحياة بشكل فوري إليها, هناك قرى غير صالحة للسكن وأهمها التي كانت تحت سيطرة تنظيم “داعش” في المنطقة الغربية, لذلك لابد من إبقاء مراكز الإيواء مفتوحة, مركز الإيواء الرئيسي الذي تم تأهيله استقبل /12/ ألف خلال التحرير واليوم هو فارغ بشكل كامل ولا يوجد أية عائلة فيه, وهو بانتظار عودة المهجرين الذين كانوا خارج البلد ونحن ننتظر عودتهم من الأردن ومخيم الركبان ومن لبنان، لدينا ما يعادل /50/ ألف مهاجر في دول الخليج، وهناك /150/ ألف مهاجر داخلي بين المحافظات، و/100/ ألف مهاجر في مخيمات الرمثا والركبان بالأردن, تمت إعادة جميع السكان الموجودين في المخيمات، وسنعمل على إعادة كل مواطن إلى قريته وبلدته, وتمت مناقشة وضع المهجرين مع المفوضية الدولية التي كانت موجودة بزيارة للمحافظة، وسنعمل على إعادة السكان إلى قراهم وبلداتهم وإزالة الأنقاض وعودتهم لمنازلهم.
خطوات بعد فتح معبر نصيب الحدودي
وحول الآثار الإيجابية التي يجسدها إعادة فتح معبر نصيب الحدودي على الاقتصاد السوري عموماً وعلى محافظة درعا خصوصاً قال الهنوس: معبر نصيب منفذ دولي ويعد من المعابر البرية الرئيسية للدولة السورية، والدولة السورية دائماً يدها ممدودة لكل الدول العربية، ومع الأسف هذه الدول لم تقدر ذلك، وتعاملت هذه الدول معنا بصفة عدوانية، معبر نصيب منفذ دولي وخط استراتيجي إن كان مع تركيا ولبنان والأردن ودول الخليج بالكامل، وهو ذو مردود اقتصادي للدولة السورية ولجميع هذه الدول، وتم تحريره ونحن موجودون داخل المعبر اليوم، وبعد فتحه هناك ترتيبات لجلب الفائدة للدولة السورية وللدول التي تمر من خلاله، يوجد طاقم وزاري يتابع موضوع المعبر، ونحن نتابع تأهيل المعبر، وهناك جهات تتابع هذا القرار بعد تجهيز الطرقات وبانتظار توجيهات الحكومة لهذا الأمر.
/6450/ منشأة صناعية وحرفية في عام 2011
وحول واقع الصناعة في درعا والأضرار التي لحقت بها ومتطلباتها خلال المرحلة المقبلة، انطلاقاً من الخصوصية الزراعية للمحافظة، يضيف السيد المحافظ: الصناعة في درعا متقدمة جداً ودرعا هي من أهم المحافظات الصناعية في القطر كانت تحتوي على /6450/ منشأة صناعية وحرفية في عام 2011، وهي صناعات مختلفة كيميائية وحرفية وغذائية، كتلة هائلة من الصناعات ترتبط بتوافر مواد أولية من الناحية الزراعية، درعا محافظة زراعية، إضافة لذلك هناك معامل ضخمة ومنشآت تعرضت لتدمير ممنهج منذ عام 2011، منها معمل الأحذية والكونسروة والمعكرونة الذي بالأساس كان خارج الخدمة، وأغلب المنشآت هي منشات خاصة في المحافظة وهي معامل كبيرة كان لها عملها وقيمتها، بدأ تدمير ممنهج لهذه المنشآت وخرجت عن العمل، وشهد الواقع تحسناً كبيراً في عام 2016 و2017 وعودة الحياة من جديد عن طريق المطالبة برخص جديدة ونقل المنشآت إلى أماكن آمنة أو حتى فتح منشآت ومشاريع صناعية جديدة وزراعية تخدم الخطة الزراعية بالمحافظة، وفي هذا المجال رفعنا خططاً لافتتاح معامل صناعية زراعية تخدم الخطة الزراعية بالمحافظة، وعرضت أمام الوزارات المختصة، فهناك منشآت متنوعة على خارطة العمل معامل (أجبان ألبان وتعبئة زيوت ومواد زراعية) .
وأضاف الهنوس: حالياً يوجد /50/ دونماً مقسمة إلى محاضر في منطقة إزرع عرضت على الوزارات المختصة لإقامة مشاريع متنوعة كمعامل عصائر وألبان وأجبان وبندورة وتعبئة زيوت, طرح ما يعادل /23/ فرصة استثمار منذ عام 2017 على الحكومة وتم اعتماد /7/ من قبل الحكومة، تشمل معامل أولية على ساحة المحافظة و/12/ مشروعاً تم عرضها في معرض دمشق الدولي، واليوم بالمجمل لدينا /23/ فرصة استثمارية جاهزة للاستثمار لمن يرغب.
وختم السيد المحافظ حديثه بالقول: كانت درعا محافظة ساخنة اليوم هي أمنة ومحررة، ويستطيع أي مستثمر أن ينفذ أي عمل استثماري فيها، كل شي موجود من تسهيلات وأراضٍ وأيدٍ عاملة، ويحتاج لاتخاذ القرار ومن ثم التنفيذ وستقدم الحكومة كل التسهيلات لإقامة المشاريع الاستثمارية على ساحة المحافظة، المنطقة الصناعية وسوق الهال والأسواق التجارية يجري إعادة تأهيلها، وستتعافى درعا وستكون متألقة كما كانت ومع الأيام القادمة ستستعيد نشاطها.
ودعا الهنوس في نهاية حديثه أهالي محافظة درعا إلى التفاؤل وقال: ما هو قادم خير ومشرق ودرعا ستكون وجهة الإستثمار وفرصة كبيرة لتشغيل اليد العاملة ودوران عجلة الاقتصاد من جديد.
Discussion about this post