دانيه الدوس
وسط أرض معرض دمشق الدولي وتحديداً في حديقة الساحة العامة، وعلى كتف الجناح السوري، تجدها مركونة على العشب قد فردت أجنحتها، تبدو وكأنها طائرة لكنها ليست كأية طائرة فهي الأولى من نوعها مصنعة بأيدٍ سورية 100 % بسواعد مهندسين متخصصين ليسوا هواة.
مجلة “العالم الاقتصادي” كان لها وقفة مع هذا الإنجاز العلمي السوري للوقوف على طبيعة تلك الطائرة وكيفية صنعها وميزاتها فالتقت أحد المهندسين القائمين على صنعها في لقاء بدت فيه روح الفريق واضحة فطغت كلمة “نحن” على الحديث رغبة منه في عدم الافصاح عن أسماء المخترعين فالهدف ليس الشهرة -كما قال- بل خدمة الوطن ودخول صناعة الطيران.. فدار بيننا هذا الحوار:
* بداية ماذا تقصد بـ”نحن من صنعنا الطائرة” وماالذي يميز اختراعكم؟
المقصود بـ”نحن” مجموعة من المهندسين والفنيين السوريين، قمنا بتصنيع وتصميم الطائرة، والتي هي عبارة عن طائرة خفيفة تتسع لراكبين طيار وراكب يمكن استخدامها في التدريب الاولي والاستطلاع، ورغم بساطتها وخفتها أي أنها ليست كباقي الطائرات الضخمة المخصصة للنقل، لكن تمت دراستها وفق متطلبات التصميم المفروضة على هذا النوع من الطائرات، فهي تشبه بمواصفاتها الطائرات المماثلة لها في العالم، لكن ما يميزها أنها مصممة بأيدي مهندسي طيران محترفين وليسوا هواة معظمهم ممن أكمل دراسته في سورية، وهنالك من درس في الخارج، أي أنها تصميم محلي 100 % لا شبيه لها مطلقاً في العالم أجمع، سواء في فكرة تصميمها وتفاصيلها الداخلية وشكلها الخارجي والمواد المستخدمة فيها، والأهم من ذلك أنه تم تصنيعها محلياً بشكل كامل من دون الاستعانة بأية جهة أجنبية لا بالتصميم ولا بالتصنيع، كما تم اختبارها أكثر من مرة من خلال تجريب ركوبها من قبل طيارين مختصين أبدوا رأيهم بشكل إيجابي نحوها.
* للعلم ليس أكثر، هنالك شركات كثيرة للطيران في سورية، لكن ما الجديد لديكم؟
صحيح، يوجد شركات كثيرة للطيران في سورية، فهنالك الشركة السورية للطيران وأيضاً يوجد شركات خاصة للطيران، لكن ما نفتقد له وجود شركات سورية لصناعة الطائرات، والطائرة التي قمنا بتصنيعها هي أول طائرة سورية، في كل الدول العربية هنالك ما يسمى بالنوادي الخاصة بالطيران التي هي نوع من الرياضة تجذب الهواة ممن يحب الطيران من الشباب يقام على هامشها ورشات للتصنيع تستهوي المهتمين بذلك من خلال شراء القطع وتجميعها، وهنا نحن كمهندسين مختصين لم نختر هذه الطريق أبداً، فقمنا بالتصميم لوحدنا بالتوازي مع حسابات المتانة والطيران بشكل كامل و ساعدنا على ذلك التطور الحالي للحواسب
* قلت أنكم عبارة عن فريق، ماهو ذلك الفريق وماهو عددكم كمهندسين مشاركين في الاختراع؟
الفريق الأساسي الذي شارك في الاختراع هو عبارة عن 10 أشخاص مهندسين في المعهد العالي للعلوم التطبيقية والتكنولوجية، لكن إذا كنت تسألين عن عدد الأيدي التي ساعدت في إنجاز تلك الطائرة فهو أكثر من 30 يداً سورية، حيث كنا نعود إلى ورشات وجهات تساعدنا أثناء تصنيع أي قطعة، باختصار: الفريق الذي ساهم بتصنيع الطائرة سوري بأكمله لم يتلق أي دعم خارجي.
* إذا كانت الطائرة من صنعكم.. فلماذا لم تقوموا بتسجيلها كملكية خاصة وتشاركوا فيها ضمن معرض الباسل للإبداع والاختراع؟
نشارك حالياً في معرض الباسل للإبداع والاختراع من خلال عرض الطائرة على البوستر، ونقوم بتقديم الأوراق لأخذ حقوق الملكية هذا أمر مفروغ منه، لكن ما نطمح له هو تسجيل الطائرة ضمن الموسوعة الخاصة بالطائرات العالمية، كونها فريدة من نوعها كمضمون وخصوصية، وهذا طبعاً شيء معنوي ليس منه فائدة اقتصادية تذكر، لكن عرضها ضمن معرض دمشق الدولي ليس إلا خطوة أولى نأمل من خلال الاعلام تسليط الضوء على تلك الطائرة للفت انتباه المستثمرين والمسؤولين ليأخذوا على عاتقهم استثمار هذا الاختراع، فهذا كل ما نطمح له لذا لا يهمنا أن نفصح عن أسمائنا كمخترعين أو أن نحصل على مكافأة مادية.
* سحاب 73 هل هو اسم مقصود ماهو سبب تسميتكم؟
نعم الاسم مقصود وليس عبثياً اطلاقاً فقد أطلقنا عليها اسم “سحاب” على اعتبار أنها ليست كباقي الطائرات النفاثة السريعة، فهي بطيئة ومنظرها في الجو يشبه السحابة، وفي نفس الوقت يرمز ذلك الاسم إلى الغيث أو المطر، فهي سحابة كونها أول بادرة من الممكن أن تتحول إلى غيث في حال تم استثمارها والاستفادة منها، وإذا لم يتم ذلك فمن المؤكد أن تبقى مجرد سحابة تمر مرور الكرام، وأما عن رقم 73 فالمقصود به حرب 1973 التي انتصرت فيها سورية فهو رمزية أردنا بها التفاؤل.
باختصار: الطائرة في النهاية تجريبية أولية ونحن بانتظار أن تفتح تلك التجربة مجال لعودة الاهتمام بالطيران من خلال اللقاءات بالمعرض فقد سمعنا عن وجود نوادي للطيران في سورية قديماً عندما كنا صغاراً.
* ماذا عن القطع المستخدمة في الطائرة هل هي سورية الصنع أيضاً أم مستوردة؟
نستطيع القول أن أكثر من 80 % من القطع المستخدمة في الطائرة مصنعة محلياً وباقي الأجزاء مستورد لكن حتى الشركات الكبرى في العالم التي تعمل بتصنيع الطائرات لا تقوم بتصنيع كل شيء، فقد قمنا باستيراد الإطارات والمحرك والمروحة وبعض العدادات فقط، وبقية القطع التي يمكن تصنيعها محلياً صنعناها بأنفسنا، وهذا أمر يدفعنا للطموح بالبدء بما لم نستطع تصنيعه في المرات القادمة.
* كيف يمكن الاستفادة من هذه الطائرة على اعتبارها لا تتسع سوى لراكبين؟ وكم تكلفة تصنيعها؟
يمكن استخدامها في التدريب الأولي للطيارين ويمكن استثمارها سياحياً كما الأردن بأن يقام في المستقبل أكاديمية خاصة بالطيران، فتكلفتها بسيطة لا تعادل ثمن سيارة فارهة معروضة في المعرض، لكن غالباً ما تكون تكلفة التصوير الأولي مرتفعة فتعادل ثلاث اضعاف الطائرة أو أكثر.
* إلى كم سيصل سعرها في المستقبل؟
حالياً لا نطمح من عرضها ضمن المعرض التسويق أبداً، بل نريد إثباتها كفكرة إنجاز سوري لكن بشكل عام لن يتجاوز سعرها سعر سيارة فارهة، الأهم من ذلك كيفية استثمارها فبعض الجهات العامة كالجمارك تستطيع استثمارها لمراقبة الحدود فهي مريحة ولا يوجد فيها نسبة مخاطرة، لذا فالى حد اليوم يوجد دول تستخدم الطائرات بذلك.
* ماذا تخبرنا عن ميزات الطائرة؟
طبعاً هي طائرة من ميزاتها أنها آمنة جداً فهي شبيهة بالطائرات العالمية الموجودة ولا تتجاوز سرعتها 200 كم /سا، فهي بتلك السرعة لا تتجاوز سرعة الطائرات التجارية المباعة بهذه المواصفات، ومن الممكن العمل على زيادة سرعتها في المستقبل وهذا ما يميز العمل الوطني.
Discussion about this post