العالم الاقتصادي- رصد
كشف تقرير صدر حديثاً أنه يتوجب على العالم إغلاق ما يقارب 3000 معمل إنتاج طاقة على الفحم الحجري بحلول عام 2030 في حال أراد التوصل إلى أكثر أهداف اتفاقية باريس للمناخ تفاؤلاً، الذي يقضي باحتواء معدل الاحتباس الحراري، وتخفيضه إلى ما دون 1.5 درجة مئوية.
وأشار التقرير الذي نشرته خلية التفكير “ترانزيشن زيرو” TransitionZero التي تُعنى بالمناخ إلى أن أكثر من مليوني ميغاوات من كهرباء الفحم الحجري التي هي قيد التشغيل من دون انقطاع في العالم لا تستخدم تقنية التقاط وتخزين ثاني أكسيد الكربون (carbon capture and storage technology).
ويبلغ حجم كل من هذه الوحدات حوالة 314 ميغاوات في المعدل. وقدرت وكالة الطاقة الدولية أنه يتوجب خفض قدرة الفحم العالمية التي تعمل بلا هوادة لتبلغ 1,192,000 ميغاوات بحلول عام 2030 لصافي الانبعاثات الصفري. بالتالي قال التقرير إن هذا الأمر يستوجب إغلاق حوالى وحدة إنتاج فحم واحدة يومياً.
وكشف التقرير الذي نُشر على الإنترنت قبيل أيام من انعقاد مؤتمر الأمم المتحدة عن تغير المناخ “كوب 26” في غلاسكو بأن “هذا يعادل 2925 منشأة للفحم الحجري، أو ما يقارب معملاً واحداً كل يوم حتى عام 2030 وستحتاج هذه المنشآت إما إلى التقاعد أو التعديل التحديثي أو التحويل جذرياً لتلبية الهدف المناخي بإبقاء الاحترار عند 1.5 درجة”.
وقال الخبراء بأن العالم أوقف حوالى 319,549 ميغاوات من معامل الفحم بين العامين 2010 و2020، بعد أن تم تشغيل كل من تلك الوحدات بمعدل 38 عاماً تقريباً.
وأضاف التقرير بأن الحاجة ملحة لزيادة أكثر من ثلاثة أضعاف في كمية قدرة معامل الفحم التي تم إغلاقها بين العامين 2010 إلى 2020 لبلوغ هدف تخفيض ارتفاع درجات الحرارة إلى 1.5 درجة مئوية. ومع اقتراب متوسط عمر أسطول معامل الفحم الحجري الموجودة في العالم من 22 عاماً، قال التقرير بأن إغلاقها لبلوغ هدف 1.5 درجة سيتطلب حتماً إغلاق محطات الفحم بشكل سابق لأوانه.
ويضيف التقرير أن مطلب إغلاق عدد كبير من معامل إنتاج الطاقة بالفحم الحجري الموجودة حالياً في العالم يلقي مسؤولية إضافية على عاتق الصين التي تُعد أكبر مصدر في العالم لغازات الدفيئة، ومالكة لحوالى نصف المعامل التي تعمل على الفحم الحجري في العالم، ما يدفعها بالتالي إلى تسريع اعتمادها على مصادر الطاقة البديلة الصديقة للبيئة.
وتُعد البلاد رائداً عالمياً في إنتاج الطاقة النظيفة ونشرها وتمويلها، وقامت بإضافة 72 غيغاوات من الطاقة الهوائية و48 غيغاوات من الطاقة الشمسية إلى الشبكة الكهربائية خلال العام الماضي، أي ما يعادل ثلاثة توربينات رياح كبيرة وخمسة ملاعب كرة قدم من الألواح الشمسية كل ساعة.
وقال مات غراي محلل خلية التفكير ترانزيشن زيرو ومؤلف الدراسة لوكالة “رويترز” بأن “الخلاصة المنطقية التي توصلنا إليها هي أنه يتوجب على الصين بذل نصف المجهود”.
وتابع غراي قائلاً بأن اعتماد الحكومة الصينية سياسة جديدة تقضي بأن تقوم معامل الفحم الحجري كافة في الصين ببيع طاقتها الكهربائية في أسواق الجملة قد يشكل “المسمار الأخير في نعش” استثمار معامل إنتاج فحم حجري جديدة في الصين، بالتالي قد يصبح من الممكن للعالم أن يوازن بين الطاقة الكهربائية المنتجة بالفحم الحجري وبين هدف تخفيض الاحتباس الحراري إلى 1.5 درجة مئوية.
وأضاف التقرير أنه “في وسط الإشاعات المنتشرة حول غياب الرئيس الصيني شي جين بينغ عن مؤتمر كوب 26 للمناخ، وضعت الصين بهدوء تام سياسة تحمل تداعيات مناخية ملحوظة على العالم”. وقال غراي، “بالمختصر، تستخدم الصين أزمة الطاقة لتسريع أجندة تحرير أسواقها المالية، ما يعني أن أسطولها من معامل إنتاج الطاقة على الفحم الحجري ستكون عرضة لقوانين السوق”.
حتى مع نجاح البلاد في خفض جزء من الطاقة المنتجة بالفحم الحجري من أصل إجمالي قدرتها على إنتاج الطاقة من أكثر من 70 في المئة في عام 2005 إلى حوالى 57 في المئة في عام 2020، أشارت التقارير إلى أن الحجم الإجمالي لاستهلاك الطاقة المنتجة من خلال الفحم الحجري استمر في الارتفاع.
ولكن، مع انخفاض كلفة الاستثمارات الجديدة في طاقة الرياح والطاقة الشمسية في جميع المناطق الرئيسة وتدهور التكلفة الفعالة للطاقة الكهربائية المنتجة على الفحم الحجري، قال غراي إن بناء قدرة جديدة لإنتاج طاقة بديلة أقل كلفة من الاستمرار في تشغيل معامل الفحم الحجري.
وبسبب أزمة الطاقة، أشار إلى أن كلفة تشغيل 64 في المئة من قدرة الفحم الحجري يمكن أن تتجاوز كلفة الطاقات المتجددة في عام 2021، وبأن استبدال أسطول معامل الفحم الحجري في الصين ببدائل ذات انبعاثات كربون معدومة بوسعه توفير 1.6 تريليون دولار.
ويكشف التقرير أيضاً أنه مع استمرار اتجاهات الانكماش طويلة الأمد في التكنولوجيا المتجددة والتغيرات الحاصلة في سياسات التجارة العالمية، يتوجب على قادة العالم أن يضعوا أهدافاً واضحة على المدى القريب لضمان التخلص التدريجي من معامل الفحم الحجري التي لا تستخدم تقنية التقاط وتخزين ثاني أكسيد الكربون بحلول عام 2030 في البلدان الاقتصادية المتقدمة، وعلى مستوى العالم بحلول عام 2040. وأضاف التقرير بأن “الفشل في القيام بذلك لا يهدد بخطر إخطاء هدف خفض الاحتباس الحراري إلى ما دون 1.5 درجة وحسب، بل يقوض القدرة التنافسية لاقتصادات الدول في القرن الحادي والعشرين”.
– The Independent–
Discussion about this post