العالم الاقتصادي- رصد
في عام 2012 أتمت الصين بناء سد «الوديان الثلاثة» (The Three Gorges Dam) الذي يُعد أضخم سد في العالم، وأكثرها كلفة على الإطلاق، ورمزًا لتقدم الصين وقدرتها على تذليل الطبيعة والتحكم فيها، وقدرتها على التقدم والإنجاز الاقتصادي، إلا أنَّ لقصة السد جانبًا آخر كارثيًّا ومأساويًّا، يمكن القول إنه الوجه الآخر لقصة النمو والصعود الصيني، اللذين أسفرا عن معدلات عالية من الفقر المدقع جرى التعامل معها في السنوات الخمس الأخيرة، وهو ما نتتبعه في هذا التقرير.
من المجاعة إلى ثاني أكبر اقتصاد في العالم
منذ تأسيس جمهورية الصين الشعبية عام 1949، عقب نجاح الشيوعيين في السيطرة على البلاد وتوحيدها، ودخول العاصمة بكين؛ والقيادة الصينية تسعى سعيًا حثيثًا لنقل البلاد من حالة الفقر المتفشي وندرة التعليم، والتخلف الاقتصادي، ومعضلة تغذية خمس سكان الكوكب تقريبًا، بنسبة محدودة من الأرض القابلة للزراعة من إجمالي مساحة اليابسة، بالإضافة إلى حماية الصين من الغزو الخارجي بعد أن شهدت قرنًا كاملًا من «الذل»، كما يُسمى في الصين، شهدت فيه البلاد تدخلات خارجية، واحتلالًا يابانيًّا لمدة 14 عامًا أسفر عن مقتل 35 مليون صيني على الأقل.
شهدت الصين مسار تحديث مطرد، منذ «ماو تسي تونج» أول رئيس للصين وقائد الثورة الشيوعية، ثم مرحلة الانفتاح اللاحقة وبناء قاعدة التصنيع والإنتاج الضخمة، والتي سمحت لها بأن تحقق معدلات نمو مرتفعة لفترات طويلة من الزمن، وجعلت الاقتصاد الصيني ينمو أكثر من 200 ضعف بين عامي 1960-2020، بينما نما الاقتصاد الأمريكي 60 ضعفًا فقط في الفترة نفسها.
لم تكن مسيرة تحديث الصين وجعلها ثاني أكبر اقتصاد في العالم مسيرة سعيدة على الدوام، فعلى سبيل المثال، شهدت المرحلة الأولى التي انتهت بوفاة ماو تسي تونج عام 1976، مشروعًا طموحًا لنقل الصين نقلة نوعية في مجال التصنيع، عُرفت باسم «القفزة العظيمة إلى الأمام» بين عامي 1958-1962، والتي شهدت مجاعة ضربت الصين وأدت لوفاة ما بين 15-45 مليون صيني، حسب تقديرات مختلفة، برغم تحقيق الصين لسيادتها وتحصينها من الغزو الخارجي، وامتلاكها للقنبلة النووية عام 1964 في مشروع دام 10 سنوات هي نفسها سنوات المجاعة العظيمة.
لم تخلُ السنين اللاحقة من معدلات نمو كبيرة، وتحقيق تنمية واسعة على مختلف المستويات، إلا أنَّ ذلك لم يخلُ أيضًا من اختلالات اقتصادية حرمت جزءًا من السكان من قطف ثمار التنمية والصعود، وتركتهم دون الخروج من حالة الفقر والفقر المدقع في الصين.
ثمن النمو: دم وعرق ومفارقات
لا يجادل أحد أن النمو مفيد ومربح، لكن الأسئلة التي يجب أن تُطرح دائمًا هي: النمو مفيد ومربح لمن؟ وهل يمكن أن يدفع جزء من الناس ثمن النمو الذي ساهموا فيه دون أن يستفيدوا منه؟ أو قد يحرمون من المساهمة في النمو أساسًا؟ ومن ثم يُحرمون أيضًا من الاستفادة منه.
بعض المؤشرات الاقتصادية تفيد في الإجابة عن هذه الأسئلة؛ مع أن لهذه المؤشرات ما يجعلها عاجزة عن التعبير عن الواقع بشكل كامل، إذ يُعبِّر مؤشر «الدخل القومي الإجمالي للفرد» (Gross National Income) عن إجمالي الدخول النقدية التي كسبها الأفراد والشركات من وطنية ما، سواء عملوا داخل أو خارج البلد الذي ينتمون إليه، أو كان عملهم خاصًّا أو مملوكًا للحكومة، مقسومًا على عدد مواطني هذه البلد، وقد بلغ هذا الدخل للفرد في الصين 16 ألف دولار عام 2019، بنموٍ يبلغ خمسة أضعاف تقريبًا منذ عام 1995، وهو نمو كبير بالمقارنة بالولايات المتحدة، إذ نما الدخل القومي للفرد بنسبة 50% فقط خلال الفترة نفسها.
ويعني هذا أن الصين ضمن البلدان «المتوسطة العليا» (Upper-Middle Class) في الدخل حسب تقدير البنك الدولي، إلا أن المشكلة في مثل هذا المؤشر هو أنه يعتمد المتوسط الحسابي، بمعنى أنَّه يعد أن دخل كل الصينيين متساوٍ بـ16 ألف دولار بالسنة، رغم اختلاف ما يكسبونه؛ إذ يكسب البعض المليارات سنويًّا ولا يكسب الآخرون شيئًا يُذكر.
لذلك يستخدم الاقتصاديون مؤشرات أخرى تقيس المساواة في الدخل في بلد ما، أشهرها «معامل جيني» (Gini Coefficient) بقيم نسبية تتراوح بين 0%-100%، بحيث تمثل قيمة الصفر «العدالة المثالية» وقيمة 100 حالة «اللاعدالة الكاملة».
وتُظهر بيانات معامل جيني أنَّ الصين في حالة سيئة على مستوى المساواة في الدخل، فقد سجلت في معامل جيني ارتفاعًا قيمته 38.5 عام 2016 حسب تقديرات البنك الدولي (لا يتوافر في قاعدة البنك الدولي تقديرات لسنوات أحدث)، وهي نسبة مرتفعة بالمقارنة بدول أخرى، وإن كانت أقل بالمقارنة مع بعض الدول المتقدمة؛ إذ سجلت الولايات المتحدة الأمريكية معامل جيني 41.5 في العام نفسه.
ورغم الفائدة الاقتصادية من معامل جيني فإن له محددات تمنعه أن يكون معبرًا تمامًا عن وضع العدالة في المجتمع؛ فالمؤشر يحتسب الفروقات في الدخل لجميع أفراد المجتمع، بغض النظر عن مكان سكنهم الذي يعني اختلاف التكاليف بين الريف والمدن، أو أعمارهم؛ فمن الطبيعي ألا يجني الأطفال وكبار العمر دخلًا.
وكلما زادت نسبة هذه الفئات من المجتمع ارتفع معامل جيني دون أن يعني ذلك ارتفاع اللامساواة، وكذلك لا يحتسب المعامل الفروقات في الثروة أو مختلف برامج الدعم الحكومي، والصين من الدول التي تنفق فيها الحكومة على برامج الدخل المختلفة، بالإضافة إلى أن لمعامل جيني مشكلات أخرى إحصائية واقتصادية؛ إذ قد تنخفض نسب الفقر في بلد ما ويرتفع معها معامل جيني لاعتبارات كثيرة.
لكنَّ الحكومة الصينية الحالية تعترف بحصول اختلالات في فترة النمو الاقتصادي في الصين الأخيرة، وأن تلك الفترة أدت إلى حالة من اللامساواة، وحُرمت قطاعات واسعة من الوصول للتنمية فيها، أو تحصلت على تنمية غير كافية.
واعترف بذلك الرئيس الصيني «شي جين بينج» الذي قال في خطاب بمؤتمر الحزب الشيوعي التاسع عشر: إن «بعض المشكلات الحرجة التي تسببت بها التنمية غير المتزنة وغير الكافية ما زالت تنتظر حلًّا؛ كما أن جودة هذه التنمية وفعاليتها ليستا كما ينبغي لهما».
وأصبح علاج هذه المشكلات أحد أهم أهداف الرئيس الحالي، وشعارات مرحلته منذ تسلمه للسلطة عام 2013، وكانت حملة «القضاء على الفقر المدقع» في الصين، إحدى أهم آليات تطبيق هذه الأهداف، بغرض تعميم التنمية والنمو الاقتصادي لجميع الصينيين.
صين خالية من الفقر المدقع خلال خمس سنوات
وضعت الصين خطتها الرسمية لإنهاء الفقر المدقع في نهاية عام 2015، ووضعت مهلة لتطبيق هذه الخطة خلال خمس سنوات فقط، أي إنه وبحلول عام 2021 لن يبقى حسب الخطة صيني واحد تحت مستوى الفقر المدقع. فما هو الفقر المدقع بمعايير الصين والمعايير العالمية؟ وكيف يختلف عن الفقر وخط الفقر؟
تضع المعايير العالمية خطًّا منخفضًا جدًّا للفقر المدقع، وتعمِّمه على كل بلدان العالم على اختلاف ظروفها، فيرى البنك الدولي أن خط «الفقر المدقع» (Extreme Poverty) يقع عند دخل فردي يساوي 1.9 دولارات خلال اليوم الواحد، وهو أقل خط للفقر بتصنيفات البنك الدولي؛ إذ هناك خطوط فقر أعلى منه، إلا أنَّ لكل دولة خط فقر خاصًّا بها، لصعوبة تعميم خط واحد على كل العالم؛ لكن دخلًا يساوي 1.9 دولارات خلال اليوم الواحد يعني دخلًا منخفضًا جدًّا على مستوى العالم، وهو لا يتعدى 700 دولار في العام.
أما الصين فقد وضعت خط الفقر الأدنى (وهو خط الفقر الريفي بالنسبة للصين) عند مستوى أعلى من مستوى البنك الدولي، ما يعني أن الصين تُدخل عددًا أكبر من سكانها في خانة الفقر المدقع، برسم خط الفقر الشديد عند 2.3 دولارات، وهو مختص بالفقر في المناطق الريفية تحديدًا، وهي الأفقر في الصين، والتي تعاني فجوة بينها وبين المناطق الحضرية عالميًّا، وبأسعار أخفض في الوقت نفسه من أسعار المُدن، وبطبيعة الحال تقرر الدولة خطوط الفقر المناسبة لوضعها بالمقارنة بما يتلقاه الناس من دعم غير دخلهم النقدي وبالأسعار فيها.
3 ملايين شيوعي ينقبون عن الفقراء في الريف والكهوف
بدأت الصين بتوجيه مواردها لضمان تنفيذ الحملة قبل بدئها الرسمي عام 2015؛ فأجرت أولًا أبحاث مضنية ودراسات استلزمت عمل ملايين الكوادر من الحزب الشيوعي الصيني، لتحديد من تنطبق عليه معايير الحملة تحضيرًا للبدء في تطبيقها.
وحسب دراسة لمؤسسة «القارات الثلاثة» عام 2021؛ ابتدأت المرحلة الأولى من التحضير للحملة بمرحلة أولى ابتدأها 800 ألف كادر من الحزب الشيوعي الصيني لزيارة كل بيت في البلاد، والقيام بمسح شامل لتحديد من تنطبق عليهم المعايير، وخلُصت الدراسة إلى تحديد أقل بقليل من 90 مليون صيني تنطبق عليهم المعايير، يشكلون 24 مليون عائلة ويقطنون 128 ألف قرية، ثم ابتدأت المرحلة الثانية من التحضير بمشاركة مليوني كادر من الحزب الشيوعي لتأكيد بيانات الفريق الأول وتعديلها، لحذف الحالات المضافة دون تطبيق المعايير بدقة، وإضافة حالات أخرى.
كان معيار الدخل رئيسيًّا في تحديد الفئة المستهدفة خلال مراحل التحضير، لكن أمورًا أخرى أُخذت بعين الاعتبار بحسب الدراسة، فعوامل مثل مستوى التعليم والخدمات الصحية، وحالة المنازل للعائلات جرى الاهتمام بها، فالهدف من الحملة هو تحديد من لم يكسب من حالة التنمية وإلحاقهم بسير التحديث الصيني، بل إن بعض هؤلاء الناس يعيش خارج الدولة في كهوف أو قرى لا يمكن الوصول إليها بطرق المواصلات الحديثة، ورأت القيادة الصينية أهمية ربطهم بالدولة والقيام بمسؤولية الدولة والمجتمع تجاههم.
ويملك الحزب الشيوعي الصيني 95 مليون عضو، يمثلون أكبر حزب في العالم؛ إذ لو عاشوا في دولة واحدة لأصبحت هذه الدولة في الترتيب السادس عشر من حيث السكان في العالم، لكن العدد ليس الأمر الأكثر أهمية، بل قدرة الحزب على حشد قوته البشرية لتحقيق أهدافه، لتصبح هذه الكتلة البشرية من المنتسبين مركزًا لرأس المال البشري الصيني بأكمله، ولتصبح قادرة ضمن إدارة الدولة والحزب على تطبيق ما تعجز عنه دول أخرى في العالم.
اختارت الصين 3 ملايين من كوادر الحزب الشيوعي للبدء بتطبيق الخطة، وشكَّل هؤلاء أكثر من 250 ألف فريق توزعوا للعمل في مناطق الفقر الشديد في الصين، ليتركوا حياتهم اليومية ويسكنوا هذه المناطق حتى إتمام العمل فيها، ولم ير بعضهم عائلاتهم لمدد طويلة، وفقد بعضهم حياته خلال المهمة.
وعُيِّن لكل منزل انطبقت عليه المعايير ضمن مرحلة التحضير أحد كوادر الحزب ليصبح مسؤولًا عن المنزل واحتياجاته، ويراقبها عن قرب ويتواصل بشكل دائم مع أهله ويتجاوب مع مطالبهم ومشكلاتهم، بمساعدة كوادر الحزب في تلك المناطق أيضًا، وذلك لبناء الثقة مع الأهالي بدلًا من تطبيق سياسات من أعلى فحسب.
ولا تقتصر قدرة الحشد والنقل الصينية على كوادر الحزب فقط، بل إن البلد بأكملها عملت على إتمام المهمة؛ إذ عمل الصينيون بفلسفة انتشال الفقراء لأنفسهم من حالة الفقر، ورفع المجتمع بأكمله لهم، عن طريق حشد الطاقات ونقلها من الأغنى إلى الأفقر ضمن تخطيط وإدارة الدولة، فجرى توجيه وإجبار المناطق الأغنى المتركزة في الشرق الساحلي والشركات الصينية الضخمة على الاستثمار في المناطق الأفقر.
ونتيجة لذلك، جرى تحويل ما يعادل 15 مليار دولار من المقاطعات الشرقية الأغنى للمناطق الفقيرة في الصين، ونقل 22 ألف مشروع اقتصادي تعادل قيمتها 170 مليار دولار، إلى المناطق الأفقر (وضمن هذه العملية جرى تفكيك العديد من المصانع ونقلها إلى المناطق الأفقر) وتبادل 130 ألف عامل وتقني (مدربين تدريبًا عاليًا) أماكنهم مع نظرائهم من العمال غير الماهرين في المناطق الأفقر، بهدف نقل الخبرات والمعارف.
واستخدمت هذه الاستثمارات لبناء مشروعات إسكان جديدة محل المنازل القديمة الأقل صلاحية للسكن، وبناء طرق المواصلات والنقل، وتأسيس قاعدة إنتاجية في المناطق الأفقر، وتمكين سكان تلك المناطق من الانخراط في الإنتاج والعمل وإجادته، ليساهموا في رفع أنفسهم من حالة الفقر، وربطهم بالاقتصاد الصيني بالمجمل، كي يصبحوا عاملًا في دفع الاقتصاد الصيني وعجلة إنتاجه.
محو آخر تخوم الفقر.. نصر حقيقي أم زائف؟
في عام 2021 أعلن الرئيس الصيني نجاح بلاده في تحقيق «معجزة» الانتصار على الفقر، برفع 98 مليون إنسان من حالة الفقر المدقع وشطب آخر تخوم الفقر في الصين من اللوائح ضمن المعايير التي وضعتها الخطة الصينية.
وحسب تصريح السلطات الرسمية، فقد جرى تحقيق الشعار المرفوع في الحملة «كفايتان وثلاثة ضمانات» وهي: توفير ما يكفي من الطعام أولًا وما يكفي من الملبس ثانيًا، وضمان حق الوصول إلى التعليم الإلزامي، وضمان الحصول على الخدمات الطبية الأساسية وضمان الحصول على المسكن الآمن.
إلا أن إنجازًا بهذا الحجم ترافق معه تشكيك كبير في مدى تحقيق الصين له، فقد انتقد الباحث في التنمية الاقتصادية «إندرمت جيل» اختيار الصين لخط الفقر عند 2.25 دولار، وهو أعلى بقليل من خط 1.9 دولارات، الذي يرى البنك الدولي أنه معيار فقر مناسب للبلدان ذات الدخل المنخفض، بينما تقع الصين ضمن فئة الدخل المتوسط الأعلى، ويناسبها خط فقر آخر هو 5.5 دولارات يوميًّا، لكن انتقاد «جيل» يرد عليه المتحمسون لما فعلته الصين بأن الصين لا تتكلم عن تحقيقها لمحو الفقر بشكل كامل، وإنما على محو الفقر المدقع فقط.
وتدعم بيانات المؤسسات الدولية حديث الحكومة الصينية، ليس فقط فيما يتعلق بمهمات الحملة الأخيرة، بل بما يتعلق بالجهود الصينية لخفض معدل الفقر فيها عمومًا، وحسب تقرير لـ«بي بي سي» فقد انخفض عدد من يبلغ دخلهم من 1.9 دولارات يوميًّا من 750 مليون صيني عام 1990، إلى 7.2 ملايين صيني عام 2016، أي العام الثاني للحملة فقط.
وإذا أردنا أخذ معيار أعلى للفقر بدلًا من الفقر المدقع، مثل خط الفقر الذي يرسمه البنك الدولي للدول التي لديها دخل مشابه لدخل الصين عند 5.5 دولارات يوميًّا، فالبنك الدولي يؤكد أن 800 مليون إنسان قد رُفعوا فوق خط الفقر المتناسب مع دخل الصين القومي، في الفترة بين عامي 1990- 2016، في أقل من ثلاثة عقود.
فهل هذا يعني أن الحملة الصينية كانت فعَّالة بالنسبة للتكلفة، أو قابلة للاستدامة في المستقبل؟ يجيب المدير الإقليمي للبنك الدولي في الصين، بأنه متأكد جدًّا من نجاح الحملة في تحقيق هدفها، ولكن نظرًا إلى التكلفة الضخمة، وكمية الموارد المنقولة فإنه غير واثق على الإطلاق من فعالية الحملة على مستوى التكلفة، أو قدرة هذا الإنجاز على البقاء والاستدامة، ويذكر أن الحملة كلفت الصين ما لا يقل عن 700 مليار دولار منحًا وديونًا، عدا عن التبرعات والاستثمارات ونقل الموظفين والخبرات.
لا شك أنه لا يمكن التحقق بدقة من مدى نجاح الحملة وفاعليتها، إلا أنه وطبقًا لما يتوافر حتى الآن من بيانات ومعلومات تنشرها الصين، وتؤكدها المؤسسات الدولية، فقد أتمت الصين خلال حملتها الأخيرة، بعد عقود من النمو الاقتصادي، إنجازًا مهمًّا في القضاء على الفقر المدقع، وحققت إنجازًا آخر تمثل في رفع أكبر عدد ممكن من المواطنين الصينيين عن خط الفقر إجمالًا، ويعني ذلك أن ملايين من البشر شهدوا تحسنًا حقيقيًّا في حياتهم خلال فترة قليلة من الزمن.
أما عن كون التكلفة المادية متناسبة مع حجم الإنجاز أم لا، فهذا سؤال يرجع إلى منظور السائل؛ هل هدف القضاء على أشد أوجه الحياة بؤسًا لملايين الناس، وتمكينهم من الوصول إلى أدنى معايير الحياة الكريمة له تكلفة عليا يصبح بعدها هدفًا غير مجدٍ؟ أم أن مثل هذا الهدف لا يمكن احتساب جدواه بمعيار التكلفة المادية؟ أما سؤال الاستدامة فإن الزمن كفيل بالإجابة عنه.
– ساسه بوست-
Discussion about this post