بقلم: الدكتور مصطفى الكفري
أصبحت عملية إقامة المعارض الدولية فناً عالمياً راقياً، يلعب دوراً كبيراً في إنعاش اقتصادات الدول وزيادة دخولها من خلال توسيع العلاقات التجارية والاستثمار، كما أن إقامة هذه المعارض يحفز ويعزز روح التنافس بين مختلف الشركات المحلية والأجنبية في إطار سعيها ومحاولتها لتوفير افضل الفرص والعروض والخدمات لعملائها، وتعد المعارض التجارية فرصة جيدة للقطاع الخاص لتفعيل دوره ليكون المحرك الأساسي للعملية الاقتصادية في البلا، فالمعارض أداة تسويق هامة تساعد في الترويج للتجارة والاستثمار والأعمال، وأثبتت فعالية عالية في رفع مستوى الوعي التسويقي في الأسواق المحلية والأجنبية.
(وقد نظَّمت قريش منذ القرون الميلادية الأولى، في حضرموت أولاً، ثم في مكة المكرمة بعدئذ، أسواق العرب، لتسويق البضاعة المحلية وبضاعة التجارة الدولية المارة عبوراً إلى أسواق بلاد الشام والبحر الأبيض المتوسط، وابتكر هاشم بن عبد مناف وإخوته الثلاثة المُطَّلب وعبد شمس ونوفل، نظاماً من العهود مع ملوك الأطراف في بلاد الشام والحيرة واليمن والحبشة، ومع القبائل المقيمة على طرق قوافل قريش، للاتِّجار بسلام في أسواقهم، وحماية القوافل أو المشاركة فيها، على نحو ضَمِن مرور البضاعة الاستراتيجية من المحيط الهندي إلى البحر الأبيض المتوسط، على الرغم من نشوب حروب مزمنة معظم سنوات القرن الميلادي السادس بين البيزنطيين والفرس، عطّلت خطوط التجارة الأخرى عبر الخليج ونهر الفرات، أو عبر البحر الأحمر ).
تستمر سورية في تطوير السياسات والاستراتيجيات لتحقيق التنمية الشاملة ورفع معدلات النمو وتحديد قطاعات النمو الرئيسية وتوفير خدمات ذات مستوى عالمي للمستثمرين، وتعد القدرة على جذب الاستثمارات وزيادة الصادرات والتجارة الخارجية عنصراً جوهرياً للتوسع الناجح وتحقيق التنمية، لذلك تحرص المؤسسة العامة للمعارض والأسواق الدولية من خلال معرض دمشق الدولي والمناسبات الترويجية التي تنظمها على توفير الدعم اللازم لمساعدة الشركات السورية على تعزيز مواردها وقدرتها التنافسية للدخول إلى الأسواق العالمية، وفتح بوابات الاستثمار لجميع المستثمرين المحليين والأجانب.
المؤسسة العامة للمعارض والأسواق الدولية
أحدثت المؤسسة العامة لمعرض دمشق الدولي بالقانون رقم /40/ تاريخ 13/9/1955م الصادر عن السيد رئيس الجمهورية، تم تعديل اسم ومهام المؤسسة بالمرسوم التشريعي رقم /68/ عام 2001، وأصبح اسمها المؤسسة العامة للمعارض والأسواق الدولية وبموجب هذا المرسوم أصبحت مهام المؤسسة كما يلي :
1- تنظيم وإقامة معارض وأسواق محلية ودولية نوعية داخل الجمهورية العربية السورية .
2- تنظيم مشاركة الجمهورية العربية السورية في المعارض والأسواق الدولية الخارجية، واتخاذ الإجراءات اللازمة لذلك، واقتراح تشكيل الوفود لهذه الغاية .
3- تنظيم وإقامة معارض وأسواق للمنتجات السورية في الخارج، واقتراح تشكيل الوفود لهذه الغاية .
4- التنسيق والمساهمة مع الجهات العامة التي تقوم بتنظيم المعارض والأسواق الدولية داخل القطر وخارجه .
5- الإشراف على المعارض والأسواق التي يقيمها القطاع الخاص داخل الجمهورية العربية السورية وخارجها .
والمؤسسة هي الجهة الوحيدة المخولة بإصدار اليانصيب في سورية، ويبقى على رأس أولويات مهام المؤسسة تنظيم وإقامة معرض دمشق الدولي .
إحدى أكبر مدن المعارض في العالم
مع مرور السنوات وزيادة الازدحام داخل مدينة دمشق بشكل كبير، كان لابد من مكان جديد للمعرض يوفر المساحات التي تناسب تزايد عدد الدول المشاركة والمشاركين والشركات الدولية والسورية وكذلك الزوار، فتم بناء “مدينة المعارض الجديدة” على طريق مطار دمشق الدولي، وفق أفضل المعايير الدولية وعلى مساحة كبيرة وجهزت بأحدث نظم التكنولوجيا وتجهيزات المعارض العالمية.
تبلغ مساحات العرض في الأبنية 83.000 م2، ومساحات العرض المكشوف 150.000م2، أما المساحات الخضراء فتبلغ 60.000م2، ويتم الدخول إلى مدينة المعارض من خلال خمس بوابات خارجية مخصصة للسيارات، وعشر بوابات داخلية مخصصة للزوار.
تستطيع المدينة أن تحتضن عدة معارض في آن معاً، وقد استضافت عشرات المعارض المتخصصة في كل عام منذ افتتاحها، إضافة إلى معرض دمشق الدولي درة معارض الشرق، فضلاً عن العديد من الاستثمارات.
افتتح السيد الرئيس بشار الأسد مدينة المعارض الجديدة بالتزامن مع الاحتفال بالعيد الذهبي لمعرض دمشق الدولي في 3 أيلول من عام /2003/، وهي إحدى أكبر مدن المعارض في العالم وتمتد على مساحة /1.2/ مليون متر مربع، وتقع على الطريق الدولي الواصل بين العاصمة دمشق ومطارها الدولي وفيها أحدث صالات العرض والمرافق والخدمات حسب المعايير الدولية.
حجم ومواصفات مدينة المعارض الجديدة:
- المساحة مليون ومائتا ألف متر مربع.
- مساحة مباني العرض 63000 متر مربع.
- مساحة أماكن العرض المكشوف 150000 متر مربع.
- مباني المستودعات والمخازن والورش 17000 متر مربع.
- مباني الخدمات 2600 متر مربع.
- مباني إدارية 4500 متر مربع.
- قاعات وصالات اجتماعات كبرى.
- قاعات ملحقة بالأجنحة الدولية.
- مصرف (بنك).
- مركز إطفاء.
- مركز صحي.
- مركز رجال أعمال.
- مركز إذاعة وتلفزيون.
- مركز إعلامي.
- مراكز ومباني أمنية.
- نظام مراقبة إلكتروني.
- نظام تحكم إلكتروني.
- قاعة حفلات.
- مباني مطاعم ومقاهي بمساحة 12500 متر مربع.
- مساحات الطرق الداخلية والمحيطة 150000 متر مربع.
- مواقف تتسع لعدة آلاف من السيارات.
- حدائق وساحات داخلية.
- عدد بوابات الزوار 10 بوابات.
- عدد بوابات السيارات 5 بوابات.
أصبحت أرض مدينة المعارض بدمشق معلماً وسوقاً سنوياً مهماً تشد إليها الرحال في كل عام من قبل الشركات العامة والخاصة السورية والعربية والأجنبية وجمهور الزائرين على اختلاف مشاربهم، حيث يشهد معرض دمشق الدولي هذا العام مشاركة واسعة بعد أن تجاوز عدد الجهات العارضة فيه أكثر من 200 جهة.
معرض دمشق الدولي
يعد افتتاح معرض دمشق الدولي في الخمسينات من القرن العشرين حدثاً دولياً اقتصادياً كبيراً حقق نجاحاً كبيراً فاق التوقعات، وكان النجاح على المستوى الاقتصادي والتجاري وكذلك على المستوى السياحي، وأصدرت المؤسسة العامة للبريد في سورية بمناسبة انطلاق المعرض (طابع بريد تذكاري)، وأصبح تقليداً مرافقاً لجميع دورات المعرض.
يقام معرض دمشق الدولي في مدينة دمشق سنوياً منذ عام 1954، ويعد من أقدم وأعرق المعارض الدولية في الشرق الأوسط، تشارك في المعرض عادة عشرات الدول من مختلف أنحاء العالم وآلاف الشركات السورية والعالمية.
الدورة الأولى لمعرض دمشق الدولي
أقيمت أول دورة لمعرض دمشق الدولي بدمشق في الأول من أيلول/سبتمبر 1954، واستمرت مدة شهر كامل على مساحة قدرها 250 ألف متر مربع، وفاق عدد زوار المعرض مليون زائر من سورية ومختلف دول العالم، شارك في هذه الدورة 26 دولة عربية وأجنبية إضافة لعدد من المؤسسات والشركات الصناعية والتجارية السورية.
فعاليات المعرض
أهم فعاليات المعرض انتشار الأجنحة الدولية للدول المشاركة لعرض منتجات شركاتها، والأجنحة الصناعية والتجارية ومراكز الأعمال والنشاطات الاقتصادية، كما تقام فعاليات فنية وثقافية ترافق المعرض كل عام مثل المهرجان المسرحي الذي تشارك فيه فرق مسرحية من مختلف دول العالم، وكذلك الحفلات الفنية والموسيقية التي شارك ويشارك فيها سنوياً نخبة من المغنين – مطربات ومطربين – من سورية والدول العربية ودول لعالم.
إلى حين إقامة مدينة المعارض على طريق مطار دمشق الدولي كان معرض دمشق القديم يقام في وسط مدينة دمشق، ويمتد من ميدان أو جسر فيكتوريا ومتحف دمشق الوطني حتى ساحة الأمويين بمحاذاة نهر بردى إلى الساحات الخضراء والأجنحة الدولية التي تشارك بها دول من الشرق والغرب والأجنحة الكثيرة للصناعات ، والاستراحات والحفلات الفنية.
النصب التذكاري للسيف الدمشقي في ساحة الأمويين شعار لمعرض دمشق الدولي:
كانت الأبعاد الاجتماعية والحضارية والثقافية والسياحية تأخذ دوراً لا يقل أهمية عن البعد التجاري والاقتصادي، عند الحديث عن معرض دمشق الدولي الذي لطالما شكل لدى السوريين عموماً والدمشقيين خصوصاً، أحد أهم شعائر ليالي الصيف الممتزجة بنسائم قاسيون وعبق بردى ملتقى العشاق وباحة الأدباء ومضمار الطامحين من تجار وصناعيين، يعود اليوم وعبق التراب من دماء الشهداء ونسائم عليلة من عرق الكادحين تغمر المكان، تعلن انتصار الأرض والإنسان على كيد المجرمين صهاينة ومتصهينين.
في مطلع ستينات القرن العشرين رفع الفنانون السوريون نصباً تذكارياً للسيف الدمشقي في ساحة الأمويين وسط العاصمة دمشق كرمز لقوة المدينة ومنعتها.
في مطلع ستينات القرن العشرين رفع الفنانون السوريون نصباً تذكارياً للسيف الدمشقي في ساحة الأمويين وسط العاصمة دمشق كرمز لقوة المدينة ومنعتها، للنصب واجهتان واسعتان متقابلتان من البلاستيك الملون، الواجهة الغربية تطل على ساحة الأمويين نفسها، والواجهة الشرقية تطل على باب معرض دمشق الدولي، وقد تم وضع لوحات من البلاستيك الشفافة، تمثل أعلام الدول المشاركة في المعرض كل سنة.
تولي الحكومة السورية اهتماماً كبيراً بفعالية معرض دمشق الدولي وذلك بعد 8 سنوات من الحرب الظالمة على سورية، وتعد دورة المعرض لهذا العام 2018 الأكبر منذ انطلاقته في الخمسينيات من القرن الماضي على مستوى المساحات المحجوزة.
وأكد وزير الاقتصاد الدكتور الخليل “أن المعرض كتظاهرة اقتصادية متجذرة تاريخياً واجتماعياً وثقافياً لطالما كانت محط الأنظار عربياً ودولياً، فغدت بمثابة نافذة للعالم على سورية منوهاً إلى أن هذه الدورة ليست كسابقاتها ابداً فالظروف التي تمر بها سورية استثنائية والعقوبات المفروضة عليها التي حاولت تقييد قدرة ومرونة اقتصادها، إلا أنها لم تستطع بفضل الانتصارات التي يحققها الجيش العربي السوري والتضحيات التي يقدمها في سبيل رفعة وعزة وطننا، وصمود شعبنا، وحكمة قيادتنا ).
وذكرت وكالة الأنباء السورية سانا أن القطاع الخاص السوري حجز ما يقارب ثلث المساحة المخصصة لأجنحة معرض دمشق الدولي في دورته الـ 60 المقرر انطلاقها فى الـ 6 من سبتمبر/ أيلول 2018.
وقد صرح رئيس اتحاد المصدرين السوريين محمد السواح: “أن المعرض سيكون هذا العام مختلفا كونه يشكل حالة متألقة ومتميزة وانتصاراً اقتصادياً واضحاً بعد ثماني سنوات من الحرب على سورية، مشيراً إلى أنه على مستوى المساحات المحجوزة يعد المعرض هذا العام الأكبر منذ أولى دورات انطلاقه في الخمسينيات وحتى الآن حيث تجاوزت المساحات بمجملها 90 ألف متر مربع”، وأضاف أن العدد الأكبر من المستوردين الحقيقيين للمنتج السوري هم من العراق إضافة إلى بلدان أخرى مثل ليبيا والجزائر والأردن ولبنان ومصر والجزء الأكبر من المستوردات سيكون من قطاع النسيج والغذاء بشكل أساسي.
ويدعم المعرض منتجات المرأة الريفية وتم تجهيز جناح خاص تحت مسمى “الركن الريفي” يعرض منتجات المرأة الريفية بمختلف المحافظات ويتضمن قسماً لبيع هذه المنتجات.
تجدر الإشارة إلى أن العديد من الشركات الخاصة السورية خلال الدورة التاسعة والخمسين العام الفائت 2017 وقعت عقوداً تصديرية انعكس إيجاباً على زيادة الإنتاج، وذلك نتيجة الإقبال الكبير الذي شهده المعرض من تجار وصناعيي الدول الأخرى إلى جانب التسهيلات المقدمة من الحكومة عبر هيئة تنمية ودعم الإنتاج المحلي لجهة تحمل نفقات شحن بضائع العقود الموقعة خلال المعرض.
Email: moustafa.alkafri@gmail.com
Discussion about this post