العالم الاقتصادي- وكالات
باشرت الصين في الأول من شباط الجاري تطبيق قواعد جديدة لسوق انبعاثات الغازات الكربونية تهدف إلى خفض التلويث في إجراء كان يرتقبه الناشطون البيئيون بشدة إلا أن معارضيه ومحللين يشككون بفاعليته.
وتسجل في الصين أعلى انبعاثات للغازات الكربونية المسببة لظاهرة الاحتباس الحراري لكن هذا البلد هو الأكثر استثماراً في مصادر الطاقة الجديدة وقد تعهد تحييد أثر انبعاثات الكربون بحلول العام 2060 وفي ما يأتي كل ما ينبغي معرفته عن هذا النظام الجديد:
- كيف يسير هذا النظام؟ تسمح القواعد الجديدة للمرة الأولى في الصين للسلطات المحلية بتحديد حصص الانبعاثات المسموح بها لمحطات توليد الطاقة الحرارية ولشركات الطاقة بتبادل حقوق التلويث.
وتعطي السلطات المحلية شهادة في مقابل كل طنّ من ثاني أوكسيد الكربون (أو أي غاز آخر من الغازات المسببة للاحتباس الحراري أو غازات الدفيئة) يُسمح لشركة ما بإصداره وفي حال لم تحترم الشركات السقف المسموح به سيكون عليها دفع غرامات.
ويرى جانغ زيانيو نائب رئيس فرع الصين في جمعية «إينفايرمنتال ديفانس فاند» البيئية الأمريكية أن «الشركات أمام خيار تقليص انبعاثاتها أو الدفع في مقابل التلويث لكن هذا الحلّ سيصبح أكثر كلفةً في المستقبل لأن الحكومات المحلية ستصدر تصاريح أقلّ للتلويث».
- هل هذا نظام طموح؟ ليس بالدرجة التي كان مأمولاً بها فهذه الإجراءات مقصورة راهناً على قطاع الكهرباء الذي تعتمد المحطات الصينية فيه بشكل كبير على الفحم أكثر مصادر الطاقة إضراراً بالبيئة.
وبموجب القواعد الجديدة أصبح في إمكان حوالي ألفي محطة كهرباء تُصدر كلٌ منها أكثر من 26 ألف طن من غازات الدفيئة في العام البدء بتبادل حقوق التلويث.
وهذه المحطات مسؤولة عن ما نسبته 30% من الانبعاثات الضارة في البلاد.
وكان المشروع في الأساس يشمل 70 إلى 80 % من الانبعاثات في الصين فضلاً عن المصادر الكبرى للتلويث في سبعة قطاعات أخرى مثل الطيران والصلب والحديد والبتروكيماويات.
كذلك توزع تصاريح التلويث مجاناً بدل أن تُطرح في مزاد كما هو الحال في الاتحاد الأوروبي وكاليفورنيا مثلاً وبالنتيجة فإن ذلك يحض عدداً أقل من الشركات على خفض انبعاثاتها بشكل سريع.
أيضاً فإن كلفة تصاريح إطلاق انبعاثات الكربون ستكون منخفضة جداً في إطار النظام الصيني حيث يبلغ سعر الطن الواحد 6 دولارات في مقابل 36 دولاراً في الاتحاد الأوروبي و17 دولاراً في كاليفورنيا العام الماضي.
ورأى لي شيو من منظمة «غرينبيس» في الصين أن الأسعار الصينية «ليست رادعة بما يكفي لدفع الشركات نحو أن تكون مراعية أكثر للبيئة».
- كيف تحدد سقوف الانبعاثات؟ تحض القواعد الجديدة الشركات على تخفيض كثافة مصادر الطاقة الهيدروكربونية (الفحم والنفط والغاز) أي الكمية الملوثة الصادرة لكل وحدة من إجمالي الناتج الداخلي لكن ذلك لا يشمل كل انبعاثاتها من تالغازات المسببة للاحتباس الحراري (غازات الدفيئة)
وترى لوري ميليفيرتا من «مركز أبحاث الطاقة والهواء» أن ذلك يشكل «فارقاً دقيقاً لكنه هام» مضيفةً أنه يمكن أن يكون للإجراء أثر معاكس يجعل المحطات الجديدة العاملة على الفحم أكثر جاذبيةً على المستوى الاقتصادي.
وينتظر الخبراء أيضاً أن ينشط لوبي الفحم القوي في الصين للحصول على حصص ملائمة له وبالتالي على سعر كربون مناسب.
وتعتمد الصين على الفحم في 60% من حاجاتها للطاقة ومنذ العام 2011 يعادل ما تحرقه الصين من هذه المادة مجموع ما يحرقه العالم بأسره حسب مركز الدراسات الإستراتيجية الدولية في واشنطن.
غير أنه يجري الآن إعداد قانون صيني جديد يتناول التغير المناخي ويمكن له أن يصحح بعض شوائب النظام الحالي حسب ناشطين بيئيين ويأمل هؤلاء في أن يغطي هذا النظام مستقبلاً مزيداً من القطاعات وأن تكون العقوبات المترتبة على المخالفين أقسى.
ونال الرئيس الصيني شي جينبينغ الثناء أواخر 2020 حينما أعلن أن بلاده ستبدأ خفض الانبعاثات الملوثة قبل العام 2030 لتحييد أثر الكربون بعد 30 عاماً من ذلك.
لكن وبشكله الحالي «لن تلعب سوق الكربون (الصيني) دوراً أساسياً في تحقيق هذه الأهداف» وفق ميليفيرتا داعياً بكين إلى تدابير أقوى.
Discussion about this post