العالم الاقتصادي- رصد
في العام 2019 وتحديداً في الشهر التاسع منه صرح وزير المالية السابق د. مأمون حمدان بان حجم الودائع في المصارف الحكومية وحدها تجاوز 2400 مليار ليرة سورية، وان جزء كبير منها جاهز للإقراض (التصريح كان على هامش مؤتمر شعاره التمويل المصرفي صمام امان الانتعاش الاقتصادي).
بعد ثلاث سنوات يعود وزير المالية الحالي د. كنان ياغي ليصرح بوجود فائض سيولة كبير في المصارف السورية جاهز للاقراض (التصريح جاء على هامش ملتقى الاستثمار السياحي 2022 قبل يومين).
ماذا تغير في ثلاث سنوات؟
طبعاً في ثلاث سنوات وشهر تقريباً (المسافة الزمنية الفاصلة بين التصريحين) حدثت تغيرات كثيرة مثلاً: ” في ايلول العام 2019 كنا نتحدث عن سعر صرف رسمي دون ال 500 ليرة للدولار، وكان الفارق بين سعر الصرف الرسمي والموازي بحدود 200 ليرة اكثر او أقل بقليل، وكانت كلف تاسيس المشاريع بحسابات العملة المحلية أقل بأربعة او خمسة أضعاف عما هي عليه الآن وكذلك كلف التشغيل والانتاج، كما كانت معدلات الاسعار لا تزال مقبولة مقارنة بمستويات الدخل، طبعاً إذا ما قورنت بما هي عليه الآن.
كيف تراكمت هذه السيولة؟
هذه التغيرات التي حدثت في ثلاث سنوات تدعونا لطرح اسئلة من قبيل كيف تراكمت هذه السيولة؟، وكيف يمكن احتساب الجاهز منها للاقراض؟، مع الاشارة إلى أن هذه السيولة يفترض أنها تضاعف خلال هذه السنوات إلى خمسة أو ستة أمثال.
في دردرشة مع الخيير المصرفي عامر شهدا عبر الماسنجر حول هذه السيولة، ترتفع وتيرة الأسئلة، للبحث فيما إذا كان الفائض منها ناتج عن ايداعات حقيقيه، بظل النفور العام من الايداع بسبب تقييد السحب؟، وما إذا كان ناتج عن القيمة المقابله لودائع القطع بعد ان تضاعف سعر الصرف الرسمي؟، مع إضافة سؤال جوهري: ” بعد مرور ثلاث سنوات على فائض السيولة، ما هي نسبة انخفاض القدرة الشرائية لهذه السيولة مع ارتفاع معدلات التضخم؟.
دليل فشل اقتصادي!
الوزيرة السابقة لمياء عاصي اعتبرت في دردشة مماثلة أن وجود فائض سيولة هو دليل قاطع على فشل اقتصادي، ورأت أن الإقراض اذا لم يكن لانشطة انتاجية يبقى مجرد تدوير للنقد لا فائدة اقتصادية منه، وقد يحل مشاكل شخصية لكنه يستخدم في النهاية لأغراض شخصية، منوهةً بخطورة استخدام هذه القروض في المضاربة، فالأمر تكرر في أكثر من مناسبة على حد تأكيدها.
قد تبتلعها حفر المشاريع السياحية!
وزير المالية الحالي وكما أسلفنا أدلى بهذا التصريح في ملتقى الاستثمار السياحي 2022 وأمام عشرات المستثمرين في القطاع السياحي، يفترض انهم جاءوا لاستطلاع الفرص الاستثمارية الجديدة في هذا القطاع، بعضهم بالفعل بدأ في تأسيس المشروع، وبعضهم متعثر، بعض المسشاريع المطروحة أو أغلبها مدورة من ملتقايت سابقة، وهي تتبع في ملكيتها لجهات عامة، وبينها مشاريع خاصة متعثرة أو مدمرة، بمعنى أن مثل هذا التصريح يفترض أنه دعوة للمستثمرين للاقتراض، هذا الأمر أيضاً يفرض مزيداً من الاسئلة، عن جدوى توظيف هذه السيولة في مشاريع سياحية؟، على اعتبار أن المشاريع المعروضة في الملتقى كلفتها التقديرية عشرات المليارات، وهناك عشرات الحفر الضخمة لمشاريع سياحية، ومنذ سنوات تنتظر السيولة، وثمة اعتقاد أنها كفيلة في ابتلاع هذه السيولة!.
هل حولنا المصارف لجامعي أموال؟.. وما علاقة اللجنة الاقتصادية؟
وهنا يتابع شهدا متسائلاً هل هدف الدعوة للاستثمار هي لتوظيف هذه السيولة؟، ويضيف اذا كان كذلك فنحن حولنا المصارف لجامع اموال نوظفها لدى مستثمر، اي اننا نعلن لمستثمرين ان يستثمروا اموالنا لا أموالهم، فهل ندعو ذلك تمويل للاستثمار؟.
بينما تساءلت عاصي عن تدخل سلطة غير نقدية “اللجنة الاقتصادية” بالموافقة على منح القروض، حيث أن القروض فوق 500 مليون ليرة تحتاج إلى موافقة اللجنة، بينما هذا الأمر وفق رأيها من صلب مهمة إدارات المصارف.
اقتراح بتحويل الودائع لأسهم
يطرح البعض فكرة توظيف جزء من هذه السيولة لتحسين الأجور والرواتب، أمر يعتبره الخبير المصرفي عامر غير مناسب اقتصادياً، زيادة الرواتب برأيه يجب أن تكون من موارد الخزينة، وهذه الموارد تنمو فقط من خلال توظيف هذه السيولة الفائضة في مشاريع انتاجية، والحل وفق تصوره يكون توجيهها لتأسيس شركات مساهمة مغفلة عامة، بمعنى تحويل الفائض من الودائع إلى أسهم، وطرح مثالاً: “معمل البان قطاع عام يلزمه ٢ مليار اعادة تشغيله، باطار التشاركيه يمكن تحويل المعمل لشركة مساهمة عامه، وبيع الاسهم من خلال تحويل الوداىع لأسهم، ومنح فائدة ربحية على السهم بزيادة واحد بالميئة عن فائدة وديعة المصارف، ورأى أنه بهذه الحالة نساهم بلجم التضخم، وخلق تشاركية حقيقيه مع المجتمع، ودفع المصارف إلى جمع كتلة نقدية جديدة من الاسواق مما يخفض عرض العمله بالسوق ويزيد من قوتها الشرائية.
– على كل حال وبالنظر إلى تواضع حجم القروض التي منحتها المصارف العامة والخاصة خلال السنوات الثلاث الفائته، قياساً بحجم السيولة الفائضة، وبالنظر إلى تراجع أرقام الانتاج في مختلف القطاعات، وانكفاء الرغبة في الاستثمار بالمشاريع الانتاجية، تطل هذه السيولة برأسها كواحدة من مشاكل الاقتصاد السوري، تحريكها بعشوائية أو ضخها في مطارح غير مناسبة قد يزيد من انهيارات سعر صرف العملة المحلية، وبالتالي زيادة معاناة المواطنين المعيشية.
– سيرياستيبس–
Discussion about this post