بقلم: الباحثة مروه أمانو *
يعد البحثُ العلمي التطبيقي ركيزة أساسية لتطور الصناعة، وإن كان التعاون بينهما هاماً بالنسبة للدول المتقدمة، فهو بالنسبة للدول النامية أكثر أهمية وإلحاحاً، إذ بواسطته يتم وضع الخطط على أسس سليمة، وتفادي الأخطاء وتحسين الأداء ورفع المردود.
تختلف مواضيع البحث العلمي بين الدول إما أن تتركز في تطوير التقانات أو بأسلوب التعامل مع التقانات المستوردة، أو تكييفها وتطويرها وفقاً للظروف المحلية مع مراعاة الإمكانيات والاحتياجات. وبذلك فإن البحث العلمي فيها يتمثل بصورة أساسية في البحث عن الحلول العلمية للمشكلات المحلية.
وعندما نتكلم عن البحث العلمي في سورية؛ فإننا نعني بالدرجة الأولى البحث العلمي الجامعي، وذلك لأنه لا توجد شركات صناعية ضخمة تستطيع تمويل مؤسسات بحث خاصة بها، كما أن الإمكانيات المادية والبشرية الكبيرة التي تتطلبها مؤسسات البحث العلمي تمثل عبئاً صعباً على كاهل الدولة، وبالمقابل فإننا نجد أن الجامعات تضم العناصر البشرية والفنية والخبرة الاختصاصية وتتوفر فيها التجهيزات المخبرية اللازمة للبحث العلمي. لذلك فإن الدور الذي يمكن أن تؤديه الجامعات بتعاونها مع المؤسسات الصناعية يمكن أن يمثل وفراً اقتصادياً لتلك المؤسسات، بتقديم الحلول العلمية للمشكلات المحلية، كما يساهم في تطوير خططها التعليمية والبحوث الجارية.
ولتوضيح العلاقة المتبادلة بين البحث العلمي الجامعي وتطوير الصناعة، حيث يمكن أن يقوم بدور هام في خدمة وتوطين وتطوير الصناعة، وفي بحث المشكلات التي تعترض سير وتطوير الصناعة في كافة مرافقها، للوصول إلى حلول مثلى ومبنية على أسس علمية موضوعية، مما يؤدي إلى تحسين عمل المؤسسات الصناعية.
ويمكن لهذا التعاون العلمي أن يلبي احتياجات الشركات الصناعية حيث تُبنى خطط التنمية على أسس موضوعية، تعتمد على دراسات علمية وبحوث ميدانية تمهيدية وأن تحدد الإمكانات المتوافرة، وتبين الجدوى الفنية والاقتصادية من المشاريع المقترحة، ومدى صلاحية إقامتها في موقع معين، وتحدد أفضل التقنيات الملائمة في هذا المجال، وفقاً للظروف والإمكانيات المحلية، ويعتمد نجاح مثل هذه المهمة على توفر خبرات علمية وعملية محلية عالية التأهيل، لتشارك في إيجاد الحلول المثلى.
حيث كان للبحث العلمي والتعاون الجامعي مع الصناعة دوره الإيجابي الهام في دفع عجلة التطور الصناعي على المسار الصحيح. فإن توجه القطاع الصناعي إلى التعاون مع الجامعات له دوراً هاماً وإيجابياً وذلك لأنه:
يقدم للبحث العلمي موضوعات مستمدة من الواقع العلمي القائم، ويساعد على تطوير الخطط التعليمية والتأهيلية والدراسات العليا وتوظيف الإمكانيات العلمية البشرية والمخبرية وتوفير التمويل الملائم لها، وتنمية الخبرات الفنية الوطنية في الجامعة والصناعة، والحد من هجرة الأدمغة.
وتجدر الإشارة إلى أهم معوقات التعاون بين الجامعات والصناعة حيث تتمثل بعدم الثقة بالخبرة العلمية الوطنية، واللجوء إلى المهنيين في السوق المحلية، وهذا يؤكد على أهمية توثيق التعاون بين الجامعات والصناعة في بلدنا، وضرورة توظيف البحث العلمي الجامعي لخدمة قطاعات التنمية، ووضع رؤية استراتيجية للبحث العلمي تعمل على تحقيق التعاضد بينه وبين الصناعة لتحقيق توليفة للتطور السريع وتخطي العثرات ومعالجة المشكلات.
______________________________________
*معهد التخطيط الاقتصادي والاجتماعي
Discussion about this post