العالم الاقتصادي- رصد
تواجه معظم الدول العربية تحديات كبيرة في طريق تحسين وتطوير أنظمتها الضريبية حتى تتماشى مع برامج الإصلاح، التي تتبعها معظم حكومات المنطقة بفعل الضغوط المالية وتتالي الأزمات التي أرهقت موازناتها.
ويرى خبراء ومحللون أن حكومات المنطقة أمام معركة مفصلية للإسراع في تعديل أوتار منظوماتها الضريبية، التي باتت أحد الملفات المستعجلة الموضوعة على الطاولة.
وفرضت التداعيات الاقتصادية والمالية على بلدان المنطقة ضرورة الاهتمام بتعزيز موارد المالية العامة، وفي مقدمتها رفع حصيلة الإيرادات الضريبية، نظرا إلى تفاوت مستويات التحصيل الضريبي بين الدول العربية.
وتشير أحدث البيانات إلى أن مساهمة الإيرادات الضريبية في الدول العربية تقدر بنحو 35.8 في المئة من الإيرادات العامة، أي ما يعادل نحو 10.3 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي لاقتصاد المنطقة وهو رقم يبدو ضئيلا قياسا بحجم الالتزامات المالية.
عبد الرحمن الحميدي: على الدول انتقاء بدائل للسياسات المالية والضريبية
وحثّ المنتدى الإقليمي الرابع للضرائب في الدول العربية حكومات الشرق الأوسط وشمال أفريقياً الذي عقد هذا الأسبوع عبر خاصية فيديو كونفرانس، على الإسراع في تصحيح مسار برنامج تطبيق الضرائب.
ويأتي المنتدى تحت عنوان: “السياسات الضريبية لتعزيز التعافي الاقتصادي ودفع النمو الشامل والمستدام لمرحلة ما بعد أزمة جائحة كورونا”، وينظمه صندوق النقد العربي بالتعاون مع وزارة المالية والهيئة الاتحادية للضرائب والمركز الدولي للضرائب والاستثمار.
وسعى خبراء المؤسسات المالية الإقليمية والدولية ومسؤولون في وزارات المالية والهيئات والسلطات الضريبية خلال فعاليات المنتدى إلى الوقوف على النقاط التي تتطلب مراجعة وتحتاج إلى معالجة سريعة.
ويعتقد عبد الرحمن الحميدي رئيس مجلس إدارة صندوق النقد العربي، أن المؤشرات المرصودة تبرز الحاجة إلى التركيز على مواصلة إصلاح الضرائب غير المباشرة ومعالجة التحديات الهيكلية بتبسيط نظم ضريبة القيمة المضافة والضرائب الانتقائية وتوسيع قاعدتها.
ونسبت وكالة الأنباء الإماراتية الرسمية إلى الحميدي قوله إن “السياسات الضريبية لها أهمية كبيرة في تعزيز مسيرة التعافي والنمو الاقتصادي الشامل والمستدام، بالتوازي مع تعزيز الأوضاع المالية خلال المرحلة القادمة”.
وأكد أن التحدي الآن يكمن في كيفية الموازنة بين تحقيق هذه الأهداف المتداخلة، التي يستلزم تحقيقها انتقاء المزيج الملائم من البدائل المتاحة للسياسات المالية والضريبية.
وفي ضوء التطورات الدولية الراهنة يقدر أن تنخفض توقعات نمو الاقتصاد العالمي لعام 2022 المقدرة سابقا بنحو 4.4 في المئة، كما يقدر أن يرتفع معدل التضخم بنحو ثلاث نقاط مئوية إضافية على الأقل عن المعدلات المقدرة سابقا.
وتسببت جائحة كورونا خلال العامين الماضيين في تعميق أزمات عدة دول عربية مثل لبنان وتونس والأردن، وهي تحاول جاهدة لتوفير تمويلات تواجه بها مشكلاتها.
ولذلك فإن صانعي السياسات المالية والنقدية في دول المنطقة يحتاجون إلى توجيه أنظارهم إلى تركيز الضرائب على الأنشطة غير الموائمة للبيئة، وتفعيل الضرائب على المعاملات القائمة على الرقمنة.
وقال الحميدي إن “ثمة حاجة اليوم لتهيئة الأطر الضريبية المحلية بما يواكب تطور إصلاحات النظام الضريبي العالمي، حيث يُمكن الاستفادة من التطورات الإيجابية التي حدثت مؤخرا في مجال معالجة تحديات الضرائب على الاقتصاد الرقمي”.
وأضاف “يجب البناء على ما تحقق من إصلاحات في مجال الإدارة الضريبية ومواصلة جهود رقمنة الخدمات الضريبية بما يؤدي إلى تطوير إدارة ضريبية حديثة تعزز الامتثال الضريبي”.
وفي معظم الدول العربية يجذب القطاع العقاري، على سبيل المثال، استثمارات كبيرة، ولكنه لا يسهم إلا قليلا في الإيرادات الضريبية.
وتقول لجنة الأمم المتحدة الاجتماعية والاقتصادية لغربي آسيا (إسكوا) أنه يمكن لوضع نظام ضريبي عادل وتصاعدي تدعمه إرادة سياسية وقدرات مؤسسية قوية، أن يؤدي إلى جمع الإيرادات اللازمة لمكافحة الفقر من دون فرض أعباء مالية إضافية.
– صحيفة العرب-
Discussion about this post