صناعة الطاقة تتطلع إلى بلورة اتجاهات مستقبل القطاع في أبوظبي

العالم الاقتصادي – رصد

اتجهت أنظار صناعة الطاقة إلى إمارة أبوظبي التي تحتضن فعاليات معرض والمؤتمر الدولي للبترول (أديبك 2021) الذي يأتي هذا العام في ظروف استثنائية في ظل تداعيات الجائحة حيث أفرزت ضغوطا لبلورة اتجاهات مستقبل القطاع والإسراع للتحول إلى الطاقة النظيفة لحماية كوكب الأرض.

أعطى اليوم الأول من مؤتمر الطاقة في أبوظبي الذي انطلق الاثنين لمحة أولية عن مدى إصرار كبار منتجي النفط والغاز على توسيع نطاق الاستثمارات في هذا المجال رغم الضغوط لتقليص استثماراتهم لتنسجم مع الدعوات المتزايدة للحفاظ على البيئة.

ويرى الخبراء أن حاجة الدول المنتجة إلى تعبئة المزيد من العائدات تشكل الدافع الرئيسي والمحرك لعمليات قطاع النفط والغاز المستقبلية وذلك بالتزامن مع البحث المستمر للقطاع عن كفاءات محسّنة لمرحلة ما بعد الأزمة الصحية.

ومع ذلك يعتقدون أنه في ظل الظروف الراهنة تبرز أهمية استعدادات صناعة النفط والغاز حتى تعزز مرونة أعمالها، التي يمكن التوصل إليها في مؤتمر أديبك الاستراتيجي الذي يمتد لأربعة أيام.

ودعا منتجو الطاقة الاثنين في أعقاب قمة الأمم المتحدة للمناخ إلى المزيد من الشمولية التي من شأنها أن تؤدي إلى زيادة الاستثمارات في النفط والغاز من أجل أمن الطاقة في الوقت الذي يعملون فيه على الحد من الانبعاثات مع تطوير اقتصاداتهم.

ورغم ترحيب الإمارات، وهي أحد أكبر الدول المنتجة للخام، بنتائج مؤتمر كوب 26، دعت إلى مواصلة استثمار مئات المليارات من الدولارات في النفط والغاز لتمويل الطلب المتزايد وكذلك عملية الانتقال إلى الطاقة النظيفة.

وتوصّلت نحو 200 دولة السبت إلى اتّفاق عالمي لمكافحة التغيّر المناخي بعد مفاوضات صعبة استمرّت أسبوعين، دون أن تنجح في تبنّي إجراءات يدعو إليها العلماء لاحتواء الارتفاع الخطر في درجات الحرارة.

وعارضت الصين والهند التطرّق إلى أنواع الوقود الملوّثة. كما أنّ المفردات المستخدمة في النص النهائيّ، خصوصا ما يتعلق بالوقود الأحفوري، كانت أقلّ حدة من المسوّدات السابقة.

وقال وزير الصناعة والتكنولوجيا المتقدمة والمبعوث الخاص للإمارات للتغير المناخي سلطان الجابر خلال افتتاح المؤتمر “نحن في مرحلة تاريخية. لقد اختتم المجتمع الدولي للتو كوب 26، وبشكل عام كان ناجحا”.

وأضاف الوزير الذي يتولى رئاسة شركة بترول أبوظبي الوطنية المملوكة لحكومة أبوظبي “مع ذلك، كشفت ديناميكيات الطاقة الحالية عن معضلة أساسية؛ فبينما وافق العالم على تسريع انتقال الطاقة، فإنه لا يزال يعتمد بشكل كبير على النفط والغاز”.

وتابع “مع انتعاش الاقتصادات بعد الجائحة فاق العرض الطلب، ودخل العالم في أزمة الإمدادات. لقد حان الوقت لكي نستيقظ”.

واعتبر الوزير أنّه سيتعين على صناعة النفط والغاز “استثمار أكثر من 600 مليار دولار كل عام حتى عام 2030 لمجرد مواكبة الطلب المتوقع”، مضيفا “نعم، الطاقة المتجددة هي الجزء الأسرع نموًا في مزيج الطاقة. لكن النفط والغاز لا يزالان الأكبر وسيظلان لعقود قادمة”.

وقبيل اجتماع كوب 26 في غلاسكو أعلنت كل من الإمارات وجارتها السعودية، أكبر مصدّر للنفط في العالم، هدف الوصول إلى صافي صفر انبعاثات كربونية.

وتم الإعلان عن ذلك على الرغم من الخطط الرامية إلى زيادة إنتاج النفط في البلدين اللذين يعتمدان على إيرادات الخام، علما أن “صافي صفر” يشير عادة إلى الانبعاثات ضمن البلد، لا المنتجات التي يجري بيعها واستهلاكها في الخارج.

ودافع البلدان الخليجيان والدول النفطية الكبرى عن خططها بشأن مواصلة الاستثمار في الوقود الأحفوري في المستقبل. وأشارت إلى أن بإمكان العالم أن يقلل انبعاثات الغازات المسببة للاحتباس الحراري دون استبعاد النفط والغاز.

ويجادل المدافعون عن النفط والغاز والفحم بأن استخدام التكنولوجيا مثل جمع الكربون وتخزينه -حيث يتم التقاط الانبعاثات وتخزينها تحت الأرض- يمكن أن يسمح للاقتصادات بمواصلة حرق الوقود الأحفوري.

ويعارض نشطاء المناخ ذلك قائلين إن “هذه التكنولوجيا باهظة التكلفة ولم يتم التأكد من نتائجها على نطاق واسع ولا توفر سوى غطاء للصناعات التي تتسبب في حدوث تلوث لمواصلة العمل”.

ورفض وزير الطاقة السعودي الأمير عبدالعزيز بن سلمان تلك الشكوك وخاصة حيال استراتيجية بلاده في ما يتعلق بالحياد الكربوني، والتي اعتبرها خبراء بيئيون غير واقعية.

وقال “أستطيع أن أتفهم الشكوك، لكنني سأحيل هؤلاء المتشككين أيضًا إلى ما اتفقنا عليه قبل يومين فقط”، في إشارة إلى مخرجات مؤتمر كوب 26. وتابع “نحن نركز بالفعل بشكل كبير على الحد من الانبعاثات”.

وتواجه صناعة النفط والغاز مشاكل كثيرة بسبب تباطؤ النمو العالمي عمقتها أزمة الجائحة، ورغم أن اتفاق أوبك+ حافظ على استقرار أسواق النفط العالمية نوعا ما، لكنه لم يشبع نهم البلدان التي تعتمد على إيراداته، فقد ارتد تراجع الأسعار منذ قرابة خمس سنوات على موازناتها السنوية.

وشرع تحالف أوبك+ في دعم أسعار النفط منذ 2017، وأي تطورات تهدد مستقبل التحالف قد تُضعف السوق، وهو ما ستكون له عواقب وخيمة على منظمة الدول المصدرة للبترول (أوبك) والمنتجين الآخرين من خارجها، وأيضا الحكومات والمتعاملين.

وقال الأمين العام لمنظمة أوبك محمد باركيندو إن “المشاعر تسيطر تدريجيا على المحادثات”، وعبر عن أمله في أن تتخذ القمتان المقبلتان للمناخ في مصر 2022 والإمارات في 2023 نهجا شاملا.

وفي يونيو الماضي أعطى خبراء يهتمون بالطاقة الخضراء نظرة متشائمة تتعلق بالصعوبات التي تواجهها الحكومات حول العالم في تقليص التمويلات المخصصة لقطاع الوقود الأحفوري وإحلال محلها الاستثمارات في قطاع الطاقة الشمسية.

وذكر خبراء شبكة “رين 21” المعنية بسياسات الطاقة النظيفة أن استخدام الوقود الأحفوري لا يزال المهيمن وهو على نفس درجة الارتفاع التي كان عليها قبل عشر سنوات، رغم التراجع الملحوظ في تكاليف الاستثمارات في مصادر الطاقة البديلة والضغط على الحكومات للتحرك إزاء تغير المناخ.