العالم الاقتصادي- وكالات
يواجه القطاع الزراعي في تونس مشاكل هيكلية تعرقل تطوره على الرغم من صموده أمام الأزمات الاقتصادية والاجتماعية التي عرفتها البلاد في سنوات ما بعد الثورة.
وظل القطاع الزراعي الوحيد تقريباً الذي استمر في النشاط وفي تحقيق الأرقام الإيجابية رغم الصعوبات والمشاكل الهيكلية والتهميش الذي يعيشه العاملون في هذا القطاع والتي زادت بسبب تفشي فيروس كورونا.
ووفق بيانات المعهد التونسي للإحصاء فإن الصادرات تراجعت 11.7 % خلال 2020، نتيجة تراجع أغلب القطاعات باستثناء صادرات قطاع المنتوجات الزراعية والغذائية التي ارتفعت 12 %.
ويساهم القطاع الزراعي بحوالي 10 % من إجمالي الناتج المحلي الخام، ويساهم بنسبة 10 % في الصادرات التونسية ويستقطب 8 % من جملة الاستثمارات في الاقتصاد الوطني و14 % من اليد العاملة النشيطة كما يؤمن موارد رزق لأكثر من 570 ألف مشتغل فلاحي وبحار.
ورغم هذه الأرقام الإيجابية التي يحققها القطاع فإنه يعاني من تهميش كبير من طرف الدولة وهو ما أكده خالد العراك مساعد رئيس الاتحاد التونسي للفلاحة والصيد البحري المكلف بالتخطيط الإستراتيجي.
فقد لفت العراك في مقابلة هاتفية إلى أن «السياسات التي اعتمدتها الدولة اعتبرت أن القطاع الزراعي ثانوي وليس في صلب الاقتصاد التونسي.. لكن في الحقيقة لا يمكن النهوض بالاقتصاد دون زراعة».
وقال أيضاً:«كل السياسات المعتمدة لم تعط الفلاحة مكانتها الحقيقية.. في الفترة الصعبة التي تمر بها تونس اليوم مع انتشار فيروس كورونا لولا الفلاحة لكانت الأوضاع ستكون أسوأ فقد استطاع توفير كل الاحتياجات من الغذاء».
وبين أهم النواقص التي يواجهها القطاع نصيبه المتدني من الاستثمارات سواء العمومية أو الخاصة وهو ما كانت له آثارا سلبية على القطاع وقال العراك: «نسب الاستثمار في الفلاحة اليوم تكاد تكون معدومة مقارنة بقطاعات أخرى مثل السياحة» متسائلاً عن مدى وعي أصحاب القرار في البلاد لحقيقة أن تونس هي دولة فلاحية في الأساس.
ومن المشاكل الأخرى التي تعترض النشاط الزراعي عزوف الشباب عن العمل حيث أن «أكثر من 85 % من النشطين في القطاع يتجاوز أعمارهم 55 عاماً» حسبما يقول.
كما يواجه قطاع الفلاحة صعوبات الحصول على تمويلات، «فأغلب المزارعين لا يستطيعون الحصول على التمويلات بسبب تراكم مديونيتهم وهو ما جعل 70 ألف مزارع مدرجين في القائمة السوداء ولا يمكنهم الحصول على هذه القروض مرة أخرى». حسب العراك.
وفي لقاءات لاحقة مع مزارعين عبروا عن استيائهم مما آلت إليه أوضاع القطاع.
وحسب المزارع شيخ محمود من منطقة رأس جبل «فإن العمل الزراعي اليوم أصبح مستحيلاً… الفلاح أصبح يجد صعوبة في مزاولة نشاطه لقد أدى غياب الأدوية والأسمدة في تراجع وفرة المحصول الزراعي وحتى إن وجدت فثمنها مرتفع.. كما أن عزوف الشباب عن العمل الفلاحي يجعل إيجاد اليد العاملة الفلاحية أمراً مستحيلاً»ً.
وقال مزارع آخر اكتفى بذكر اسمه الأول (حمادي) أن «عدم المعرفة بالعمل الزراعي هو السبب في الصعوبات التي تعترض المزارع اليوم» مؤكداً أن «أي منتج زراعي يمر بمراحل عدة يجب على المزارع أن يفهمها ويتعامل معها بالطريقة الصحيحة».
أما ابنه أحمد وهو في الثلاثينات من العمر ودرس الزراعة فيقول أن غياب المعرفة الكافية والصحيحة بإدارة المزارع في تونس وخاصة من صغار المزارعين بالإضافة إلى غلاء كلفة الإنتاج أثر بشكل كبير على القطاع وقلل من امكانيات تطوره.
يشار إلى أن الاتحاد التونسي للفلاحة والصيد البحري أصدر منتصف العام الماضي كتابا تحت عنوان «الفلاحة هي الحل لتعزيز سيادتنا وتنمية اقتصادنا» تناول فيه أهم الصعوبات التي يعاني منها القطاع الزراعي في تونس.
وحسب الكتاب فإن القطاع يمثل مورد رزق لأكثر من 500 ألف فلاح و60 ألف بحار كما أنه يمثل بصفة غير مباشرة مورد رزق لأكثر من 2.5 مليون عامل.
أما أهم المشاكل التي تعترض القطاع الزراعي حسب الكتاب فهو «التعاطي الخاطئ للدولة مع الفلاحة حد التفريط في البذور والمشاتل المحلية مقابل استيراد بذور ومشاتل أجنبية مهجنة وجعلها في تبعية لدول أخرى».
Discussion about this post