العالم الاقتصادي- محمد النجم
شهدت عيادات الختان في مدينة دمشق تزايداً ملحوظاً خلال العقود الثلاثة الماضية بعد الإقبال الكبير عليها من قبل المواطنين السوريين بعيداً عن الأطباء والمشافي.
وحملت جميع العيادات اسماً واحداً “الصفوري” نسبة إلى صاحبها الراحل قاسم الصفوري الذي لجأ إلى سورية عام 1948 قادماً من بلدة صفوري التابعة لقضاء الناصرة في فلسطين وأسس في حي الميدان الدمشقي أول عيادة للختان عام 1950.
وتلقى هذه العيادات إقبالاً لافتاً للمواطنين من دمشق والمدن السورية كافة لإجراء عمليات ختان لأطفالهم على يد أبناء الصفوري إلى يومنا هذا.
وقال هشام قاسم الصفوري الذي ورث عن والده هذه المهنة منذ 50 عاماً: “بدأتُ بمزاولة مهنة الختان في دمشق وغيرها من المدن والمناطق السورية منذ أن كان عمري حينها 14 عاماً، وقد تأسست أول عيادة للختان في دمشق عام 1948 وهي عيادة “الصفوري” افتتحها والدي قاسم الصفوري، حيث لم تكن عيادات الختان معروفة قبل ذلك التاريخ في دمشق وما حولها حيث كان الحلاقون يجولون على البيوت لإجراء عمليات الختان للأطفال الصغار”.
وأضاف الصفوري في تصريح خاص: في عام 1948 افتتح في حي الميدان الدمشقي أول عيادة من هذا النوع لصاحبها قاسم الصفوري الذي جاء من بلدة صفوري في فلسطين، وبعد لجوئه إلى سوريا حصل من وزارة الصحة والإسعاف العام مزاولة مهنة الختان، ومع مرور السنين فوجئ الدمشقيون بانتشار عيادات الختان التي حملت جميعها اسم “الصفوري” لكنها تعود لأشخاص عدة جاؤوا من بلدة صفوري أيضاً”.
وحول تأثير الحرب على عمل العيادة قال: “لم تؤثر الحرب على سير العمل وفي المقابل هاجر الكثير من المتدربين لدينا إلى دول أوروبا وبدؤوا بمزاولة هذه المهنة في ألمانيا وفرنسا والسويد والنرويج ودول أخرى حيث يقومون بإجراء عمليات الختان لأطفال الجاليات السورية والعربية وجاليات من جنسيات أخرى أيضاً”.
وعن مدى الاختلاف بين العمليات التي تجريها عيادة “الصفوري” عن تلك التي يجريها أطباء أوضح الصفوري قائلاً: “طريقة الصفوري في الختان لها سر خاص وهي مختلفة تماماً عن عمليات الختان الأخرى التي يجريها أطباء بشريون، فهناك طريقة ختان خاصة بكل حالة من الحالات التي تأتي إلينا، ولا يستطيع معظم الأطباء تقدير الطريقة الأنسب كما نفعلها نحن في عيادة الصفوري وذلك للخبرة الكبيرة والمراس الطويل في هذا المجال، وقد ينجح الأطباء في بعض عمليات الختان لكن كثيراً منها لا ينجح ويقتضي التصليح مرة ثانية وهو ما نقوم به في العيادة بشكل يومي”.
وحول نشاطهم في هذا المجال خارج سورية قال الصفوري: “قبل اندلاع الحرب الحرب في سورية ذهبنا إلى روسيا والشيشان بناء على طلب رسمي وقمنا بإجراء عمليات ختان لمجموعات من الأطفال وحديثي الولادة تضم كل مجموعة من 30-40 طفلاً على مدى أسبوعين وتوقف هذا الأمر طيلة السنوات الماضية بسبب الحرب”.
وأضاف: “نحن على استعداد للذهاب مجدداً إلى روسيا وغيرها من البلدان الصديقة ولدينا الكادر المؤهل والإمكانات الكافية لاستئناف نشاطنا هناك”.
ونقلت وسائل إعلام عن الراحل قاسم الصفوري وقت سابق حكايته مع الختان وافتتاحه لأول عيادة ختان في سورية حيث قال: “الجميع هنا في دمشق يعلم أنني أول من افتتح عيادة ختان في عام 1950، وهذه المهنة تعلمتها بالوراثة والدراسة، فنحن كنا في بلدة صفوري الفلسطينية نمارسها أبا عن جد وبشكل علمي، وكنا نقوم بها في كل المدن الفلسطينية وحتى العريش والقدس، لذلك كنت أول من حصل على ترخيص صحي نظامي من الجهات السورية المسؤولة”.
وكان الصفوري الراحل قد رفض في وقت سابق دعوة لإعطاء محاضرة عن الختان في كلية الطب بجامعة دمشق حفاظاً على سر المهنة على حد قوله وفقاً لما ذكرته صحف عربية.
وسبق له أن سافر إلى الولايات المتحدة الأميركية عام 1978 وعمل هناك لخمسة عشر عاماً في ختان أطفال الجاليات العربية والإسلامية.
ويشار إلى مهنة الختان لاقت رواجاً كبيراً بين السوريين بسبب عدم وجود عيادات ختان ثابتة ولاهتمام السوريين بتقاليد الختان لأطفالهم حيث كان يشكل يوم طهور (ختان) الطفل في الأسرة حدثاً سعيداً لهم، ويقام لذلك حفل توزع فيه الحلويات وتقام الولائم ابتهاجاً وتنشد فيه أشعار شعبية وهتافات من قبل فرق العراضة الشامية معبرة عن هذا الحدث السعيد.
ومع مرور الوقت تلاشت هذه المظاهر الاحتفالية واقتصرت وبشكل بسيط على عدد من العائلات في الأحياء الشعبية وفي الأرياف حيث تقوم أم الطفل بسلق القمح وتوزيعه على الأقارب والجوار والأصدقاء مع إضافة السكاكر والحلويات.
والمعروف أن أي شخص حالياً يريد مزاولة مهنة الختان عليه الحصول على شهادة وترخيص من قبل وزارة الصحة السورية.
Discussion about this post