العالم الاقتصادي- محمد النجم
تركت الحرب آثاراً اجتماعية واقتصادية كثيرة ومتعددة على المجتمع السوري منذ عام 2011 وفرضت على نسبة كبيرة من السكان أنماطاً جديدة من الحياة الاقتصادية والاجتماعية بعد انتقالهم إلى مناطق أخرى نتيجة عدم الاستقرار في مناطقهم.
وقد كشف المسح الديموغرافي المتكامل المتعدد الأغراض الصادر عن المكتب المركزي للإحصاء وجود /518/ ألف أرملة في سورية مقابل /43/ ألف رجل أرمل وفق إحصاءات 2018.
وأشار تقرير المسح أيضاً إلى وجود /84/ ألف امرأة مطلقة وأن /2.676/ مليون امرأة لم يسبق لهن الزواج، وكشف أيضاً عن /130/ ألف زوجة ثانية.
وحول نتائج هذا المسح أوضح الدكتور إحسان عامر مدير المكتب المركزي للإحصاء في تصريح خاص لـ”العالم الاقتصادي” أن الحرب حالت دون إجراء تعداد للسكان في سورية عام 2014 وأصبح من الضروري إجراء بعض المسوح التي تبين الخصائص الديموغرافية والاجتماعية للسكان خاصة حيث طرأ تغير كبير على البنية السكانية والتركيب السكاني والخصائص المتعلقة بالتركيب العمري والتركيب التعليمي والصحة.
وأضاف: “بعد أن نفذ المكتب المركزي للإحصاء في عام 2009 المسح الصحي الأسري ارتأينا في المكتب المركزي للإحصاء مع هيئة التخطيط والتعاون الدولي أن نجري مسحاً اجتماعياً متكاملاً لعينة من الأسر تكون لتوضح الخصائص والديموغرافية والتركيب العمري والحالة التعليمية والصحية والنفقات للسكان، ويتكون المسح من خمس استمارات في مسح واحد بعد دراسة متكاملة من قبل فريق عمل فني من عدة جهات معنية بمخرجات المسح، وضمت الاستمارة في مجمل المسح حوالي /45/ صفحة وصدرت النتائج ودرست بشكل معمق ولها تفصيلات كثيرة.
وتابع عامر: “هذا المسح شمل عينة من الأسر من المحافظات عدا إدلب والرقة ودير الزور وبعض المناطق بريف حلب والمناطق التي لم يتمكن الباحث الإحصائي من الوصول إليها ونتمنى أن يتم تنفيذ المسح في إطار متكامل للسكان والمساكن من خلال التعداد ونسعى جاهدين مع الحكومة أن يتم إجراء تعداد للسكان والمساكن بحيث يشمل الأراضي السورية كافة بعد تحقيق الاستقرار” وهناك رؤية لإجراء مسح من هذا النوع بعد عودة الاستقرار إلى كافة المحافظات واستقرار السكان في مناطقهم بحيث يشمل هؤلاء ويكون أكثر دقة، وعلينا أن نفرق بين المسح والتعداد؛ فالتعداد هو حصر كل السكان المتواجدين على بقعة جغرافية وهذا يحتم زيارة كل الأسر السورية الموجودة على الأراضي السورية ونأخذ عدد السكان وخصائصهم، ونظراً لظروف الحرب نجري مسوحاً تتم بالعينة.
وأضاف: “تعداد عام 2004 متقادم وأصبح غير مناسب للاستخدام نتيجة الحراك السكاني بسبب الظروف التي فرضتها الحرب (داخل المحافظة الواحدة وبين المحافظات وخارج القطر)، وهذا أمر مسلم به ولذلك تم أخذ عينة عشوائية من المناطق الجغرافية تشمل هذه المناطق سواء في الريف أو المدينة وكلما حرر الجيش العربي السوري منطقة وفي حال عودة السكان إلى هذه المنطقة تُشمّل في العينة فهناك مناطق حررها الجيش ولم يستطع السكان العودة إليها لظروف أمنية ومن المؤكد وبعد أن يتحقق الاستقرار في جميع المناطق نقوم بالتعداد وهو أمر مهم جداً ونتمنى أن تعود إدلب والرقة وبعض المناطق في ريف حلب وكلما أجرينا مسحاً نتابع المناطق التي يعود إليها سكانها لنعود ونشملها ضمن عيناتنا ونحدد في الاستبيانات ما إذا كانت الأسرة مقيمة في هذه المنطقة أو هي قادمة من محافظة أخرى أو متنقلة ضمن المحافظة الواحدة وهذا يظهر بوضوح في الاستبيان فانتقال السكان يمكن أن يغير الخصائص المتعلقة بالأسرة كي تتأقلم مع خصائص المجتمع الجديد ولذلك أخذنا خصائص الأسر النازحة.
وحول المهاجرين خارج القطر أوضح عامر أن الهجرة بدأت في بداية الحرب وأخذت مسارها الأكثر في عام 2015، ولم نرصدها بالعدد بل نعتمد على أخذ المسار الطبيعي للسكان في حالة السلم وتقديرات السكان الموجودين حالياً من خلال عدة سيناريوهات نجريها مع جهات متعددة والتفاضل بينها ليخرج لدينا حجم الهجرة إضافة إلى رصد التقارير الدولية للتعرف على عدد المهاجرين فالعمل المسحي يتعلق بالسكان ولهذا نحن بحاجة إلى تعداد حتى نقدّر أماكن تواجد السكان وفي الحالة الطبيعية قبل الحرب يتم إجراء التعداد في فترة افتتاح المدارس بحيث يكون السكان قد استقروا لمعرفة أماكن تواجدهم وهي تختلف عن بيانات السجل المدني فكيف بالأمر في أوقات الحرب؟ ولذلك نحتاج إلى استقرار.
وحول تعداد المنشآت الاقتصادية والاجتماعية التي بدأ به المكتب المركزي للإحصاء قال عامر: بدأنا بأعمال جزئية من التعداد خاصة فيم يتعلق بالمنشآت ويقوم المكتب المركزي للإحصاء الآن بتنفيذ تعداد شامل للمنشآت الاقتصادية والاجتماعية في خمسة محافظات: اللاذقية وطرطوس ودمشق وريف دمشق والسويداء وفي العام القادم سوف نكمل في بقية المحافظات وبحيث نكون قد أخذنا جزءاً من التعداد فتعداد السكان والمساكن مرتبط ببعضه ويحتاج إلى استقرار ويمكننا أن نباشر في المحافظات المستقرة بتعداد السكان والمساكن لمعرفة تواجد السكان والهجرة وكل الخصائص المتعلقة بالسكان وهو أمر ضروري وهام لكن الظروف لم تكن متاحة لذلك خلال الحرب.
بدوره بيّن المدير التنفيذي للمسح الديموغرافي الدكتور طلال بوفه مدير الدراسات السكانية والاقتصادية أن المكتب المركزي للإحصاء نفذ المسح الديمغرافي الاجتماعي المتكامل المتعدد الاغراض لعام 2017 بهدف توفير قاعدة غنية بالبيانات والمؤشرات الديمغرافية والاجتماعية والاقتصادية لاسيما خلال فترة الحرب التي شهدتها سورية منذ عام 2011 والتي انعكست تأثيراتها ببروز جملة من التغيرات طالت مجمل المستويات الاقتصادية والاجتماعية.
وأضاف: استهدف المسح عينة من الأسر بلغ حجمها ما يزيد عن /28000/ أسرة وهي عينة عنقودية عشوائية تم تحديدها حجمها وسحبها وفقاً للأساليب العلمية الخاصة بتصميم العينات واشتمل الاستبيان الخاص بهذا المسح على خمسة استبيانات فرعية.
وتابع بوفه: شمل المسح محافظات القطر كافة باستثناء محافظات إدلب- دير الزور والرقة, أما بالنسبة للمناطق التي لم يشملها المسح فهي بصورة رئيسية ريف حلب, والغوطة الشرقية, فالعدد الاجمالي للأسر التي طالها المسح بلغ ما يزيد عن /28000/ أسرة.
Discussion about this post