بقلم: عمار الصبح
لماذا فشلنا فيما نجح كثيرون؟ فإذا كانت دول كتايوان، وفيتنام، وكوريا الجنوبية، وماليزيا وسنغافورة وغيرها الكثير من الدول لديها نماذج ناجحة في الإدارة والتنمية، نجحت إلى حد بعيد في تطبيقها، وبدأت أيضاً بقطف نتائجها، فلماذا نعجز نحن عن المسير قدماً في الإصلاح الإداري الشامل رغم وجود النية لذلك، ووجود خطط للإصلاح الإداري التنموي والمستديم، وفوق ذلك كله وجود قدرات للطاقات البشرية السورية القادرة على النهوض بهذا المشروع التنموي.
لا نريد استعارة نماذج جاهزة أو قوالب غيرنا حتى ولو كانت مجربة وناجحة في بلدانها، ما نريده هو مشروع للإصلاح الإداري سوري الأصل والهوية، منتج وطني بامتياز يأخذ بالاعتبار ظروف بلدنا وقدراتنا الحقيقية دون مبالغة أو تهويل، هو باختصار المشروع الوطني للإصلاح الإداري الذي طرحه السيد الرئيس بشار الأسد قبل عام، ورسم فيه خارطة طريق مفصلّة لمن يريد حقاً أن يعمل، مشروع لا مجال فيه للتنظير ولا مكان فيه للمنتفعين ممن همهم وضع العصي في العجلات، مشروع هكذا لو قيض له النجاح – وعوامله موجودة- فسينقل سورية إلى مصاف جديدة، وسيكون اللبنة الأساسية لعملية النهوض الشامل بالأداء الإداري والعمل المؤسساتي للوزارات والهيئات والمؤسسات العامة في المرحلة القادمة، ومكافحة الخلل الإداري بكل جوانبه.
المشروع مفصلاً
نبدأ بالحديث عن تفاصيل المشروع وخطواته التنفيذية، والذي أعدته وزارة التنمية الإدارية، حيث يشمل البرنامج التنفيذي للمشروع أربع مراحل تبدأ بمرحلة التأسيس التي تضمن تأمين متطلبات البنية التشريعية والفنية واللوجيستية، من خلال مناقشة وإقرار مشروع قياس الأداء الإداري للجهات العامة في مجلس الوزراء، ووضع الإطار القانوني الناظم للمشروع إضافة إلى القرارات التنظيمية والتعاميم الصادرة عن رئيس مجلس الوزراء، والقرارات التنظيمية الصادرة عن وزير التنمية الإدارية والوزير المختص.
كما تتضمن إحداث مركز دعم وقياس الأداء الإداري للجهات العامة، وإحداث مركز خدمة الكوادر البشرية في الدولة، وتصميم نافذة إلكترونية بعنوان “منبر صلة وصل” مرتبطة ببرنامج أرشفة دوري، وبناء قاعدة معلومات مركزية لمعالجة عملية احتساب نقاط شرائح قياس المعايير، وبدء إطلاق المرحلة التجريبية لـ”منبر صلة وصل”، وتستمر المرحلة التجريبية لمدة ثلاثة أشهر، ومناقشة مشروع تمكين مديريات التنمية الإدارية وتقليص حجم الوحدات التنظيمية ذات العمل الإداري في الوزارات.
مرحلة 2+3
المرحلة الثانية للبرنامج التنفيذي وهي مرحلة الحضانة والمفروض أنها انتهت، تتضمن جمع البيانات والمعلومات الأولية، وإطلاق العمل عن طريق وضع واعتماد الإجراءات التنفيذية لعملية قياس الأداء الإداري، وتنظيم آليات جمع البيانات والمعلومات، وفق نماذج تعد من قبل مركز دعم وقياس الأداء الإداري، ووضع الهيكل الإداري الأولي للجهاز الحكومي خلال الأسبوع الثاني من شهر آذار من عام 2018، وإطلاق الترتيب الأولي التجريبي للجهات العامة على مرصد
في حين تضمنت المرحلة الثالثة التمكين والاستجابة، والتي تبدأ في الأول من أيار وتنتهي في 30 تشرين الثاني 2018 دور الجهات العامة في الاستجابة وتطوير أدائها الإداري، بحيث تبدأ الوزارات بالعمل ذاتياً على إصلاح الخلل والاستجابة لتحسين الخدمات ومراجعة بنيتها التنظيمية، والعمل على تمكينها ودعمها وفق الخطط التنفيذية للتنمية الإدارية والبشرية المعتمدة من قبل وزارة التنمية الإدارية، ويتم العمل على الأخذ بنتائج عملية قياس الأداء المؤسساتي والاستفادة من النصائح والإرشادات المقدمة من قبل مركز دعم وقياس الأداء الإداري، وإصدار النسخة الأولى من ترتيب الجهات العامة على مرصد الأداء الإداري خلال الأسبوع الرابع من شهر تشرين الأول عام 2018.
قياس الأثر
أما المرحلة الأخيرة قياس الأثر التي تبدأ في الأول من كانون الأول 2018 وتنتهي بـ 30 تشرين الأول عام 2019، تضمنت استقرار آليات عمل المشروع ومتابعة دورة الحياة بحيث تمثل فترة نضوج حقيقي للمشروع، ولحظ الأثر الإيجابي على الأداء المؤسساتي والفني للجهات العامة، وستكون معظم الجهات أخذت المسارات الصحيحة للتنظيم والتأهيل المؤسساتي.
وتعتمد مؤشرات قياس الأداء الإداري على عدة معايير هي جودة التنظيم المؤسساتي، وتبسيط الإجراءات وتطبيق أنظمة موارد المؤسسات ومكافحة الفساد الإداري والاستجابة للشكوى، وقياس مدى رضا المواطن عن الخدمة ورضا الموظف عن الأداء.
العبرة في التطبيق
ما سلف كان موجزاً عاماً قدمته وزارة التنمية الإدارية لبرنامج المشروع وخطواته التنفيذية، ترافقت مع العديد من الندوات التي نظمتها الوزارة، وشاركت فيها لشرح ماهيات المشروع وخطواته التنفيذية، وتكفي زيارة لموقع الوزارة على الإنترنت وعلى الفيسبوك لتبيان حجم ما تقوم به الوزارة في هذا الخصوص.
لا نريد التقليل من حجم الأعباء والجهود الملقاة على عاتق الوزارة ولا أن نحملها أكثر مما تحتمل، فمشروع الإصلاح الإداري مشروع استراتيجي بحاجة إلى وقت ليس بالقليل حتى تظهر نتائجه على الأرض، فوضع المشروح والانطلاق بخطواته التنفيذية ليست إلا البداية، ولا يظنن أحد أننا سنقضي على الفساد الإداري وسنبدأ قطف ثمار هذا الإصلاح في بضع سنوات، فالمشروع طويل ولاشك ستواجهه العديد من المشكلات والعقبات التي كانت محوراً رئيساً من محاور الندوات والورشات والمؤتمرات التي أعقبت إطلاق الرئيس الأسد للمشروع.
نذكر على سبيل المثال لا العد ما ورد في ورقة عمل قدمتها الدكتورة ديالا حاج عارف وزيرة الشؤون الاجتماعية والعمل سابقاً في مؤتمر “المشروع الوطني للإصلاح الإداري: مقومات النجاح في سورية ما بعد الحرب” وكانت بعنوان: (كيف تدار الأمور قبل البدء بالمشروع؟ مدى إدراكنا لأخطاء الماضي وما آمالنا للمستقبل؟)، بينت خلالها أن فعالية الإصلاح الإداري تحتاج إلى البعد عن الفهم الجزئي للإصلاح الإداري، ولتأصيل منهج معرفي خاص بسورية لمفهوم الإصلاح الإداري، يبتعد عن النقل العشوائي والتلقائي للتجارب الأخرى، وإشراك جميع المؤسسات لإثراء الإصلاح الإداري، لكونه ليس جهداً تنظيمياً، وحسب، بل سياسي وإداري أيضاً.
الدور الرقابي للمؤسسات
ولفتت الوزيرة السابقة في ورقتها إلى أن محاولات الإصلاح الإداري كانت تأخذ طابع رد الفعل على ظهور مجموعة من العوامل السياسية والاجتماعية والسكانية، التي تؤثر في مسيرة الحياة المعيشية للمواطن ولم تكن استباقية مبنية على إستراتجية منهجية للإصلاح، وأن كل المحاولات السابقة لم تكن مبنية على فكر اقتصادي أو على رؤية اقتصادية، مؤكدة ضرورة معرفة شكل التوجه الاقتصادي، إضافة إلى الاعتماد بشكل رئيس على الوسائل الإدارية والتشريعية في الإصلاح، وبدرجة أقل على الوسائل السياسية، ولفتت إلى مفارقات الأجور والرواتب، وطبيعة العلاقة بين القيادات السياسية وإدارات الجهاز الإداري، وتداخل الاختصاصات وازدواجيتها.
وعن الأمل في المستقبل، لفتت الدكتورة عارف إلى ضرورة الاكتفاء عن تراشق التهم والإدانات، والتحول نحو تأصيل منهج خاص بالإصلاح الإداري، ودعم الدور الرقابي للمؤسسات، وتحديد المراحل الزمنية للإصلاح، والعناية باختيار كوادر الجهاز الإداري.
تحويل المحنة إلى محنة
ولكن “في ظل الفساد القائم في المجتمع، ما متطلبات وأدوات إنجاح هذا المشروع؟”، سؤال طرحه عضو مجلس الشعب الأستاذ في كلية الحقوق محمد خير العكام خلال المؤتمر، ليؤكد أن سورية بدءاً من عام 2000 لديها إرادة قوية في مكافحة الفساد الذي يعاني منه المجتمع، وبدأت بعملية إصلاح وتحديث في المجالات كافة إلا أنه وحسب العكام كان هناك جملة من العوامل الداخلية والخارجية أعاقت تلك العملية، وأدى إلى تراجع قدرة الدولة على السير قدماً في مشروع مكافحة الفساد، على الرغم من تلك الإرادة المتوافرة لديها، فكل ذلك أدى إلى زيادة حدة الفساد وتفشي هذه الظاهرة بدل محاصرتها.
وقال: الآن وبعد أن شارفت هذه الحرب على نهايتها، لا بد لنا من تحويل المحنة التي تمر بها سورية إلى منحة وفرصة جديدة للسير في عملية الإصلاح الشاملة ومكافحة الفساد، وضرورة أن تشعر جميع شرائح الشعب السوري من الناحية السياسية والاقتصادية بأنهم غير مهمشين وأنهم يشاركون في صنع القرار، وأن يكون الجميع مستفيداً من عملية الإصلاح على المدى البعيد، وأن يعي جميع هؤلاء أهمية ذلك وهذا يجب أن يكون عملاً حكومياً دائماً.
لا لتوطين تجارب الآخرين
كثيرة هي الآراء التي ترى عدم إسقاط تجارب الدول الأخرى في الإصلاح الإداري على الحالة السورية؛ فلكل تجربة ظروفها ولكل دولة مقدراتها، في هذا السياق يوضح الإعلامي ناظم عيد مدير تحرير الشؤون الاقتصادية في صحيفة البعث أننا فشلنا في تجربة مع الإصلاح الإداري، عندما حاولنا أن نوّطن تجربة فرنسية منذ أكثر من عشر سنوات عندما أحضرنا فريقاً ضم مستشارين ومتخصصين في هذا الجانب من فرنسا وفشلوا، ثم حاولنا أن نوطن أيضاً التجربة الماليزية عندما تفاعلنا مع الخط الماليزي وأيضاً لم تنجح التجربة، لأنه لدينا خصوصية.
كلام عيد جاء خلال ندوة نظمها المركز الوطني للأبحاث واستطلاع الرأي وقال فيها: “نحن أمام مشروع لم يعد خياراً، وعلى الرغم من أنها ليست المرة الأولى إلا أن كل المراقبين متفائلين لأنه برعاية رفيعة المستوى وقد وضع المشروع بطريقة مدروسة ومنظمة يُشرك التقنية في الأمر، ولم يُغفل جانباً من الجوانب بما فيه الفساد”.
ويعتبر عيد أن موضوع الإصلاح الإداري يُعتبر أخطر ملف يمكن أن يواجه الدولة، لأنه ليس إصلاح آلي أو نشر تقنية على نطاق واسع؛ وإنما لأنه يتعلق بالعامل البشري، وهذه هي الحيثية الأهم والأخطر وذلك بسبب وجود مشكلة في الترهل الإداري، فالترهل الإداري أولاً والبنية التشريعية التي وضعت هذا الموظف في مكانه، وثانياً بنية أو ثقافة العمل التي تُغلف العامل أو الموظف الحكومي في سورية بكل فئاته وتراتبياته.
مشوار طويل
ويرى الإعلامي عيد أن الفساد هو الابن الأكبر للترهل الإداري، وقد أصبح ثقافة، كما أنه يوجد ثقافة عمل متواضعة في التعاطي مع أعمال المؤسسات من قبل الموظفين لأن ثقافة الفساد أصبحت رائجة، ولفت إلى أن هذا المشروع سيأتي على تنظيم تدفقات العمالة إلى القطاعات الحكومية، وسيضع معايير جديدة للإسناد الوظيفي للمواقع القيادية مثلاً، وبالنسبة للموظفين والعمال الموجودين اعتبر أن الخلل موجود وهو خلل تشريعي بالدرجة الأولى لأنه يوجد قانون اسمه “قانون العاملين في الدولة” رقمه يغيب عنه -حسب عيد – أي معيار أو أي اشتراط حول مكان تعيين الموظف.
ويشير عيد إلى أن المشروع طويل ويستغرق وقتاً، ويجب أن يأخذ حقه لأنه يحتاج على الأقل لخمس سنوات، حتى يحقق عائد نلمسه على أرض الواقع، وأهم نقطة هي الكادر البشري الذي سيقوم بالإشراف على هذه المراكز والمرصد والموقع الالكتروني.
تشريعات جديدة
ينطلق البعض من ربط نجاح المشروع بضرورة إصدار تشريعات جديدة، حيث دعا الدكتور محمود زنبوعة معاون وزير النقل سابقاً إلى سن تشريعات جديدة تتناسب مع التطلعات المستقبلية، وتعديل التشريعات المعرقلة للإصلاح الإداري، وتشكيل وإعادة بناء المدونة الأساسية في علاقة المواطن والموظف وأخلاقيات الإدارة في الوظيفة العامة والشفافية وحقوق الإنسان.
واعتبر زنبوعة أن مشروع الإصلاح الإداري يعد استراتيجية موازية تقود جملة إصلاحات أخرى، تتعلق بالاقتصاد والمجتمع ويركز على مجموعة من المؤشرات النوعية ودور الدولة المحوري في ذلك، مبيناً أن الحلول التي طرحت فيه تستند إلى بناء مجموعة من المنظومات الابتكارية الشاملة، وأوضح أن العملية الإصلاحية تتابعية وتبادلية ومستمرة وفق استراتيجية تنموية شاملة.
معاون وزير الاقتصاد والتجارة الخارجية خالد أبو فخر يلفت النظر إلى بعض الصعوبات التي تواجه عملية الإصلاح الإداري، ومنها نقص الهيئات الاستشارية الإدارية وضعف الرقابة، وعدم الاهتمام بطرق وأساليب العمل الحديثة، والخروج عن نصوص القانون عند التنفيذ، والتساهل والتراخي في تحديد المسؤولية، واستعمال العقوبات وعدم اختيار العاملين بأسلوب علمي قائم على الكفاءة والجدية.
ويبين أبو فخر أن الإصلاح الإداري يتم تنفيذه عبر مراحل زمنية مع وضع مؤشرات لقياس الأداء الإداري وأهمها رضا المواطن، موضحاً أن من أدوات المشروع إحداث مركز دعم وقياس للأداء الإداري، وإحداث بوابة الكترونية للحصول على المعلومات ورصدها، وإحداث بنية تشريعية ملائمة، ونشر الوعي بين العاملين في الجهاز الإداري الحكومي حول أهمية وفوائد الإصلاح على المدى القريب والبعيد.
رؤية نقدية
ووصولاً إلى ما ذكره الدكتور مدين علي في دراسة نشرها مركز دمشق للأبحاث والدراسات “مداد” حول “الإصلاحُ الإداريُّ كمدخل لمحاربة الفساد في سورية “رؤية نقدية من منظور سياساتي”، والتي وضع فيها الفساد في مقدمة المعوقات حيث يرى أن الفسادُ أصبح حالةً طاغيةً بقوةٍ على طبيعةِ المشهد العام في سورية، بل يمكن القول: إنّه أصبح منظومة لها مفاهيمها وقوانينها، ولديها في الوقت ذاته الطابور الذي يقبض بحزم على مكامن القوة في البنية الهيكلية للإدارات والمؤسسات، ويبقى الأخطر من كل ما تقدم، هو تحول الفساد إلى حالة كيانيّةٍ كامنة في أعماق الضمائر والسرائر، لدى كثير من النخب ولدى الكوادر القيادية والبيروقراطية، في المستويات الإدارية المختلفة.
وهنا يشير الباحث إلى ثمة تحديات تواجه الإصلاح الإداري تتعلق بنوعية حامل البرنامج الذي يمسك بمواقع القرار في المستويات الإدارية والقيادية المختلفة (أي كوادر الحامل)، وعلى هذا المستوى يتولد التحدي الأكبر، إمّا من فساد بعض هذه الكوادر، أو من عدم امتلاك بعضها الآخر القيم والرؤية المطلوبة لقيادة البرنامج. وفي الحالتين تبقى النتيجة واحدة.
حملة نوعية ضد الفساد
ويرى الباحث أن الرؤى اتجهت طوال السنوات العشر الماضية، نحو تشخيص المشكلة الاقتصادية في سورية، وكأنها مشكلة إدارية وبيروقراطية بحتة، لا أكثر ولا أقل، ويبقى الأخطر هو ما جرى على مستوى الإصلاح الإداري الذي تم اغتياله، إذ حُشر عمداً في بوتقة عملية فنية وتقنية ضيقة، كما اختُزِلَ ببعض الأطر القانونية والجوانب التشريعية الصماء. وهذا ما حصل، إذ تم استصدار ما يزيد عن ثلاثة آلاف تشريع، وتم استحداث ــ إضافة لما هو قائم ــ العديد من المؤسسات والبنى الإدارية (التعليمية والتدريبية)، كالمعهد الوطني للإدارة العامة، والمعهد العالي لإدارة الأعمال، وكليات وأقسام مختلفة لعلوم الإدارة في الجامعات السورية العامة والخاصة، إضافة إلى التوسع الكبير في عدد برامج التعليم المفتوح والمعاهد التدريبية، واللجان الخاصة بتبسيط الإجراءات الإدارية والبيروقراطية وغير ذلك.
ويعتقد الباحث أن مقاربة علمية وعملية للإصلاح الإداري في سورية، كمقدمة لإصلاح اقتصادي شامل، يمكن الرهان عليه لمرحلة ما بعد الحرب (مرحلة إعادة الإعمار) لا يمكن أن تتحقق، إلا إذا جاءت في إطار منظور استراتيجي كلي متكامل، وأن ينطلق من عدة محاور أساسية إصلاح السياسات العامة للدولة التي يعتريها في جانبٍ كبيرٍ منها الضعف والقصور وغياب الرؤية، وهي بمعظمها (أي تلك السياسات)، لا تتعدى حدود كونها سياسة إدارة أزمات بأدوات ربما قاصرة وعفى عليها الزمن، لا أكثر ولا أقل، ويرى الباحث أن مكافحة الفساد، تتطلب حملة نوعية تستهدف الضرب بقوة على أيدي الفاسدين.
للعبرة فقط!!
من أبرز عوامل النهضة اليابانية بعد انهيار الاقتصاد الياباني بعد الحرب العالمية الثانية تطبيق مبادئ إدارية حديثة من بينها إدارة الجودة الكاملة، والعمل ضمن فريق متعاون وإتقان العمل الإداري وتحويله إلى قيمة اجتماعية مرتبطة بالثقافة اليابانية، والابتكار والتطوير، الفعال وإذا ما علمنا أن اليابان لا تمتلك أي موارد طبيعية، وتقع في موقع جغرافي ناءٍ، أدركنا أن استثمار العنصر البشرى هو عماد وركيزة التنمية والنهضة اليابانية، ويعود ذلك إلى: التنشئة والتربية الاجتماعية، ومناهج التعليم، وأنظمة وبيئة العمل، وغير ذلك، كما أن محاسبة القانون صارمة للمخالفين في اليابان، فلا يرحم القانون الغني أو الفقير، الوزير أو الغفير، فحينما تكتشف المخالفات، تدرس أسباب حدوثها، ويحاسب مرتكبوها، وتمنع تكررها، بالإضافة إلى أن القيم المجتمعية اليابانية تفرض على الشخص الاعتذار والاعتراف بأخطائهم.
Discussion about this post