بقلم: فــؤا اللحـــام *
تتوالى التصريحات الرسمية والخاصة بشكل متواتر عن إعادة تأهيل وتشغيل أعداد متزايدة من المنشآت الصناعية التي توقفت بسبب الحرب الدائرة في سورية وعليها.. هذه التصريحات التي تشعر من يطلقها بالرضا نتيجة إنجاز عمل مهم أو تسهيل القيام به تثير أيضاً حالة من التفاؤل لدى المواطنين بقرب انتهاء الأزمة والبدء بمرحلة التعافي.. لكن هل هذا كل شيء.
منذ عام 2015 برزت بوضوح عملية التأقلم مع الأزمة والتعامل معها بواقعية، وقد تمثل ذلك بنقل ما يمكن من الآلات والمعدات الصناعية من الأماكن المشتعلة إلى المدن والمناطق الآمنة وتشغيلها قدر الإمكان، وعندما تمت استعادة المدن والمناطق الصناعية عاد قسم من الصناعيين إلى منشآتهم وأعادوا بإمكانياتهم المالية والفنية تأهيل وتشغيل ما يمكن منها، وانحصر الجهد الحكومي في إعادة تأهيل ما يمكن من البنى التحتية والخدمية، لتعلن التصريحات الرسمية أن حوالي 50 % من عدد المنشآت الصناعية التي كانت موجودة قبل الأزمة قد عادت للعمل والإنتاج أي نحو /65/ ألف منشأة.
لكن بعيداً عن التعبير بالرضا والتفاؤل، وفي إطار العمل على تلمس الواقع الفعلي الذي تعيشه المنشآت التي تمت إعادة تأهيلها وتشغيلها لابد من السؤال عن الوضع الحقيقي لهذه المنشآت وهل انتهت مشاكلها ومعاناتها بإعادة تشغيلها؟… الجواب قطعاً بالنفي لأن الواقع يشير إلى أن الأغلبية العظمى من المنشآت التي تمت إعادة تأهيلها وتشغيلها لا تعمل بكامل طاقتها الإنتاجية ولا حتى بنصفها لأسباب عديدة في مقدمتها ضعف الطلب ونقص الطاقة واليد عاملة الفنية وارتفاع تكاليف الإنتاج وصعوبة التمويل والاستيراد، إضافة إلى الفساد والتهريب وغيرها…
وليس مخفياً على أحد أن بعض الصناعيين من الذين أعادوا تأهيل منشآتهم وتشغيلها يبدون اليوم حالة من اليأس والندم وخاصة أن التشغيل الجزئي والتوقف المتكرر يومياً وأسبوعياً وشهرياً يكبد عدداً من الصناعات خسائر مالية وفنية كبيرة سواء بالنسبة لتكاليف الإنتاج أو الوضع الفني للآلات والمنتجات، والأخطر من ذلك أن مثل هذه الحالات تجعل العديد من الصناعيين الآخرين يتريثون في إعادة تأهيل منشآتهم ألمتوقفة بانتظار تبلور الأمور.
من هنا تغدو عملية معالجة مشاكل المنشآت الصناعية التي عادت للتشغيل مهمة وضرورية لا تقف عند الوعود والإشادة بما تم والكلام الطيب الذي يتكرر في كل لقاء رسمي، وإنما في معالجة حقيقية للصعوبات التي تواجهها هذه المنشآت وفق برنامج زمني محدد يترافق باعتماد برامج دعم فني لهذه المنشآت، يعزز قدرتها التنافسية إنتاجياً ومالياً وتسويقياً وإدارياً ويمكنها من مواجهة التحديات الحالية والمستقبلية التي تواجهها ويعوض التراجع الذي حصل لديها بسبب الظروف الراهنة، الأمر الذي يجعل عملية إعادة تأهيل وتشغيل المنشآت الصناعية عملية متكاملة وفعالة وتحقق الأهداف المرجوة منها صناعياً ووطنياً.
* أمين سر جمعية العلوم الاقتصادية السورية
Discussion about this post