يحتدم الجدل في أنحاء العالم حول أنماط الاستهلاك الغذائية وتأثيرها على البيئة حيث يهاجم أنصار البيئة الكثير من عادات الاستهلاك التقليدية، لكن بعض البحوث العلمية أثبتت أن بعض عادات النباتيين الجديدة أكثر ضرراً بالبيئة مثل حليب اللوز، الذي بدأ ينتشر على حساب حليب الأبقار.
تصدر كل أسبوع عشرات التقارير والبحوث التي تخوض في تحولات الاستهلاك الواسع للكثير من المنتجات الغذائية وتأثيرها على البيئة وسط تقديرات متباينة لأنصار حماية البيئة والبحوث العالمية، التي تفند الكثير من ادعاءاتهم.
وتروج جماعات النباتيين لاستهلاك أنواع من الحليب مثل حليب اللوز كبديل عن حليب الأبقار، بحجة أن تربية أعداد كبيرة من الأبقار لغرض إنتاج الحليب مضرة لأنها تصدر انبعاثات مضرة بالبيئة.
وتتزايد يوماً بعد يوم أعداد المتحمسين لأنماط الاستهلاك المستدامة التي تحافظ على البيئة، في وقت تطارد صناعة الأغذية آخر المستجدات لتعديل بوصلتها وفق الانقلابات المتسارعة ونتائج البحوث العلمية.
يقول توني نايلر في مقال في صحيفة “الغارديان”: إن بحث المستهلكين عن أنماط استهلاك مستدامة في غاية الصعوبة، وأن الكثيرين يقفزون بسرعة لتصديق ما يكتب على المنتجات ويقعون في مطب الإضرار بالبيئة بدل حمايتها.
ويضيف أن المستهلكين عليهم البحث أبعد من ملصقات الأغذية وعناوين الأخبار، ويشير إلى أن الكثير من الأخطاء شاعت مؤخراً بين المستهلكين والتي دحضتها البحوث العلمية.
ومن بين تلك الأخطاء حملة التخلي عن حليب الأبقار والتحول إلى بدائل نباتية، والتي يطلق عليها البعض “كاوسبيرسي” في إشارة إلى مؤامرة ضد حليب الأبقار، والتي أدت لانتزاع تلك البدائل لحصة تصل إلى 12 % من مبيعات الحليب في أوروبا استناداً لمرصد يورومونيتر.
وتؤكد البحوث العلمية أن البصمة الكاربونية للتر حليب اللوز تصل إلى /360/ غراماً من الانبعاثات مقابل /1.67/ غراماً فقط لحليب الأبقار، أي إن أضرار الأول على البيئة تزيد على /215/ مرة على أضرار حليب الأبقار.
ويقول بيتر هيمنغواي من رابطة المطاعم المستدامة الأميركية: إن المستهلكين لا يعرفون الأضرار التي يلحقها إنتاج حليب اللوز بولاية كاليفورنيا التي تنتج 80 % من اللوز في العالم.
ويشير إلى أن إنتاج ليتر من حليب اللوز يتطلب /6098/ ليتراً من المياه وهو ثمن باهظ على بيئة الولاية التي تعاني من الجفاف منذ نحو /10/ سنوات، أما حملة مقاطعة أسماك القد (كود) فتشير البحوث إلى أن معظمها ينتج في مزارع ولا يؤثر على التوازن البيئي في المحيطات مثلما هو شائع بين أنصار البيئة.
وتشير صحيفة الغارديان إلى أن البحوث العلمية لا تدعم حمى التحول نحو البلاستيك العضوي في تغليف الأغذية، وأنه في الواقع مجرد بلاستيك ملوث للبيئة ومعظمه لا يتحلل، إضافة إلى أن إنتاجه أكثر كلفة على الطبيعة.
لكن البحوث تتفق مع جدوى التحول نحو استخدام عبوات المياه التي يعاد ملؤها وتعتبره من أكثر التحولات فائدة للبيئة وتساهم في الحد من التلوث الخطير.
وتضيف الصحيفة: على المستهلكين التحري عن مكان إنتاج بعض المحاصيل أيضاً، فالصويا التي تنتج في جنوب إفريقيا والبرازيل مسؤولة عن تدمير الكثير من الغابات، في حين أن إنتاجها في أوروبا والولايات المتحدة يستوفي المعايير البيئية.
في السياق نفسه تشير الكاتبة في صحيفة “فايننشال تايمز كلو كورنيش” إلى انتشار شراب زهور لصنع شاي غريب يتغير لونه من الأزرق إلى الأرجواني عند إضافة الليمون، على اعتبار أنه شراب صديق للبيئة.
لكنها تضيف أن المتحمسين له يغفلون أن هذه الزهرة تنمو في تايلاند وتفرض الحاجة إليها طازجة في المملكة المتحدة، نقلها عن طريق الجو، وتتساءل: كيف ينسجم ذلك مع الحلم النباتي الأخضر النقي؟
ويحذر مايك بيرنرز لي مؤلف كتاب “ما مدى سوء الموز؟ الأثر الكربوني لكل شيء” من أن الأطعمة النباتية العصرية التي تحتاج إلى أميال لنقلها جواً أو تغليفها تبطل فوائد بيئية للامتناع عن تناول اللحوم والأجبان.
أما جوزيف بور من جامعة أكسفورد فيرى أن التحول إلى النظام النباتي الصرف في جميع أنحاء العالم من شأنه أن يقلل من مساحة الأراضي اللازمة للزراعة بواقع 3.1 مليار هكتار أي بحجم القارة الإفريقية.
وتشير تقديرات بور إلى أن النظام النباتي الصرف في جميع أنحاء العالم يمكن أن يساعد أيضاً في تخفيض انبعاثات غازات الاحتباس الحراري بمقدار الربع، لكن بعد التأكد من دقة أنماط الاستهلاك علمياً.
ووجدت الدراسة التي نشرت في مجلة التغير المناخي (كلايمت تشنغ) أن تناول غذاء يحتوي على نسبة عالية من اللحوم يتسبب في انبعاث 7.2 كغ من ثاني أكسيد الكربون يومياً، مقارنة مع 3.8 كغ للنباتيين.
Discussion about this post