العالم الاقتصادي- رصد
كيف ستقنعون المستثمرين؟
تتسع طموحات الدول العربية لجذب المزيد من استثمارات الطاقة النظيفة مع تصدرها رهانات الحكومات لإنعاش الاقتصاد وتخفيف الاعتماد على الطاقة التقليدية مع تأكيد الخبراء أن العالم بات في مفترق طرق ولا بد من الهرب سريعا من الأزمات المتراكمة.
تحولت الأنظار إلى العاصمة الأردنية عمّان التي شهدت تدشين أعمال المنتدى الدولي السابع للاستثمار بالطاقة المتجددة وكفاءة الطاقة والذي تنظمه الهيئة العربية للطاقة المتجددة (أريك) بمشاركة عربية ودولية.
ويشكل المنتدى، الذي يأتي بينما يواجه الاقتصاد العالمي ظروفا قاسية بفعل الاحتباس الحراري والحرب في أوكرانيا، منصة لتبادل الأفكار ومناقشة التحديات بين أصحاب القرار والوقوف على آفاق تطوير استثماراته بشكل مستدام ومدى تأثيره على سوق العمل.
ويناقش المنتدى على مدى ثلاثة أيام العديد من الموضوعات المهمة والحيوية في مجالات متعددة للطاقة المتجددة وكفاءة الطاقة والمدن الذكية والشبكات الذكية والهيدروجين الأخضر والاستدامة.
وتركز محاور فعاليات الحدث على آليات الاستثمار بالطاقة المتجددة والأنماط الزراعية المبتكرة وإدارة الطاقة والسيارات والشبكات الذكية والهيدروجين الأخضر والاستدامة وتجارة الكربون والاقتصاد الأخضر والمدن الذكية والشبكات الذكية.
وتواجه البلدان وخاصة دول منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا العديد من التحديات لتحقيق التحول إلى الطاقات النظيفة بالنظر إلى المشاكل السياسية والاقتصادية والبيئية والاجتماعية ورأس المال البشري.
ويرى خبراء أنه لمعالجة هذه التحديات ينبغي الانتقال نحو الاقتصاد الأخضر بوتيرة أسرع والاعتماد بشكل كبير على الطاقة النظيفة في عمليات الإنتاج والتصنيع مستقبلا.
وأكد رئيس الهيئة العربية عيسى الكواري خلال افتتاح المنتدى أن من أبرز التحديات التي تواجه الانتقال إلى الطاقة المتجددة والتنمية المستدامة في المنطقة العربية توفير البنية التحتية اللازمة وإنجاز الربط الكهربائي بين الدول.
ونسبت وكالة الأنباء الأردنية الرسمية إلى الكواري قوله إن “ذلك يستوجب تحقيق التكامل الاقتصادي العربي بما يخدم المجتمعات والحكومات”. وأشار إلى أن هذه القضايا أضحت ذات أهمية جوهرية في تحقيق التقدم والازدهار المنشودين للعالم العربيّ ككلّ.
وأوضح أنه لا يمكن تحقيق هذه الأهداف الإستراتيجية إلّا بتشجيع الشباب على البحث العلمي والابتكار سواء بدعم المراكز البحثية والجامعات أو بالمبادرات الكفيلة باحتضان رواد الأعمال وتوفير الدعم اللازم لهم لمواصلة مسيرتهم وتطوير أفكارهم.
وتتصدر اتجاهات التحول إلى مجال الطاقة الخضراء أولويات معظم حكومات العالم، لكن حجم الاستثمار والدعم المطلوب للمشاريع في هذا القطاع الواعد بالدول العربية لا يزال يشكل تحديا كبيرا خاصة للدول التي تعاني من ضائقات مالية أثرت على اقتصاداتها.
وخلال الأعوام الأخيرة ظهرت مبادرات الطاقة الشمسية مثل مجمع نور ورزازات في المغرب، ومنتزه بنبان للطاقة الشمسية في مصر، وأيضا مزرعة الظفرة بإمارة أبوظبي وغيرها. وكانت قطر قد دشنت قبل أيام محطة لإنتاج الطاقة النظيفة.
كما أن السعودية وسلطنة عمان بدأتا تفعلان في إستراتيجياتهما المتعلقة بتوليد الطاقة المستدامة من العديد من المصادر، لكنّ دولا أخرى مثل الأردن وتونس لا تزال تواجه عقبات.
وقالت أمين عام وزارة الطاقة في الأردن أماني العزام، إن بلدها “واجه خلال الأعوام العشرة الماضية العديد من التحديات في قطاع الطاقة والتي كان أحد أهم أسبابها الاعتماد الكلي على استيراد الطاقة”.
وتشير التقديرات الرسمية إلى أن واردات الطاقة للبلد بلغت في 2011 نحو 98 ما أدى إلى تحمله خسائر كبيرة، أثرت على قطاع الطاقة خاصة وعلى الاقتصاد الكلي بشكل عام.
وأضافت العزام “كان لزاما صنع أهداف إستراتيجية تتمحور حول طاقة آمنة ومستدامة وموثوقة بكلف مناسبة يتم تأمينها ما أمكن بالاعتماد على الذات وبتنويع المصادر”.
وتابعت “جاء التركيز على تطوير قطاع الطاقة المتجددة وكفاءة الطاقة، والذي بدأ بتطوير البيئة التشريعية والتنظيمية، بفضل الإرادة السياسية والتشريعات والقوانين الناظمة التي خلقت مناخا استثماريا يتمتع بمخاطر منخفضة”.
/300/ غيغاواط مقدار الزيادة في الطلب على الكهرباء بالمنطقة العربية بحلول نهاية هذا العقد
ويضغط التطور الهائل بالتكنولوجيا والمعرفة والذكاء الاصطناعي على كل الحكومات والمجتمع الدولي لتحقيق العدالة الاجتماعية للجميع وتكافؤ الفرص. ويفرض هذا التطور احترام التخصص والإبداع وتحقيق التنمية المستدامة للجميع عبر الوصول إلى أمن الطاقة.
ويتوقع خبراء هيئة أريك، التي تم تأسيسها في 2010، أن يصل حجم الاستثمارات العربية في الطاقة البديلة إلى أكثر من 700 مليار دولار حتى 2040.
وثمة توقعات نشرها خبراء الهيئة في تقرير لهم صادر العام الماضي تظهر أن الطلب على الطاقة الكهربائية سيتزايد بالمنطقة إلى أكثر من 300 غيغاواط بحلول نهاية العقد الجاري.
وتبرز الحاجة للعمل على بنية تحتية متكاملة ومتطورة ومؤسسات قوية وبناء مدن ذكية للأجيال القادمة. وتؤكد المؤشرات أن معظم المجتمعات ستتحول إلى مدن متطورة ذكية مستدامة كوسيلة وحيدة للحفاظ البيئة خاصة مع الضغوط التي تمارسها منظمات الدفاع عن المناخ.
وكانت أريك قد وضعت منهجية عامة لإستراتيجية الطاقة لكل الدول العربية كخطوة رئيسية لتحقيق التنمية المستدامة. ولا تزال الطاقة النظيفة خاصة الشمسية والرياح، تساهم بالحد من الذروة ولا تعتبر من الحمل الأساسي عدا الطاقة المائية مما يجعلها تلقى إقبالا لافتا على استغلالها.
ويختلف ميزان الطاقة في دول الشرق الأوسط وشمال أفريقيا تماما عن الدول الغربية حيث أن العديد من الدول العربية منتجة للنفط والغاز، ويتطلب منها مزيجا من الطاقة يراعي الاحتياط الإستراتيجي للطاقة التقليدية والتحول للطاقة المتجددة.
وتؤكد سياسات الدول المنتجة للنفط والغاز وخاصة في الخليج العربي أن السباق المتسارع نحو استثمار الطاقات البديلة، سيبقى بعيدا عن منافسة الوقود الأحفوري، الذي سيظل المصدر الرئيسي للطاقة لعقود طويلة.
ولا يزال النفط شريان الحياة الرئيسي في دول الخليج، كونه مصدر نحو 70 في المئة من الإيرادات الحكومية في المنطقة، التي شهدت لعقود تدفق أرباح هائلة من عملية بيع “الذهب الأسود”، وهي تجني اليوم تبعات ما يحصل في شرق أوروبا.
ويشير محللون إلى أن هناك علاقة كبيرة بين الطاقة النظيفة والتنمية الاقتصادية وفرص العمل تستدعي من الدول العربية التحول نحو تعزيز فرص الاستثمار في هذا المجال وبوتيرة أسرع.
– العرب –
Discussion about this post