دللوا السياحة اذا كان غيرها نائم

العالم الاقتصادي- رصد

هل تعرفون لماذا يظهر لنا أنّ هناك دلالاً حكومياً للسياحة، وهل تعرفون أن هذا الدلال ليس مُخطط له ولا حتى مقصوداً، وليس لأن الحكومة تريد أن تدلل هذا القطاع .. بل لأنّ وزارة السياحة كانت محظوظة بوزراء يريدون العمل ويعرفون كيف يعملون والاهم يعرفون كيف يخططون وكيف يقرأون الظروف فقاموا باستثمارها .. هكذا بكل بساطة؟

لقد حظيت وزارة السياحة خلال سنوات الأزمة بإدارتين متتاليتين “الحالية والسابقة “، كانتا متحمستان للعمل واستطاعتا قراءة المشهد ليس السياحي فقط وإنما المشهد الإقليمي والاقتصادي وحتى المالي والمصرفي بل والسياسي إن رغبتم،   ورأت أنّه يمكن القيام بخطة تعافي سياحي  في سورية، تذكرون أنه في عام 2017 كانت هناك بوادر حقيقية للتعافي والانفتاح الاقتصادي ووزير السياحة أنذاك سارع للاستفادة من الوضع والدفع بالسياحة الى الأمام ليس ضمن الامكانيات المتاحة بل بحسن إدارة الموارد المتاحة وهذا ماحصل وما يزال مع الوزير الحالي.

في الحقيقة لم يكن السياح الاجانب ضمن حسابات الوزارة  في البداية , كان يكفي تحويل وجهة المغتربين والسوريين من الأغنياء ورجال الاعمال من لبنان الى سورية، بينما كان لبنان في الطريق الى أزمة إفلاس “وحيث كانت سرقة ودائع السوريين احد عناوينها الرئيسية؟”

كانت وزارة السياحة بإدرتها الحالية والسابقة تُدرك أنّه يمكن المراهنة على السياحة الداخلية، وهذا ماحدث وكلنا كنا نسمع كيف أن فنادق الساحل ودمشق ولاحقاً حلب بدأت تعلن عن اتمام حجوزاتها بالكامل لدرجة من الصعوبة أن تجد غرفة في عز الموسم السياحي؟

طبعا الامتلاء هو دليل مهم ولكن مع الأخذ بعين الاعتبار محدودية عدد الفنادق المتاحة، وهذا مادفع الإدارة الحالية لوزارة السياحة للعمل على الإسراع بإنجاز المشاريع التي كان تم البدء بها فظهرت فنادق ومشاريع ومنشآت جديدة، وبدا الذراع الاستثماري لوزارة السياحة المتمثل بالشركة السورية للنقل والاستثمار قادرا على التقدم بمشاريعه وانجازها وهو ماحدث فعلاً؟

ولأخذ العلم  أي إنجاز في السياحة كان بالإمكان رؤيته بوضوح  شديد على اعتبار كان شبه وحيد بين القطاعات الأخرى، والشركة السورية للنقل والاستثمارات السياحة تمكنت من اللعب على وتر السياحة الشعبية بشكل متقن وأعلنت عن العديد من الشواطئ تحت مسمى السياحة الشعبية.

الادارة الحالية في وزارة السياحة كانت محظوظة لجهة قدرتها على فتح جبهات عديدة في القطاع السياحي عبر العمل والنجاح في جذب مستثمرين سوريين وغير سوريين  عبر إقناعهم بجدوى العمل والاستثمار في سورية خاصة مع صدور قوانين مهمة مغرية للمستثمرين، على سبيل المثال: اليوم نستطيع التحدث عن  مشاريع مهمة ينفذها أو حصل الروس على عقود لتنفيذها في الساحل.

أيضاً هناك شركات خليجية تقوم بحراك غير معلن لإحياء مشاريع حصلت على تراخيص بها قبل الحرب وهي بمليارات الدولارات، كما تم الاعلان عن شركة عملاقة للاستثمار في السيدة زينب في مشروع على مستوى المنطقة، وقبل أيام افتتح فندق كبير  في دمشق وقبله كان تم الإعلان عن فندق ضخم في حلب.

ولو قدر للمشاريع السياحية المرخصة أن تنطلق بالعمل فإننا نتحدث بشكل جدي عن مليارات الدولارات مايعني مئات الآلا لف من فرص العمل وتشغيل مئات المهن وصرف اموال بالقطع الأجنبي  وبالتالي ايرادات مهمة للخزينة وللاقتصاد الوطني.

إذاً مجموعة ظروف ساعدت في تعافي قطاع السياحة أهمها حيوية الإدارات التي حظي بها اقطاع ولاتقولوا أننا نمدحهم .. ولو أنّ الإدارات الأخرى في وزارت الاقتصاد والصناعة والزراعة والمالية المعنية بالاستثمار والدفع بالعملية الانتاجية استطاعت العمل كما جرى العمل في السياحة لكنا اليوم نسمع عن  استثمارت مهمة تم الدفع بها نحو القطاعات الانتاجية وبالشكل الذي  ينعكس على المواطن ومعيشته وحياته ودخله ولكن بدا واضحا أنه على المستوى الاقتصادي الكلي  لم تكن هناك خطط للتعافي ولا لاستثمار الموارد المتاحة ولا لحل المشاكل بشكل جذري بل تم تحويل كل شيء الى شماعة لتبرير عدم العمل وماتعانيه البلاد من نقص في الانتاج ومستلزمات الإنتاج، لقد كان هناك جمود في القطاعات الانتاجية  ناجم عن عجز الفريق الاقتصادي والوزرات الاقتصادية عن قيادة دفة العمل والاستثمار والتوجيه بها نحو العمل والإنتاج؟

اليوم وبكل بساطة هل تستطيع وزارة الاقتصاد أن تعطينا رقماً واضحا لحجم الصادرات، هي تكنفي  بسرد نسب نمو الصادرات والتي تخبئ وراءها ارقام من الواضح أنها لاتريد الاعلان عنه لمحدوديتها.

هل تستطيع وزارة الاقتصاد أن تقول لنا كيف انعكس برنامج  احلال بدائل المستوردات على تقليض فاتورة الاستيراد وعلى التضخم وسعر الصرف وعلى المواطن وحياته؟

هل تستطيع وزة المالية أن تقول لنا الى اي حد ساهمت الجباية في تحقيق العدالة الضريبة وعلى التوازي  كيف ساعدت في انعاش المنشآت وتطور أعمالها واتساعها  وليس انكماشها وتراجعها؟

هل تستطيع وزارة  الزراعة أن تقول لنا عن خطتها لاستعادة الأمن الغذائي على الأقل استعادة كفاف قمحنا.. وهل اعتقدت فعلا ان مبرراتها لخسارة عام القمح مقنع، لأنّ من يريد عام للقمح عليه ان يخطط ويقرأويحسب كل الحسابات بما فيها حسابات المناخ؟ ..

انعدام الإنجازات على صعيد الانتاج والتطور الاقتصادي الذي يشعر به المواطن  وعدم وجود حالات حقيقية ومؤثرة على الاقتصاد الكلي هو الذي جعل السياحة تتصدر بل وتأخذ طريق التعافي وهي التي كان يجب أن تكون آخر من يتعافى ..

الأرقام تتحدث  أن هناك سياح أجانب وعرب قدموا الى سورية وعددهم سيفوق المليون سائح , وهناك مغتربون يأتون وهؤلاء لم يكونوا ليأتوا لولا تلمسهم تحسناً  في الواقع السياحي وخدماته بغض النظر عن استئثار المنشآت السياحة بجزء من الكهرباء والوقود على حساب الناس عبر بدعة الخطوط الذهبية.

اليوم نحن ننتظر أن تقول لنا وزارة السياحة حجم العائدات  التي شارك بها قطاع السياحة في خزينة الدولة وأن تقول لنا عدد فرص العمل التي وفرها القطاع السياحي وحجم الاستثمارات التي استطاع جذبها، كلنا أمل أن ينتعش قطاع السياحة أكثر وأن تدعمه الحكومة فعلا وبشكل حقيقي فهذا أفضل من محاولة القول أنّها لاتفضل الاستثمارات السياحية على الاستثمارات الأخرى وكأنّ الاهتمام بالاستثمار السياحي تهمة، لتمتلأ هذه البلاد بالمنشآت السياحية طالما أن رأس المال الخاص هو الذي يقسمها ولتقدم فرص العمل للعاطلين والباحثين عن فرصة، ليأتي السياح والزوار والمغتربين ويصرفوا ويحركوا الاسواق ويرفدوا الخزينة مالعيب في ذلك .. العيب أن بعض مسؤولي الحكومة منفعلون وغير فاعلون؟

يجب قراءة أرقام السياحة والبناء عليها، يجب مساندتها والاستجابة لاحتياجاتها فإذا كنا قادرين على الدفع بقطاع السياحة عبر الاستفادة من جملة من المعطيات والظروف التي تخدم فلما لا .. لماذا لاندعم القطاع ونعمل على تعظيم مشاركته في الدخل الوطني، فكل مقومات السياحة متوفرة بل لدينا ميزة التنوع ما بين سياحة الاصطياف والاستجمام والبحر والجبال والآثار والدين والسياحة التجميلية فيما لو عرفنا استثمارها ودعمها وتسويقها .. الخ..

السياحة دليل تعافي فعلاً وتعافيها من تعافي البلد.. ولكن الزراعة والصناعة هي التعافي ذاته وهذا مايجب أن يدركه وزراء الفريق الاقتصادي؟؟

إذا كانت القطاعات الإنتاجية تمتلك إدارات غير قادرة على الدفع بها الى الأمام .. فلتدلل الحكومة السياحة ما المانع؟ .. فمن يعمل يستحق الدلال .. وطالما أن السياحة يمكن أن تكون رافدا للاقتصاد الوطني فلنعطيها كل ماتستحقه ..

هامش:

من الواضح أن الغيرة دبت في نفوس إدارات الوزارات الأخرى وبدأت تعلن عن متابعتها للاستثمارات لديها يعني ” فعل وردة فعل “

 طوبي لإدارة وزارة السياحة .. فرغم كل شيء نستطيع ان نكون بلداً سياحياً

ورغم كل شيء نستطبع ان نكون بلداً انتاجياً  لكن ليس بالإدارات الحالية؟

 – سيرياستيبس–