العالم الاقتصادي- رصد
بددت مسودة ميزانية لبنان لهذا العام الطموحات في إمكانية تحقيق الحكومة أهداف التوازن المالي لإنعاش الاقتصاد المنهك للبلد الذي يكافح دون جدوى لمعالجة الاختلالات المزمنة عبر ترتيب الأولويات لتنفيذ حزمة إصلاحات قاسية تنزع فتيل الأزمة.
وقال أمين سلام العضو بالفريق المفاوض مع صندوق النقد الدولي في مقابلة مع وكالة رويترز إن “ميزانية 2022 قد لا تفي بمتطلبات الصندوق من أجل برنامج إنقاذ للبلاد”، في الوقت الذي يعقد فيه البرلمان جلسات لإقرار الميزانية.
أمين سلام: ستكون مشكلة إذا لم تف الميزانية باشتراطات المانحين
ويُنظر إلى اتفاق صندوق النقد باعتباره خطوة أولى حاسمة للبنان للخروج من دوامة الانهيار المالي المستمرة منذ ثلاث سنوات، والتي جعلت ثمانية من كل عشرة أشخاص يكابدون الفقر، ووصفها البنك الدولي بأنها إحدى أسوأ الأزمات في العالم منذ خمسينات القرن التاسع عشر.
وفي نيسان الماضي، توصل لبنان إلى اتفاق على مستوى الخبراء مع الصندوق من أجل خطة إنقاذ بقيمة ثلاثة مليارات دولار على أن تلتزم بيروت بموجبه بالوفاء بما يقرب من عشرة شروط مسبقة، من بينها إقرار ميزانية 2022، قبل إحالة البرنامج إلى مجلس إدارة الصندوق للموافقة عليه.
وقال سلام الذي يتولى وزارة الاقتصاد لدى مغادرته جلسة صباحية للبرلمان الخميس الماضي إنه “قلق للغاية من أن صندوق النقد قد لا يكون راضيا عن أرقام الميزانية”.
ويدعو الاتفاق لبنان إلى تدبير المزيد من الإيرادات حتى يتمكن من زيادة الإنفاق على القطاع العام الذي أصابه الشلل وعلى الإعانات الاجتماعية وذلك من خلال “توزيع العبء الضريبي بصورة أكثر عدالة وشفافية”.
وينص أيضاً على أن ذلك سيدعمه “تعديل في تقييم الواردات للأغراض الجمركية والضريبية يعتمد على سعر صرف موحد”.
وبدلا من توحيد سعر الصرف الذي وصل إلى نحو 38 ألف ليرة مقابل الدولار، من المنتظر أن يوافق البرلمان على سعر صرف جمركي يتراوح بين 12 و14 ألف ليرة مقابل الدولار، وهو أقل بكثير من اقتراح سابق يبلغ حوالي 20 ألف ليرة.
وأوضح سلام أنه إذا كان صندوق النقد لا يرى أن ذلك يفي على الأقل بنصف ما يتوقعه فستكون هناك مشكلة. وينظر المشرعون إلى الموافقة على رفع سعر الصرف للواردات باعتبارها خطوة لن تحظى بتأييد ناخبيهم في دولة تعتمد بشدة على الاستيراد.
وقال مصدر سياسي لرويترز إن وزير المالية ورئيس الوزراء والرئيس اختلفوا حول من سيتحمل مسؤولية زيادة الرسوم الجمركية، مضيفا أن لا أحد يريد دفع “الثمن السياسي” للزيادات المحتملة في تكاليف السلع الأساسية.
اختلاف وزير المالية ورئيس الوزراء والرئيس حول من سيتحمل مسؤولية زيادة الرسوم الجمركية
وأخفق البرلمان حتى الآن في استيفاء أي من الشروط المسبقة الأربعة المطلوبة منه في اتفاق صندوق النقد، ومن بينها اعتماد ميزانية 2022 وضوابط رأس المال واعتماد قانون لإعادة هيكلة القطاع المصرفي.
واستوفى مجلس الوزراء بالفعل بعض الشروط المسبقة التي طلبها منه الصندوق، بما في ذلك الموافقة على خطة التعافي المالي.
وبعد أن اعتمد البرلمان قانون السرية المصرفية المعدل في يوليو الماضي، قال خبراء الصندوق في وقت لاحق إنه يشكل “إصلاحا جوهريا… لكن لا تزال هناك بعض أوجه القصور الرئيسية”.
وكان مشروع القانون الأصلي سيسمح برفع السرية المصرفية للتحقيق في “جميع الجرائم المالية”، لكن البرلمان صوّت في أواخر يوليو الماضي على حذف هذه العبارة وبالتالي الحد من نطاقه.
وتباطأت وتيرة التقدم نحو استيفاء شروط الاتفاق بسبب مقاومة الفصائل السياسية والمصارف التجارية وجماعات ضغط خاصة قوية تعارض خطة التعافي المالي المتفق عليها مع الصندوق.
– العرب –
Discussion about this post