الدكتور نافع عفاش
يعتبر رأس المال المُخاطِر تمويل يوفره المستثمرين للشركات الناشئة والأعمال التجارية الصغيرة والتي يتوقع أن يكون لديها إمكانية نمو طويل الأجل، وبصفة عامة يأتي رأس المال المخاطر عادة من المستثمرين رفيعي المستوى أو من أي مؤسسة مالية أخرى، ومع ذلك، فإنه لا يأخذ دائماً الشكل النقدي فقط، بل يمكن ان يكون بشكل خبرة فنية أو إدارية.
على الرغم من أنه يمكن أن يكون محفوفاً بالمخاطر بالنسبة للمستثمرين الذين طرحوا الأموال، وإمكانات، فالعوائد فوق المتوسط هي مكافأة جذابة، وبالنسبة للشركات والمشروعات الجديدة- أقل من عامين- يصبح تمويل رأس المال المخاطر شائع بشكل متزايد بل هو أمر ضروري لزيادة رأس المال، وخاصة إذا كان لا يمكنه الوصول إلى أسواق رأس المال أو قروض البنوك أو أدوات الدين أخرى، ويعتبر الجانب السلبي الرئيسي أن المستثمرين عادة ما يحصلون على حقوق الملكية في الشركة وبالتالي في اتخاذ القرارات المتعلقة بالشركة.
ويمكن ببساطة تعريفه بأنه كيان اقتصادي يهدف إلى استثمار أموال بعض المستثمرين في مشروعات أو شركات تمتلك مقومات تؤهلها للنجاح وتحقيق أرباح كبيرة في المستقبل، وتحقيق هامش من الربح للمساهمين وللملاك، حيث تقوم شركات رأس المال الجريء (المُخاطِر) Venture Capital بالاستثمار في المشاريع القائمة التي تحقق عائد مرتفع وتقوم بالدخول في شراكة مع مالك او ملاك المشروع القائم وبأقل مبلغ تستثمر به شركات رأس المال الجريء.
مزايا شركات وصناديق رأس المال المخاطر
1- زيادة الموارد المالية للمشروع .
2- أموال شركات راس المال المخاطر لا تكون مستحقة او واجبة الأداء إذا كانت الأوضاع المالية للمشروع لا تسمح بذلك، باعتبار أن الأموال التي تضخها الشركات والصناديق مساهمات وليست قروضاً.
3- متابعة المشروعات وتقديم إرشادات ونصائح لها فى مختلف المجالات.
4- توفير المعونة الفنية والإدارية للمشروعات.
5- مساعدة البنوك فى أقاله عملائها المتعثرين بتوفير موارد مالية إضافية لهم وحيث لا تستطيع البنوك (فى بعض الحالات) إقراض او المساهمة فى المشروعات نتيجة للقيود التى تفرضها نظم العمل المصرفي.
6- توفير المعونة الفنية والإدارية لعملاء البنوك وحيث لا يتوافر لدى البنوك الإمكانيات اللازمة لتوفير هذه المعونة.
7- تمويل المشروعات الصغيرة التى تتوافر لديها إمكانيات النمو والتطور، بينما لا يتوافر لديها الضمانات الكافية للاقتراض من الجهاز المصرفي، ومن ثم يمكن للجهاز المصرفي فى مراحل لاحقة دخول مجال تمويل هذه المشروعات.
8 – تمويل تطبيق الابتكارات الجديدة وصناعة البرمجيات، وهي مشروعات لا تعد جاذبة للبنوك أما لارتفاع درجة المخاطرة بها أو لعدم توافر القدرات المالية والضمانات لأصحاب المشروعات، وثم يحتاج تطبيق المبتكرات إلى مساندة شركات رأس المال المخاطر، وفي حالة نجاحها فانه يمكن للبنوك دخول مجال التمويل لهذه المشروعات وبعد ان تتوافر لديها الشروط اللازمة.
9- المساعدة في إعادة هيكلة شركات قطاع الأعمال العام التى يتم إدراجها في برنامج الخصخصة مما يؤدى إلى تصحيح مسارها وتسديد ديونها للبنوك .
ما الفرق بين شركات رأس المال الجريء ومسرّعات وحاضنات الأعمال؟
شركات رأس المال الجريء (المُخاطِر) هدفها الأساسي والوحيد تحقيق الربح وتستثمر في مشاريع قائمة، فيما تهدف حاضنات الأعمال في المقام الأول إلي مساعدة وتنمية الشركات الناشئة ومساعدة أصحاب الأفكار الجديدة والأفكار المبتكرة على تحقيق أفكارهم على أرض الواقع، وإقامة شركات لهم قادرة على المنافسة وتحقيق ربح، وهي تقدم خدماتها لرواد الأعمال مجاناً أو بمقابل.
وتهدف مسرّعات الأعمال في المقام الأول إلي تحقيق ربح من خلال إستثمار أموال ماليكيها في الأفكار الجديدة والأفكار المبتكرة بالشركات الناشئة، ولا تحصل أية رسوم من رواد الأعمال المقبولة مشاريعهم بها لآنها في المقابل تحصل على حصة في مشروع رائد الأعمال، وهي تتشابه مع شركات رأس المال الجرىء في أن الإثنتان هدفهما الأساسي تحقيق الربح للمساهمين او للملاك.
الخدمات الأكثر شيوعاً التي تقدمها شركات رأس المال الجريء (المُخاطِر)
تقدم شركات رأس المال الجرىء (المُخاطِر) Venture Capital جميع الإمكانيات للشركات التي تستثمر بها من إعادة الهيكلة إلي تطوير الإنتاج بهدف زيادة ربحية الشركة وزيادة العائد علي المساهمين بها.
رأس المال المخاطر في الدول العربية
من الدول العربية الأكثر استخداماً لرأس المال المخاطر هي الإمارات العربية المتحدة التي ترى فيه وسيلة ومبتكرة في عالم الاستثمار المعاصر لتمويل المشروعات والأعمال المبنية على أفكار إبداعية، وتوفر عوامل النجاح لها ولا سيما في مراحل تأسيسها وانطلاقها، الأمر الذي ينعكس إيجاباً على التنمية وتعزيز مفاهيم الابتكار والمعرفة في البيئة الاقتصادية، هذا وقد عملت الإمارات على إقرار قانون متعلق بالاستثمار المخاطر في العام الماضي 2017، وذلك لإقرار الضوابط والالتزامات المتعلقة برأس المال المخاطر، وذلك نتيجة للتعاون الوثيق والشراكة الوطيدة بين القطاعين الحكومي، والخاص لتوسيع آفاق وفرص تمويل المشاريع القائمة على الابتكار، في إطار المساعي الرامية إلى إرساء دعائم اقتصاد تنافسي متنوع مبني على المعرفة والابتكار بقيادات كفاءات وطنية متمكنة، كما يهدف النظام إلى تسهيل عمل المبتكرين، وتحفيز جذب رؤوس الأموال المخاطرة إلى الدولة، ويشكل إحدى الأدوات الرئيسية المشجعة على الاستثمار في المشروعات القائمة على الأفكار الجديدة والمبتكرة، ما يعزز من ممكّنات الابتكار في الدولة، ويسهم في تعزيز مكانتها على مؤشر الابتكار العالمي.
رأس المال المخاطر شريان حياة لدعم نمو المشاريع الصغيرة والمتوسطة
يعتبر رأس المال المخاطر شريان حياة لدعم نمو المشاريع الصغيرة والمتوسطة خاصة في المجال التكنولوجي، إضافة إلى فوائده لبيئة الأعمال فإنه يحقق عوائد كبيرة للمستثمرين، ففي أسواق الاستثمار المتقدمة مثل الولايات المتحدة حقق كل دولار مستثمر في الفترة من 1970 إلى 2010 عائداً مقداره 6.27 دولار، وهو عائد ضخم مقارنة بالاستثمار التقليدي وأشكال التمويل الأخرى.
شركات رائدة برأسمال مخاطر:
– منها «سوق كوم» الموقع الإلكتروني الأكثر شعبية للبيع بالتجزئة في الشرق الأوسط، والذي يشكل أحدث قصة نجاح في المنطقة، حيث استحوذت عليه مؤخراً شركة «أمازون»، وتعتبر تجربة «سوق كوم» فريدة ومهمة، حيث تشكل نقلة نوعية لحراك ريادة الأعمال والمشاريع التقنية.
– شركة «نون كوم» باستثمار بلغ مليار دولار، والتي تعتبر الآن المنافس الأكبر لموقع «سوق كوم»، إلى جانب شركة «فيتشر» أيضاً المتخصصة بخدمات الشحن عبر الهاتف المحمول، والتي انطلقت في دبي في العام 2015، وتعتبر من أنجح الشركات الناشئة في المنطقة.
وتشير الدراسات أن أكثر من 90 % من الشركات الناشئة تفشل خلال السنوات الثلاث الأولى من تشغيلها لأن مفاهيمها تفتقر إلى الأفكار المبتكرة لخوض المنافسات في صناعاتها.
يزداد عدد الشركات الكبرى التي تخوض مجال الاستثمار المخاطر، إذ تخصّص ميزانيات كبيرة لدعم الشركات الناشئة وإدارة عمليات الدمج والاستحواذ، وقد بلغ عدد الشركات والمنصات التي تقدم الدعم المباشر للشركات الناشئة في منطقة الشرق الاوسط وشمال إفريقيا 116، ويعتبر هؤلاء هم مستثمرو رأس المال المخاطر والحاضنات والمسرعات، وشركات رأس المال الاستثماري الاجتماعي وشبكات الأعمال.
وذكر تقرير ل«مختبر ومضة للأبحاث» و«إكسبو 2020» حول التعاون بين الشركات الكبرى والشركات الناشئة في المنطقة، بعض الأرقام الهامة عن دور الشركات الكبرى الإقليمية في دعم الشركات الناشئة، فمنذ العام 2011، انطلق 11 صندوق استثمار مخاطر من شركات كبرى في المنطقة لتعزيز الاستثمار في الشركات الناشئة والتفاعل معها، وفقاً للتقرير، وتشمل بعض هذه الصناديق «إم بي سي فينتشرز» في الإمارات، و«حكمة فينتشرز» في الأردن، و«أرزان كابيتال» في الكويت، و«إس تي سي فينتشرز» في السعودية، وغيرها.
ويضيف تقرير «ومضة» أنّ الشركات الناشئة التي أبرمت شراكات مع صناديق الاستثمار المخاطر التابعة لشركات كبرى كانت تعمل في السوق لأكثر من ثلاث سنوات، ويضمّ فريقها المؤسّس رائد أعمال متسلسل، وفي حين تمتلك بعض هذه الصناديق أهدافاً مالية بحتة، وفقاً للتقرير، يسعى البعض الآخر إلى استثمارات استراتيجية في الشركات الناشئة وإضافة قيمة لها وللشركة الكبرى على حدّ سواء.
ميزات تنافسية
قد تستفيد صناديق الاستثمار المخاطر التابعة لشركات كبرى من الشركات الناشئة لتجعلها ميزةً تنافسية، بالإضافة إلى أنّ الشركات الناشئة بدورها تساعد الشركات الكبرى على تقليص تكاليف الأبحاث والتطوير، وذلك بالرهان على الابتكارات المتعددة التي توفرها الشركات الناشئة والسعي إلى التكنولوجيات التغييرية، والشركات الناشئة التي تعمل مع صناديق الاستثمار المخاطر التابعة لشركات كبرى، ستكون قادرة على اختبار أفكارها بشكل صحيح، والحصول على الأدوات المناسبة، بالإضافة إلى ذلك، ستستفيد الشركات الناشئة من شبكة واسعة من العملاء المحتملين.
عملية تحول حقيقية
خضعت الشركات الجديدة الناشئة في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا لعملية تحول حقيقية على مدى السنوات الأربع الماضية، ووفقاً لتقرير التحليلات لعام 2017، بلغ معدل النمو السنوي المركب للاستثمار ما يقرب من 75 % بين عامي 2014 و 2017، مما يشير إلى طفرة في النشاط في النظام البيئي لبدء الأعمال في المنطقة، وقد شهد العام الماضي وحده استثمار 579 مليون دولار في 284 شركة ناشئة في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، كما تبين أن عام 2017 هو عام قياسي بالنسبة لمنظومة بدء التشغيل في المنطقة من حيث إجمالي عدد المعاملات والمبلغ الإجمالي للتمويل المكشوف.
مصادر تمويل داخلية
تعتبر محدودية مصادر التمويل الخارجية لتأسيس الأعمال واحدة من أبرز الثغرات في نظام دعم الشركات الصغيرة والمتوسطة في دبي والإمارات عموماً، وينعكس هذا في واقع أن 80 ٪ من الشركات الناشئة تشير إلى أنها اعتمدت على مصادر التمويل الذاتية لتأسيس أعمالها، وأظهرت دراسة سابقة قامت بها مؤسسة محمد بن راشد لتنمية المشاريع الصغيرة والمتوسطة إلى أن 10 % فقط من الشركات الصغيرة والمتوسطة في دبي تمكنت من الحصول على تمويل طويل الأجل لتعزيز نمو أعمالها التجارية.
ورغم النشاط التمويلي غير المعلن أحياناً والخاص بالمستثمرين التأسيسيين وحاضنات ومسرعات الأعمال إلا أن عدداً من المشاريع الناشئة نجحت في الحصول على استثمارات من مستثمرين تأسيسيين وحاضنات ومسرعات أعمال، ورغم عدم ظهور المستثمرين التأسيسيين للعيان تتجه الشركات إلى الوصول إليهم من خلال شبكاتهم الشخصية وعن طريق منصات شبكات المستثمرين التأسيسيين العالمية المتاحة على شبكة الإنترنت، وحصلت حوالي 48 % من المشاريع في مرحلة التأسيس على تمويل من مصادر متعددة (ممولين تأسيسيين وحاضنات ومسرعات ورؤوس أموال مغامرة).
Discussion about this post