أثبت الباحثون من خلال التجارب العلمية والمخبرية إمكانية تحويل غاز ثاني أكسيد الكربون الملتقط من الهواء مباشرةً إلى وقود الميثانول (CH3OH) وذلك باستخدام محفزٍ متجانسٍ، وذلك للتخلص من ثاني أكسيد الكربون الضار من الغلاف الجوي وازالته، وكذلك الاستفادة من الميثانول باستخدامه كوقودٍ بديلٍ عن الجازولين.
بينت دراسة أجريت في جامعة جنوب كاليفورنيا عن عملية تحويل ثاني أكسيد الكربون إلى ميثانول حيث أكدت أنه لم يسبق تحقيق التقاط وتحويل ثاني أكسيد الكربون إلى ميثانول باستخدام جزيئات الهيدروجين في الوعاء نفسه من قبل، ولكننا تمكنا اليوم من تحقيق ذلك.
حيث كان الكيميائيون سابقاً يبحثون عن طرقٍ مختلفةٍ لإعادة تدوير ثاني أكسيد الكربون إلى منتجاتٍ مفيدةٍ. على سبيل المثال، يمكن لمعالجة ثاني أكسيد الكربون (CO2) مع غاز الهيدروجين (H2) أن تُنتج الميثانول، الميثان (CH4)، أو حمض الفورميك HCOOH)، إلا أنه من بين هذه النواتج، فإن للميثانول جاذبيةٌ خاصةٌ لاستخداماتِه كوقودٍ بديلٍ، في خلايا الوقود، ولتخزين الهيدروجين.
ويبلغ إنتاج مصانع الكيماويات اليوم أكثر من 80 مليون طنٍ من الميثانول سنوياً باعتباره وحدة بناءٍ أساسيةٍ لصناعة العديد من المركبات، بما في ذلك اثنين من أكثر المركبات العضوية إنتاجاً، الإثيلين والبروبيلين، المستخدمَين في صناعة البلاستيك وغيرها من المنتجات.
يُعد إيجاد محفزٍ متجانسٍ جيدٍ عاملاً أساسياً في عملية تحويل ثاني أكسيد الكربون إلى ميثانول، وذلك لكونه أساسياً في زيادة سرعة التفاعلات الكيميائية لإنتاج الميثانول بمعدلٍ سريعٍ، لكن مشكلة تلك التفاعلات أنها تتطلب درجات حرارةٍ عاليةٍ (حوالي 150 درجةً مئويةً)، ولسوء الحظ فإن الحرارة تتسبب في تحلل المحفزات.
لذلك طور الباحثون في دراسةٍ جديدةٍ محفزاً أكثر استقراراً بالاعتماد على فلز الروثينيوم (Ru) الذي لا يتحلل عند درجات الحرارة العالية، كما يسمح الاستقرار الجيد لهذا العامل المحفز بإعادة استخدامه مراتِ عديدةِ لعملية الإنتاج المستمرة للميثانول.
وهنا نجد أن تطوير محفزاتٍ متجانسةٍ ومستقرةٍ لاختزال ثاني أكسيد الكربون إلى الميثانول كان تحدياً كبيراً، ومعظم المحفزات تتوقف عند مرحلة حمض الفورميك، إضافةً إلى ذلك، كنا بحاجةٍ لمحفزٍ باستطاعته اختزال الكاربامات أو بيكربونات ألكيل الأمونيوم مباشرةً إلى الميثانول، حيث أمكننا تحقيق ذلك على حدٍ سواء بالمحفز الذي توصلنا إليه.
أظهر الباحثون أنه يمكن تحويل حتى 79% من ثاني أكسيد الكربون الملتقط من الهواء إلى ميثانول باستخدام المحفز الجديد إلى جانب بعض المركبات البسيطة المضافة، حيث يكون الميثانول بدايةً ممتزجاً بالماء، لكن يمكن فصله بسهولةٍ بعملية التقطير.
بالنظر لهذا العمل من نطاقٍ أوسع، يأمل الباحثون أن يساهم ذلك في اقتصاد الميثانول، إذ تتضمن الخطة تطوير “دورة الكربون بشرية المنشأ” حيث يُعاد استخدام الكربون ليدعم دورة الكربون الطبيعية. فالكربون يتم تداوله في الطبيعة بشكلٍ مستمرٍ، أي يُعاد تدويره، ويُعاد استخدامه بين الغلاف الجوي، المحيطات، والكائنات الحية، إلا أن الطبيعة لا يمكنها إعادة تدوير الكربون الناتج عن الوقود الأحفوري بأسرع مما يحرقه البشر، إذ بإمكان البشر مواجهة بعضٍ من ثاني أكسيد الكربون الذي نطلقه من خلال تحويل جزءٍ من الكربون مرةً أخرى إلى مصدر طاقةٍ كالميثانول.
تجري المبادرة لتقليل كمية غاز ثنائي أكسيد الكربون (CO2) السام في الغلاف الجوي الأرضي على قدم وساق، ما نقصده هنا هو الاختراق الجديد في عالم التقنيات الذي طورته شركة “غلوبال ثرموستات” Global Thermostat، وحازت على براءة اختراعه، حيث يسمح بإزالة غاز ثنائي أكسيد الكربون من الهواء المحيط، كما أنَّ هذه الشركة التي مقرها في مدينة نيويورك، اكتشفت أيضاً طرقًاً لتحويل هذا الغاز المُستخلص من الهواء إلى مواد أولية يمكن استخدامها في عمليات صناعية متعددة.
إن استخدام الطاقة المتجددة يحد من عملية إطلاق غاز ثنائي أكسيد الكربون إلى الهواء، كما أنَّ كلفة الطلب على الكربون تبلغ اليوم ترليون دولار سنوياً، ولهذا يكون تحويل غاز ثنائي أكسيد الكربون من مشكلة عالمية إلى مصدرٍ للربح والطاقة.
كما يمكن تعديل هذه التقنية لتلائم المنشآت الموجودة مسبقًاً، فلا حاجة إلى إعادة تصميم المنشآت لتتناسب معها مما يسمح بتركيبها بشكل أسهل وأسرع، ينتج عن الوقود الأحفوري بخار الماء وغاز ثنائي أكسيد الكربون، بالإضافة إلى انبعاثات ضارة أخرى حيث تستخدم ألواحاً خزفية ذات شكل مسامي شبيه بقرص العسل كإسفنجات للكربون، تقوم هذه الإسفنجات بامتصاص غاز ثنائي أكسيد الكربون من الهواء أو مداخن المصانع حيث يتم تركيبها هناك باستخدام البخار المسخَّن، يتم انتزاع غاز ثنائي أكسيد الكربون من الهواء وجمعه، العملية بأكملها آمنة ولا تطلق أي نوع من الأبخرة السامة أو أي انبعاثات أخرى.
وهذه التقنية تدعم نفسها بنفسها، حيث لا تحتاج إلى مصدر خارجي ليشغلها لأنها تولد الحرارة والطاقة الخاصة بها، وهذا يعني أنَّه من الممكن تركيبها عملياً في أيِّ مكان، كما أنَّ كلفة صيانة هذا النظام رخيصة جداً.
يحتاج العالَم إلى هذه التقنية لسببين:
أولاً: تقدم هذه التقنية طريقة فعَّالة لتقليص حجم الانبعاثات من المصانع والمنشآت الصناعية، فعندما يتم تركيبها في المداخن الصناعية تقوم باستخلاص غاز ثنائي أكسيد الكربون قبل إطلاقه إلى الهواء.
ثانياً: تساعد هذه التقنية في تقليل كمية غاز ثنائي أكسيد الكربون الموجودة حالياً في الغلاف الجوي، وهذا ما يسمى بعملية تجديد الهواء.
إن تلوث ثاني أكسيد الكربون أساساً مع المنشآت الصناعية وانبعاثات المداخن العملاقة عن الغاز في الغلاف الجوي، فإن الواقع يقول إن الانبعاثات الناتجة عن قطاع النقل تمثل نحو 24% ِمن انبعاثات ثاني أكسيد الكربون العالمية ولها أعلى نمو انبعاثات من كل شيء آخر، كما أنها أصعب الانبعاثات للحد منها أو التقاطها.
في حين أن هناك تكنولوجيات موجودة لحجز ثاني أكسيد الكربون من كومة دخان، على سبيل المثال، لكن لم تكن هناك حتى الآن حلول لالتقاط كمية تم انبعاثها بالفعل في الغلاف الجوي “عن طريق السيارات والشاحنات والطائرات” والتي هي 300 مرة أقل تركيزاً من نوع يخرج من المصانع.
إن تكنولوجيا التقاط ثاني أكسيد الكربون وحجزه من الهواء المحيط تعمل مثل الأشجار، لكنه يتطلب تخضير مساحات شاسعة من الأراضي بغرس عدد من الأشجار كاف لأداء مهمة المصنع التجريبي نفسه، وفي الواقع، مساحة أراضي الأشجار تتطلب ما يقرب من ألف مرة من المساحة المطلوبة لامتصاص ما يكفي من ثاني أكسيد الكربون وخلافاً للأشجار، فإن المصنع التجريبي لالتقاط الهواء يمكن أن يبنى على الأرض التي لا يمكن زراعتها، مثل الصحاري.
ويمكن بمرفق التقاط الهواء الواحد امتصاص الانبعاثات التي سببتها 300 ألف سيارة نموذجية، إن احتجاز الهواء الملوث بثاني أكسيد الكربون يمكن أن يكون بمثابة تكملة لاستراتيجيات المناخ التي تقلل من الانبعاثات في مصدرها، فإنه يمكن إزالة انبعاثات بمرفق التقاط الهواء الواحد أكثر بكثير من مساحة فدان من الأرض مليئة بالأشجار والنباتات وإنتاج تيار من ثاني أكسيد الكربون نقي كما الناتج الرئيس لاستخدامه في التطبيقات الصناعية أو حتى تخزينه.
إن التقاط الهواء مباشرة يعطينا خياراً آخر للمساعدة في إجراءات تخفيض كبيرة في انبعاثات ثاني أكسيد الكربون لدينا وتجنب التغير المناخي الخطير، ويمكن استخدامها جنباً إلى جنب مع غيرها مثل طاقة الرياح وكفاءة الطاقة.
وقد تم القيام بالتقاط ثاني أكسيد الكربون من الهواء في نموذج مبسط في جامعة كالجاري بكندا بالفعل منذ عدة سنوات، فنظام النماذج الأولية التي بنيت في الجامعة يمكن أن تمتص انبعاثات من نحو 14 ـــ 15 سيارة أو نحو 100 كيلوجرام من ثاني أكسيد الكربون في اليوم الواحد.
الطريقة التي يعمل بها النظام بشكل مبسط هي كالتالي:
بعد دخول الهواء إلى المرفق فإنه يمر من خلال محلول له القدرة على امتصاص نحو 80% من ثاني أكسيد الكربون وتحويله إلى سائل ومن ثم تمريره لمزيد من المعالجة.
Discussion about this post