العالم الاقتصادي- وكالات
انتشر في الآونة الأخيرة مصطلح «النظام الغذائي المضاد للالتهابات»، وشاعت أقاويل عن إمكانية شفائه لبعض الأمراض المزمنة، التي من بينها أمراض المناعة الذاتية؛ في السطور التالية نتعرف إلى حقيقة هذه الشائعات، وماذا يقصد بالنظام الغذائي المضاد للالتهاب؟ وما هي فوائده الصحية؟
عندما يتحول الالتهاب من صديقٍ إلى عدو
الالتهاب عملية طبيعية تساعد الجسم على الشفاء والدفاع عن نفسه، فهو استجابة دفاعية قصيرة يطلقها الجهاز المناعي ضد غزو الميكروبات أو الإصابات المختلفة، ويظهر لنا على هيئة احمرار الجلد، أو ارتفاع الحرارة، أو الألم، أو التورم، ويعد الالتهاب جزءًا طبيعيًّا وضروريًّا من عملية شفاء الجسم.
ومع ذلك، يكون الالتهاب ضارًا إذا أصبح مزمنًا، أي إذا استمر الالتهاب لأسابيع أو شهور أو سنوات، الأمر الذي قد يؤدي إلى مشكلاتٍ صحيةٍ مختلفةٍ، وعندها يمكن أن يصبح الالتهاب عدوًّا بدلًا من صديق؛ إذ ترتبط عديد من الأمراض الرئيسة مثل السرطان، وأمراض القلب، والسكري، والتهاب المفاصل، والاكتئاب، ومرض الزهايمر بالالتهابات المزمنة.
كذلك، تلعب عادات نمط الحياة دورًا في تطور الالتهاب؛ إذ تربط الأبحاث قلة النوم، ونقص النشاط البدني، والإجهاد النفسي بزيادة الالتهاب، وضعف المناعة، وزيادة خطر الإصابة بأمراض القلب.
وعلى صعيدٍ آخر، يمكننا العثور على أقوى الأدوات لمكافحة الالتهاب في الطعام الذي نتناوله، وليس في الصيدليات؛ يقول الدكتور فرانك هو، أستاذ التغذية وعلم الأوبئة في قسم التغذية بكلية هارفارد للصحة العامة: «أظهرت عديد من الدراسات التجريبية أن مكونات الأطعمة أو المشروبات قد يكون لها تأثيرات مضادة للالتهابات».
ما هو النظام الغذائي المضاد للالتهابات؟
يمكن للأطعمة التي تتناولها أن تساعد في تهدئة الالتهابات، وحتى منعها عن طريق قمع الاستجابات الالتهابية للجسم؛ لكن نظرًا لاختلاف مسببات الالتهاب لدى كل شخص، لا يوجد نظام غذائي واحد يناسب الجميع.
تقول اختصاصية التغذية جوليا زومبانو: «لا يشير مصطلح النظام الغذائي المضاد للالتهابات إلى نظامٍ غذائي محددٍ، ولكن إلى نمطٍ شاملٍ لتناول الطعام».
ويمكن القول ببساطة إن النظام الغذائي المضاد للالتهابات هو نظام يوفر توازنًا صحيًّا للبروتينات، والكربوهيدرات، والدهون في كل وجبة، إلى جانب تلبية احتياجات الجسم من الفيتامينات، والمعادن، والألياف، والماء.
وتوجد بعض الإرشادات التي يجب اتباعها؛ لتناول الطعام بطريقة تقلل من احتمالية الالتهاب؛ فإذا كنت ترغب في تقليل الالتهاب، عليك تناول كميات أقل من الأطعمة المسببة للالتهابات، والمزيد من الأطعمة المضادة للالتهابات.
وتشمل الأطعمة المسببة للالتهاب:
-المشروبات السكرية: مثل المشروبات المحلاة بالسكر، وعصائر الفاكهة.
– الكربوهيدرات المكررة: مثل الخبز الأبيض، والمكرونة البيضاء، وما إلى ذلك.
– الحلويات: مثل البسكويت، والحلوى، والكعك، والآيس كريم.
– اللحوم المصنعة: مثل الهوت دوج، والنقانق.
-الوجبات الخفيفة المُصنَّعة: مثل المقرمشات، ورقائق البطاطس، والمعجنات.
بعض الزيوت مثل زيت الصويا والذرة.
-الدهون المتحولة الموجودة في الأطعمة التي تحتوي على مكوناتٍ مهدرجةٍ جزئيًّا.
-الإفراط في تناول الكحول.
بينما تتضمن الأطعمة المضادة للالتهاب:
– الخضار: مثل البروكلي، واللفت، والملفوف، والقرنبيط، والفلفل الحلو، والفلفل الحار.
– الفاكهة: خاصةً التوت الملون، والعنب، والكرز، والفواكه الغنية بالدهون مثل الأفوكادو، والزيتون.
– الدهون الصحية: مثل زيت الزيتون، وزيت الأفوكادو.
– الأسماك الدهنية: مثل السلمون، والسردين، والرنجة، والماكريل، والأنشوجة.
– المكسرات: مثل اللوز وغيره من المكسرات.
– الشوكولاته الداكنة
– التوابل: الكركم، القرفة.
– الشاي الأخضر، والحلبة.
كذلك، تعد حمية البحر الأبيض المتوسط من الأنظمة الغذائية التي تدخل ضمن النظام الغذائي المضاد للالتهابات، وذلك لأنها تحتوي على نسبة عالية من الفواكه، والخضروات، والمكسرات، والحبوب الكاملة، والأسماك، والزيوت الصحية.
وبالإضافة إلى دعم نظامك الغذائي بالأطعمة المضادة للالتهابات، ينبغي أيضًا الحصول على قدرٍ كافٍ يتراوح من سبع إلى تسع ساعات من النوم المتواصل، إلى جانب ممارسة التمارين لمدة 150 دقيقة في الأسبوع، بما في ذلك تمارين الكارديو، والمقاومة، والتوازن، وحسن التعامل مع الضغوطات.
هكذا يساعدنا النظام الغذائي المضاد للالتهاب في تحسين جودة الحياة
يوفر النظام الغذائي المضاد للالتهابات، جنبًا إلى جنبٍ مع ممارسة التمارين الرياضية بانتظامٍ، والنوم الجيد، العديد من الفوائد الصحية التي منها: تحسين أعراض التهاب المفاصل، ومتلازمة الأمعاء الالتهابية، والذئبة، وغيرها من اضطرابات المناعة الذاتية؛ بالإضافة إلى تقليل مخاطر الإصابة بالسمنة، والسكري، والاكتئاب، والسرطان، وأمراض القلب عن طريق تقليل الالتهابات في جدران الأوعية الدموية، والحفاظ على صحتها ومرونتها.
هذا إلى جانب تحسين مستويات السكر في الدم، والكوليسترول، والدهون الثلاثية، وتحسن في الطاقة والمزاج؛ فضلًا عن ذلك، تدعم الأنظمة الغذائية المضادة للالتهابات صحة الأمعاء؛ إذ يوجد ما يصل إلى 70 أو 80% من الخلايا المناعية في القناة الهضمية؛ لذا فإن تحسين صحة الأمعاء جزء لا يتجزأ من تعزيز صحة المناعة، والقضاء على الالتهابات المزمنة.
علاوةً على ذلك، وجدت إحدى الدراسات أن الالتزام بنظام البحر الأبيض المتوسط الغذائي له أيضًا القدرة على تقليل مخاطر الإصابة بالتهاب المفاصل الروماتويدي، ولكننا بحاجةٍ إلى إجراء مزيدٍ من الدراسات لاستكشاف هذه الفائدة.
وأشارت أيضًا بعض الأبحاث التي درست آثار النظام الغذائي المضاد للالتهابات لدى الأفراد المصابين بالصدفية، ومرض الانسداد الرئوي المزمن، والاكتئاب، إلى وجود تحسن في بعض الأعراض، ونوعية الحياة في بعض الحالات.
وهذا يعني أنه بالنسبة للأشخاص الذين يعانون من حالات التهابية مزمنة، قد يدعم النظام الغذائي المضاد للالتهابات تخفيف حدة الأعراض، وتحسين نوعية الحياة.
هل يمكن أن يكون كافيًا للشفاء من الأمراض؟
تظهر على عديد من المواقع الإلكترونية الصحية عناوين مثل «أفضل الأنظمة الغذائية المضادة للالتهابات لعلاج حالات مثل الألم العضلي الليفي، والتصلب المتعدد، والتهاب المفاصل». فهل ما تقوله هذه العناوين صحيح؟
في الواقع؛ في حين أن الأنظمة الغذائية المضادة للالتهابات فعالة في الحد من الالتهاب، وتحسين الأعراض، فإن القول بأنها علاج لأمراض المناعة الذاتية، والأمراض المزمنة هو مبالغة؛ إذ يجب على الشخص اتباع نظامٍ غذائي مضادٍ للالتهابات لدعم العلاج الطبي المناسب، وليس استبداله.
علاوةً على ذلك، فإن النُّظم الغذائية المضادة للالتهابات ما زالت علمًا ناشئًا، تتضارب نتائجه في بعض الأحيان؛ فوفقًا لبعض الأبحاث، تعد الطماطم غذاءً مؤيدًا للالتهابات يجب على الناس تجنبه واستبداله بالخضروات الأخرى، مثل اليقطين؛ في حين تشير نتائج أخرى إلى أن محتواها من مادة «اللايكوبين» له خصائص مضادة للالتهابات.
وقد تجعلك هذه التناقضات بين البيانات المنشورة تشعر بالارتباك بشأن الأطعمة المناسبة لك، ولكن كما سبق وأشرنا تختلف مسببات الالتهابات من شخصٍ لآخر، لذا ضع في اعتبارك مسببات الحساسية الخاصة بك، واستشر اختصاصي تغذيةٍ لوضع خطة وجبات مناسبة.
– ساسه بوست –
Discussion about this post