العالم الاقتصادي – متابعات
عززت الحكومة العمانية زخم خططها المتعلقة بصناعة التدوير التي لا تزال في بداياتها عبر مشروع جديد يتضمن الاستفادة من النفايات البيولوجية، في إطار سعيها الدؤوب إلى اعتماد نموذج الاقتصاد الدائري والتخلص من أطنان المخلفات بهدف تحقيق مستويات نمو بشكل مستدام تساعدها على تقليص النفقات في موازنتها.
أضفت سلطنة عمان على خطط صناعة تدوير المخلفات، التي باتت ضمن اهتماماتها خلال السنوات الأخيرة أسوة بما تقوم به السعودية والإمارات، المزيد من الزخم حينما دعمت طموحاتها في المجال بمشروع جديد يستهدف تقليل الأثر البيئي جراء المخلفات.
ولمعاضدة جهود الحكومة تعمل شركة مطارات عمان على ترسيخ مكانتها عبر تعزيز دعائم الاستدامة البيئية وكذلك تأكيد دورها في الاقتصاد الدائري للمدن وزيادة القيمة المستدامة من الموارد البيئية.
وفي أحدث خطوة في هذا المسار أبرمت الشركة المسؤولة عن إدارة المطارات المدنية وتشغيلها بالبلد الثلاثاء، مذكرة تفاهم مع الشركة العمانية لخدمات المياه والصرف الصحي التابعة لمجموعة نماء المملوكة للدولة لدعم أسس صناعة التدوير الناشئة في البلاد.
وتنص الاتفاقية على تزويد مطارات عمان الحكومية مصنع الأسمدة “كلأ” التابع للشركة العمانية بالمخلفات الخضراء من مطار مسقط الدولي. لكن لم يتم الكشف عن قيمة الاستثمار بين الطرفين في هذا المشروع.
وتشكل النفايات الخضراء المعروفة باسم “النفايات البيولوجية” ثروة للدول تستفيد منها باعتبارها مخلفات عضوية يمكن تحويلها إلى سماد وتتكون في الغالب من نفايات الحدائق مثل قصاصات العشب أو أوراق الشجر ومخلفات المطبخ المنزلية أو الصناعية.
ونسبت وكالة الأنباء العمانية الرسمية إلى أيمن الحوسني الرئيس التنفيذي لمطارات عُمان، قوله إن “المطارات في دول العالم تتنافس في أن تكون نموذجا معبرا عن جهود دولها بالبحث عن حلول الاستدامة البيئية وتنفيذها كأحد الالتزامات على المديين القريب والبعيد”.
وتطرح التكنولوجيا الخضراء أو الاختراعات الصديقة للبيئة عددا من الخيارات للتغلب على المشكلات مثل كفاءة الطاقة وبدائل الوقود الأحفوري وتوليد الكربون والتلوث والمعالجة السامة وتنقية المياه وإعادة التدوير والموارد المتجددة وكذلك وسائل التنقل المستقبلية.
ولدى المسؤولين قناعة كبيرة بأن بلدهم لديه الفرص والإمكانات والأدوات اللازمة حتى يضع الاقتصاد على درب النهوض وتعزيز جاهزيته للمستقبل وتطوير حلول مبتكرة للتحديات القادمة لمواكبة متطلبات المرحلة المقبلة وصولا إلى تحقيق أهداف “رؤية 2040”.
وترى مسقط أنه من أجل إنجاح أي خطط في هذا المضمار فإنه يجب على القطاعين العام والخاص دعم المشاريع المحلية لكي تحقق التوازن في استثمار الموارد وذلك بتنويع المشاريع بين المحلية والأجنبية.
وأكد الرئيس التنفيذي للشركة العمانية لخدمات الصرف الصحي قيس بن سعود الزكواني أن الاتفاقية تأتي ضمن سلسلة المبادرات التي تقوم بها الشركة لتحقيق مفهوم الاستدامة من خلال الحفاظ على البيئة وزيادة القيمة الاقتصادية لمنتجات وخدمات الشركة.
وأوضح أن إعادة التدوير واستثمار الموارد المتاحة يحظيان بأولوية قصوى في عمليات الشركة ومصنع الأسمدة العضوية “كلأ” التابع للشركة والذي يعد نموذجا لهذه الممارسات.
ومن المتوقع أن تسهم الاتفاقية في توفير مكون أساسي من مكونات المنتج النهائي للمصنع، باعتبار أن عملية إنتاج سماد شركة “كلأ” تقوم على مزج ومعالجة مخلفات الصرف الصحي المعالجة مع المخلفات الخضراء وفق أعلى المواصفات المعتمدة.
وتعتبر إدارة النفايات بأنواعها تحديا كبيرا للحكومة بسبب آثارها السلبية على البيئة والصحة العامة مع تعداد سكاني يقارب نحو 4.5 مليون نسمة، حيث تنتج البلاد في المتوسط نحو 1.6 مليون طن من المخلفات الصلبة فقط كل عام.
وبحسب التقديرات التي ترصدها المنظمات والمؤسسات الدولية المعنية بهذا المجال، فإن نصيب الفرد في عمان من إنتاج المخلفات يتعدى حوالي 15 كيلوغراما يوميا مما يجعله من بين أعلى المعدلات على مستوى العالم.
وتتميز النفايات الصلبة بالبلد الخليجي الذي يحاول اللحاق بركب دول منطقة الخليج في استخدام التقنيات الحديثة لزيادة زخم الاستثمار في المجالات النظيفة، بأن نسبة عالية منها قابلة لإعادة التدوير.
وتشير الأرقام الحكومية إلى أن الورق يأتي في صدارة النفايات، حيث يشكل لوحده قرابة 26 في المئة يليه البلاستيك بواقع 12 في المئة والمعادن بنحو 11 في المئة ثم الزجاج رابعا بنحو خمسة في المئة.
ولكن بدأت بعض المبادرات في هذا المجال تظهر في السنوات القليلة الماضية إذ تتشارك بعض المؤسسات الحكومية وغير الحكومية في تنفيذ مشاريع إعادة التدوير في السلطنة، وتسعى دوما نحو تطوير طرق إعادة التدوير لتصبح عمان أكثر صداقة للبيئة.
وتتيح صناعة إعادة تدوير النفايات تقليص الطلب على المواد الخام كما أنها تقلل من عملية التخلص من النفايات عن طريق طمرها في المكبات أو حرقها، وبالتالي يساعد في تقليل التلوث والاحتباس الحراري.
ويقول المسؤولون العمانيون إن هذه العملية مفيدة ليس لأنها تقلل من كمية النفايات المنزلية التي يتم إرسالها إلى المكبات والمحارق فحسب، بل هي أيضا وسيلة لتحقيق التنمية المستدامة حيث يمكن أن تساعد في الحفاظ على البيئة للأجيال القادمة.
Discussion about this post