العالم الاقتصادي- رصد
فقط عندما تعتقد أنه لا يمكن أن يزداد الوضع سوءاً يستيقظ السوريون يومياً على واقع أزمات متتالية تلقي بظلها على اقتصاد متهالك ليصبح الوضع الجديد أسوأ بالفعل مما كان عليه.
فمنذ اللحظة الأولى في الحرب الروسية- الأوكرانية، انفجرتْ حالة ذعر بين السوريين المنهكين أصلاًً من الانهيار الاقتصادي الذي يضرب بلدهم وذلك مع توالي أجراس الإنذار قرعها من أن تشهد الأسواق ارتفاعات متزايدة في الأسعار لا يقوىَ السوري على تحملها بعد الآن.
محاولات المواجهة
في محاولة أولية لمواجهة تأثيرات تداعيات الحرب الروسية – الأوكرانية وتلافي تفاقم شبح أزمة جديدة تلوح في الأفق وافق رئيس مجلس الوزراء المهندس حسين عرنوس على توصية اللجنة الاقتصادية المتضمنة:
إيقاف التصدير لمدة شهرين فقط لكل من المواد التالية: /ثوم- بصل –بطاطا -سمنة نباتية- سمنة حيوانية- زبدة حيوانية- زيوت نباتية- بيض- زيت زيتون/.
بالإضافة إلى تمديد قرار منع تصدير البقوليات بكافة أنواعها وأشكالها والاستمرار بمنع تصدير المواد التالية.. (قمح، كافة المنتجات المصنوعة من القمح، معكرونة، فروج).
وكذلك تكليف وزارة الاقتصاد والتجارة الخارجية التنسيق مع وزارتي التجارة الداخلية حماية المستهلك والزراعة والإصلاح الزراعي لدراسة ومراقبة توفر السلع الأساسية في السوق المحلية.
ولم تكد تطأ قدم أول جندي روسي الأرض الأوكرانية حتى كانت الأسعار في سورية قد ارتفعت والمواد قد اختفت وكأن هناك تواطؤاً ضمنياً “من التجار” على احتكار المواد الغذائية أو ارتفاع أسعار بعضها.
في حديثه لسنسيريا أوضح الخبير الاقتصادي الدكتور علي محمد أنه ضد التسليط الإعلامي على اجتماع الحكومة الاستثنائي.
وبرر ذلك بالمفاعيل السلبية التي خلفها على السوق فمن تعاطى هذا الموضوع هم وجهتين الأولى وهي المواطنين الذين تكونت عند بعضهم حالة من الهلع وزيادة في الخوف مما دفعهم لمحاولة تخزين بعض المواد.
وأما الجهة الثانية فهم التجار الذي ما لبثوا أن سمعوا بهذه القرارات والتهويل الحكومي حتى قام بعضهم باحتكار للمواد أو سحبها من الأسواق بغية بيعها في قادم الأيام عندما ترتفع أسعارها نتيجة انخفاض العرض مقابل زيادة الطلب وبالتالي فالتسليط الإعلامي لهذه الإجراءات كان سلبياً.
قطاع الطاقة
وفي معرض حديثه عن قطاع الطاقة أوضح محمد أن تنظيم استهلاك المشتقات النفطية هو الحل الوحيد فالحكومة لا تستطيع فعل شيء سوى انتظار ما سيحدث وانتظار نتائج الحرب وكيف ستصبح سلاسل التوريد والإمداد.
وتابع: على اعتبار أن استهلاكنا اليومي من النفط ١٠٠ ألف برميل ولايصل منه للمصافي سوى ١٥ ألف برميل وما تبقى ٨٥ ألف برميل بحاجة لاستيرادهم يومياً عندها فاتورة استيراد المشتقات النفطية تصل في بعض الأحيان إلى ٣ مليار يورو وهذا على أساس أن سعر البرميل ١٠٠ دولار ولكن من الممكن أن يصل إلى ١٢٠ قريباً فالتوقعات بأن يتجاوز هذا الرقم بكثير وكلما زاد هذا الرقم فإن فاتورة استيراد المشتقات النفطية ستصبح كبيرة جداً بالنسبة للدولة السورية.
وتابع الخبير أنه من الممكن إعادة ضبط صرف المشتقات النفطية أو استهلاكها وفق جدولة لاحقة أو حتى زيادة المدد اللازمة لتعبئة البنزين والمازوت الحر الذي يشاع أنه ربما توقف الآن بيعه للعائلات لأغراض التدفئة.
واقع سيء
وأضاف: بكل الأحوال إيقاف التصدير يعتبر سلبياً للاقتصاد بشكل عام فالدول تتنافس بقوة صادراتها لكن في هذا الظرف المعين ربما تكون الحكومة محقة في هذه القرارات.
كما وأشار الخبير إلى أن واقع الانتاج السوري سيء جداً وليس أفضل منه التصدير فعندما تكون الصادرات في ٢٠٢١ لا تتجاوز ٦٦٤ مليون يورو بالتالي إذا أوقفنا تصدير كل أصناف الصادرات مدة شهرين (بالنسبة والتناسب) معناه أن الخزينة قد فقدت عائد نقدي يقدر ب ١١٠ مليون يورو لمدة شهرين وأما إيقاف تصدير بعض الأصناف فالمبلغ أقل من ذلك بكثير.
وبالتالي إيقاف التصدير يعتبر جيد مبدئياً لتلبية حاجة السوق المحلي والطلب الداخلي عى حساب تصديرها بمبلغ لا يعتبر بالكبير.
وفي مجال استيراد القمح والحبوب رد محمد أن حاجة سورية من هذا المحصول الاستراتيجي مليون ونصف طن سنوياً والمتتبع لأخبار الأزمة الأوكرانية يرى القفزات الكبيرة التي تحدث بسعر القمح 40-60% وبالتالي فإن استيراد سورية الضخم سيتأثر قولاً واحداً بزيادة الأسعار وهذا الأمر أيضاً الحكومة لاتستطيع فعل شيء تجاهه غير الانتظار ومحاولة التوريد.
ارتفاع الأسعار واحتكار المواد
وأما عن ضبط الاحتكار أوضح الخبير أنه لا يمكن بأي شكل من الأشكال أن تقوم وزراة التجارة الداخلية بكافة مهامها على أكمل وجه وقد قالها وزير التجارة الداخلية أنه: “لا يمكن ضبط جميع المحال التجارية في الأسواق” وبالتالي فإن الحكومة السورية تركز على أبرز المعامل التي تنتج كي لا يحصل احتكار كما واعتبر هذه الإجراءات بالمؤقتة.
وكذلك فإن ارتفاع الأسعار بشكل يومي هو نتيجة كل هذه الظروف إضافة إلى أسباب أخرى فالحرب الأوكرانية أصبحت شماعة كل من قام أحد برفع سعر مادة يبرر السبب بالحرب الأوكرانية.
فما قبل الحرب الأوكرانية كان هناك تضخم وارتفاع بالأسعار وما بعد الحرب أسباب أخرى وسوف يزداد هذا الارتفاع أكثر فأكثر إذا استمرت هذه الحرب لوقت طويل وبكل تأكيد زيادة هذه الأزمة في أوكرانية سوف تؤثر بشكل كبير على استيراد المواد.
وقال الخبير أن أهم الأصناف التي ستتأثر بالارتفاع هي المشتقات النفطية والقمح والأعلاف والأسمدة ولكن هناك طبعاً أصناف أخرى.
وختم الخبير بأنه وبناء على هذه الظروف لا يوجد أي اتجاه لتحسن الوضع الداخلي وإنما ازدياده سوءاً.
– سنسيريا –
Discussion about this post