العالم الاقتصادي- وكالات
حملت دراسة تونسية حديثة مؤشرات لم تكن مفاجئة للكثير من المتابعين حول تراجع القدرات التنافسية للصادرات المحلية بسبب ضعف تنوع الإنتاج في أغلب القطاعات جراء السياسات الحكومية التقليدية التي يتم اتباعها منذ سنوات طويلة.
وقال خبراء المعهد التونسي للقدرة التنافسية والدراسات الكمية في دراستهم التي نشرت مؤخراً إن “تنوع الصادرات سواء في ما يتعلق بالمنتج أو السوق لا يزال دون المنافسين الرئيسيين لتونس رغم بعض التحسن”.
واستهدف معدو الدراسة الفترة الفاصلة بين 2011 و2019، حيث أدت الاضطرابات في نشاط قطاع الأعمال عموما إلى حالة ارتباك عمقتها الجائحة، وهو ما جعل المغرب وتركيا ودولا عربية وآسيوية تحتل المراكز المتقدمة في عمليات التصدير.
ولا تزال تداعيات الأزمة الصحية تلقي بظلالها على الاقتصاد التونسي الضعيف أصلاً حيث فاقم توقف نشاط العديد من الشركات تدهور قطاع الصادرات حتى سجل في بعض الفترات تراجعاً هائلاً ما تسبب في عجز تجاري بلغ في المتوسط أكثر من 6 مليارات دولار.
وتواجه تونس، التي يعتمد اقتصادها في جزء كبير منه على قطاع الصناعة إلى جانب الزراعة والسياحة، منافسة قوية مع المغرب في قطاع التصدير بالنظر إلى عدم وجود تنوع في مجالات الإنتاج أو بسبب نقص الاستثمارات أو عدم كفاية عمليات التسويق.
وإذا تم استثناء تصنيع مكونات السيارات وبعض تجهيزات طائرات أيرباص وبعض الصناعات التحويلية وخاصة الغذائية، فإنه لا توجد مجالات بديلة أكثر قيمة يمكنها أن تنافس في الأسواق الخارجية وخاصة الأوروبية.
ووفق البيانات المنشورة على بوابة الصناعة التونسية في الإنترنت فإن الصناعات الميكانيكية والكهربائية تضم 585 شركة تعمل في أكثر من 50 مجالاً من بينها 182 شركة مصدرة كلياً.
ورغم أن هذه الصناعات استحوذت على أكبر كمية من الصادرات، مزيحة بذلك قطاعات النسيج والملابس والجلود من الصدارة، إلا أن حصتها تراجعت بنحو واحد % بالأسواق الأوروبية خلال السنوات التسع التي تلت 2011 على عكس منافسيها وخاصة المغرب.
وبحسب المعهد سجلت الصادرات الميكانيكية والكهربائية، التي تشمل مضخات وقطع غيار المولدات والسفن ومصابيح التنوير وغيرها، متوسط نمو بنحو 45.1 % خلال تلك الفترة قياساً بمتوسط نمو عند 28.1 % خلال الفترة الفاصلة بين 2001 و2010.
أما في ما يتعلق بالنسيج والملابس والجلود فرصد المعهد تراجع حصة تونس في الأسواق الأوروبية بمقدار 6.4 % في الفترة ذاتها لصالح بنغلاديش وباكستان وبولندا التي سجلت حصصها على التوالي زيادة ملحوظة في السوق ذاتها.
ويقول خبراء المعهد: إن المغرب الذي كانت حصته أقل بكثير مقارنة بحصة تونس، قد سجل قطاع الملابس والنسيج لديه أداء أفضل خلال الفترة نفسها نتيجة البرامج التي تقدمها الحكومة للنهوض بالقطاع.
وواجهت صناعة الملابس التي تعد أحد أهم القطاعات الصناعية بالبلد أزمة حادة في ظل تعثر عدة شركات أو توقفها اضطراريا لتراكم الديون وعدم توفر السيولة لمواصلة نشاطها نتيجة التداعيات الكارثية التي خلفتها الأزمة الصحية مما جعل الكثير من العمال في حيرة بعد أن تم تسريح بعضهم فيما بقي آخرون بلا أجور لأشهر.
ويشكو هذا القطاع من شح كبير في السيولة وعدم هيكلة ديون الشركات لدى البنوك والصناديق الاجتماعية ولم يتم حتى الآن تنفيذ الآليات الكفيلة بإيجاد حلول لتلك المشاكل، على غرار الحلول الاستراتيجية للنهوض بالقطاع.
وتظهر أرقام الجامعة التونسية للنسيج والملابس أن عائدات القطاع كانت الثانية بالنسبة إلى السلع المصدّرة حيث ساهمت بحوالي 6.9 مليار دينار (2.48 مليار دولار) في الاقتصاد بنهاية 2020.
وتشكل شركات القطاع نحو ثلث الشركات الصناعية في البلاد، ويبلغ عددها أكثر من 1850 مؤسسة من ضمنها 1298 مؤسسة مصدرة كليا وتشغل أكثر من 30 % من مجموع القوى العاملة في الصناعة.
ووفق المؤشرات الرسمية تنتج حوالي 80 % من مصانع النسيج والملابس في تونس حصرياً للأسواق الأوروبية.
أما قطاع الصناعات الكيميائية الذي يضم 28 مجالاً وعلى عكس منافسي تونس باستثناء سنغافورة، فقد شهدت صادرات البلاد تراجعا بنسبة 3 % من حصتها من السوق الأوروبية.
لكن الصناعات التحويلية وخاصة المنتجات الغذائية سارت عكس التيار رغم تراجع صادرات زيت الزيتون، حيث حققت تونس خلال الفترة ذاتها زيادة في حصتها بنسبة اثنين % وذلك خلافا لعدد من البلدان المنافسة، من ذلك المغرب الذي تراجعت حصته.
ويعتمد الاقتصاد التونسي على الصناعة كأحد القطاعات الاستراتيجية التي توفر العملة الصعبة للبلد المرهق مالياً كما أنها تساعد على امتصاص جزء من البطالة التي بلغت مستويات عالية لتصل إلى 17.8 %.
وتشير التقديرات الحكومية إلى أن الصناعة تساهم سنوياً بنحو 28.6 % من الناتج المحلي الإجمالي للبلاد، وتوفر قرابة 34 % من فرص العمل للقوة العاملة النشطة.
-العرب-
Discussion about this post