العالم الاقتصادي – رصد
تلتقي انطباعات خبراء المؤسسات المالية الدولية مع تقارير وكالة التصنيف الائتماني المبنية على المؤشرات الاقتصادية حول نقطة مخيفة تتمحور حول المخاطر الحقيقية التي باتت تهدد الدول الفقيرة بالانهيار جراء تراكم الديون وفوائدها بعد أن تكدست منذ ظهور الوباء، الأمر الذي يتطلب تدخلا طارئا لتخفيف تلك الأعباء سريعا.
وحذّر صندوق النقد الدولي من أنّه لا يستبعد حصول “انهيار اقتصادي في بعض الدول” إذا لم تتّخذ مجموعة العشرين إجراءات عاجلة لتخفيف أعباء الديون عن هذه الدول والحدّ من تداعيات الجائحة التي لا تزال خارج السيطرة، لكنه لم يُسمّ الدول المعنية بذلك.
وقالت المديرة العامة للصندوق كريستالينا جورجييفا ومديرة الاستراتيجيات في الصندوق سيليا بازار باشي أوغلو في مدوّنة الخميس “قد نشهد انهيارا اقتصاديا في بعض الدول إلا إذا قبلت الجهات الدائنة تسريع جدولة الديون وتعليق فوائدها”.
ووفقا لمؤشرات الصندوق الدولي، فقد اتخذت الحكومات حول العالم تدابير مالية بقيمة 16 تريليون دولار للحيلولة دون الانهيار الاقتصادي أثناء الجائحة للمساعدة على دفع التعافي، لكنَه ترك الديون عند مستويات “أوقات الحرب”.
وتأتي مخاوف الصندوق بعد أسابيع من إطلاق وكالة فيتش للتصنيفات الائتمانية تحذيرا من أخطار معضلة الديون الخانقة لحكومات العالم لتمويل فاتورة قيود الإغلاق الاقتصادي في ظل استمرار ميلها إلى اعتماد التصنيف الائتماني السلبي العام الحالي والمقبل.
وقال جيمس ماكورماك مدير تصنيف الديون السيادية في فيتش في تقرير نشر في أغسطس الماضي إن “انفجار الاقتراض الحكومي الذي بدأ منذ تفشي فايروس كورونا سيؤدي إلى موجة من الخفض في الإنفاق وزيادة في الضرائب لإعادة أوضاع الموازنات الحكومية إلى مسارها الصحيح”.
وكان العام الماضي قياسيا في ما يتعلَّق بتخفيضات التصنيف الائتماني، وذلك كان بمثابة صدمة كبيرة إلى حدّ ما بالنسبة إلى الكثير من المحللين.
وخفضت فيتش التصنيف الائتماني لقرابة 33 دولة من بين 120 بلدا على رادار الوكالة كما خفَّضت تصنيف خمس دول أخرى العام الجاري.
وعند بدء انتشار الجائحة، قرّرت دول مجموعة العشرين الغنية تعليق تسديد خدمة الدين للدول الفقيرة حتى نهاية العام 2020 ومدّدتها بعد ذلك إلى نهاية العام 2021.
وبموازاة مبادرة تعليق خدمة الدين، استحدثت المجموعة في نوفمبر 2020 “إطارا مشتركا” يهدف إلى إعادة هيكلة وحتى إلغاء ديون الدول التي تتقدّم بطلبات بهذا الخصوص، لكن حتى الآن تلجم الأطراف الدائنة الخاصة ولاسيما الصينية منها تطبيق هذه الآلية.
وشدّدت المسؤولتان في المؤسّسة النقدية العالمية على أنّه “من الضروري أن تضع الأطراف الدائنة الخاصة تخفيف الدين موضع التطبيق بشروط مماثلة”. وقالتا إنه “من الأهمية بمكان أيضا أن يطبق دائنو القطاع الخاص تخفيف عبء الديون بشروط مماثلة”.
وحتّى الآن، تقدّمت ثلاث دول فقط هي تشاد وإثيوبيا وزامبيا بطلبات لصندوق النقد الدولي لتخفيف عبء الديون بموجب الإطار المشترك، إلّا أنّ الصندوق لا يزال يتأخّر في معالجة هذه الملفات الثلاثة.
ومنذ بداية الجائحة في ربيع العام 2020، قدّمت المؤسسات الدولية، بما في ذلك صندوق النقد والبنك الدولي، مساعدات كبيرة للبلدان الأكثر عرضة للخطر.
وبحسب جورجييفا باشي أوغلو، فإنه رغم إجراءات المساعدة المتّخذة منذ بدء الجائحة إلا أن قرابة 60 في المئة من الدول المنخفضة الدخل تتعرض لخطر مرتفع أو تعاني من عبء مديونية كبير بينما كانت في العام 2015 هذه النسبة أقل من 30 في المئة.
وأكدت أن الصعوبات تتراكم على كثير من هذه الدول وأنّ انتشار متحوّرات جديدة لفايروس كورونا قد يعيق النشاط الاقتصادي أكثر.
ودعت المسؤولتان في الصندوق إلى “تحرّك متعدّد الأطراف من الآن لمكافحة انعدام المساواة بشأن اللقاحات على الصعيد العالمي ولدعم تسوية سريعة ومنظمة لسداد الديون”.
Discussion about this post