العالم الاقتصادي- رصد
تسعى الحكومة السورية إلى منح قطاع الإسمنت نفساً جديداً في سياق محاولاتها الشاقة إلى إعادة إحياء صناعتها التي أصابها الشلل بسبب ما خلفته سنوات الحرب من تحديات قد تحتاج سنوات حتى يعود القطاع إلى ما كان عليه في السابق.
وفي محاولة لإنقاذ القطاع المحاصر بالأزمات نظمت الهيئة العليا للبحث العلمي بالتعاون مع المؤسسة العامة لصناعة الإسمنت ومواد البناء ورشة عمل تحت عنوان “الأولويات الوطنية للبحث العلمي والتطوير التقني لصناعة الإسمنت” يرى خبراء أنها لن تكون ذات فائدة في ظل شح التمويل.
وناقش المشاركون في الورشة واقع صناعة الإسمنت والتحديات والمخاطر التي تواجهها في ظل الظروف الراهنة ودور الجهات الحكومية ذات الصلة والبيئة التشريعية في هذا القطاع.
وكذلك ضرورات استخدام الطاقات المتجددة والاستهلاك النوعي للطاقة في صناعة الإسمنت وواقع الإنتاج والتكلفة والتسويق إضافة إلى مناقشة أبرز المقترحات والمحاور البحثية التطويرية المطلوبة.
وأكد وزير الصناعة زياد صباغ أن الوزارة رسمت استراتيجية ترتكز على استثمار الموارد المحلية والشراكة بين القطاعين العام والخاص وتأمين مستلزمات استمرار عمل الشركات.
ونسبت وكالة الأنباء السورية الرسمية إلى صباغ قوله “لقد اعتمدنا مبدأ التشاركية مع القطاع الخاص وشركات الدول الصديقة لإعادة تأهيل الشركات المتوقفة والمدمرة”.
وأضاف: “لدينا توجه لإقامة شبكة مشاريع صغيرة ومتوسطة تتوزع جغرافياً وقطاعياً بما ينسجم مع المزايا النسبية في كل محافظة وصولاً إلى تأسيس عناقيد صناعية”.
ويختزل القطاع الأزمات الاقتصادية القاسية التي تمر بها البلاد حيث تأثر من عمليات التدمير وعدم قدرة الحكومة على إيقاظه بسبب شح السيولة النقدية رغم تفاؤل المسؤولين بأنه بالإمكان التعويل على مساعدة المستثمرين للدخول في شراكات تعيد تأهيله مرة أخرى.
وشهدت صناعة الإسمنت تراجعاً كبيراً خلال أعوام الحرب إذ تعرضت المصانع وخاصة بمحافظة حلب للتدمير واقتصر عمل مصانع القطاع الخاص على شركة إسمنت البادية والتي توقفت عن النشاط في العديد من المرات.
وتعمل معظم آلات وتجهيزات مصانع الإسمنت منذ ستينات القرن الماضي وأغلب معظم خطوط الإنتاج أصبحت قديمة واستمرارها بالإنتاج يتطلب مصاريف كبيرة، وهو ما يشكل سببا إضافيا لعدم إمكانية دمشق إيقاظ هذا القطاع من سباته.
ومع ذلك تبقى هذه الإنتاجية جيدة في نظر المسؤولين بالنظر إلى القيود المفروضة على الدولة بشأن حصولها على تمويلات خارجية بسبب العقوبات الأميركية.
وتشير البيانات الرسمية إلى أن الشركات التابعة للمؤسسة الحكومية تنتج ما بين 10 آلاف و10.5 آلاف طن من الإسمنت يوميا حسب الحالة الفنية للمصانع وهي تغطي ما بين 60 و65 في المئة من حاجة السوق في مناطق سيطرة النظام السوري.
صناعة الإسمنت شهدت تراجعاً كبيراً خلال أعوام الحرب إذ تعرضت المصانع وخاصة بمحافظة حلب للتدمير
وقال صباغ: إن “حاجة السوق المحلية من الإسمنت تبلغ بين 15 و20 مليون طن سنويا ولا ينتج منها حاليا سوى ما يقارب 4 ملايين طن في كلا القطاعين الخاص والعام”.
وأوضح أن هذا الوضع “يدفعنا إلى ضرورة رفع الطاقات الإنتاجية لمعامل القطاع العام القائمة لتصل إلى 6 ملايين طن إسمنت سنوياً من خلال البحث عن شريك استراتيجي لإعادة تأهيل شركات الإسمنت العامة المتضررة من جراء الحرب وإضافة خطوط إنتاج جديدة في الشركات العاملة وإقامة المشاريع الصناعية الخاصة بإنتاج الإسمنت وتخصيصها بالمواقع من قبل مؤسسة الجيولوجيا”.
وتُظهر التقديرات أن تكلفة طن الإسمنت يصل إلى 110 دولارات وهي من بين الأعلى في المنطقة ففي مصر مثلاً تبلغ التكلفة 50 دولارا فقط ولذا فالعاملون بالقطاع لن يتمكنوا من إعادة هدير المصانع بالشكل المطلوب إلا بدعم حكومي لخفض التكاليف وهو ما لا تقدر عليه دمشق.
ويرى مجد الجمالي مدير عام الهيئة العليا للبحث العلمي أنه من الضروري زيادة القيمة المضافة لصناعة الإسمنت في مرحلة إعادة الإعمار.
وقال: “علينا البحث في كيفية زيادة الطاقات الإنتاجية وتعزيز وتحسين نوع المنتجات والتخفيف من التكلفة العالية لكون الصناعة كثيفة الطاقة ومرتفعة الأسعار”.
– العرب-
Discussion about this post