العالم الاقتصادي- ضياء الدين السعيد
تعتبر محافظة درعا بوابة سورية الجنوبية وأحد أهم المنافذ السياحية السورية, فأماكنها السياحية المتميزة جعلت منها مقصداً هاماً لدول الجوار والعالم، إضافةً لموقعها الاستراتيجي ومناخها المعتدل وغناها بالمواقع السياحية، لكن الحرب فعلت فعلها بهذا القطاع الحيوي على مدى السنوات السبع الماضية.
فكيف تأثرت السياحة في محافظة درعا؟ وماهي خسائرها؟ وما مدى التخريب الذي طال منشآتها على يد الإرهاب وبشكل ممنهج ومقصود؟.
للإجابة عن هذه التساؤلات التقت مجلة “العالم الاقتصادي” عدداً من أصحاب الشأن والاختصاص في محافظة درعا وأعدت هذا التقرير:
مشاريع متوقفة.. واستعدادات لإعادة تفعيلها
مدير سياحة درعا ياسر السعدي أوضح أن محافظة درعا تمتاز بتنوع عوامل الجذب السياحي, سياحة الآثار والسياحة الدينية والسياحة العلاجية, ففيها تنوع ثقافي ديني اجتماعي وسياحي وجغرافي، وأبرز ما يميزها اتصال السهل مع الجبل والوديان مثل تل الحارة ووادي اليرموك الذي يعد من أخفض نقاط العالم عن سطح البحر, ولا ننسى السياحة الدينية ففيها تجمع كبير للأضرحة والمقامات والمساجد والكنائس ودور العبادة التي تعود إلى العصور القديمة والحضارات الإسلامية العريقة، وتقدر خسائر مديرية السياحة في درعا بأكثر من 100 مليون ليرة سورية في المنشآت والمباني التابعة لها, إضافة إلى خسائر القطاع الخاص.
وحول الأهمية التي يحظى بها معبر نصيب الحدودي بالنسبة للسياحة السورية عموماً وبالنسبة لمحافظة درعا على وجه الخصوص قال السعدي:
يشكل معبر نصيب الحدودي البوابة الجنوبية لسورية سياحياً وتجارياً وقد أدى إغلاق هذا المعبر خلال السنوات الماضية إلى توقف الحركة السياحية في درعا وانعدامها تماماً، فقد كان يسجل دخول حوالي 2 مليون و600 ألف سائح وزائر سنوياً عبر هذا المعبر, وهذا العدد توقف طيلة سنوات الحرب وبالتالي لم تعد تسجل هناك أرقام للسياح ولم يعد هناك أي مورد اقتصادي سياحي من هذا المعبر, واليوم بعد تحرير هذا المعبر لابد وأن تشهد السياحة في درعا تحديداً وفي سورية إقبالاً كبيراً بعد عودة الأمن والأمان.
وفيما لو أنه صار بالإمكان الآن الحديث عن رؤية مستقبلية للواقع السياحي في درعا أو خطة لإنعاش وتنشيط قطاع السياحة في درعا أوضح مدير السياحة ذلك بالقول: قبل بداية هذه الحرب كان هناك العديد من المشاريع قيد التنفيذ وأخرى تم طرحها خلال ملتقى الاستثمار في وزارة السياحة, وهناك ما بُدئ العمل بتنفيذه, هذه المشاريع مميزة جداً وكانت ستستقطب آلاف الزوار ومنها: مقصف زيزون السياحي، والذي يحتوي على مدينة ملاهي ومطاعم ومدينة ألعاب أطفال ومسبح، هذا المشروع بدأ العمل به وتوقف مع الحرب على سورية, أيضاً مشروع المنازل الأثرية في بصرى الشام وعددها 8 منازل وكان الهدف توظيفها كمنازل للسياح كمنامة وإقامة, ومشروع محطة قطار بصرى الشام، والهدف منها عرض العربات القديمة ضمن منتزهات ومطاعم, ومشروع القرية السياحية في المزيريب 3 نجوم وهي مدينة سياحية متكاملة مسابح ومطاعم شتوية وصيفية وإنترنت وألعاب أطفال وترفيه وصالات.
كل هذه المشاريع توقف العمل بها مع بداية الحرب على سورية والآن هناك توجه لإعادة تفعيلها ضمن توجيهات وزارة السياحة بتقديم كل التسهيلات للمستثمرين, فالسيد الوزير يشدد دائماً على إيجاد تسهيلات لكل التجار والمستثمرين ومكاتب الوزارة ومكاتبنا مفتوحة دائماً للجميع، إضافة إلى أن مكتب خدمات المستثمرين في وزارة السياحة يقدم كل التسهيلات للإخوة المستثمرين لإعادة تفعيل العجلة السياحية في مختلف المناطق السياحية, ونحن بدورنا نعمل وفق هذا التوجيه بتقديم كل الدعم والتسهيلات للإخوة المستثمرين.
وحول الخطط المستقبلية والرؤى القادمة لتفعيل الواقع السياحي في درعا يقول السعدي: نحن نسعى من أجل تحقيق سياحة مستدامة والعمل على تفعيل السياحة من جديد وتشجيع المستثمرين بتوجيهات وزارة السياحة وتنفيذاً لقراراتها و تسهيلاتها الممنوحة للمستثمرين وأضاف: تحقيق السياحة المستدامة يعني تشجيع المشاريع السياحية الصغيرة وإيصال السياحة إلى متناول جميع المواطنين ومن كافة شرائح المجتمع, لذلك نسعى إلى إعادة تفعيل المنشآت الحرفية الصغيرة وتشجيع الحرفيين وأصحاب المهن اليدوية بدعمهم مادياً بقروض للحفاظ على هذه المهن من الزوال، ونعمل أيضاً على إعادة افتتاح المخافر السياحية التي تقدم خدماتها للسياح في المواقع السياحية والأثرية، وقبل الأزمة كنا بصدد استكمال تجهيز كافة مخافر أو مقرات الشرطة السياحية في مختلف المناطق السياحية, حيث يتم رفد هذه المخافر بأفراد من الشرطة السياحية المدربين والمجهزين لخدمات السياح، أيضاً نحن الآن بصدد استكمال تجهيز المعهد الفندقي بدرعا الذي وصل الى مرحلة الإكساء عام 2011، وهو مؤهل لاستقبال طلاب من ثلاث محافظات في المنطقة الجنوبية بهدف إعداد كوادر سياحية مدربة وتعمل وزارة السياحة جاهدة لاستكمال تجهيزه ووضعه في خدمة الطلاب، وقد تعرضت الثانوية الفندقية لأضرار كبيرة واستمرت بتقديم خدماتها للطلاب طيلة الحرب على سورية واستضافت طلاب الكليات التابعة لفرع درعا لجامعة دمشق وبناؤها فريد من نوعه على مستوى القطر وهي اليوم بحاجة الى ترميم وتعويضها بتجهيزات، وهناك أيضاً مواقع سياحية قابلة للاستثمار وأضابيرها مجهزة ومطروحة في ملتقى وزارة السياحة للاستثمار منها زيزون, القصير, وادي العرائس, المغاور, الكهوف.
وأضاف محاميد: اليوم هناك إقبال من أصحاب المنشآت الخاصة على ترميمها وإعادتها إلى الخارطة السياحية من جديد، وهناك مواقع مميزة سيتم طرحها للاستثمار, وهنك منشآت سيتم ضمها الى مديرية السياحة بدرعا افتتحت خلال الأزمة في مناطق ساخنة سابقاً واليوم هي في كنف الدولة وسيتم ضمها وتقييمها وجعلها مطابقة للمواصفات.
رئيس دائرة الخدمات والجودة:
82 منشأة سياحية خرج معظمها عن الخدمة وتعرضت للنهب والتخريب
وتحدثت انتصار محاميد رئيس دائرة الخدمات والجودة عن التخريب الذي تعرض له قطاع السياحة بدرعا خلال الحرب فقالت: القطاع السياحي في محافظة درعا تحديداً وفي سورية عامة، من أكثر القطاعات التي تعرضت للتخريب الممنهج والمقصود من قبل المجموعات الارهابية المسلحة، وتأثر بالحرب وتعرض للدمار والخروج عن الخدمة بشكل كامل, ففي محافظة درعا 82 منشأة سياحية تشرف عليها وزارة السياحة ومديرية سياحة درعا خرجت معظمها عن الخدمة, وهي 6 فنادق و60 مكتباً سياحياً و16 مطعماً خرجت جميعها عن الخدمة وتعرضت للنهب والتخريب من قبل المجموعات الارهابية المسلحة.
وأضافت محاميد: في محافظة درعا مشاريع ومنشات سياحية عائدة لجهات القطاع العام والخاص وبفعل الحرب تضررت هذه المشاريع وتوقف العمل بها، والعديد من هذه المشاريع السياحية طرحت في ملتقيات الاستثمار السياحي في وزارة السياحة في الفترة الماضية حيث تم حجز البعض منها من قبل مستثمرين ومنها مشروع المياه المعدنية في اليادودة وهو منتجع صحي سياحي وتم تلزيمه لمستثمر للعمل به، ومشروع مقصف زيزون السياحي العائد لوزارة السياحة حيث تم حجزه من قبل مستثمر والتوظيف السياحي له (مدينة ألعاب مطاعم صيفية وشتوية مسابح), إضافة إلى مشاريع أخرى مازالت مطروحة للاستثمار السياحي ومنها: مشروع المزيريب السياحي ومشروع المنازل الأثرية في بصرى الشام ومشروع محطة قطار درعا ومشروع محطة قطار بصرى ومشروع القرية السياحية في تل شهاب، وهناك أيضاً مشاريع سياحية ومواقع قابلة للاستثمار السياحي كمزارات وكهوف ومغر وغيرها.
رئيس دائرة الاستثمار السياحي:
مشروع جباب السياحي الأهم في منطقة شرق البحر المتوسط
وفي الحديث عن مشروع جباب السياحي والأهم في منطقة شرق البحر المتوسط بخدمات السياحة العلاجية قال طلال محمد رئيس دائرة الاستثمار السياحي في مديرية السياحة بدرعا: منتجع جباب السياحي هو الفريد من نوعه في المنطقة ويقدم خدمات علاجية وترفيهية مميزة وكان يشكل بوصلة للسياح القادمين من دول العالم للعلاج بالمياه الكبريتية, توقف هذا المشروع توقف عن العمل مع بداية الأزمة وهناك توجيهات من قبل السيد وزير السياحة بالعمل على افتتاحه من جديد ونسعى إلى تحقيق ذلك في الفترة القادمة.
مدير غرفة سياحة المنطقة الجنوبية:
100 % نسبة التخريب في المنشآت لكن هناك حلول تلوح في الأفق
وتحدث عمار الحشيش مدير غرفة سياحة المنطقة الجنوبية عن خطة عمل الغرفة للانطلاق من جديد فقال: نحن اليوم نعمل على عدة محاور بهدف الانطلاق من جديد بسياحة المنطقة الجنوبية بشكل عام ودرعا بشكل خاص، لما تحتويه من أماكن أثرية وسياحية قيمة, قمنا بعقد سلسلة من الاجتماعات مع المستثمرين والمعنيين بالعمل السياحي لوضع خطة عمل لتفعيل النشاط السياحي من خلال تنفيذ تسهيلات لجميع المستثمرين, إضافة إلى تخفيض الأسعار في المنشآت السياحية بما يتماشى مع واقعنا الحالي اليوم، الواقع تحسن كثيراً على أرض الواقع، كهرباء جيدة ومواقع سياحية آمنة وحركة سكانية مميزة ومتزايدة, وقد وجهت وزارة السياحة بضرورة تقديم كل التسهيلات ونحن جاهزون ومستعدون لذلك، ولدينا مواقع مطروحة للاستثمار ضمن ملتقى الاستثمار السياحي في الوزارة, ومنشآت سيتم العمل على افتتاحها من جديد وقد بلغت نسبة التخريب في منشآتنا السياحية 100% لكن هناك حلول تلوح في الآفق.
رئيس غرفة سياحة المنطقة الجنوبية:
جاهزون لتقديم التسهيلات ونحن بصدد إيجاد تخفيضات في الأسعار
محمد علي الصيدلي نائب رئيس غرفة سياحة المنطقة الجنوبية تحدث عن المعوقات التي تواجه العمل السياحي وقال: الحقيقة ليس هناك معوقات ضمن السيطرة إلا وتغلبنا عليها؛ فوزارة السياحة تسعى الى إيجاد تسهيلات للمستثمرين للعودة والانطلاق ونحن جاهزون لتقديم أي تسهيلات ودعم من أجل الانطلاق بالواقع السياحي من جديد، كل المعوقات تتعلق فقط بالوقت نحن بانتظار فتح الطرقات الى الأماكن السياحية وفتح معبر نصيب الحدودي من جديد ليستطيع المستثمرون العمل، اليوم نحن بصدد إيجاد تخفيضات في الأسعار في مختلف المنشآت لكن كل هذا يتعلق بفتح المعبر.
أحمد أبازيد صاحب أحد المكاتب السياحية قال: نحن جاهزون للانطلاق بالعمل من الآن ونعمل على ذلك، وقمنا بتفقد منشآتنا وتقدير الخسائر ووضع خطط للترميم والإعمار، نحن بحاجة إلى تسهيلات أكبر وترويج أكبر، ولا ننسى الحظر المفروض على سورية, نحن بحاجة إلى شركات تعيد فتح رحلاتها مع سورية جوياً وبرياً, وسنعمل بعد فتح المعبر على افتتاح رحلات برية أيضاً, نحن جاهزون ونتمنى دعماً أكبر من وزارة السياحة, دون أن نخفي أن هناك دعماً جيداً.
Discussion about this post