العالم الاقتصادي- ندى عجيب
موعدٌ منتظر مُحمل بعبق الذاكرة وجمالها.. ففي السادس من أيلول 2018 استعد معظم السوريين لإطلاق العنان لقصصهم وأفراحهم القديمة، بالعودة إلى الواقع من خلال زيارة معرض دمشق الدولي الذي طالما كان يحيا في أحاديثهم مع الأصدقاء والأحبة، عند تذكر أغاني فيروز وعمالقة الطرب ونوافير المياه الراقصة وسهرات العائلة في حفلات المعرض المعتادة..
أما على الجانب الآخر فهو موعد حافلٌ للاقتصاديين والصناعيين والتجار، كونه شكل لهم على مر الزمن منفذاً حيوياً للالتقاء بالآخر وتبادل العلوم والمنتجات والابتكارات التقنية بين الدول، فضلاً عن دوره الكبير في التعريف بالمنتجات السورية وتسويقها وتصديرها والتعريف بالتاجر والصناعي السوري على الصعيد الداخلي والخارجي.
بالمجمل.. هو تاريخ عريق ممتلئ بذاكرة المكان والزمان والإنجاز والإبداع على المستوى المحلي والإقليمي، جسده معرض دمشق الدولي على مر السنوات الممتدة من 1954 وحتى عام 2011 ليستريح بعدها 5 سنوات مراعاة لظروف استثنائية مرت على سورية، لكنها بالمقابل شكلت دافعاً فاق التوقعات، فعاد معرض دمشق الدولي عام 2017 رغم قساوة الحرب، كأكبر تظاهرة اقتصادية واجتماعية وفنية وثقافية شهدتها سورية في أصعب ظروفها.
وانطلاقاً من أهمية هذا الحدث الكبير أعدت “العالم الاقتصادي” تقريراً مفصلاً عن تاريخ المعرض ومكان إقامته وأعداد الدول التي شاركت فيه وما تضمنه من نشاطات وفعاليات مختلفة.
عودة قوية متصاعدة
قبل الحديث عن تاريخ معرض دمشق الدولي لابد من التنويه بأن درة معارض الشرق الأوسط ونافذة الاقتصاد السوري على العالم، بدأ منذ العام الفائت انطلاقة جديدة بعد توقفه نتيجة الحرب الإرهابية على سورية، حيث أعادت الكوادر السورية العام الماضي إطلاق الدورة الـ 59 من المعرض في الفترة الممتدة من الـ17 ولغاية الـ26 من شهر آب عام 2017، وسجلت تلك الأيام حدثاً مفصلياً في العاصمة دمشق.
اليوم تستمر الانطلاقة بالتطور على صعيد التألق والإنجاز وما ينتظر الدورة /60/ من المعرض من زيادة في عدد الدول المشاركة والشركات والفعاليات والأنشطة، وبالتالي زيادة المساحة المخصصة لأجنحة المعرض خير دليل على التطور والدعم الذي تحظى به الدورة الحالية، ولاسيما بعد الانتصارات الكبيرة للجيش العربي السوري على الإرهاب في دمشق وريفها ودرعا والقنيطرة.
موقع معرض دمشق الدولي القديم
احتل معرض دمشق الدولي “القديم” منذ تأسيسه وحتى عام 2002 موقعاً مهماً في وسط مدينة دمشق، ممتداً من جسر فيكتوريا ومتحف دمشق الوطني حتى ساحة الأمويين بمحاذاة نهر بردى، حيث يتكون من مجموعة من الأجنحة الوطنية والدولية التي تحتضن مشاركات العديد من دول الشرق والغرب محاطة بساحات خضراء ومجسمات ونوافير جميلة.
ومن علاماته المميزة آنذاك وجود الأعمدة العالية التي تحمل أعلام الدول المشاركة على طول الشارع الممتد إلى مدخله الرئيسي، إضافة إلى وجود قوس مميز أمام المدخل يشبه قوس قزح ويعود بناؤه إلى عام 1935ميلادي.
وتتعدد المظاهر المميزة لمعرض دمشق الدولي القديم ففي مطلع ستينيات القرن العشرين صنع الفنانون السوريون نصباً تذكارياً للسيف الدمشقي في ساحة الأمويين وسط العاصمة دمشق كرمز لقوة المدينة ومنعتها، فكانت لهذا النصب واجهتان واسعتان متقابلتان من البلاستيك الملون حيث تطل الواجهة الغربية على ساحة الأمويين نفسها، بينما تطل الواجهة الشرقية منه على باب معرض دمشق الدولي.
افتتاح الدورة الأولى من المعرض وازدياد الدول المشاركة على مر السنوات
شكل افتتاح معرض دمشق الدولي في الخمسينيات حدثاً دولياً اقتصادياً كبيراً حقق نجاحاً فاق التوقعات على المستوى الاقتصادي والتجاري والسياحي، وأقيمت الدورة الأولى من المعرض في الأول من أيلول عام 1954 واستمرت لمدة شهر كامل، حيث احتل المعرض مساحة قدرها 250 ألف متر مربع وفاق عدد زواره آنذاك “مليون زائر” من مختلف الدول، وشاركت في الدورة الأولى 26 دولة عربية وأجنبية إضافة الى عدد من المؤسسات والشركات الصناعية والتجارية السورية.
وفي عام 1958 أصبح معرض دمشق الدولي عضواً في اتحاد المعارض الدولية، وفي عام 1970 حقق قفزة نوعية في زيادة عدد الدول والشركات التي غطت القارات الخمس واصبح ملتقى لرجال الأعمال والمنتجين.
وفي هذا المجال يورد أرشيف معرض دمشق الدولي تزايداً متتالياً بعدد الدول المشاركة أو العارضين أو الزوار، خلال سنوات انعقاد المعرض حيث وصل عدد الدول المشاركة في عام 1956 إلى 30 دولة، وفي الستينيات بلغ 43 دولة مشاركة ليزداد العدد إلى 51 دولة في عام 1977، وأما في الثمانينيات فبلغ ذروته في عام 1986 بـ63 دولة مشاركة، وفي عام 2004 وصل العدد إلى 55 دولة، ورغم تعرض سورية لحرب إرهابية منذ بدء عام 2011 إلا أن المؤسسة العامة للمعارض والأسواق الدولية استمرت بإقامة الدورة الـ58 لمعرض دمشق الدولي في ذلك العام، وكان عدد الدول المشاركة فيه 22 دولة رغم محاولات أعداء سورية لقطع علاقاتها الاقتصادية مع دول العالم.
وبالنسبة لعدد الزوار فقد بلغ في الدورة الأولى من المعرض مليون زائر ليصل إلى مليوني زائر في عام 1973 و3 ملايين زائر في العام الذي يليه أي عام 1974 مستمراً بالتزايد حتى آخر دورات انعقاد المعرض عام 2011.
يُذكر أن الدورة الماضية من معرض دمشق الدولي حققت مشاركة 43 دولة منها 23 شاركت بشكل رسمى عبر السفارات و20 دولة سجلت مشاركات تجارية أي عبر شركات اقتصادية مستقلة وتجاوز عدد زوار المعرض مليونين و80 ألف زائر.
مدينة المعارض الجديدة أكبر مدن المعارض في الشرق الأوسط
مع مرور السنوات وعدم استيعاب المقر القديم للأعداد المتزايدة من الشركات المشاركة وزوار المعرض كان لابد من مكان جديد للمعرض، يوفر المساحات التي تناسب هذا التزايد فتم بناء “مدينة المعارض الجديدة” على طريق مطار دمشق الدولي، وفق أفضل المعايير الدولية وعلى مساحة كبيرة وجهزت بأحدث نظم التكنولوجيا وتجهيزات المعارض العالمية.
وافتتح السيد الرئيس بشار الأسد المدينة الجديدة للمعارض في الثالث من أيلول لعام 2003، وكان الافتتاح متزامناً مع الاحتفال بالعيد الذهبي لمعرض دمشق الدولي وإقامة فعالياته على أرض المدينة الجديدة التي تعتبر من أهم وأكبر مدن المعارض في الشرق الأوسط والمنطقة، وتقع في الجهة الجنوبية الشرقية من مدينة دمشق على طريق مطار دمشق الدولي بالقرب من قصر المؤتمرات، وتبلغ مساحتها 1200000 م2 وقد تم تصميمها وفق أفضل المواصفات العالمية.
وتقدم المدينة كل الخدمات لاحتياجات الأعمال من زوار أو عارضين أو منظمي أعمال، وتتكون من منشآت مخصصة للعرض وللخدمات بكل أنواعها وتتضمن بالإضافة إلى صالات العرض وقاعات الاجتماعات والندوات مبانٍ لخدمات الإدارة والمستودعات والورشات والجمارك، ومركزين لرجال الأعمال والصحفيين ومطاعم وكافتيريات ومواقف سيارات بمساحة 11000 م2 تتسع لـ1800 سيارة.
ويتم الدخول إلى مدينة المعارض من خلال خمس بوابات خارجية مخصصة للسيارات، وعشر بوابات داخلية مخصصة للزوار، وتبلغ مساحات العرض المبني 83000 م2 ومساحات العرض المكشوف 150000 م2 أما المساحات الخضراء فتبلغ 60000 م2، وتستطيع المدينة أن تحتضن عدة معارض في آن واحد.
أرقام عن مدينة المعارض الواقعة على طريق مطار دمشق الدولي
عندما تم اعتماد مدينة المعارض الواقعة على طريق مطار دمشق الدولي كمقر أساسي لمعرض دمشق الدولي توزعت فيها مساحات صالات العرض والمرافق والمساحات الخضراء والخدمات على الشكل التالي..
1- المساحة الإجمالية: مليون ومئتا ألف متر مربع وهي تعادل ثلاثة عشر ضعفا لمساحة مدينة المعرض القديم.
2- مساحات العرض المبني: 83000 م2.
3- مساحات العرض المكشوف: تقارب 150000 م2.
4- مباني المستودعات والورشات ومستودعات الجمارك: 17000 م2.
5- مباني الخدمات: 2100 م 2 تضم مركزاً صحياً دائماً، مركز الإذاعة والتلفزيون ومصرفاً ومركز إطفاء وثلاثة مبان أمنية.
6- مركز رجال الأعمال الدائم 2725 م 2 زائد المركز الصحفي الدائم: 2725م2.
7- المطاعم والكافيتريات: 12500 م 2.
8- قاعات الاجتماعات والندوات 4 قاعات “قاعة في كل جناح دولي”: 363 م2.
9- مباني الإدارة: 4500 م 2.
10- تسعة مواقف للسيارات “تتسع لألف وثمانمائة سيارة” المساحة الإجمالية: 11000 م2.
11- مساحات الطرق الداخلية والمحيطة: 150000 م2.
12- مساحات خضراء: 350000 متر مربع 10000 شجرة و20000 نبتة تحديد و6000 م2 كازون.
13- أقامت المؤسسة العامة للمعارض والأسواق الدولية فيها ملتقيين نحتيين في عامي 2002/2003 أنجز الفنانون خلالهما 40 عملاً نحتياً تم توزيعها على مساحات المدينة.
14- خدمات الاتصالات والمراقبة: 200 خط هاتف خارجي زائد 1008 خطوط هاتف داخلي “كما تم تنفيذ شبكة ألياف ضوئية تغطي المدينة زائد نظام مراقبة إلكتروني”.
إعادة افتتاح وتأهيل المدينة بعد انقطاع 5 سنوات
نتيجة الحرب الإرهابية التي تتعرض لها سورية تضررت العديد من المنشآت والمؤسسات الخدمية، ومنها مدينة المعارض التي أصر كادر مؤسسة مديرية المعارض بالتعاون مع مختلف الورشات والشركات التابعة للوزارات على إعادة تأهيلها لتستعيد ألقها مع إقامة الدورة الـ 59 من معرض دمشق الدولي العام الفائت، وبالفعل كانت أشهر قليلة كفيلة بإظهار إرادة السوريين على إعادة الألق والفرح لحياتهم من خلال تجهيز المدينة، واستضافتها أعدادا هائلة من الزوار تحدثت عنها الكثير من وسائل الإعلام في المنطقة والعالم.
أهمية معرض دمشق الدولي اجتماعياً
شكل معرض دمشق الدولي على المستوى الاجتماعي ملتقى للعائلة السورية وطقساً من طقوس أفراحهم التي يذكرونها في أحاديثهم اليومية ولأبنائهم وأحفادهم، فلا تكاد تخلو عائلة سورية من فرد زار معرض دمشق الدولي لمرات عديدة، وقضى فيه العديد من سهرات المرح وحفلات الغناء والمسرحيات مع العائلة أو الأصدقاء. والإقبال الشعبي المحلي الذي شهدته الدورة الماضية من معرض دمشق الدولي وما سببه من ازدحام في الطرقات لساعات متأخرة من الليل يظهر مدى تعطش السوريين لذكرياتهم وأفراحهم في هذا الحدث السنوي الكبير.
يانصيب معرض دمشق الدولي
عندما صدر القانون رقم 40 لعام 1955 القاضي بإحداث مديرية معرض دمشق الدولي تضمن تكليفها بإصدار يانصيب دوري خاص بالمعرض، حيث “وفق القانون آنذاك” يصدق نظام اليانصيب بمرسوم بناء على اقتراح وزير الاقتصاد الوطني آنذاك، ويفتح حساب خاص خارج موازنة المعرض لكل إصدار من إصدارات يانصيب المعرض تقيد فيه إيرادات حاصل مبيع أوراق اليانصيب، وتسجل فيه مصروفات قيمة الجوائز وسائر النفقات، ويصفى حساب كل إصدار بعد مضي أربعة أشهر من تاريخ كل سحب، وتؤخذ إيراداته الصافية الى موازنة المديرية العامة للمعرض، وقد تم وضع نظام خاص باليانصيب تضبط فيه جميع مراحل إعداد الإصدارات والسحوبات والصرف والتصفية لهذه الإصدارات ولجنة مراجعة عمليات السحب.
وطرأ على اليانصيب عبر سنين انعقاد المعرض تطور ملحوظ من حيث نوع الورق الذي تطبع عليه البطاقات وقيمة الجوائز وعددها وتسمية الإصدارات وطريقة السحب والتوزيع.
وقد شهد يانصيب معرض دمشق الدولية تطوراً كبيراً وملحوظاً على مدى السنوات الستون الماضية، حيث أحدث أول إصدار لليانصيب عام 1953 بموجب المرسوم التشريعي رقم /14/ تاريخ 9/11/1953 القاضي بإقامة أول دورة لمعرض دمشق الدولي عام 1954، وعندما شهد المعرض نجاحاً كبيراً تم إصدار القانون رقم أربعين لعام 1955 القاضي بإحداث مديرية معرض دمشق الدولي وإصدار يانصيب خاص به، مع العلم بأنه تم إصدار بعض أنواع اليانصيب الخيري قبل هذه الفترة وبتصريح من الحكومة السورية، حيث تم إصدار يانصيب سنة 1936 بمناسبة إقامة اول معرض في دمشق عام 1936 وذلك بموجب المرسوم رقم/4038/ المؤرخ في 2تموز 1935، وقد كانت عدد بطاقاته 50000 بطاقة وسعر البطاقة 1 ل.س وقيمة جائزته الكبرى 5000 ل.س، وتصرف الجائزة من البنك المركزي وتعلن الأرقام الرابحة في صحف دمشق وبيروت والمدة المحددة لصرف الجوائز 60 يوماً، وقد تم السحب في اليوم الحادي عشر في شهر تشرين الثاني سنة 1935، وفي بناء المعرض الكبير في التجهيز وبمراقبة لجنة المعرض العامة وكانت كل تذكرة في حينها تخول حاملها دخول المعرض مجاناً.
بتاريخ 12/9/1955 تم إصدار القانون رقم 40 المتضمن احداث مديرية معرض دمشق الدولي وتحديد مهمتها وصلاحيتها حيث أنه سمح فيه للمديرية العامة لمعرض دمشق الدولي بإصدار اليانصيب الدوري لمنفعتها، ويصدق نظام اليانصيب بمرسوم بناء على اقتراح وزير الاقتصاد الوطني استناداً للتفويض الوارد في قرار السيد رئيس الجمهورية رقم /549/ الصادر بتاريخ 9/1/1958، ويفتح حساب خاص خارج موازنة المعرض لكل إصدار من إصدارات يانصيب المعرض يقيد فيه إيرادات حاصل مبيع أوراق اليانصيب، وتسجل فيه مصروفات قيمة الجوائز وسائر النفقات ويصفى حساب كل اصدار بعد مضي أربعة أشهر من تاريخ كل سحب، وتؤخذ ايراداته الصافية إلى موازنة المديرية العامة للمعرض، وقد تم وضع نظام خاص باليانصيب تضبط فيه جميع مراحل اعداد الاصدارات والسحوبات والصرف والتصفية لهذه الاصدارات ولجنة مراجعة عمليات السحب.
وقد طرأ على اليانصيب في السنوات الماضية تطوراً ملحوظاً من حيث نوع الورق الذي تطبع عليه البطاقات وقيمة الجوائز وعددها وتسمية الاصدارات وطريقة السحب والتوزيع وصولاً إلى الأتمتة.
كما قامت المؤسسة العامة للمعارض والأسواق الدولية في السنوات الأخيرة بتطوير بطاقات اليانصيب، من حيث نوع الورق والعلامات المائية والضوئية عليه وحجم البطاقة وتصميمها، حيث أنه يتم الاعلان من قبل المؤسسة عن مسابقة لاختيار تصاميم مقدمة من قبل فنانين تشكيليين، ويتم اختيار عدد من التصاميم مقابل جوائز نقدية الأمر الذي أضفى على بطاقة اليانصيب الروح الفني ورونق جديد، من حيث الألوان والأفكار الجمالية الخاصة وفتح أمام الفنانين التشكيليين آفاقاً جديدة لتقديم إبداعاتهم ووضعها في متناول الجميع، أما من حيث الجوائز الرابحة وقيمتها فقد ارتفعت عدد الجوائز الرابحة كما زاد سعر البطاقة مما أدى الى زيادة الأرباح التي ترفد الموازنة العامة للدولة.
طوابع وبوسترات معرض دمشق الدولي…هوية بصرية تاريخية مميزة
رافق فعاليات معرض دمشق الدولي على سنوات طويلة مرت تصميم هوية بصرية خاصة به وإصدار عدد من الطوابع البريدية والبوسترات، وطرأ على هذه الإصدارات تطوراً ملحوظاً من حيث نوع الورق الذي تطبع عليه وعددها وتسميتها وتوزيعها وفق ما ذكرت مديرية العلاقات العامة في المؤسسة العامة للمعارض.
فتصميم هوية بصرية لكل دورة من دورات المعرض كان من أساسيات العمل حسب أحمد والتي خلدت فعاليات المعرض تاريخياً، حيث درجت العادة على أن تتم طباعة كل إصدارات العام من الطوابع والبوسترات، وفق “تصميم غرافيكي” يراعي تنوع أحجام المطبوعات سواء للوحات الإعلانية والبروشورات والفولدرات لإبراز هوية بصرية مميزة تستند إلى الموروث التاريخي لمدينة دمشق والمعالم البارزة في سورية.
ودأبت المؤسسة العامة للبريد حسب كلام أحمد على إصدار “طابع بريدي” مرافق لكل دورة من دورات المعرض يتم استخدامه على كل المراسلات البريدية خلال العام، فتم إصدار هذه الطوابع على التوالي من أول دورة عام 1954 وحتى عام 2003 لتتوقف آنذاك، وقد عاودت المؤسسة العامة للبريد “إصدار الطابع التذكاري المرافق للدورة 59 العام الفائت وستصدر طابع خاص بالدورة 60 القادمة”.
وكانت تصاميم البوسترات تختلف في كل عام من حيث أسلوب التصميم وحجمه وإعداده ليصار إلى توزيعها على جميع الوزارات والمحافظات والسفارات العربية والغربية بدمشق والسفارات السورية في الخارج وهيئات تنظيم المعارض، ليتم تعليقها في مكان بارز للترويج لدورة المعرض القادمة بالإضافة إلى عرضها في اللوحات الطرقية بالمحافظات كافة.
يعد مسرح معرض دمشق الدولي من أقدم مسارح الوطن العربي وشكل بوابة فنية مهمة على مدى سنوات لأهم الفنانين والمطربين والفرق السورية والعربية والأجنبية، فكان مرافقاً لمسيرتهم الفنية أو منطلقاً للبعض منهم ومنبراً لانتشار أسمائهم وذيوع صيتهم، كونه يستقبل زواره من مختلف أنحاء العالم.
تم بناء مسرح معرض دمشق الدولي بداية داخل المدينة القديمة للمعارض فكان مسرحاً كبيراً مكشوفاً يتسع لما يقارب 1778 شخصاً، وذلك وفق مدير المعارض الداخلية بالمؤسسة العامة للمعارض والأسواق الدولية محي الدين قويدر.
وأوضح قويدر الذي كان مديراً للمسرح في مدينة المعارض القديمة أن المسرح كان معروفاً ببرنامج حفلات منظم يسمى “المهرجان الفني المسرحي” تتنوع عروضه بين المسرحيات والحفلات الغنائية والمسرح الراقص، مبيناً أن ميزة مسرح المعرض أنه استقطب فرقا فلكورية مهمة من بلدان عدة كانت مشاركة ضمن أجنحة المعرض بعرض منتجاتها الصناعية، وبالتوازي كانت ترافقها فرق غنائية لعرض تراث بلادها مثل روسيا واسبانيا واليابان والصين وهنغاريا ومختلف الدول العربية.
وشهدت خشبة مسرح المعرض وقوف عمالقة الطرب العربي والأجنبي عليها أمثال أم كلثوم وعبد الحليم حافظ وفيروز وصباح فخري وكاظم الساهر ونصري شمس الدين وصباح وشادية ووديع الصافي ووردة الجزائرية ونجوى كرم ووليد توفيق والفنان العالمي ديميس روسوس، بالإضافة إلى عروض لأهم الفرق المسرحية كعرض “صقر قريش” والعمل الملحمي التاريخي الكبير “الإلياذة الكنعانية” لفرقة “إنانا” للرقص المسرحي، ومسرح غنائي كوميدي لفرقة “شكسبير فور كيدز” وفرق جورجيا وأرمينيا وفنزويلا الفنية.
ولا أحد ينسى اقتران فعاليات المعرض بصوت فيروز التي شاركت في العديد من دوراته حتى أنه وفق قويدر كانت توجد غرفة خاصة بالمسرح اسمها “ركن السيدة فيروز” لاستقبالها فيها دائماً، حيث قدمت الكثير من أغنياتها إلى جانب مسرحيات الرحابنة على خشبة هذا المسرح.
وكان أول وقوف للسيدة فيروز على مسرح المعرض في دورته الثالثة بشهر أيلول من عام 1956، حيث قدمت خلالها بمرافقة فرقة الرحابنة الموسيقية وفرقة الدبكة الشعبية اللبنانية مجموعة من الموشحات الأندلسية مثل: “جادك الغيث” و”لما بدا يتثنى” ثم مجموعة من ألحان عاصي الرحباني مثل: “يسعد صباحك والمسا” و”يا قمر أنا وياك” و”ما في حدا لا تندهي” وكان في مقدمة الحضور في تلك الحفلة المفكر والسياسي فخري البارودي.
وفي الحفلات التالية للمعرض غنت عدداً من الشآميات مثل: “يا شام عاد الصيف” و”شام يا ذا السيف” و”أحب دمشق” و”طالت نوى وبكت” وقدمت عدداً من المسرحيات مثل “جسر القمر” و”الليل والقنديل” و”بياع الخواتم” و”هالة والملك” و”صح النوم” و”ناطورة المفاتيح” و”لولو” و”ميس الريم” و”بترا”.
ورغم أن المسرح كان من الأنشطة الموازية لفعاليات المعرض بكل أيام انعقاده إلا أن أهميته تأتي من كونه شكل “وسيلة دعاية مهمة للمعرض” حسب قويدر، حيث كان المسرح يفتتح قبل أيام المعرض بأسبوعين أو أكثر، وتقام عليه العديد من الأنشطة الفنية التي تشكل تمهيداً لعروض المسرح خلال أيامه، كما أن أنشطة المسرح تبقى مستمرة بعد اختتام فعاليات المعرض لعدة أيام أخرى.
وفي عام 2003 تم افتتاح المسرح الجديد للمعرض في مدينة المعارض الجديدة التي تقع في الجهة الجنوبية الشرقية من مدينة دمشق على طريق مطار دمشق الدولي، وهو مسرح مكشوف أيضاً يتم تركيبه خلال فترة المعرض، ويقدم مختلف العروض بالتوازي مع الحفاظ على فعاليات المسرح القديم، ومنذ ذلك الوقت حسب قويدر ورغم انتقال فعاليات معرض دمشق الدولي الى المدينة الجديدة، لكن المسرح في المدينة القديمة بقي مستمراً بتقديم عروضه الفنية سواء مع أيام انعقاد دورات المعرض أو قبلها وبعدها بعدة أيام” وذلك حتى عام 2011.
أخيراً
لا يسعنا القول إلا أن معرض دمشق الدولي وباعتراف محلي واقليمي شكل تألقاً اقتصادياً وثقافياً وسياحياً واجتماعياً منقطع النظير في عز ازدهار سورية منذ الخمسينيات وحتى 2011 واليوم، بعد عدوته منذ العام الفائت بات يشكل حدثاً مفصلياً ذو معنى مضاعف من القوة والاصرار والإرادة، كونه ينعقد ويستقطب أعداد كبيرة من الدول والزوار رغم كل ماتتعرض له سورية/ مثبتاً أن إرادة السوريين على الحياة أقوى من أي إرهاب.
Discussion about this post