العالم الاقتصادي- رصد
يستعد الإقتصاد الليبي الريعي لإعتماد ميزانية هي الأكبر في منذ إسقاط نظام معمر القذافي مما أثار جدلاً واسعا على مختلف الأصعدة من ملاحظات عدة دونها المسؤولون حول ضخامتها وغموض في بعض بنودها والمطالبة بإلغاء بعض هذه البنود بالكامل.
ورغم اعتراف الجميع بحساسية الفترة الراهنة ومتطلباتها الكبيرة والحاجة إلى إنفاق ضخم لإصلاح الخراب الذي لحق بالبلاد، يظل حجم الميزانية المقترحة من حكومة الوحدة الوطنية البالغة 97 مليار دينار(21.5 مليار دولار) هو المشكلة الأكبر في نظر البعض خاصة بعد تعديل سعر صرف الدينار في كانون ثاني الماضي.
ويشمل هذا الرقم 33 مليار دينار للمرتبات و23 ملياراً لدعم السلع والخدمات الأساسية و12 ملياراً كنفقات تسييرية و22 ملياراً للتنمية وخمسة مليارات للطوارئ.
وقال مسؤول رفيع المستوى في مجلس النواب طلب رفض ذكر اسمه أن إنفاق مبلغ يقارب 100 مليار في أقل من سنة دون خطط وبرامج معدة مسبقاً لا يراعي قدرة الإقتصاد الوطني الاستيعابية وسيكون له الأثر السلبي على الاقتصاد الوطن.
وقد حصلت صحيفة «القدس العربي» على نسخة من تقرير المجلس حول الميزانية في صورته النهائية والذي اعتبر أنها غير واقعية.
وجاء في التقرير أن الميزانية استندت في اعدادها على قانون باطل للمؤتمر الوطني العام بعد انتهاء مدة ولايته في عام 2016.
كما تضمن مجموعة من الملاحظات حول المواد القانونية الخاصة بالميزانية وأهمها المادة رقم خمسة والتي نصت على السماح لرئيس حكومة الوحدة الوطنية بالتصرف في أي إيرادات نفطية زائدة عن المتوقع باعتبار هذا اهداراً للمال العام ويمثل ضرراً لاحتياطيات الدولة من النقد الأجنبي.
كما اعتبر المجلس أن المشروع منح لرئيس الحكومة حق التصرف في أي مخصصات لأي جهة من الجهات الممولة من خزينة الدولة ما يفتح الباب أمام انحراف حقيقي عن المسار وتوجها نحو فساد حتمي.
وحمل مشروع الميزانية المحال إلى مجلس النواب والمجلس الأعلى للدولة في طياته بنداً يحمل اسم «بند الطوارئ» بقيمة خمسة مليارات دينار منحت صلاحيات التصرف فيه لرئيس الوزراء دون تحديد دقيق للشروط ما قد ينتج عنه توسع في الإنفاق مما جعل مجلس النواب يطالب بتحديد دقيق هذا البند وضوابطه.
كما اتهم المجلس الحكومة بإدراج ميزانيات لجهات لا تتبعه كقوة الردع الخاصة وجهاز دعم الاستقرار المشكل من قبل المجلس الرئاسي لحكومة الوفاق الوطني في نهاية ولايتها وقوة مكافحة الإرهاب.
وانتقد تخصيص مبلغ مليار ومئتي ألف دينار كمتفرقات فقط وأكثر من 700 ألف دينار للعلاج في الخارج واصفاً هذا الفعل بأنه يفتح أبواباً للفساد.
وأكد المجلس أن الميزانية يملأها التوسع في الإنفاق في كثير من بنودها وفروقات كبيرة في تخصيص الأموال في أخرى فهناك فروقات شاسعة بين ما منح لوزارات وأخرى وهناك مبالغ كبيرة وضعت كمصروفات خارجية بالإضافة إلى مصروفات التنمية التي وصفها المجلس بالمبالغ فيها فضلاً عن مصروفات الدعم وأولها دعم الأدوية والذي اعتبرها المجلس أيضا أكبر أبواب الفساد من خلال التهريب وقد خصص للأخيرة 4 مليارات دينار.
وفي ختام تقريره أوصى المجلس بإعادة مشروع الميزانية العامة الى الحكومة بهدف مراجعتها وإصلاحها والأخذ بالملاحظات الذي سجلها في عين الاعتبار بحيث يعكس مشروع الميزانية أهداف الحكومة الحقيقية.
كما طالب الحكومة بالتفصيل في احتياجات كل قطاع على حدة بناءً على جدولة تنفيذية متكاملة والعمل على إيجاد مصادر إضافية لتمويل الميزانية وإعادة تقدير بعض البنود بالإضافة الى تقليص مصروفات الباب الثاني الخاص بالنفقات التسييرية من 12 مليار الى تسعة مليارات وتقليص مخصصات الدعم من23 مليار الى 20 مليار دينار.
وقال علي السويح عضو اللجنة الاقتصادية في المجلس الأعلى للدولة في تصريح لـ»القدس العربي»: إن الرقم الإجمالي للأنفاق كبير جداً وأن لدى المجلس العديد من الملاحظات عليها والتوصيات.
وطالب إلغاء بند الطوارئ بشكل نهائي ومطابقة المرتبات مع الرقم الوطني للقضاء على الفساد والازدواجية في الحصول عليها ومعالجة التكدس في القطاعات العامة موضحاً أن كافة أعضاء المجلس أبدو ملاحظاتهم عليها ورأوا أن تحتاج للكثير من التعديلات.
ورغم أن الربع الأول من العام قد انتهى لا تزال ليبيا تسير بشكل عشوائي دون ميزانية مرصودة لها لتتمكن من خلالها الحكومة من تنفيذ الاستحقاقات المطلوبة منها وإنهاء هذه المرحلة الانتقالية في أسرع وقت ممكن والإيفاء بوعودها والتي من أهمها صرف منحة الزوجة والأبناء.
– القدس العربي-
Discussion about this post