العالم الاقتصادي- رصد
تتسابق الكثير من البنوك المركزية في المنطقة العربية لتوسيع نطاق أعمال شركات المدفوعات الإلكترونية، وباتت جزءا من نظمها المصرفية، الأمر الذي جعلها مقصدا استثماريا لرؤوس الأموال. وعجلت الفورة الاستثمارية في هذا المجال من دخول شركات ناشئة نادي المليارات بعد أن ظلت لسنوات تعمل على نطاق محدود.
أمعنت مصارف عربية في الاستحواذ على شركات المدفوعات الإلكترونية أخيرا، وصاحب ذلك توسع كبير من البنوك المركزية في المنطقة منح تراخيص جديدة لتأسيس هذا النوع من الشركات.
وتدخل الإمارات هذا السباق بأكثر من 15 شركة، وتنافس السعودية بنحو 11 شركة، ويتواصل السباق في مصر بأكثر من 10 شركات، الأمر الذي قد يحيل التعاملات النقدية خلال السنوات المقبلة إلى التقاعد.
منحت مؤسسة النقد العربي السعودي (ساما) ترخيصا لتدشين ثلاثة شركات تقنية مالية جديدة في مجال المدفوعات الإلكترونية، هي “سكاي باند” واللون الرقمي لتقنية المعلومات “فوديكس” تقديم خدمات من خلال أجهزة نقاط البيع، وشركة نون الرقمية (نون باي) لتقديم المدفوعات عبر بوابة الدفع الإلكترونية.
وأعلنت المجموعة المالية هيرميس، التي تتواجد في 13 دولة، منها 9 بلدان عربية، عن تأسيس منصة جديدة للمدفوعات الإلكترونية، وكشفت عن اتفاق مشاركة مع “بيتابس” التي تعمل في كل من الإمارات والسعودية والهند والفلبين، لافتتاح أول فروعها في مصر.
ويمتد النطاق الأوسع للمدفوعات الإلكترونية ليشمل عبور السيارات على الطرق دون الحاجة للتوقف لدفع رسوم العبور، حيث تمكن التطبيقات المتنوعة لشركات المدفوعات الإلكترونية من تحصيل قيمة الرسوم بمجرد عبور السيارة بجوار البوابات الإلكترونية المخصصة لذلك.
وتطبق الإمارات برامج متنوعة لهذه التقنية، ومن الشركات التي تقدم تلك الخدمة “فيترونيك”، وتدرس القاهرة تطبيق نفس الفكرة لمنع حالات التكدس المروري، وتعزيز منظومة المدفوعات الإلكترونية التي تقلل من حركة التعاملات النقدية.
محمد الإتربي: التحول الرقمي بالمنطقة العربية يعزز المدفوعات الإلكترونية
وكسر وباء كورونا في العالم حاجز مخاوف الأفراد التقليدية من نظم الدفع عن بعد، وعزز تصاعد الطلب على خدمات شركات المدفوعات الإلكترونية لمنع العدوى، الأمر الذي حفز على توسيع الاستثمارات والخروج من نطاق العمل المحلي إلى البحث عن فرص الاستثمار الخارجي.
وأعلنت شركة “فوري” المصرية والتي تجاوز رأسمالها حاجز 1.5 مليار دولار عن استهدف سوقي الإمارات والسعودية لتقديم خدماتها، من خلال افتتاح فروع لها في البلدين الأكثر تمتعا بالمدفوعات الإلكترونية.
وقال محمد الإتربي نائب رئيس اتحاد المصارف العربية، إن خطط التحول الرقمي في المنطقة العربية زادت من أنشطة شركات المدفوعات الإلكترونية بشكل غير مسبوق، وأغرت مستثمرين كثيرين على ولوج هذا المجال الواعد.
وأوضح أن المصارف العربية باتت عند مرحلة فاصلة، حيث تعزز هذه النوعية من المدفوعات ضم شرائح جديدة للنظام المصرفي، وتزيد من كفاءة حركة الأموال داخل الاقتصاد الرسمي، عبر إتاحة خدمات مالية لم تكن متاحة من قبل، وهي إشارة على حجم التطور الحاصل في المجال الاقتصادي.
ودفعت منظومة التحول الرقمي العالم إلى إنفاق نحو تريليوني دولار لتعزز تلك النظم بوصفها مفتاحا لتحقيق معدلات النمو الاقتصادي، ولقدرتها الفائقة على دمج الأنشطة التي كانت تعمل في الظل داخل الإطار الرسمي للاقتصاد.
وتمهد شركات المدفوعات الإلكترونية لنشر البنوك الرقمية في المنطقة العربية، والتي كانت تعمل على نطاق محدود في عدد من الدول العربية، باستثناء الإمارات والسعودية، ودخلت مصر على الخط بعد تدشين عدد من فروع البنوك الرقمية.
ويستعد بنك مصر لإطلاق أول بنك رقمي بالبلاد في الربع الثالث من العام الحالي، حيث تعاقد مع شركة “أتوس” الفرنسية، وهى شركة عالمية متخصصة في مجال إنشاء البنوك الرقمية، على التعاون معا.
ويعد البنك الجديد كيانا موازيا لبنك مصر، وله مجلس إدارة مستقل، فالبنوك الرقمية تختلف عن الفروع الإلكترونية المنتشرة حاليا للبنوك. والأولى تتميز بكونها رقمية بشكل كامل تقوم على الخدمات الإلكترونية المتقدمة ولا يتدخل فيها العنصر البشرى، وتقدم كل الخدمات التي يمكن أن يحصل عليها الأفراد على مدار الساعة.
يحيى أبوالفتوح: فورة كبيرة في الطلب على خدمات الإنترنت والموبايل البنكي
وتعمل البنوك الإلكترونية الحالية في مصر لساعات متأخرة حتى التاسعة مساء فقط، وبها عدد محدود من الموظفين لمساعدة الأفراد على إنهاء الخدمات.
وأكد يحيى أبوالفتوح نائب رئيس البنك الأهلي المصري، أن الإقبال على نظم المدفوعات الإلكترونية يشهد فورة كبيرة، ورصدت مؤشرات البنك الذي يعمل به زيادة على خدمات الإنترنت والموبايل البنكي بشكل غير مسبوق.
وأضاف أن المشتركين في خدمة “الأهلي نت” من الأفراد بلغ نحو 5.4 مليون مواطن، وتسمح للأفراد القيام بجميع العمليات المصرفية عبر الحاسب الشخصي أو الهاتف الخليوي.
ورغم هذه الفورة اللافتة، إلا أن اتحاد المصارف العربية أوضح أن تعاملات 38 في المئة من البالغين في العالم تتم خارج الأنظمة المصرفية، وهم يمثلون الأغلبية في دول جنوب آسيا ومنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، والتي تضم الدول العربية.
وتعتبر تلك المناطق الأقل في التوعية بمفهوم المدفوعات الإلكترونية على مستوى العالم، بجانب ارتفاع معدلات الفقر وعدم القدرة على التعامل مع المصارف، بسبب ارتفاع التكاليف المصرفية، وبعد المسافات بين السكن وفروع البنوك، علاوة على المطالب المرهقة في معظم الأحوال لفتح حساب مالي.
وكشف البنك الدولي عن بيانات تنذر بتعثر خطط التحول الرقمي في الدول العربية، وأظهر تقرير “الفقر والرخاء” أن نسبة الفقر في المنطقة العربية تصل إلى نحو 42.5 في المئة لمن يقل دخلهم عن 5.5 دولار في اليوم.
وأفاد تقرير لجهاز الإحصاء المصري بأن نسبة الأمية في المنطقة العربية تصل إلى نحو 21 في المئة، وترتفع في مصر لتصل إلى 25.8 في المئة، ما يزيد التحديات، ويضع عراقيل أمام النمو في التحول الرقمي.
– العرب-
Discussion about this post