بقلم: د. مريم طلاس
أظهرت سلسلة من الدراسات والتجارب أن الذكاء الاصطناعي وتقنيات تعليم الآلات، يمكنها النهوض بالمهات التي تؤديها التقنيات التقليدية أو تحسينها.
والأهم من ذلك بالنسبة إلى المرضى يتمثّل في أن خوارزميات تعليم الآلات [المعادلات الرياضية التي تستعمل في برمجة الآلات الذكية] تقدّم حلولاً في مجال التعرّف على الأنماط، ما يتيح للآلات اكتشاف وتشخيص سرطانات الثدي وأورام الدماغ وغيرها من الأمراض التي تبرز عند المقارنة بين آلاف أو حتى ملايين الفحوصات الصحّية.
وأثبتت دراسة حديثة أجريت على استخدام الذكاء الاصطناعي في مجال تشخيص سرطان الثدي، أن أداء الآلات الذكية في الأقل كان متساوياً مع البشر في اكتشاف السرطان، بل تفوق على الإنسان في تجنّب الوقوع في التشخيص الخاطىء بوجود إصابة عندما لا تكون موجودة فعلاً.
وأخيراً، كشفت دراسة جديدة أجراها فريق علمي في نيويورك، أن الذكاء الاصطناعي يمكن أن يساعد الجرّاحين عِبْرَ تقديم تشخيص دقيق لأورام الدماغ في دقائق معدودة، بل حتى أثناء الوقت الذي يكون فيه المريض على طاولة العمليات.
ومن المستطاع القول: إن هذه النتائج المثيرة للإعجاب وكذلك حقيقة أن تقنية الذكاء الاصطناعي تعمل سبعة أيام في الأسبوع وأربعاً وعشرين ساعةً في اليوم من دون وجود مشكلة نقابات أو عقود يجب التفاوض عليها، تعني كلها أنها تقدّم حلاً مغرياً للحكومة البريطانية ولـهيئة “الخدمات الصحّية الوطنية” التي تعرف أنها تفتقر إلى العدد اللازم من الممرّضات والأطباء من أجل التعامل مع الطلب المتزايد على الخدمات الصحّية.
وتنفق الذراع التقنية الداخلية الرقمية للهيئة (تعرف بإسم “إن آتس إس إكس”NHSX)، حوالي /250/ مليون جنيه إسترليني (323 مليون دولار أمريكي) على الذكاء الاصطناعي في مجال الرعاية الصحية، كجزءٍ من مسار مختبر جديد للذكاء الاصطناعي.
وأكد رئيس هيئة “الخدمات الصحّية الوطنية” السير سايمون ستيفنز أنه يريد أن تكون “الخدمات الصحّية الوطنية” رائدةً على المستوى العالمي في مجال الذكاء الاصطناعي كي يساعدها في تلبية ملايين المواعيد التي تؤخذ في العيادات الخارجية، وكذلك لا يبدو مقنعاً سجل “الخدمات الصحّية الوطنية” في مجال الاعتماد على التكنولوجيا وتبنّي تكنولوجيا المعلومات على نطاق واسع.
وأظهرت دراسة أجريت في نيويورك في شأن جراحة الدماغ، أن الأخطاء التي وقع فيها الذكاء الاصطناعي وعلماء الأمراض كانت مختلفة، بمعنى أنه عندما أخطأ البشر وقعت الآلات الذكية في الخطأ أيضاً، لكن مع مرضى مختلفين.
واستنتج واضعو البحث أنه إذا جرى الجمع بين الاثنين، فإن الدقة قد تصل إلى 100 %، ويعمل موظّفو هيئة “الخدمات الصحّية الوطنية” على الأرض لتلبية طلب هائل من المرضى، وفي ظل أعوام من النقص في التمويل والتدنّي المزمن في عدد الموظفين.
ولن تتمكّن التكنولوجيا والذكاء الاصطناعي من الحلول مكان الطبيب، ولن يكونا قادرين على التعامل مع الاحتياجات الشخصية للمرضى وتغيير القسطرة أو إجراء تشخيص تفريقي [يُبيّن الاحتمالات المختلفة بشأن مرض ما]، ووفق الدراسات، يتبيّن أن الذكاء الاصطناعي أيضاً عرضة للوقوع في أخطاء محتملة.
Discussion about this post